المصري اليوم:عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، ومع كم الدمار الهائل الذي لحق بالبشرية، أدرك المجتمع الدولي أنه بحاجه لمنظمة أممية تخلف «عصبة الأمم»، بعد فشلها في منع الحرب، لكي تعلى من قيم حقوق الإنسان، فكان تأسيس الأمم المتحدة والذي نص ميثاقها التأسيسي على أنه من مقاصـدها «احترام حقوق الإنسان».
وشكل مجلس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، لجنة من ١٨ عضواً لصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وضمت تلك اللجنة مختلف الجنسيات والتوجهات الفكرية في ذلك العصر.
لتعقد أولي إجتماعاتها في فبراير عام 1947، وكان يترأسها آن اليانور روزفلت، السيدة الأولي في الولايات المتحدة سابقاً قرينة الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت، وكان مقرر اللجنة شارل مالك من لبنان، ليكون بذلك هو العربي الوحيد الذي ساهم في صياغة أهم وثيقة حقوقية في العالم.
بجانب ذلك كانت اللجنة تضم اللجنة رينيه كاسان من فرنسا، الذي وضع المشروع الأوّلى للإعلان، ونائب رئيسة اللجنة بونج شونج شانج من الصين، وجون همفرى من كندا، و«هانزا ميهتا» المناضلة الهندية.
ولعب «مالك» دور حاسم في عدد من الملفات، حيث انتقد أنكفاء زملاؤه الأوروبيين على ثقافتهم، التي رأى فيها أنها أسيرة القرن التاسع عشر الأستعماري، وأوصي بأن يشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قيم من الثقافات المختلفة.
كما لعب دورا حيويا في إقناع الدول بتبنى الإعلان، في ظل إعتراض الدول الشيوعية على الإعلان الذي يعظم من قيمة الفرد، فيما تركز بعض النظم، على قيمة المجتمع.
كما أن له فضل كبير في صياغة المادة 18 التي تقر بمبدأ الحرية الدينية.
واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 1948، وهي الوثيقة العالمية الاولي التي تحدد ما هي حقوق الأنسان، في 30 مادة.
صوت ٤٨ لصالح الإعلان، وامتنع ٨ عن التصويت هي (جميع دول الكتلة السوفيتية وجنوب أفريقيا والسعودية)،
وترجمت تلك الحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم، لتكون الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم، بحسب موقع الأمم المتحدة، وألهم الإعلان دساتير كثير من الدول المستقلة حديثا والعديد من الديمقراطيات الجديدة.
إسهامات مالك في المنظمة الأممية لم تتوقف عن تلك النقطة، ففي عام 1958 تولي مالك رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو منصب يختلف عن منصب الأمين العام.
لكن كيف وصل مالك لهذه المرتبة؟
كان «مالك» دبلوماسيا ومفكرا وفيلسوفا، ولد بطرّام، بمنطقة الكورة في شمال لبنان، عام 1906، من أبوين مسيحيين أرثوذكس عرب.
ودرس في الجامعة الأمريكية ببيروت، وكان يجيد التحدث باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية
وفي عام 1937، حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفرد، كما سافر إلى منحة إلى ألمانيا ليتتلمذ على يد الفيلسوف الألماني المعروف «مارتن هايدجر».
وعقب أستقلال بلاده أصبح «مالك» سفير لبنان في الولايات المتحدة الأمريكية، والأمم المتحدة، لتبدأ مسيرته الأممية.
ولعب دور في السياسة اللبنانية، شغل منصب وزير الخارجية بين نوفمبر 1956 وسبتمبر 1958. كما شغل منصب وزير التربية والفنون الجميلة من نوفمبر 1956 حتى أغسطس 1957 في حكومة سامي الصلح في عهد الرئيس كميل شمعون.
ساهم في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 في تأسيس الجبهة اللبنانية، وكان من أبرز منظريها ليكون الوحيد بين أقطابها الذي لا ينتمي إلى الطائفة المارونية.
وفي 28 ديسمبر 1987 توفي بسبب مرض السرطان.
1417 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع