فلاح ميرزا
من اهم المظاهر التى تعرضت لها الانظمة السياسية العربية نتيجة ردود فعل الولايات المتحدة الامريكية ردا على تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر 2001 والتى لازالت تواجه ازائها اسئلة واجابات متحيرة من قبل المثقفين والكتاب فى العالم واولهم مثقفى الولايات المتحدة واطراف اخرى من اوروبا ومثقفى وسياسي الانظمة العربية,
لكننا حين نتأمل بيانات المناهظين للسياسة الخارجية الامريكية نجد ان هؤلاء يؤسسون مناهظتهم على بعض المبادئ العامة النابعة من السياق الاجتماعى والسياسى الامريكي وينعتون انفسهم بأنهم اصحاب الضمائر الحية ويمكنهم تحمل ماتحمله حكومتهم , ومن واجباتهم معارضة الظلم الذى تمارسه الادارة بأسمهم فى حين كانت البيانات العربية متردة وغير حازمة
يجمع بينها الاقتصار على توجيه النقد للسياسة الامريكية التى لم تحتوى على اى نقد للاوضاع الاجتماعية والسياسية التى كانت ولا تزال من اهم العوامل التى مهدت الى وقوع هذه المصائب على رؤوسهم , كما ان الانظمة السياسية العربية لم تتحدث عن استخدام القوى الكبرى الى ادوات منفذة فى الصراع وكانت نتائج استقطاب الذى لم تستأمر في الشعوب العربية احترابا داخليا عنيف طويلا مهد السبيل لاستقواء اسرائيل واخفاق لمشاريع التنمية التى هى بحاجة اليها, وما تفعله الولايات المتحدة طوال عقود من الزمن هو تجنيدها الاسلام سلاحا في حربها ضد مناوئيها المعسكر الشرقى كالذى فعلته فى افغانستان وكانت الاول فى نشوء كثير من المجموعات الاسلامية المتطرفة التى عملت منذ الربع الاخير من القرن الماضى ادوات تنفيذ لسياساتها ضد مناوئيها مع اعطاء صورةغير صحيحة عن الاسلام , كونه دين سام وسلام وتهذيب للنفوس الى مبادئ ايدلوجية سياسية متطرفة لمحاربة المسلمين قبل غيرهم . عند هذه النقطة انتبه النظام السياسي فى العراق الذى كان يقوده حزب البعث العربى الاشتراكي بزعامة صدام حسين الذى كان يشغله الواقع الذى يمر به العالم العربي بعد انهيار الاتحاد السوفيتى والعوامل التى ستؤدى الى اضعاف الامة العربية على الرغم من تمتعها بمصادر القوة وانتصار العراق فى معركتة مع نظام الملالي فى ايران التى استمرت ثمانية سنوات اعطى فيها الكثير نيابة عن الامة ,وعبر عن رايه هذا فى اللقاءات العربية ومؤتمرات القمة للقادة والزعماء العرب اضافة الى قيامه بدعم المثقفين العرب وحثهم على التعاون مع اولئك المثقفين الامريكين الاحرار الذين يشعرون بانهم شركاء فى المسؤولية عما تقوم الادارة السياسية لبلادهم ضد العالم وان يدينوا فى بياناتهم السياسات الغربية التى سمحت طوال عقود من الزمن باضعاف هذه الامة عن طريق تجريدها من انسانيتها وسلب حقوقها ومعاملتها بصورة قطيع لا يستشار ولا يستأمر وان توجه نقدها الى شعوبها التى سمحت بتشويه الاسلام واباحته عن شكل تشويها للثقافة العربية الاسلامية بصفة عامة , لذلك اراد بصفته قائدا للحزب ان يتحول مثقفي حزب البعث الى دراسة المرحلة القادمة بموضوعية عن طريق تثقيف الجهاز الحزبي بالمبادئ الاسلامية الانسانية والصالحة الى بناء الانسان ومجتمعه الحضارى ردا على الهجمة التى ستقوم بها الولايات المتحدة عن طريق النظام الايرانى الجديد الذى خلف الشاه والذى تبنى شعارات ضرب الاسلام بالاسلام على الطريقة الصفوية , وكذلك تشجيع العراقيين من المسلمين والمسيحين على الهجرة وبث الشائعات لخطورة بقائهم فى العراق , وبالمقابل وادراكا لتلك المخاطر التى ستواجه العراق , واحتمال تعرضه لبعض المشاكل الاقتصادية الماليه الى جانب اتساع مساحة الاعلام المعادى الموجه من خارج الحدود وتركيزه على موضوعات الاكراد فى الشمال والشيعة فى الجنوب كونها من الامور التى ظلت القوى المعادية تتعامل معها باعتبارها ظاهرة مرضية قابلة للانتشار بواسطة رجال الدين بالرغم من حساسيتها وقد تجاوزها النظام وايدلوجيته السياسية , لذلك اوعز صدام باعتباره قائد للحزب على تشكيل الهياكل التنظيمة النوعية فى الحزب التى تتمتع بمؤهلات عالية والقادرة على مواجهة هذا المخطط الذى يستهدف العراق بعد قرار الادارة الامريكية بتشريع قانون تحرير العراق, وانهم بهذا القانون وضعوا النظام امام خيار واحد لاغيره وهوالاستعداد للمواجهة الطويلة مع الهيمنة الامريكية باعتبارها القطب الاوحد وتحت تاثير المتغيرات التى ستشهدها المنطقة ومن خلال سيطرتها على المنظمة الدولية وخطفها للامم المتحدة وضعف الموقف الروسي , ان يكون خيارها هو الاتجاه الى تبنى شعار المقاومة وان يتحول مجددا الى العمل النوعى كالذى كان قبل الثورة فى الاوكار الغير معروفة والعمل من خلالها فى مقاومة المشروع الامريكي فى المنطقة الذى سيكون العراق نقطة البداية فيه وشمولا الى الاقطار المجاورة وهكذا كان يفكر القائد لان المعركة وامام هذا الجبروت الطاغى تستوجب الصبر والنفس الطويل ففى الوقت الذى تزداد المقاومة قوة وصمود بذات الوقت يضعف اعدائها وينهار وهكذا هو ما كان يفكر به رئيس العراق وكل من يقول بعكس ذلك فهو لايزال لايعرف القدرة الاستقرائية والاستنتاجية لفكرالرئيس صدام الذى تمكن ومع مجموعة من رفاقه ان يحقق تحولات ونتصارات لازالت الولايات االمتحدة مذهولة امامها ولو توقفت عن الذى يحدث فى المنطقة والذى عجزت عن فهمه واتعبها وانهك قواها وجعلها تستعين بحلفاءها العرب وصولا الى الحل, حينئذ سوف تدرك تلك القدرة والكفاءة والعقلية التى كان يحملها هذا القائد الذى اشار الى ان هذا النهج سيحقق فى النهاية الانتصارعليها . وفى غمرة الاضطراب الاقليمي الشامل والتخبط فى السياسة الدولية تجاه القضايا فى منطقة الشرق الاوسط وهذا التراجع فى مسار الصراع الدولى ومع ان هناك عددا وافرا من التيارات والسياسات والاخطاء والمراهنات والاصطفافات المتقابلة تبقى الحاجة الى العودة الى منطق تحميل الادارة الامريكية مسؤلية احلال الفوضى والصراعات بين شعوب المنطقة وترسيخ المذهبية والاثنية والطائفية ورغم ان القوى الوطنية قد تضافرت مع هذا الاتجاه دون تنسيق مسبق تتطلبتها الضرورة ولا يحتاج الامر الى استرجاع الكثير من الوقائع والمواقف والحقائق والتطورات ولعل الفشل الذريع الذى لحق بمنطق القوة كأداة لحل سياسي تاريخى فى مطارح الصراعات الدولية الاخرى, يعود منطق التاريخ الى الواجهة مجددا والى المواقف التى تبناها القائد صدام فى تسعينيات القرن الماضى عندما دعى المجتمع الدولى الى اقامة قطب ثالث غير القطبين لاهميته السياسية والمالية كقوة اقتصادية فى المنطقة وبعد التحولات التى شهدتها الصين ودول غرب اسيا بعكس الوضع الاقتصادى المرتبك لحالة الاقتصاد الامريكي الذى كان يواجه ازمة حادة نتيجة انتقال رؤوس الاموال الى مناطق اخرى فى اسيا وامريكا اللاتنية هروبا من الضرائب والقيود المالية وانتعاش الاقتصاد الاوروبي لعلاقته باقتصاديات منطقة الشرق الاوسط وارتفاع قيمة الدولار الاوروبي, باستثناء بريطانيا التى ابتعدت نوعما عن المجموعة الاوروبية تحالفا مع الولايات المتحدة , ورغبت فى تقاسم الكعكة معها فى سياستها القادمة للسيطرة على المنطقة , ايا كانت طبيعة المواجهة فان منطقة الشرق الاوسط وما فعلته الولايات المتحدة بشعوبها منذ احتلالها للعراق ولحد الان, فانها ستكون احد ابرز المسارح التى ستكون المواجهة فيها على اشدها اذ تشهد اسستقطابا طائفيا غير مسبق اخذ يهدد تماسك دول قد يشملها هذا الاستقطاب وتعاني على اثره الانقسام المذهبي الذى وصل الى مرتبة الحرب الاهلية فى دول مثل سوريا واليمن والعراق والتى تهدد فى التقسيم قد يمتد الى العالم برمته حيث بات الانقسام المذهبى المعيار المعول عليه فى بناء التحالفات الدولية ضمن هذه المنطقة, فهل ستنتهى المواجهة كما يتكهن البعض لاعادة رسم خريطة للمنطقة وتقاسم النفوذ فيها؟ ام هي مجرد بداية مواجهة اشمل على اعادة رسم خارطة جديدة للنظام الدولى, وقد لايكون ثمة مواجهة وانما مجرد حرب باردة تنتهي باستلام احد اطراف الصراع عندما يصل حدا تستنزف فيه جميع طاقته الاقتصادية والعسكرية , فالحرب معادلة صعبة ولكنها لها اوجه اخرى تحل محلها كالحرب بالوكالة وسباق التسلح وسياسة الاحتواء . ان المغامرة الامريكية لم تكن سهلة فقد لاقت صعوبات جمة فى غزوها للعراق وقدمت عدد كبير من الضحايا فاق تحمل الشعب الامريكي حتى اضطرت لسحب قواتها وكان ذلك بمثابة خسارة وانتكاسة لها وانتصارا للاطراف المناهظة لتغير اليات النظام العالمي الراهن وربما كان لها دور مهم فى ارباك خارطة الطريق الامريكية فى العراق سواء عبر دعم التدخلات الاقليمية او من خلال المقاومة المسلحة فى العراق ولكنها فى كلا الحالتين سيلعنها التاريخ .
فى غمرة الاضطراب الاقليمى الشامل وهذا التخبط في السياسة الدولية تجاه القضايا فى المنطقة وكل هذا التراجع فى مسار الصراع الدولي ومع ان هناك عددا وافرا من التيارات والسياسات والاخطاء والمراهنات والاصطفافات المتقابلة تضافرت معا دون تنسيق مسبق بالضرورة ولا يحتاج الامر الى استرجاع الكثير من الوقائع والمواقف والحقائق والتطورات تقوم بدور الافصاح عن الابعاد والروابط الفاعلة والجديدة للعوامل اجمالا وبامكان هذا التاثير يظهر بشكل اوسع فى الحاجة الى توسيع النظرة الى الانسان عند المقارنة مع العوامل الاخرى لذلك تحولت اطروحة عمل المقاومة الوطنية الى الوسائل التى تعتمد على معرفة الظواهرالحقيقية لمجموعة العوامل التى تحرك السياسات الخارجية للاحاطة بكافة ابعادها وصلاتها المهمة والاساسية التى ترتبط مع سائر الظواهر وتجعلها قادره على تصور الصيغة المطلوبة للظواهر, ليتم طرحها بصورة ادق واكثر شمولية, ان الحرب الباردة ادت الى اصابة نظام الامن الجماعي بالشلل التام وحل محله نظام النفوذ وما لبث الاسلوب التقليدى في معالجة الازمات الدولية يقوم على توازن المصالح بدلا عن توازن القوى. المتغيرات السياسية الستراتجية بالنسبة للمقاومة الوطنية هو التحول من سياسة الهجوم والتحدى الى سياسة التمسك بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية لبناء العراق الجديد , وان تناول وتحليل التطورات والوقائع التاريخية الانسانية بشكل صائب والتحليل الصائب للتاريخ يتضمن تحقيق النجاح فى المستقبل وعليه اخذ التطورات بعين الاعتبار عند الاشارة الى الظواهر التى اوجدها الاحتلال ووضع لها ارضية ليتعامل معها عندما يريد اجهاظ اية سياسة تتبناها القوى الوطنية كاستخدامه للدين وعناصرة ومصادرة الاسياسية . ان البعد الايدلوجى الذى اكتسبته الاديان مع انقسام المجتمع الى طبقات وتطور الصراع فيما بينها كما وجدت ايدلوجيات شكلت الفلسفة البنية الاساسية لها وهذه الامور لاتحسمها المستويات النظرية لكونها تواجه ارث تقيل من ثقافة الاستيراد وثقافة التقليد الديني وبالتاكيد سوف نجد فئات تحن الى ما قبل التغير او انها تعارض هذا التغير, لذلك هناك تحريض غير مسبق للثقافات الحصرية الدينية وغير الدينية كترجمة لصراع الحضارات فى زمن العولمة وتحتاج الى تفسيرلتلك العلاقة بين النزاعات والحروب من الثروات النفطية والغازية , فالراسمالية تجد نفسها من خلال انتاج حاجات استهلاكية جيدة للانسان وتقدم السلع المناسبة لها , الحروب وصناعة السلاح وتجارته واستخدامه فى علامة عضوية التهديد بالحرب او ممارسة اشكال من الحروب المتعددة يغذيان شظايا الارهاب هذه شروط اللعبة . العنف المكشوف العنف المنظم والعنف البدائي المتوحش والعنف التقني الحضارى هو من منظومة واحدة لكن الارهاب البدائي يرتد سلبا على المجتمعات التى يتغلغل فيها خيار مفلس لتغير العالم فى حين يساعد ويسهل اعادة انتاج سلطة عليا وارهاب منظم وارهاب دولي هناك حقيقة هي ان العنف باشكاله المختلفة يؤشر على الاختلال العميق والعلاقات بين البشروالدول والهوايات وانماط الثقافة والحياة. ان الشئ الغريب الذى يجب الوقوف عنده ان تجربة المنطقة هو ان الارهاب الذى تحول الى ظاهرة شعبية ليس الا جزء من منظومة سياسية امنية مالية ليس بمعنى البيئة بل بمعنى االرعاية والادارة العامة المرتبطة بمصالح ودول. الحرب فى العراق وايضا فى سوريا واليمن ادت الى انهيار الدول الوطنية فالنخب السياسية التى سيطرت على هذه الكيانات الحديثة نقلت تكوينها العضوى فى المجتمع الى الدولة تحت غلاف عقائد وايدلوجيات معينة ما لبثت ان تمزق بانكشافه عن مصالح محدودة طائفية وجهوية وعائلية ونفعية واكيد ان المتغير الدولى والاحتلال هو الذى زعزع النظام الاقليمي العربي كشف الضعف العربي تحولات الى اختراق كبير بدء فى العراق وصولا الى البيئة المذهبية المشابهة لصراع الفيلة الكبار على الارض العربية وبمواردها وشعوبها لمصلحة دول الاقليم والعالم , لكن الماساة تحتاج الى التفكير ليست ب ويلات الحرب غير المسبوقة والمحتملة بعد امتداد الحريق الطائفي بل الطابع الانتحارى العربي لحرب تخاض وتتوسع باتجاه حرب المقدسات والهويات كاننا نحكم على واقعنا وتاريخنا بانحطاط مريع لاقيامة بعده لقرون وليس لعقود وان اى تخيل او توهم اى طرف بالانتصار هو مجرد منطق فى حرب الافتاء المتبادل اذا صار المشرق العربي خلية صراع طائفى تحتضنه الدول الاقليمية واسرائيل ولازالت مصالح الدول الكبرى ترى بان ثروات المنطقة وليس شعوبها هى ماتحتاجه خلال القرن الحالى فالبحث عن بدائل للنفط والطاقة مازال قائما ولا بديل لهما
1201 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع