ثغرات تستغلها ( داعش ) وتوابعها للدخـــول الى مـجتمعاتنا،اقليم كوردستان نموذجاً

                                                          

                                     عبدالله عباس

منذ عشرينات القرن الماضي ‘ كل مايحصل من الازمات والمشاكل في منطقتنا هذه التي تسمى (منطقة الشرق الاوسط) ‘ وكل ازمة تلد منها مشكلة اكثر تعقيدا من سابقتها ولحد وصولنا الى العشرة الاولى من الالفية الثالثة وظهور ( ورم داعش )ي ‘ سببه فقدان ( إرادة وطنية صادقة ) مستندة على ارادة شعوب المنطقة ‘ بل الموجود ومنذ ذلك الوقت هو :

ادارات مصطعنة معتمدة على قوة الاخرين ‘ لذلك صفحات التاريخ المعاصر تؤكد لنا ان تلك الادارات كلما كانت ‘ ولحد الان ، عندما تواجه الازمات وتراها اكبر من ان تستطيع مواجهتها  ‘ تلجئ الى الاخرين ( الانكليز ) لحد اواسط الخمسينيات وبعد ذلك ‘ القوة المهيمنة الغاشمة الولايات المتحدة الامريكية ‘ علما ان كل الازمات هي من افرازات اخطاء تلك الادارات التي تتمسك بالحكم والتي بنيت اساساً كما قلنا بشكل خاطىء ومصطنع  ‘ ومنذ ثمانينيات القرن الماضي ‘  اخطر ازمة واجهت المنطقة واداراتها ‘ هي ظهور ( مرعب ...!!) لمى سمي   بـ(القاعدة ) ‘‘في قراءة هذه الصفحات ‘ لسنا من المؤمنين بعقدة المؤامرة ‘ حيث قال البعض ان (القاعدة ) كانت صنعة امريكية و قامت ايران بتقديم التسهيلات لها  وووو.....!! وبعد ذلك قامت تركيا اردوغان باستغلالها طريقا لاحياء الامبراطورية العثمانية و....الخ ‘‘ تصور غير دقيق ‘ ولكن ان الحقيقة الواقعية الجروح التى تندمل ثم تنفجر في جسد ( الناس والارض ) في هذه المنطقة ‘ من افرازات تصرفات المفسدين الذين يسمونهم غدراً بـ ( اولياء الامور ) الذين يذلون شعوبهم ‘ ففي هكذا حال من الطبيعي ان امريكا و حتى ايران وتركيا ايضا ‘ بل اكثر من هذا حتى القراصنة الصوماليين يظهرون على مسرح المنطقة باحثين عن موقع قدم لممارسة شكل من اشكال التجارات المتنوعة التي تظهر خلف ضباب هكذا ازمات حتى لوكان من خلال الحاقهم بالمافيات (بيع اعضاء البشر الهاربين من جحيم الفساد والمعارك و ....الخ و واقع الحال يقول كما المثل العراقي : عمي ...منو بمنوووووو ....!!!
عندما تفاجئ الجميع بالظهور المدوي لـ( داعش ) ‘ وقع الحدث على رؤوس ( الحكام ) مصاصي دماء الناس كالصاعقة ‘ لذا وكعادتهم منذ ان فرضوا انفسهم على ارادة الناس عن طريق الاعتماد على الاخرين خارج ارادتهم ‘ توجه الى بدعة المشاركة ( تحالف الدولي ..! ) الذي لم يقدم شيء لشعوبهم لحد الان سوى تدمير المنطقة وقتل الناس و توسيع ( داعش ) حيث وصلو الى ضفاف اوروبا ويدفع كلفة كل ذلك من قبل الحكام المسيطرين على كل مفاصل الثروت في بلدانهم
ان قمة المأساة في هذه الحدث الكارثي هو : ان السلطات المتنفذة في المنطقة تمتلك جوقة من المحللين و مايسمون بالمراقبين مسيطرين على كل القنوات الاعلامية  يناظرون للحدث  وافرازاته المأساوية لاينتج من تحليلاتهم إلا ارضاء الحكام و طموح هيمنة ( قادة التحالف الدولي ) ويبررون لجوء الحكام الى خارج ارادة شعوب المنطقة و يروجون ( وأكثر من الغرب ) لمحاربة التوجهات الدينية في المنطقة مبررين ذلك بشراسة وعدوانية الداعشيون ‘ دون الاقتراب ولو قليلا من تحليل يوضح للناس : كيف يحدث كل ذلك و الى اين تسير الامور والى متى تستمر .؟
هل رايتم ومنذ ظهور ( داعش ) لناخذ الوضع عندنا (اقليم كوردستان نموذجاً ) تحليلاً موضوعيا يجب على تسأل التالي : كيف ظهرت ( داعش ) في عصر سرعة الاعلام المؤثر تروج وبكثافة واسعة لم تشهد البشرية مثيل لها في هذه المنطقة (بضمنها اقليمنا ) يروجون للمساوات و الديمقراطية والمدنية العصرية بين البشرية ومجتمعات العالم ؟ وهل رايتم هؤلاء المحللين النخبة الذين يقدمون برنامج ( متكامل ) يوازى نصف البرامج يستوردونها من امريكا و بعض الدول الغربية ويصرفون عليها الملايين للترجمة والدبلجة رغم ان تلك البرامج لاتتلائم مع بيئتنا الاجتماعية والروبط الاسرية وصلة الرحم بين افراد المجتمع ‘ نقول بدل تلك البرامج لماذا لا يقدمون برنامج يجيب على التساؤل التالي :
-كيف استطاعت مجموعة من ( الشباب ...) البعيدين عن كل المستلزمات الحضارية والمدنية وحتى السماوية المتلائمة مع روح العصر ‘ وخلال اقل من عقد من الزمن ( عشر سنوات ) من ان يغسلو فكر وعقل مئات بل الالاف من ابناء هذا العصر ان يتركون كل ما متوفر في الدنيا من حياة مشروعة ولا يؤمنون الا بالقتل وسفك الدماء ‘ بل ظهر من بينهم من قتل والدته ( التي قدس الاسلام وجميع الاديان السماوية مكانتها ) بدم بارد بحجة اعتراضها  الانضمام لداعش ؟
ولكن ‘ لماذا نوجة هذا السؤال الى القنوات ( المدنية ..!) ولماذا لا نسأل المؤسسات العلمية
في اقليم كوردستان  مثلاً ‘ في هذا الاقليم  لاتتجاوز نسبة السكان ستة ملايين نسمة ‘ هناك سبعة و عشرين جامعة ‘ وكان من المتوقع لو لم تكشف الازمة المالية والاقتصادية نتيجة توسع الاحتجاجات ضد الفساد الذي مزق الستار عن الوجه الحقيقي للالوان الزاهية ما كان مخفي خلف تلك الازمات القاتلة لكن لاتبالي السلطة لفتح  عدد اخر من الجامعات حتى في النواحي وبعض القرى ...! فقط ليقولون : اننا نبي سلطة عصرية تعتمد على ( العلم ) ونحن نواكب النهضة العالمية ...!! من هذا العدد من الجامعات 12 منها اهلية و 15 منها حكومية ‘ ولكن والاقليم مبتلى بـ( داعش ) ‘ فهل سمع احد كم ‘‘‘ أن أحد من هذه الجامعات  فيها مركز للدراسات الرصينة وتقوم بالاعداد لدراسات علمية دورية حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي او تقدم دراسات للسلطة مساعده منهم ( او بطب الجهات المعنية ) كيف تستفادون من اعداد خريجي هذه الجامعات للمساهمة في بناء تحتي للسلطة وهم ينشرون بين الناس طموحهم للاستقلال ؟ وهل في الاقليم مؤسسات تستوعب كل هذا العدد سنوياً من الخريجين .؟
والجواب طبعا كلا ..‘ واسئلة اخرى ذات صلة : هل قامت تلك المؤسسات العلمية بدراسة ظاهرة انتحار الشباب و الهجرة  و قدمت الحلول المطلوبة ؟ ... والجواب ايضاً : كلا ...!! ولكن ترى في الاقليم نشاطات لا تغني ولا تثمن ولا تمنع اتجاهات ضياع الشباب من خلال عشرات مايسمى بالمجتمعات المدنية كل ستة منها من عشرة من تلك الجمعيات غريبة على التقاليد و الروابط الاجتماعية الكوردية فقط لكي يظهرون في قنوات اعلامية كدليل على مواكبة ( مظهرية) لعصر العولمة في حين أن السلطة لاتستطيع ضمان لقمة العيش المطلوب للعاملين في مؤسساتها
أن قراءة هذا الوضع يعطي جواب ولو من جانب واحد عن كيفية دخول الظاهرة الداعشية الى مجتمعاتنا  ‘‘ في اقليمنا هذا وكثير من بلدان المنطقة ‘ ( عدى ايران ) و ( تركيا) الى حد ما ‘ نقول مادامت ان الادارات والسلطة عندنا تركز في المقام الاول على مظاهر العصرنة و العولمة بالشكل فقط دون المضمون للمعنى ‘  كدليل على مواكبة العصر وعلى حساب استجابة لطموحات الناس وحسب التكوين الاجتماعي وفي المقدمة الاهتمام بصلة الرحم ( الانتماء والشعور بالمسؤولية ومعنى الحقوق والواجبات ) والتباهي بالعلمانية فقط كشعار وليس للبناء ‘ يؤدي هذا النهج الى :
•الابتعاد عن اهتمام بحل جذري لمشكلة البطالة بين الشباب وهذا يعني دفع هؤلاء الشباب جاهزين امام اغرائهم من اطراف اخرى كظاهرة داعش واختيارات خطيرة اخرى
•اعتماد على قوة خارج الارادة الوطنية بحجة بناء اسس السلطة يهمل قدرة الجيل الجديد ‘  اسلوب عقيم يفتح دخول اتجاهات لاستغلال ارادات الشباب بضد من متطلبات البناء
•كل انقطاع عن التأريخ دون مبرر تحت عنوان العولمة ومواكبة العصر واهمال نشر الوعي بان الحرية تعني في المقام الاول المسؤولية يضع الجيل في هذا العصر امام ضياع ممنهج
ان الشيء الموسف والمؤلم ان اصحاب السلطة لدينا عموما ( منطقة الشرق الاوسط ) متمسكون بالاعتماد الاستراتيجى لموكبة العصر التطور ( كما يحصل في الغرب) متمسكون بالنقل الحرفي ( لقاء بيع وشراء ...) معتمدين على الثروة ‘ وها نحن ندخل مرحلة جفاف تلك الثروة ليضيف هذا التوجه المتخلف ازمة قاتلة اخرى للناس اخطرمن داعش وتوابعهم ... والله اعلم

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

617 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع