«حتى يكف الرجل عن النظر إلى جسدي ويرتقي إلى فهم أفكاري».
«لأنني لا أريد أن أعمل مرتين أكثر من أخي وأحصل على نصف ما يحصل هو عليه».
«لأنني أرفض أن يسمح القانون باغتصابي وأنا طفلة باسم الزواج».
«لأن من حقي أن أعطي جنسيتي لأولادي».
«لأنني أشعر بالأمان في بلاد الخارج ولا أحظى بالاحترام في بلدي».
ليست جملا وعبارات مكررة سئمنا تردادها. إنها جمل لفتيات ونساء من مختلف أنحاء العالم العربي تعكس واقعا لم يعد مسكوتا عنه ولم يعد جائزا الاستخفاف بتداعياته إذا ما استمر.
وقفت كل منهن وحملت ورقة كتبت عليها عبارتها والتقطت صورتها وأرسلتها إلى صفحة «انتفاضة المرأة في العالم العربي». وفي سرعة مذهلة حظيت صفحة هذه الحملة على موقع «فيس بوك» بدعم الآلاف على امتداد العالم العربي وبتنا نشهد مشاركات من فتيات ونساء وشبان أيضا. مشاركات من محجبات وكاشفات ومن خلفيات وجنسيات عربية متنوعة.
ومع ذروة انتشار الحملة تعرضت صفحة الموقع للحجب من قبل «فيس بوك» قبل أن تتم إعادته، وذلك بعد نشر نص دعوة لدعم السورية الشابة «دانا بقدونس» والتي وضعت صورتها من دون حجاب، بينما رفعت جواز سفرها يظهر صورتها محجبة.
صفحة حملة «انتفاضة المرأة في العالم العربي» تزخر بصور طالبات ومراهقات وأمهات وشباب تدعو لرفع الصوت لإكمال الربيع العربي الذي بات يثير المخاوف على قدر ما أثار الآمال.
الأرجح أن هذه الصفحة لم تأت من فراغ، فقد انطلقت حملة «انتفاضة المرأة في العالم العربي» الإلكترونية قبل أقل من شهرين، أي ونحن في ذروة الحديث عن انتكاسة تتعرض لها الحريات، خصوصا حرية المرأة في دول الربيع العربي، وهذا يعبر عن التوجسات التي تسكن شرائح نسوية وشبابية ومدنية على امتداد العالم العربي. فحين شاركت النساء في المرحلة الأولى من الثورات شاركن كمواطنات شعرن بأن عليهن واجب التحرك ليس كنساء ولكن كأفراد في مجتمعات.
مواطنة هؤلاء النساء تجلت في مشاركتهن واعتصامهن ومقتلهن وسجنهن وكتاباتهن، لكن التعامل معهن كنساء كان أقوى منهن كمواطنات، سواء من خلال تسليط الضوء عليهن بصفتهن إناثا أو من خلال التعرض لهن والتحرش ببعضهن.
هل ننسى فصل المتظاهرات عن المتظاهرين أو فحوص العذرية أو التحرش أو أو..
لقد بات القلق والتوجس سمة العيش الأساسية في بلادنا.
كيف لا ونحن نرى كيف تنقلب نجاحات أساسية حققتها الثورات العربية إلى إحباطات وخيبة.
لكن، تبقى الأعين مسلطة على تلك المساحات المنعشة المجددة للأمل والتي تنشلنا من مشاعر سلبية كثيرا ما تنتابنا مثلما فعلت صفحة انتفاضة المرأة على «فيس بوك» والتي تسعى الناشطات الخمس اللاتي جاهدن لإطلاقها لرفع الصوت وإكمال الربيع العربي الذي يتعرض لهجمة مرتدة تستهدف بالدرجة الأولى المرأة بعد نجاح الثورات..
تحمل الناشطات المعاصرات في الحقل المدني حيوية يصعب إغفالها مضافا إليها إمكانيات معرفية وتقنية في عالم الميديا الحديثة تؤهلهن لخوض نضال لن يكون سهلا في مسار تثبيت بعض مكاسب ونيل أخرى في وجه قوى تحاول سلبها.
490 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع