صورتين لحدث واحد في المعنى

                                          

                            عبدالله عباس

            

•صورة الاولى :
ظهر يوم 28 / 12 / 2014 تحديداً ومع رفع أذان الظهر كنت قريباً من ( جامع مولوي ) عليه دخلت الجامع لأداء الصلاة ، بعد الصلاة وعندما خرجنا من حرم المسجد لباحة الجامع فرأيت امرأة محتشمة بعباءة سوداء ومعها طفلتها مادين أيديهن للصدقة من الخارجين من الصلاة ، فاجأنا رجل ( أفندي ) أتى من جانب مغاسل الجامع ! متجه باتجاه المرأة صائحاً (باللغة العربية !):

-اطلعي برة...! ممنوع تسول...! يالله اطلعي شوهتوا مدينتنا...و..إلخ

وجاءت مفاجأة من السيدة ( المتسولة ) حيث ردت على صياح الرجل باللغة الكردية أترجمها نصاً حيث قالت :
-أنت لماذا تصيح بوجهي ، إني حتى ما طالبة منك تعطيني مساعدة وهذا الجامع بيت الله .
فما كان أمام الرجل إلا الإحراج من ( نوع الثقيل .... إن صح التعبير كما يقولون ) والظاهر في وجهه أنه يتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه وينقذ نفسه من هذا الإحراج ...!! حينها دفعتني فضولية مهنة الصحافة وتدخلت واقتربت منه وقلت له : لا تنحرج .. حصل خير ، ها وأنت عرفت يا صديقي نحن أيضاً عندنا متسولين ...!!ولكن كان الظاهر من نظرته لي أن كلامي لم يعجبه..!!
•صورة ثانية :
أتذكر جيداً ، كان ظهر أحد أيام حزيران عام 1966 وقبل أسبوع من صدور بيان ( 29 حزيران ) لحكومة عبد الرحمن البزاز حول حل القضية الكردية ووضع برنامج مرحلي لذلك بعد مباحثات مع قادة الثورة الكردية ، نحن ثلاثة الشاعر الراحل جلال مرزا كريم وسرجل الطالباني وأنا كنا نعمل في الاذاعة الكردية في بغداد ، خرجنا من بناية الإذاعة متجهين إلى موقف انتظار (باص رقم 15) لكي نذهب الى شارع المتنبي ، ونحن ننتظر وصول الباص وعدد آخرمن الناس واقفين معنا ، جاءت امرأة وعلى ظهرها طفل ، لا يظهر على شكلها أي مظهر يؤكد كرديتها ، مع ذلك فاجأنا أحد الواقفين بالصياح بوجهها قائلاً :
-امشي ولي ...دتگدين وتودي فلوس للعصاة في الشمال .....!!!
فما كان أمامنا نحن الثلاثة وأمام ذهول واقفين في الموقف إلا أن نهاجم عليه بطريقة يستحقها حتى وصل إلى رفع اليد عليه قائلين له وأمام الناس : ( إن المنتفضين في كردستان ليس عصاة وليسوا محتاجين للتسول ....الخ ) وللتاريخ أن جميع الناس الواقفين وأتذكر (دون استثناء وهم بلا شك كانوا العرب ) ساندوا موقفنا ضد التصرف السيء لذلك الشخص ...
إن موقف الرجل في جامع ( مولوي ) في السليمانية ، وكذلك الرجل في (موقف الباص ) في بغداد نابع من قراءة بأسلوب متخلف وفهم سطحي لمعنى كبرياء الشعوب والقوميات والشعور المطلوب لأسلوب التعبير عن انتماء لها ، والخطورة هي هذه الطريقة لفهم الانتماء والاعتزاز بها يأتي عندما يكون مثل هكذا أشخاص في مواقع المسؤولية ، وأقول .. على هؤلاء أن يفهموا أنه وفي بعض الانعطافات التاريخية اضطر كثير من الناس ( أشخاص وجماعات ) منتمين لشعوب لهم تاريخ مشرف للجوء إلى ( التسول ..!!) دون أن يسجل هكذا أحداث على أنه ظاهرة للتقليل من كبرياء تلك الشعوب وتأريخهم المشرف،هناك مثل كردي يقول : ( إن الجوع الكافر يدفع الإنسان أن يدق باب الطيب والرديء في آنٍ واحد ) والقول الخالد للإمام علي كرم الله وجهه : ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته ...) .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

861 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع