تجربة "فريدة" انطلقت من كركوك.. قهوة نواة التمر بنكهة الهوية العراقية

شفق نيوز/ سلطت صحيفة "ناشيونال" الصادرة بالإنكليزية الضوء على تجربة عراقية فريدة من نوعها، حيث يتم إنتاج القهوة من نواة التمر حيث يتم تحويل هذ البذور المهملة إلى مشروب غني يثير شهية المستهلكين ويحد من الهدر بقايا التمر.

وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن رجل الأعمال العراقي جابر عبد العزيز حسين فتح آفاقاً جديدة في العراق الذي يشتهر بتموره الحلوة واللذيذة، حيث أطلق إنتاج أول قهوة من نوى التمر محلية الصنع.

ونقل التقرير عن حسين الذي يعيش في مدينة كركوك قوله، إنه بالعادة يتم التخلص من كميات كبيرة من بذور التمر "على الرغم من أنها تحتوي على الكثير من الإمكانات"، مشيراً إلى أن "التمور تمثل الهوية العراقية، ولهذا أردت أن أصنع شيئاً يكرم تراثنا ويقدم شيئاً جديداً تماماً".

وبحسب التقرير، فإن الأمر بدأ في العام 2018 عندما كان حسين طالباً على وشك التخرج من كلية العلوم الغذائية في محافظة بابل، واختار أن يستند بحثه الجامعي على السؤال: "ماذا لو كانت نواة التمر المتواضعة، التي يتم التخلص منها بالأطنان، قادرة على أن تتحول إلى شيء استثنائي".

ونقل التقرير عن حسين (28 عاماً) قوله إنه على الرغم من أنه كان على معرفة في ذلك الوقت بعملية صنع قهوة نواة التمر، إلا أنه كان ما يزال بحاجة إلى إيجاد الخلطة الصحيحة من الأعشاب والتوابل لخلق نكهة خاصة تلبي أذواق المستهلكين.

وبحسب حسين "فقد درسنا تجارب جامعات أجنبية وعربية في الإمارات والسعودية والأردن لأنها متقدمة بالفعل في هذا المجال ولديها منتجات مختلفة، ولهذا قررنا أن يكون لدينا منتجنا الخاص".

وأشار التقرير إلى أن حسين توصل إلى إنتاج وصفته الخاصة بعد أشهر من التجارب وبدأ الإنتاج التجاري في منتصف العام 2019، لافتاً إلى أن المبيعات التي كانت في بداية الأمر بطيئة تزايدت مع مرور السنوات، وخصوصاً في الشهور الأخيرة بعد إطلاق حملة تسويقية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولفت التقرير إلى أن العراق كان بين الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أكبر منتج للتمور في العالم، حيث كان إنتاجه نحو مليون طن سنوياً، وكان البلد يضم نحو 32 مليون نخلة، غير أن هذا الرقم بدأ يتضاءل بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، والتي اعقبتها حرب الخليج الأولى في الفترة 1990-1991، وما تلاها من عقوبات اقتصادية فرضتها الأمم المتحدة.

وتابع التقرير قائلاً إنه مع حلول العام 2003، تراجع عدد النخيل إلى تسعة ملايين نخلة فقط، وانخفض إنتاج التمور إلى نحو 200 ألف طن سنوياً، بحسب ما تظهره أرقام وزارة الزراعة.

وأضاف أنه بعد ذلك بعامين، شكلت الحكومة الهيئة العامة للنخيل التي أمنت الأسمدة والمبيدات المدعومة للمزارعين، وقدمت قروضاً ميسرة لتوسيع بساتينهم، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات للمصدرين، متابعاً القول إنه منذ ذلك الوقت، تصاعد الأمل بإحياء صناعة النخيل المتضررة من عقود من الحرب وسوء الإدارة والإهمال، وصار العراق يمتلك حالياً نحو 22 مليون شجرة نخيل، بينما أنتجت البلاد أكثر من 700 ألف طن من التمور العام الماضي، تم تصدير نحو 650 ألف طن منها.

وأشار التقرير إلى أن هذا الازدهار، شجع المستثمرين على ضخ الأموال في مزارع أكبر، ووفر الفرصة لقيام مشاريع مرتبطة بها بالنسبة لرواد الأعمال الشباب مثل حسين.

ولفت التقرير إلى أنه لا يتم استخدام سوى جزء صغير فقط من بذور التمر المتبقية من إنتاج التمر أو شراب التمر، أما كعلف للحيوانات والدواجن أو كسماد.

وبحسب التقرير، فإن قهوة نواة التمر تتمتع بشعبية كبيرة في العديد من الدول بسبب مذاقها الخاص وكبديل خالي من الكافيين للقهوة التقليدية المليئة بمضادات الأكسدة.

ونقل التقرير عن حسين قوله إن هذه القهوة توفر أيضاً العديد من الفوائد الصحية المحتملة، بما في ذلك خفض ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم، كما يستخدم كغذاء طبي للربو القصبي والسعال وحصى الكلى وضعف الذاكرة بسبب ارتفاع الأحماض الأمينية فيها، وذلك إلى جانب المساعدة على خفض مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري.

وبحسب التقرير، فإن حسين يحصل على بذوره من معامل التمور في محافظة كركوك حيث يتمركز إنتاجه، بينما تبدأ عملية التصنيع بغسل البذور بشكل جيد، ثم تحميصها وطحنها قبل إضافة الأعشاب والتوابل الطبيعية للحصول على نكهتها الفريدة، حيث صار الإنتاج يبلغ حالياً ما بين ستة وسبعة أطنان شهرياً، في حين صار لشركته 150 ألف زبون ملتزم عميل مخلص، بينما يتم تلقي آلاف الطلبات شهرياً.

ونقل التقرير عن حسين قوله إن القهوة المصنوعة من نوى التمر بالنسبة إليه تمثل ما هو أكثر من مجرد عمل تجاري، حيث أنها رمزاً لصمود العراق وهويته، موضحاً أن "الأهم هو أنني أريد أن يشعر العراقيون بالفخر والثقة بالمنتج الوطني وبالهوية العراقية التي نقدمها في منتجاتنا".

ونقل التقرير عن السيدة العراقية أمل النور التي تعتبر من الزبائن الملتزمين بهذه القهوة في مدينة البصرة، حديثها بحزن بعدما خسرت البصرة ملايين أشجار النخيل خلال الحرب العراقية الإيرانية، ولاحقاً بسبب شح المياه والتغيير المناخي.

وقالت النور إن "أشجار النخيل كانت في كل ركن من أركان البصرة، لكننا خسرناها وفقدنا تراثنا معها، هذا يؤلمنا"، مضيفة "هذه القهوة خطوة جيدة للحفاظ على التراث وتعزيز الهوية الوطنية".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع