شفق نيوز/ كشف موقع "ميدل ايست آي" البريطاني تفاصيل عما كان يجري خلال الأيام والساعات الماضية ومن جهود واتصالات ونقاشات عراقية لمنع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ووساطة قام بها رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ما بين أنقرة ودمشق، وعن مواقف من مسؤولين وقادة في الفصائل كانوا مستائين من نأي الأسد بنفسه عن "محور المقاومة" منذ بدء حرب غزة، وإلقاء نفسه في "أحضان الروس".
ونقل التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن مسؤولين وقادة فصائل عراقيين قولهم إن الأسد طلب المساعدة العسكرية من فصائل عراقية، لكنها رفضت طلبه بالإجماع، باستثناء مساندته بالمعلومات الاستخباراتية والمساعدات الإنسانية.
وبعدما أشار التقرير إلى أن تقدم قوات المعارضة السورية في الأيام الماضية، أثار قلقاً كبيراً لدى القادة العراقيين، الذين يعتبرون أمن العراق مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن سوريا، ويخشون تكرار ما حدث في العام 2014، مع الاجتياح الذي قام به تنظيم داعش، ولهذا فأنه مع هجوم "هيئة تحرير الشام" الكبير، كان المسؤولون السياسيون والأمنيون والعسكريون العراقيون بحالة تأهب.
وبالإضافة إلى تعزيز الإجراءات العسكرية على الحدود مع العراق، قال التقرير إن السلطات في كل محافظة عراقية تقوم بإجراء عمليات تفتيش صارمة للوافدين والمقيمين الأجانب، وخاصة السوريين، وأنه جرى اعتقال آلاف السوريين الذين ليس لديهم تأشيرات صالحة، خاصة في محافظتي كربلاء والنجف.
وأشار التقرير إلى أن الأسد لم يطلب بنفسه رسمياً من الحكومة العراقية إرسال تعزيزات عسكرية، إلا أنه أعرب عن رغبته في المساعدة خلال لقائه مع رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الذي قام بزيارات غير معلنة إلى سوريا وتركيا كمبعوث من قبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ونقل التقرير عن اثنين من كبار المسؤولين العراقيين المطلعين على تفاصيل المهمة التي قام بها الفياض، قوله إن الفياض أرسل إلى دمشق وإلى أنقرة التي تدعم المعارضة السورية، وذلك "في محاولة للتقريب بين الجانبين، إلا أن وساطة الفياض لم تسفر عن نتائج لأن الأسد رفض تقديم أي تنازلات".
وبحسب التقرير، فأنه بعد مرور يومين، تلقت الفصائل الشيعية العراقية طلباً من ضابط الحرس الثوري الإيراني المسؤول عن سوريا إرسال مقاتلين إلى شمال سوريا ودعم قوات الأسد، وهو ما أكده قادة الفصائل المدعومين من إيران.
ولفت التقرير إلى "تنسيقية المقاومة" العراقية التي يضم ممثلين عن الفصائل المسلحة السبع الكبرى، بما في ذلك كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، اجتمعت في بغداد وتم رفض الطلب "بالإجماع".
وبحسب أحد قادة الفصائل، فإن "هذا فخ، حيث يحاول الإسرائيليون وحلفاؤهم استدراجنا إلى سوريا حتى يتمكنوا من ضربنا هناك دون عواقب"، موضحاً أن "الإسرائيليين لديهم ثأر معنا، لكنهم يتعرضون لضغوط حتى لا يضربونا في العراق، والبديل هو سوريا بعد وقف إطلاق النار في لبنان".
وتابع القيادي قائلاً إنه "بهذه الطريقة يمكنهم محاصرة حزب الله في لبنان وضرب محور فصائل المقاومة في سوريا بحجر واحد".
وفي حين لفت التقرير إلى تعرض العراق لضغوط دولية وإقليمية شديدة، وتهديد إسرائيل بمهاجمة العراق خلال الشهور الماضية، أشار إلى أن الحكومة العراقية تلقت رسالة رسمية من إسرائيل في أواخر الشهر الماضي، سلمها سفير دولة غربية، لكن موقع "ميدل ايست آي" يرفض نشر اسم هذه الدولة لأسباب أمنية.
ونقل التقرير عن مسؤولين كبار اطلعوا على الرسالة الإسرائيلية، قولهم إنها تضمنت تهديدات صريحة بضرب عدة أهداف في الأراضي العراقية "إذا استمرت الهجمات الصادرة من العراق"، لكن الرسالة لم تتضمن تفاصيل حول المكان أو الجهة التي ستضربها إسرائيل، لكن الحكومة العراقية حددت 65 هدفاً عسكرياً ومدنياً محتملاً، بما في ذلك قادة الفصائل المسلحة والموانئ والمطارات.
وبحسب التقرير، فإن السوداني التقى بقادة "الإطار التنسيقي" حيث جرى طرح لتقديم الرسالة ومناقشة الخيارات المتاحة لتجنب الهجوم، حيث اقترح قادة الإطار إيفاد ممثلين "لإحاطة قادة الفصائل المسلحة وشرح المخاطر".
ونقل التقرير عن أحد قادة الإطار التنسيقي قوله إن "قادة الفصائل استجابوا لنا وتم اتخاذ القرار بمواصلة تقديم الدعم الإعلامي والسياسي والإغاثي للبنان وغزة مع وقف الهجمات"، مضيفاً أن "هذا القرار ذاته امتد ليشمل الموقف من سوريا".
وبحسب القيادي في الإطار التنسيقي، فإن "القرار الرسمي وغير الرسمي للعراق هذه المرة هو أننا لن نكون جزءاً من الحرب للدفاع عن حكومة الأسد، بل سندافع عن أنفسنا وبلدنا مهما كلف الأمر، وإنما من داخل الأراضي العراقية".
وبعدما أشار التقرير إلى تعرض السوداني لضغوط متزايدة في الداخل بسبب قضايا تجسس لمساعديه ومستشاريه على مسؤولين وسياسيين ومحاولات الحصول على رشوة، قال التقرير إن ضمان ألا ينزلق العراق إلى صراعات إقليمية سيساعد رئيس الحكومة العراقي في تخفيف هذا الضغط.
ونقل التقرير عن أحد أعضاء فريق السوداني قوله إنه كان يتواصل بشكل شبه يومي مع الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان والمسؤولين الروس والعديد من القادة الإقليميين الآخرين والسفراء الغربيين والعرب "في محاولة لحشد المواقف وتفكيك الأزمة".
كما نقل التقرير عن مصدر قوله إن القوى الشيعية العراقية قررت "بالإجماع" مساعدة الأسد سياسياً ودبلوماسياً واستخباراتياً وحتى من خلال مساعدات إنسانية، إلا أنها قررت ألا ترسل قوات قتالية إلى سوريا.
وذكر التقرير أنه ليس من الواضح ما إذا كان قرار الفصائل المسلحة بالبقاء خارج المعارك في سوريا، كان قراراً تكتيكياً أم إستراتيجياً، مشيراً إلى أن القادة كافة أبلغوا مقاتليهم بعدم التوجه إلى سوريا.
ونقل التقرير عن بعض المسؤولين وقادة الفصائل قولهم إنه منذ بدء الحرب على غزة، فإن الأسد نأى بنفسه عن "محور المقاومة، وألقى بنفسه في أحضان الروس، في حين أثيرت شكوك بأن عملاء سوريين هم من ساعدوا إسرائيل في اغتيال قادة حزب الله".
ونقل التقرير عن قيادي في إحدى الفصائل قوله إن "الأسد متعجرف ومنفصل عن الواقع، ولم يقدم أي تنازلات لشعبه خلال السنوات الماضية ولم يسعى إلى حل الأزمة"، مضيفاً أنه بدلاً من ذلك، "تمرد على الإيرانيين وألقى بنفسه في أحضان الروس، وكان يستحق قرصة الإذن هذه".
وبرغم ذلك، قال التقرير إن العديد من الفصائل، أبرزها كتائب حزب الله وحركة النجباء، لديها بالفعل مقاتلون على الأرض في سوريا، وقد شارك بعضهم في إجلاء مئات العائلات الشيعية من بلدتي نبل والزهراء بالقرب من حلب قبل اجتياح مقاتلي "هيئة تحرير الشام" للمنطقة قبل أسبوع.
وتابع التقرير أن الفصائل العراقية الأخرى التي كانت تتواجد في سوريا قبل قرار تجنب الانخراط في القتال، فقد أعادت تمركزها في المناطق الشرقية لتكون بمثابة "خط الدفاع الأول" عند حدود العراق، كما أن مجموعة من مقاتلي منظمة بدر ذهبت إلى منطقة السيدة زينب، في جنوب دمشق، لإيصال إمدادات الإغاثة والأموال للعائلات النازحة.
444 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع