الفريق الركن رفيق عارف في احد الأحتفالات / 1955
رئيس أركان الجيش رفيق عارف.. هل كان يعلم بتنظيم الضباط الأحرار؟!
المدى/رفعة عبد الرزاق محمد:رحم الله رفيق عارف الرئيس الاخير لأاركان الجيش العراقي في العهد الملكي، فقد كان بغداديا حتى النخاع، فطيبته هي التي لعبت دورا كبيرا في مضي تنظيم الضباط الأحرار الى النهاية وقيام ثورة تموز 1958. لقد (طمطم) ما كان يبلغه من نشاط التنظيم، وقلل من أهميته أمام الثلاثة الكبار: نوري باشا والأميرعبد الأله والملك الشاب فيصل الثاني.
ولم يزل هذا الموضوع الجسيم من غوامض تاريخنا الحديث..أرى ان الحقيقة لا تكتمل الا بشهادة الفريق الركن رفيق عارف، وهي الشهادة التي بخل عارف ببيانها بشكل علني حتى وفاته في شهر آب 1992.
في منتصف الثمانينيات عرفني السيد أنور عبد الحميد السامرائي على احد أقرباء المرحوم رفيق عارف، وهو السيد شفيق القيمقجي، وهو ضابط متقاعد وأديب شاعر، وهو شقيق عميد الشرطة الرياضي فهمي القيمقجي وقد توفاه الله في 22 تشرين الاول 1997.
وجرى الحديث عن ثورة تموز 1958 وموقف رفيق عارف، فقال لي ان خاله رفيق عارف رفض رفضا تاما الحديث عن الموضوع او أجراء اي لقاء مع صحفي او باحث على حد سواء، وانه يعرف سر الثورة !.
بعد ايام التقيت السيد شفيق القيمقجي في مكتبة المثنى وأخبرني انه زار خاله رفيق عارف ومعه السيد انور السامرائي الذي تقع داره بالقرب من دار عارف في الوزيرية، وعلم ان المرحوم عارف شرع بكتابة ذكرياته وتسجيل شهادته للحقيقة والتاريخ، ولا ينوي نشرها الا بعد حين.. وانه يحتاج الى بعض المراجع لأكمال الكتابة وشحذ ذاكرته، فاخبراه ان لهم احد الاصدقاء الشباب، وهو كاتب هذه السطور، يمكنه ابداء المساعدة في ذلك، فوافق بلا تردد، وانه سيكون في استقبالنا في داره بعد يومين.
في اليوم المحدد ذهبت مع السيدين شفيق القيمقجي وأنور السامرائي الى دار رفيق عارف، الواقعة خلف بناية المجمع العلمي العراقي، وقبيل الوصول الى باب لدار،التقينا الدكتورة عالية سوسه وهي تسكن بيتا مجاورا، فالتحقت بنا.
في البداية ذكر المرحوم رفيق عارف ان الدكتور علي الوردي الذي يسكن هو الاخر بيتا غير بعيد، يزوره بشكل دوري ويتحدثان بأمور تاريخية.
ومما ذكره في تلك الجلسة شكره لأحمد حسن البكر الرئيس السابق على اعادة حقوقه التقاعدية كاملة. ولما جرى الحديث عن ثورة تموز ذكر انه أمتنع عن الحديث حتى للمقربين منه لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية وان اكثر المعنيين بالأمر احياء، وألمح الى أنه يعرف سر قادة الثورة وصلاتهم، وصلته هو بتلك الوقائع، وذكر ان تلك الاحداث لم تتجرد من حساسياتها التاريخية، لان بناء الدولة بعد ثورة تموز اعتمد على مجريات تلك الأحداث التاريخية الخطيرة.
وانه يتحمل مع المرحوم غازي الداغستاني بعض المسؤولية في ذلك، لموقفهما المتردد مع تنظيم الضباط الاحرار. وانه شرع بكتابة مذكراته بذلك ووضع رؤوس المواد التي يكتبها، شاكرا الدكتورة عالية سوسة على حصولها صورة اضبارته التقاعدية كاملة من هيئة كتابة التاريخ العسكري في وزارة الدفاع، مما سيسهل عملية الكتابة والتذكر. لقد زودته فيما بعد بالعديد من الكتب والدوريات والمسموعات ونحو ذلك، ومن الطريف انه كان لا يبالي بروايات بعض الاسماء ويعدها غير أمينة. ولم تزل قائمة محتويات مذكراته وبعض التعليقات بقلمه موجودة لدي.
ورفيق عارف من أسرة بغدادية قديمة سكنت محلة جديد حسن باشا، من أعلام الاسرة حسين افندي القيمقجي المتوفى سنة 1899 صاحب المجلس الكبير، أعقبه ولداه احمد وعارف، اما أحمد فهو والد الاطباء المشهورين أحسان وأكرم وأنور، واما عارف افندي فهو والد رفيق ووفيق الذي كان آمرا للواء الأول وبرتبة عميد عند اندلاع الثورة.
صورة توثيقية في 20 آب 1958 لمحاكمة الفريق رفيق عارف رئيس اركان الجيش في العهد الملكي معه اللواء غازي الداغستاني
بعد نجاح الثورة تم اعتقاله ومحاكمته أمام المحكمة عسكرية لمحاكمة رجال العهد الملكي، ثم تم الإفراج عنه بعد ثلاث سنوات، وتمت إعادة الاعتبار إليه بعد إلغاء المحكمة المذكورة وإلغاء كافة إجراءاتها. وبقي الفريق الركن محمد رفيق عارف متقاعداً في العراق ولم يغادره، وحج إلى بيت الله الحرام، وتوفي في بغداد أواخر آب 1992.
680 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع