فنجان قهوة مع باحثة التراث العراقي السيدة دنيا عزيز الحجية

   

فنجان قهوة مع باحثة ألتراث العراقي ألسيدة دنيا عزيز الحجية

                

   

                        إيمان البستاني

      

ضيفتنا يا سادة يا كرام .....ينطبق عليها المثل القائل ( ألبنت سر أبيها ) ليست هي الوحيدة بل الثانية بعد البكر على خمس أخوات تبنت عشق والدها وأي والد ...؟وكانت أمينة على أرثه  وأي أرث ....؟  هو تراثيات بغداد الحبيبة, مجرد الحديث مع ضيفتنا تجد نفسك في حضرة أبيها ذلك الاسم الكبير الذي اذا ذُكر أسمه ذُكرت بغداد بعبق تراثها,

           

المرحوم عزيز الحجية أسم كتاباته تغوص بك في حوش بغدادي برائحته وعبق شناشيله تسمع قرقعة طناجره وتشم رائحة خبزه وتهل عليك بأستيحاء بنات ألمحلة وتصلك أصوات ألصبية وهم يلعبون ونداءات ألباعة وهم يمرون
 بين لحظة وأخرى تسمع مثل بغدادي أو أهزوجة وأغنية لأم تدلل وليدها ليغفو حتى تنصرف لتحضيرات ألدار

كيف عاشت ضيفتنا عشق والدها  لبغداد وكيف ساعدته في تدوين التراث وكيف تعاملت مع ما تركه من نفائس وهي الحريصة على حفظها وأخراجها بما يليق للقراء

                    

أنها الباحثة في التراث العراقي السيدة الجليلة دنيا عزيز الحجية...
تتشرف مجلة الكاردينيا الثقافية بأستضافتك سيدتي بفقرة فنجان قهوة فأهلاً وسهلاً
س١ - هل كنت في طفولتك أبنة العسكري أم الرياضي أم الباحث البغدادي الاصيل , هل من أنارة لتلك الفترة ؟

                       

كان ولايزال مثلي الاعلى وفي بداية حياتي وبعد ان وعيت على الدنيا وبدأت ذاكرتي تسجل تاريخ حياتي ابي عسكريا علمنا الوطنيه والقوه والصلابه والنظام والترتيب فهو المعلم الاول في حياتي
كرياضي زرع بنا حب الرياضه وعلمنا السباحه من نعومه اظفارنا وكان يشجعنا بالانخراط الى فرق الكشافه واللوحات الرياضيه ودفع شقيقتي الثالثه زينه في مجال التنس اخذت بطولات في التنس الفردي والزوجي ودربها بالقفز للماء وحصلت على عدة مداليات
وكباحث بغدادي علمنا حب بغداد وتراثها العادات والتقاليد الاصيله حفضنا الامثال لانه رحمه الله كان في حديثه يستعين بالامثال
كما ذكرت كان معلما ومرشدا علمنا مواحهة مصاعب الحياة والحزم والقرار الصائب لتجاوزها ....
س ٢ -  أنعم الله على المرحوم والدك عزيز الحجية بست بنات وكما تقول الأهزوجة ( يمة فدوة للبنات ....عشرة وأكول كليلات ) ,  ولكن عشقه لوالدته رحمّها الله كان يفوق اي عشق , هل تحديثنا عن تلك الحالة وذكرياتك عنها ؟

  

تزوج سنة 1950  بعد سنتين من وفاتها يحبها ..يعشقها نستمع اليه حين يوصفها بضفائرها القصيره ولون عيونها الزرقاء وقصر قامتها وفي ايام الشتاء المطر يسرد لنا قصه عنها وهو في الصف الخامس ابتدائي وحاول ان يشرح لها كيف يتكون المطر وكيف يتبخر ويتجمع ..الخ الخ فتنهر به (اسكت ..اسكت ..المطر بخار ابني انت تسمع وتقصد صوت الرعد هاي رجلين الجني بالسما يمشى وينزل المطر ...اشلون تكول المطر بخار )
ودائما يردد اهازيجها وخصوصا (بزر الكعده وبزر الشيب لو دللته ماهو عيب )
يذهب معها الى محله القره غول حيث بيت اهلها ويحمل الفانوس بالطريق فكانت تمنعه من الصفير لانها تخاف من الطنطل
وكان دائما يجد دنبوس ابو الرأس في ياخة سترته لانه يعود للبيت احيانا متأخر فباعتقادها هذا الدنبوس يحمي من الجن والطناطل
ونحن نعرف نقطة ضعفه هي حبه لوالدته فكنا نستغلها عندما يعند معنا على بعض الامور فنقول له ابروح امك وبدون نقاش يلبي طلباتنا
من حبه لوالدته سمى شقيقتي الكبرى حياة على اسم والدته واحيانا ينادي شقيقتي بنفس كنيه والدته ام نجيب

      


س ٣ - كان المرحوم عزيز الحجية عسكرياً و رياضياً ويهوى الادب ويذكر في لقاءاته انه تأثر بهذين المسلكين لاعجابه الشديد بالكتابات الادبيه لخاله المربي الكبير المرحوم عبدالستار القره غولي وبأبن عمته الشهيد الرئيس الركن نعمان ثابت عبداللطيف الذي كان يسكن معه , هل لديك تفاصيل أكثر عن هذين الرمزين في حياة الوالد رحمّهم الله جميعاً ؟
نعم احب الادب والشعر متأترا بخاله المرحوم عبد الستار القرغولي وابن عمته الشهيد الركن نعمان ثابت عبد اللطيف (مؤلف كتاب الجنديه في الدوله العباسيه )وديوان شعر (شقائق النعمان )يسكنه معه تحت سقف واحد فتأثر بالمرحوم نعمان في حب الجنديه والفروسيه وفداء الوطن وواصبح عسكريا وتطوع للمشاركه في حرب فلسطين 1948

  

س ٤ - من خلال عمل الوالد رحمّه الله كعسكري و رياضي سافر الى عدة دول كسوريا ولبنان ومصر والبحرين وتركيا وايران والاتحاد السوفيتي وايطاليا و فرنسا والصين الشعبية واليونان وجيكوسلوفاكيا و بلجيكا , هل كان يروي عن تلك الاماكن ما يستشف السامع بأنه مهتم بالتراث والفولكلور ام كانت زيارات قصيرة مهنية بحتة تحددها فعاليات رياضية ؟
نعم سافر كثيرا مع الوفد الرياضيه واغلبها كانت مهنيه طبعا كان يحدثنا عن سفراته والمفارقات خلال السفر
ويجلب معه تحفه من كل بلد سافر اليها بعضها تمثل ازياء ذلك البلد او المعالم التراثيه ...

                

س ٥ - في منتصف شباط ١٩٦٣ أحيل على التقاعد برتبة عقيد ليفتح تفرغه دروب ومسالك كثيرة نجح في بعضها وأخفق في البعض الاخر , هل تذكرين تلك الفترة كيف كانت ؟
نعم اذكرها احيل على التقاعد برتبة عقيد في15-2- 1963  ففتح متجرا اسماه اسواق عزيز الحجيه لبيع التجهيزات المنزليه في شارع 14 رمضان وانتمى الى غرفة تجارة بغداد ولم يوفق فتركه سنه 1964
ثم فتح مكتبا ثقافيا بالمشاركه مع صديقه الحميم الاستاذ عبد الحميد العلوجي باسم (مكتب العلوجي والحجيه )لتعضيد النتاج الفكري وهداية القلم الناشئ ولم يوفق ايضا فغلق المكتب في 20-1-1969

س٦ - في التأليف كرس هذا الهوس بالتراث النابع من حبه لوالدته وهو يسمعها تشدو بترانيم وأمثال بغدادية ,  فقام بتأليف عشرين كتاباً  سلسلة كتاب بغداديات التي تتضمن سبع أجزاء كانت تصويراً للحياة الأجتماعية و العادات البغدادية خلال مائة عام وجميعها من أفواه المعمرين , كيف تروين لنا هذا الجهد وكيف سعى لتحقيقه ؟ وهل كان يستعين في حديثه بالأمثال والأهازيج البغدادية ؟ وهل ورثتي عنه هذه ألخصلة ؟
كنا انا وشقيقتي الكبرى حياة نلعب لعبة التوكي في كراج البيت وهو يجلس بالقرب منا وينظر الينا وفناداني وطلب مني دفتر وقلم واحضرت وبدأ يكتب ولم نعلم ماذا كتب وفكان يسهر كل ليله ويكتب وفي الصباح يخرج الى محلة الفضل حيث مسقط رأس حمام المالح ويلتقي بالناس ولديه معارف وجوارين ومن الاقارب وابناء الطرف  ويسألهم وخصوصا العجايز وكبار السن ويلتقط من افواههم الترانيم فيوم كان يذهب الى سوق الغزل يسأل عن المطيرجيه ويوم يجالس الازعرتي يسأله عن ادوات الختان  وجلس ايضا مع المله عطيه يسألها عن الجاينه والعدودات وكانت دائما يذهب الى بيت خاله عبد الستار القرغولي يستعين بمكتبه خاله الوفير والمكتبه الوطنيه ومكتبه المتحف العراقي  كان يستعين بمصادر من البلاد العربيه ايضا كتب والدي بدقه بتفاصيل مثلا كتب عن الصيف تبريد الماء الحب  والبواكه الناكوط والسرداب والبادكير   ودخل الى البيت البغدادي بكل تفاصيله كتب عن التنكه وسله حفظ  العشاء الطرار والخنجه الخ الخ
نعم كان كما ذكرت في بدايه حديثا ست ايمان يستعين بالمثل والاهزوجه والترانيم كان لمن يشوف احدى حفيداته بضفائر( البنيه ماحلها ضفايرها ورها اجه الخطاب يخطبها وابوها مانطاها )
شربنا منه وتعودنا عليها عادات وتقاليد لازم نرمي الماء بعد المسافر ليعود سالما ...
وحك الخشم تبشر بأكلة سمك ولطرد العين والحسد نقول عين الحسود بيها عود وغيرها من العقائد
والحمدلله اخزن في ذاكرتي الكثير من الامثال واستعين بها في حديثي كما كان ابي

  

س ٧ - بقيت ثلاثة اجزاء من بغداديات مخطوطة باليد ولم يوفقه الله لنشرها , كيف تعاملتي مع هذا الأرث ؟
نعم ست ايمان هنا الكثير من القصاصات الورقه بخط يده احتفظ بها ومواضيع كثيره ونقلتها معي من بغداد الى القاهره وان شاء الله نتساعد معنا لنشر بعض من المواضيع في مجلة كاردينيا لتظهر الى النور

س ٨ - للمرحوم عزيز الحجية مجموعة حكايات شعبية دار ثقافة الأطفال عام ١٩٨٧ , لكنها لم تظهر للوجود و أختفت , هل تتبعتي أثرها ؟
نعم كتب الوالد مجموعة حكايات  للا طفال شعبيه اختفت بمطابع وزارة الثقافه والاعلام وتتبعنا الموضوع ولم نجدها مع الاسف

        

س ٩ - للمرحوم عزيز الحجية مؤلفات عديدة عدا التراثية منها العسكرية والرياضية عدا عمله كسكرتير اول متفرغ في اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية , هل تعرّفي القارئ عن تلك المؤلفات ؟
مؤلفاته العسكريه منها   (الاشتباك القريب -- ارم لتقتل او تمارين البندقيه – اقتل لئلا تقتل  )
الرياضيه(  انوار كشافه على سباحه  المسافات الطويله –مع ابطال سباحه المسافات الطويله –السباحه فن ومتعه )

    

س ١٠ - كتب عنه الكثيرين وأشاد بجهده أساتذة افاضل , نود ان نسمع ذلك من حضرتك ؟
كان بيتنا يزوره الكثير من الاساتذه والمؤرخين منهم الشيخ جلال الحنفي والاستاذ سالم الالوسي ومصطفى جواد والدتور اكرم فاضل والاستاذ اسامه النقشبندي وكثيرون غيرهم اما الذين كتبوا عنه واشادوا بمؤلفاته واحتفظ برسائلهم الاستاذ حسان البزركان – الاستاذ ميخائيل عواد والاديب طارق الخالصي والاستاذ عبود الشالجي  والاستاذ عبد القادر عياش سوري الجنسيه من دير الزور والاستاذ فؤاد محمد طه كتب قصيده عن عزيز الحجيه بعنوان صاحب السيف والقلم مطلعها
مثلت في حب التراث الجيلا ----- وبعثت تاريخ الجدود اصيلا
احييت من تلك الديار دوارسا ----- واعدت منها مجدها المأمولا
يايها الفذ(العزيز )تحيه ----- حملت اليك ودادي الموصولا
ونشرت رسائل من اساتذه افاضل في مجلة التراث الشعبي بعد مرور سنه على وفاته (عزيزالحجيه ظاهره تراثيه لاتتكرر بقلم حسين الكرخي
مقاله اخرى الباحت الفلولكلوري عزيز جاسم الحجيه بقلم مهدي حمودي الانصاري
مقاله اخرى الحجيه صديقا وباحثا بقلم الاستاذ رفعت مرهون الصفار
مقاله عزيز الحجيه 1921 -2000 بقلم خضر الولي
مقاله اخرى الراحل عزيز الحجيه كما عرفته بقلم الاستاذ جميل الجبوري
وكثير من الرسائل احتفظ بها

    


س ١١ - كيف كان رحيله ولماذا حمل التركة الثقيلة من حفظ هذا التراث يقع على كاهلك أولاَ ؟ ومن يساعدك في ذلك ؟ حتماً أصطدمت بالكثير لأنجاز مهمتك ؟
سؤالك مؤلم  فقدت صديقا واخا وحبيب ومعلم واب انا واخواتي نحتفظ بهذه التركه التي تفتخر بها والتي حملة اسم عزيز الحجيه  تحملت التركه لاني
كتبت معه فهرست له مكتبته واعرف مكان كل كتاب عشقت التراث واتمنى ان اكمل طبع الاجزاء المتبقيه من بغداديات
واحب ان اضيف ست ايمان  ابي رحمه الله لديه مخطوطات عن التراث الرياضي وقدم هذا الموضوع الى اللجنه الاولمبيه ولم يجد من يهتم بالتراث الرياضي وفي نيتي نشرها

     


س ١٢ - كلمة ليست الأخيرة لقراء مجلة الكاردينيا الثقافية  ولكل عشاق التراث البغدادي ؟
اشكر مجلة الگاردينيا واشكر حضرتك ست ايمان واسأل تعالى ان يمدك بعون من عنده وان يأخذ بيدك الى مراقي النجاح فأن هذه المحاورات التي تجريها مورد فخر واعجاب لمن يطلع عليها وتنفعنا في تعديل كثير من امورنا ووسائل عيشنا التي طغت عليها المدنيه العمياء الجباره الجائره ومواضيع مجله الگاردينيا هي صندوقا سحريا يعرض للناس احداثا ممتعه...  واتمنى ان نحافظ على الثرات البغدادي واطلب من وزاره الثقافه في بغداد الاهتمام بالبيوت البغداديه القديمه وبترميمها واعادة مجدها لبتقي متاحف واتمنى من شركات الانتاج التلفزيوني اعاده التراث البغدادي بشكل درامي ويحافظون على نطق المثل بالصوره الصحيحه ولكم تحياتي واحترامي


أما كلمتي الأخيرة فأقول ....ألحفاظ على تراث بغداد لا يقتصر على أدامة و تزيين شوارعها وطلاء جدرانها بل حفظ مؤلفاتها وتدوينها و نشرها والضرب على يد سراق هذا التراث من ألعبث به و رد كل ذي حق حقه ...على الدولة مد يد بيضاء لمساعدة السيدة الفاضلة دنيا عزيز الحجية في حفظ ما تركه عاشق بغداد الذي ظل قلبه لأخر لحظة معلقاً بباب الزوراء
في أمان الله

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع