صبري الربيعي
في الأربعاء يجب العراقيون تناول السمك , وتلك عادة شعبية ,أملا في رزق ,او سعادة , اوتحقيق أمل !
هذا اليوم يسجل في تأريخ العراق السياسي الحديث كعلامة فارقة . لقد شغل الشعب العراقي بالإستعداد للإنتخابات العامة , في وقت تلوح في الأفق, على صعيد خيارات المواطنين مشاعر رفض لتجديد ولاية رئيس الوزراء الحالي , مع ملاحظة انتهاء ولاية الرئيس الغائب (جلال الطالباني) منذ اليوم من دون المراسم القانونية لتسليم السلطة (فالتون يعني) !
هذه الأمور تضعنا أمام تساؤلات عديدة ,على درجة من الأهمية لجهة اعتبارها مرحلة حاسمة , في اختيار من يتمتع بعضوية (مجلس النواب) في دورته التشريعية القادمة !
واذا كان معظم (النواب) قد اعادوا ترشيحهم , و الغالبية منهم قد واجه مشاعر الكراهية, بسبب من ادوار هذا البعض الغالب التي لم تكن لتستقيم مع طموحات الشعب العراقي , وقد فشلوا في تلبية مصالح العراق , وانجاز القوانين الهامة , والحفاظ على وحدة البلاد, ومعالجة قضايا العراق المصيرية ..فيما أهّلت الصراعات السياسية والإمتيازات المالية والمعنوية, عددا جديدا غفيرا من المرشحين لأول مرة , ربما لم يمارس كثير منهم تجارب سياسية ,الا أنهم "مفعمون بالطموح من أجل أداء دور في اللعبة السياسية"!
صحيح أننا وعديد من قادة الرأي في البلاد , قد أدنّا خلال السنوات الثمان الماضية على ولاية (المالكي), والأربع الأخيرة ل(مجلس النواب) , الإخفاقات والإرتكابات من قبل المجلس ورئبس الوزراء , وكل هذا كان مدعاة للألم والأسى والأسف, على ثماني سنوات ضاعت من مستقبل العراق , سفكت خلالها دماء غالية لأبرياء ومشتبه ومغرر بهم الا أنهم جميعا عراقيون , كان يمكن حقن دمائهم لو تحّلت المواقف السياسية النافذة بالحكمة والتبصر وسادتها روح العدالة , وهي الأساس في بناء مجتمع متنوع العقائد , على أسس العدالة الإجتماعية عبر استلهام القوانين الإلاهية والوضعية !
ولعلّ أسوء ماجناه الشعب العراقي خلال السنوات الثمان الأخيرة , بروز واشاعة المشاعرالطائفية بين الشعب التي خططت لها الإدارة الأمريكية , منذ مؤتمر (لندن) سيء الصيت , وتلقفتها ثلّة من (المعارضين) لتكرسها وسيلة من وسائل سيطرتها على الحكم , سارقة بذلك تأريخا عريضا من نضالات فئات المجتمع العراقي ..حيث ينبغي لنا تصحيح فكرة اعتبار (حزب الدعوة) , كحزب نافذ مضطلع بقيادة الحكم ,هو من بعث الفكرة الخبيثة المتمثلة ب( الطائفية ) وابتكار(المحاصصة) ,وهذا لاينفي عن هذا الحزب اشاعته وتكريسه (الطائفية ), فقد استخدمها وسيلة للوصول والبقاء في السلطة!
وقد رصد المراقبون , تخلخلا واضحا في خيارات الرأي العام لجهة تأييد (المالكي) , مما يجعل الكفة الإنتخابية تميل الى قوائم أخرى ك( المواطن) و(الأحرار) والى حد غير حاسم (متحدون) , على أننا يجب ان لاننسى (القائمة الوطنية ) التي لازالت تتعلق بأذيال أرث (القائمة العراقية ), المتشطية الى عديد القوائم تحت مسميات مختلفة !
أما قوائم (المكون السنّي) فقد تعددت , وهذا بالطبع ماكنّا لا نتمناه , حيث ان هذا التشتت وكذلك الإنغماس مع قوائم اخرى نافذة من قبل بعض الشخصيات السنّية , أملا في منفعة , يعكس سلبيا على قضايا كثيرة طرحتها الجماهير في اعتصامها وتظاهراتها في (الأنبار) , من دون نسيان ان تلك الإعتصامات ,قد استغلت من قبل سياسيين ثبت سعيهم لمصالحهم الشخصية ,وجعلهم تلك المصالح ذات اولوية في مواقفهم ,مما أضر ضررا بالغا بمصالح ومتمنيات مواطنينا السنّة !
الذي يهمنا اليوم , خروج الجماهير الواعية لضرورات انتخاب شخصيات نعرف الحد المعقول من مواقفهم وتأريخهم وتخصصاتهم ,من دون النظر الى مشيخة ( عشائرية أو دينية او عرقية ).. وكما قالت الحكمة الشعبية ( معزوزعيني اللي يخلي بالسكلة ركي ) ! واذا كنّا "نحب العراق , ونفتديه بأرواحنا كما نقول جميعا "! علينا التفكير مليّا .والتساؤل مع انفسنا.. لماذا ننتخب ؟ واذا وسوست لنا عاطفتنا المناطقية او المذهبية او العرقية , وحاولت اقناعنا بانتخا ب شخصيات تحاول خداعنا .وتكرار تجربة السنوات الثمان الماضية , فان علينا كعراقيين الوعي بمتطلبات بناء مستقبل حياتنا, وان نستجيب للعقل الذي يفرض علينا انتخاب من نتوسم فيه الكفاءة والنزاهة وصدق الموقف ,من دون أن تخدعنا (لحية) أو (عمامة) أو (قربى) , أو نبيع ضمائرنا لقاء اشياء عينية ,او مال يقدمه هذا المرشح او ذاك ..فالله فوقنا وأجيالنا القادمة ستحاسبنا اذا لم نختار من يمثلنا أصدق تمثيل !
كما ان كثيرا من العراقيين, قد تلح عليهم معاناتهم في السنوات الماضية ,وخروجهم (من المولد من دون حمص) , بعدم الإقتراع .. وهذا أمر أخطر بكثير من انتخاب اشخاص مرفوضون . بسبب من ان أرقام الزمر المتخلفة والظالمة والطائفية , سترتفع ! مما بحدث خللا واضحا , تكون فائدته لمن رفضه الشعب العراقي في مظاهراته واحتجاجاته وتضحياته !
فقط ..ننتخب من نتأكد من وطنيته , ونزاهته , ومتانته الأخلاقية ..هؤلاء من يمكنهم بناء العراق ..ولايهمنا أمر ,غير أمر قوة العراق في سياسته , واقتصاده , وحقن دماء ابنائه, والحفاظ على ثرواته .." ولا يغيرالله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " !
ورود الكلام ...
"بص ..شوف" !
اجتمع مجلس الطيور لتسمية أجمل الفراخ , فانبرى (الغراب) بصراخه وزعيقه وصلافته , ليرشح ابنته (ملكة لجمال افراخ الطيور)..فدار لغط كثير بين الطيور الأخرى , وكان اكثر المحتجين (الطاووس) الذي (نفش) ريشه وقال " اذا انتخبتم فرخة الغراب الكريه سأنتحر "! كما استعرضت (الببغاء) ريشها الزاهي بالألوان , وقالت " الفرخه طلعت على أمها" ..واثيرالجدل ..فرفرفت الأجنحة , وكثرت الحركات المغرية والإستعراضية, وتصاعدت صيحات (القيق والقاق), وغرّدت العنادل , واختلط الحابل بالنابل , حتى (عاط) حكيمهم (اللقلق) " لنجمع الحلوات في مكان واحد, ونرى بامهات أعيننا من هي الأجمل" ؟
وبالأمس ..أجتمعن الحلوات المرشحات , لتنفيذ اغبى فكرة , ليستعرضن (جمالهن) ! حيث تراجعت (الربطات) الى الحلف قليلا , و(نفشت كفشات السافرات),لتظهر (الكذل) الملونة بكل الوان (قوس قزح),وغير (الحجاب) عنوانه الى (الحشمة ) ! وكثرت الضحكات والإبتسامات ..فهن في عرس يعرضن فيه جمالهن (العاوي) وتمنت كل منهن لو "عاد الزمان "!, متمسكات بما تبقى منه .. فهذه ايضا وسيلة من وسائل الدعاية الإنتخابية ! وبسبب من أنهن كلهن على مستوى عال من الجمال ! فقد قررت لجنة الحكم , أنهن جميعا جميلات !
أما (الطيور) فقد توقفوا عن انتخاب أجمل فراخهم من الأناث ,واكتفوا بالجميلات المرشحات !..فعرش (الجمال) يتسع لجميلة واحدة ! الاّ في العراق فقد صار لدينا العشرات "بص ..شوف ..الحلوات يعملن أيه " !
4289 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع