حظ أمحيسن !مـسلـسل تلفزيوني بين الحقيقة والخيال من الحياة الأجتماعية في العراق في الحقبة الواقعة في منتصف الأربعينيات ولغاية أحتلال بغداد في 9 / نيسان2003
الحلقة السابعة والعشرين
ما أن دخل " أمحيسن" و "ميراج", مقهى الحرم الجامعي حتى توجها نحو زاوية خالية من الرواد , وأستأنفا حديثهما من حيث انتهيا, وانتزعت منه كل ما ترغب معرفته, ولم يبخل عليها بالأجابة بكل صـدق وصـراحة !
ابدت الآسـتاذة "ميراج", ارتياحاً منقطع النظيرلحديث " أمحيسن" عن سـيرته العلمية, وحدثته عن سـيرتها,.. ألا أنه لمَـس غموضاً في حديثها, وذهل لأيمانها بالعلم الحديث الموســوم بـ (الميتافيزيقية), أي (علم ما وراء الطبيعة), وسـردَت له حوادثا ًسمع بمثلها,أطلق عليها "المعجزات", وقد تعرض هو لمثلهاعدة مرات عندما كان في مقتبل العمر,وأتهم بـ (الجنون),.. أو ما يطلق عليه محلياً بـ (ألطباگات)!لم يقابل" أمحيسن" من قبل امرأة بهذا المستوى من الثقافة والخلق والجمال تشــاطره الحديث بعفوية مؤطرة بثقة عالية!
حاول "أمحيسن" كسـرالصـمت, وراح يركز نظره بعينيها,.. فشـعر بشـيئ ما يخترق جســده الذي أنهكته الهموم,.. وحلم للحظات بحلم اليقظة من دون ان تراوده اية رغبة في تخطي حدود الأدب,..وكرر مع نفسـه كلاما ًمفاده : ياغـريب كـن أديب,..فأنت أسـتاذ جامعي!
زاد اعجاب " أمحيسن" بـ "ميراج",.. وهكذا أستمر يتمعن في تضـاريس جسـدها وصـدرها النافرخلسـة!,.. وبعد سجال حول الشعرالحديث, طلب رأيها بقصيدة للشاعر نزارقباني,.. منها :
مَغْرُورةَ النَهْدَينِ.. خَلِّي كبرياءَكِ وانْعَمي
بأصابعي ، بزوابعي ، برُعُونتي ، بتَهَجُّمي
فغداً شبابُكِ ينْطَفي مثلَ الشُعَاع المُضْرَمِ
وغداً سيذوي النَهْدُ والشَفَتَانِ منكِ.. فأقدِمي
وتَفَكَّري بمصير نهدكِ.. بعدَ موتِ المَوْسِمِ
لا تَفْزعي.. فاللَّثمُ للشُعَرَاء غيرُ مُحَرَّمِ
فُكِّي أسيرَيْ صدركِ الطِفْلَيْنِ.. لا.. لا تظلمي
نَهْداكِ ما خلِقا للثمِ الثوبِ.. لَكنْ.. للفمِ
مَجنونةٌ مَنْ تحجبُ النهدين.. أو هي تحتمي
مَجنونةٌ.. من مَرَّ عهدُ شبابِها لم تُلْثَم..
أحـس "أمحيسن" بملل "ميراج" من السـجال, ورغبت بتوديعه, وكتبت له رقم هاتف سكنها, على ان يلتقيا غداً صـباحاً في الكلية بغرفة " الكمبيوتر" ,.. فعادَ "أمحيسن" لصمته لبضعة ثواني,.. ولم يبدي أعـتراضاً ووقف ليودعها,.. ألا أنها رفضـت, ولم توافق حتى بمصـاحبتها الى باب المقهى, ورجته بالبقاء بمكانه, وان لا يتبعها !
اسـتغرب " أمحيسن " من طلبها,.. وبعد لحظات من مغادرتها,.. دفعه الفضـول لمعرفة الســبب؟,.. ولم يلتزم برجاءها, وخرج للحاق بها فوراً, ولكن, ما ان تخطت عتبة المقهى بخطوتين,.. حتى اختفت من أمام عينه فجأة ,.. نعم أختفت, فذهل, ولم يصـدق ما شــاهده !, فهي قبل ثواني في محيط نظره, وهل انفتحت الأرض وابتلعتها ؟!,.. فتعوذ "أمحيسن" من الشـيطان وطرد عنه الأفكارغير المعقولة, وعاد لمكانه يجتركل ما تحدثا به ,آملا أن يصـل الى تعليل لتصـرفها معه وكيف أختفت عن نظره فجأة ؟ وعاد الى مكانه,..فجاء "النادل" لكي يرفع فناجين القهوة الفارغة , فلاحظ رزمة مفاتيح على الكرسـي الذي جلسـت عليه الأستاذة "ميراج,فرفعها وقال لـ"أمحيسن" : شـكون هـل المفاتيح؟!, أي لمن هذه المفاتيح؟,..
وعلى الفورأخذها"أمحيسن", وسـلمها لمولى المقهى, وطلب منه الأحتفاظ بها , لحين عودة الأسـتاذة "ميراج" التي كانت بصحبته قبل قليل,..لأخذها, حيث أنه لا يسـتطيع انتظارها, لأقتراب موعد محاضـرته,.. فأخذ مولى المقهى المفاتيح, وتعهد بتسـليمها الى الأستاذة, "ميراج",..فشكره "أمحيسن", وجرى للحاق بمحاضـرته .
وبعد انتهاء المحاضـرة توجه "أمحيسن" نحو المقهى, وما ان اقترب منه عامل المقهى, وقال : بعد لحظات من تسـليمك المفاتيح, حضرت الأسـتاذة وسـألت عن مفاتيحها المفقوده, وسـلمتها لها!
عاد "أمحيسن" الى سـكنه, وحاول تحليل شـخصـية " الميراج", وسـبب اصـرارها على بقاءه جالساً في المقهى وعدم مصـاحبتها! ثم ضحك على افكاره السـاذجة,وعودة أيمانه بالخرافات, وراح يعيد"السيناريو" منذ دخولهما المقهى لغاية أختفائها,عله يجد تبريراً لذلك,وقال: انني مؤمن بكل ما ورد بالقرآن الكريم من خوارق,الا ان تلك المرأة كانت طبيعية, فقد كتبت لي عنوانها و حدثتني عن امورعلمية ومظهرها يدل على أنها انثى مُلفته للنظر, فما تفسير ذلك؟!!
تعب "أمحيسن" من التكهن بسـر"ميراج", بالرغم من خبرته ببنات حواء منذ ايام الصبا, فكيف انهارت مهارته واصبح يؤمن بالخرافات والتصورات البعيدة عن كل منطق؟!
وبكل اسى واسف لم يستطع "أمحيسن" التوصل الى اية نتيجة مقنعة,..فمن المحال ان تكون نصابة, فقد رفعت الكتب امام عينيه وكلمته باللغة الفرنسية, ثم علمته تـشـغيل الكمبيوتر,..وناقشته عن الوضع في العراق, واصغت لرأيه بكل جوارحها, ولم تترك جملة غير واضحة, ما لم تطلب منه اعادة تفسيرها, ولم تجامله,عند طرح فكرة لا تؤمن بها, وتقول : "اختلاف الرأي لا يفسد المودة"
نام "أمحيسن" تلك الليلة قلقاَ, وظل ذهنه يقظاً,ليحلل تصرف تلك المرأة "الميراج" أو قل : الطلـــسم!
يتبع في الحلقة الأخيرة /28
للراغبين الأطلاع على الحلقة السادسة والعشرين:
http://www.algardenia.com/maqalat/10524-2014-05-21-17-03-40.html
724 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع