عبدالله عباس
( 1 )
•في نيسان 2003 اعلنت الادارة الامريكية اسقاط (الدولة العراقية ) مدعياً تحرير هذا البلد وادعت ان هدفها العمل لتأسيس نموذج للديمقراطية في الشرق الاوسط بحيث يكون دافع لنشر هذا النموذج في المنطقة ...!‘ في حين انه ( ماعدا ايران ) كل دول المنطقة من الدول الحليفة لامريكا بل كانت بين تلك الدول من سهل بعضهم الطريق لاحتلال العراق ‘ وشكلت الادارة المحتلة ماسميت بمجلس الحكم من 25 عضواَ مثلت كل الاطياف من العراقيين واسس بذلك اخطر اساس للتفرقة والمحاصصة وشكلت المجلس المذكور حكومة متكونه من 25 وزارة لكل عضو او حزب وزارة ومنذ ذلك اليوم اي طرف له وزارة تصبح لطائفته او حزبه ‘ واصدر بريمر الحاكم الامريكى امرا بإلغاء القوات المسلحة العراقية ‘ ولكن بعد بدء ( المقاومة المسلحة ) و تسلل المنظمات الارهابية الى العراق اضطر الامريكين لإعادة بناء الجيش ‘ ولكن ولان المحاصصة سيطرة على الارادة الوطنية لجأ كل طرف الى تشكيل جناح مسلح ولم ياتي هذا من الارادة الوطنية ‘بل تدخل اكثرمن طرف اقليمي في ذلك حيث يوجد الان حسب الاحصاءات الرسمية الدولية عدا الجيش النظامي هناك 15 تنظيم مسلح في طول وعرض العراق بعضهم يعلن علاقتة مع خارج الارادة الوطنية وبعضهم يهددون الاخرين بالحرب والانتقام و السلطة لاتستطيع السيطره عليهم بل تضطر الى تسهيل بعض من مهماتهم تحت عنوان محاربة الارهاب وبعضهم لديهم سلطة وسجون . وبعد مرور قرابة 14 عام لم تتفق السلطة التنفيذية والتشريعية على العلم الوطني والنشيد الوطني وهو ابسط مستلزمات بناء الدولة ومعناها الوطني . ‘ وبغداد في قائمة مدن الغير امنة عالمياً و في بعض مناطق الجنوب القانون العشائري يحكم فيها وتحصل معارك عنيفة بينهم و يستعمل فيه اسلحة ثقيلة ‘ وكل ذلك يعلن رسمياً وليس كلام اعداء العراق . اما امريكا محررة العراق فتدخل وتخرج كانها في احدى ولاياتها المتحدة وبحجة محاربة الارهاب ولم يخرج العراق تماماً تحت بند السابع ‘ والفساد عنوان رئيسي في تداول الحديث عن العلاقة بين السلطة و الناس ‘ ويومياً عدا ضحايا عنف الارهابين المجرمين يموت عشرات المواطنين ضحايا العنف و الجريمة المنظمة ‘ مع ذلك يتحدثون عن السيادة والدستور في العراق ...!
•انتفض الشعب اليمني ضد حكم علي عبدالله صالح الذي كان ينوي تحويل حكم بلاده الى ( جمهورية وراثية دستورية..!) بعد ان اسقطوا قبل عشرات السنيين حكم الامامة المتخلفة وراثيا ‘ بدأت الانتفاضة التي سميت بانتفاضة الشباب في 11 شباط 2011 و اجبر صالح على التنحي ولكن روحه الديكتاتوري دفعة الى التحالف الغريب مع تمرد الطائيفي الذي كان يحاربه بكل العنف ومنذ ذلك اليوم البلد في حالة خراب والشعب اليمني يعاني من االتشرد والقوى الاقليمية يتدخل كل حسب مصالحه ليس من اجل انقاذ الانسان اليمني بل من اجل مصالحهم واليمن على حافة الانهيار كوطن وشعب يواجه المجاعة ‘ ورغم ذلك نسمع يومياً ان الرئيس اليمني الذي يمارس عملة خارج اليمن يتحدث عن السيادة والدستور وحرية الشعب ...!
•في سوريا ‘ انتفض الشعب مطالباً بالتغير وكان انتفاضتة تظاهرات بدأت من العاصمة ‘ وبين ليلة وضحاها تغير من انتفاضه شعبيه الى حرب جنونيه يشترك من جانب ( المعارضة ...!! ) 21 تنظيم مسلح يبدأ بـ ( هيئة اركان الجيش السوري الحر ) وينتهي بـ( جيش المجاهدين والانصار) ومن جانب النظام يشترك في تدمير البلد بالاضافة الى الجيش النظامي 15 من المليشات و القوتين ( النظام والمعارضة ) لهم الداعمين الدوليين و الاقليميين وكل تجار السلاح و تجار الاعضاء البشرية و اللصوص و حتى تجار المخدرات من كل انحاء العالم وهذه المأساة مستمرة منذ خمس سنوات و وزيري الخارجية الروسي والامريكي وممثل خيال المأته الدولي بانكي مون يجولون و يصرحون عن فرص فرض الحل سلمياً ... وبشار الاسد يتحدث دائما عن سيادة سوريا المصانة ....!!!
( 2 )
وقع عيني على مقولة مارك توين : http://www.alhayat.com/Opinion/Writers?Writer=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86_%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7
( ما لم يتكلم الموتى، فسيظل التاريخ يمثل مجموعة نادرة من الأ كاذيب السخيفة ) وانا ابحث عن جذور هذا العبث العظيم الذي يعيشة منطقة الشرق الاوسط ‘ وقد وضع الغرب جذور لزرع مستلزمات التجزئه ليكون اساس لاستمرار هذا العبث ويكبر وينمو منذ ان وعد الانكليز ( أخبث واشرس قوة استعمارية منذ القرن التاسع عشر مخفي وجه القبيح خلف اداعاء الحضارة والوعي العصري الكاذب ) للعمل من اجل صناعة كيان للصهاينة فكان وعد (بالفور) سيء الصيت وعندما نفذ الوعد بدأ الصراع الاسلامي الصهويني و منذ بداياته وخلال كل جولاته كان التاريخ فيه هو المحك والمحور والركيزة الصادقة عند الاسلام الحقيقي ، فالجبهة الشرقيه اهل المنطقة اعتصموا بالتاريخ محاولة استدعاءه توثيقاً للحقوق باعتباره رسالة وحضارة ، وخطط الغرب ولايزال يعمل من اجل تشويه هذا التاريخ والرسالة معاً ‘ وقتل وبدم بارد كل الارادات والتي تؤكد ديمومتة وعدم انقطاعه... ومن اجل ذلك ‘ ان الغرب يشجع بروز الجهل العام في اوساط الناس بحيث يكون تحويل ( مظاهرة شعبية ضد الظلم) الى حرب استنزاف الدم والارادة من اسهل الامور كما يحدث منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى وبعد تنفيذ سايكسبيكو وتهجير الفلسطينين و بدأ منذ بداية الافية الثالثة بتنفيذ ما يحدث في العراق واليمن وسوريا ليكون مئوية سايكسبيكو مزيد من كنتونات متحاربة وليس اعادة الحقوق كما يتصور البعض مع الاسف .
ومنذ ذلك التاريخ يعتمد الصهاينة على تقديم التاريخ مختلق محاولاً أن يبث فيه الروح ويستنهضه ليمثل ساحة مقابله أو تاريخاً مضاداً والساحة امامهم مفتوحه نظرا لسهولة تحويل المظاهرة الى الحروب عند الطرف الاخر بمكر الغرب الشرير .
هناك مثل كردي مشهور يقول ( قالت الشجرة لو لم يكن يد الطبر مني لما كان ممكناً استعماله لقطعي ) ‘ ونحن نقرأ ويومياً تحليلات وتعليقات من المحللين (من اهلنا ) ونداءات وتحذيرات من ( قادتنا الوطنيين محروق قلوبهم من اجل شعوبهم – بمن فيهم علماني و من فيهم متدين لحد العظم كما يقول المثل ...! ) بأن : ( الغرب المستعمر والكافر لايريد لنا الحرية ويتأمرون لاشعال كل انواع الحروب : طائفية وعرقية و حتى العائلية وفي حين ان البعض يعتقدون ‘ بل يحتفلون بمرور مئة عام على معاهدة سايكسبيكو معتقدين ان الظرف الحالي اسقطت هذه المعاهدة مع ان كل مؤشرات الاحداث و دورالغرب فيه ‘ تؤكد انهم يعملون لزيادة التقسيم و صناعة الدكاكين الطائفية العرقية و حتى القبلية في منطقة المشمولة بالتقسيم الاول كما اسلفنا .
والظاهر لكل ذي بصيرة من متابعي التأريخ بدقة وقارئي خطواط الزمن في هذه المنطقة معزولة مع الاسف من ارادتها الوطنية لشراسة اعداءهم التاريخيين و خضوع انتهازين من اهلهم من خريجى ( فكر الغرب ) دون وعي بما في حولهم ‘ وبعد مرور مئة عام على «سايكسبيكو»، خرجت المنطقة من حال الصراع بين وحدة الارادات والتجزئه والذي يبدو للان انه يسير لصالح الأخير على خلفية انعدام فرص بناء الارادات الوطنية صاحبة القرارات المصيرية ‘بفعل احفاد سايكسبيكو ‘ الذين اختاروا لأنفسهم طريق المزيد من التقارب بينهم بهدف بلوغ الوحدة كمؤشر على تجاوز الخلافات مع التمسك بمنع ذلك النهج في الشرق عموماَ والاوسط الاسلامي خصوصاً وهم يشجعون علناً كل مظاهرانحلال المجتمع في هذه المنطقة ويتامرون لاسقاط اي نهوض وطني مستقل ويشجعون كل مظاهر التفرقة لذا ان قراءه صحيحة للوضع الحالي بعد مرور مئة عام هو القول : ( ما تشهده المنطقة اليوم يمثل استمراراً لمترتبات «سايكسبيكو»، مع اختلاف في الآليات والتكتيكات، في ظل الحفاظ على الأهداف والمكتسبات ذاتها. ثمة حروب إقليمية راهنة تشهدها المنطقة من خلال عناصر وأدوات محلية، خدمة لمصالح المستعمرين، وهم بمنأى عن الانخراط الفعلي فيها. وذلك يتم وفق استراتيجيات مدروسة ومبرمجة سلفاً، يراد منها في نهاية المطاف إعادة تفتيت المنطقة من خلال العودة بها إلى أصغر مكوّناتها الدينية والمذهبية والإثنية والقومية، وبعد ذلك العمل لإعادة تشكيلها بما يضمن الإبقاء على ما أنتجته «سايكس ـ بيكو»قبل مئة عام من مكاسب وامتيازات.) وان الغرب ولايزال كما كان في تلك الزمن يستفيد من عوامل ذاتية قابلة للتجزئة، توفرت في دول المنطقة وشعوبها. ذلك أن المجتمعات الشرقية بسبب عدم اخلاص اولياء امورهم لم تستطع الخروج عن المسار التاريخي الذي استوطن في بنية وعيها وتحكّم في ممارساتها، فظل راهنها امتدادًا لماضٍ غابرٍ، ولم تستطع الانتقال إلى واقع جديد يتطلع إلى المستقبل على قاعدة الأخذ بالمبادئ والمصالح، بعيدًا عن منطق العشيرة الذي تحكمه العصبية والغريزة. هذا بالاضافة الى ان قيام الدولة العبرية في فلسطين جعل من استمرار الفوضى و مزيد من التقسيم شرط لازم لوجود ذلك الكيان واستمراره ‘ وللغرب دائماً احتياطي الاسباب لاشعال الحروب بيننا اذا لم يفيد الصراعات الطائفية والعرقية )
والاغرب ما في هذا المشهد المستمر منذ اواخر القرن التاسع عشر ان اصحاب هذه الدعايات يكبرون و يسمنون و يغنون لحد التخمة ) والناس من ( ابناء الخايبة ) كما يقول العراقيين ضحية وطاقة لاشعال النار كل الصراعات التي تحصل في هذه المنطقة ومستمر لحد الان ...!
والغرب لا يعنيه ما يحدث للمنطقة من خراب وحريق لعلمهم ان الحرب كفيلة بتدمير أكبر الصروح الاقتصاديّة وإتلاف أكثر النسج الاجتماعيّة تماسكاً، فما بالكم بحال النسيج الاجتماعي لمنطقة الشرق الاوسط الملغوم بقنابل القضايا القوميّة والعرقيّة الموقوتة ‘ نعم ان الغرب لا تعنيه الحروب ولا الضحايا والمهجرين إلا في ما يعود عليه بالنفع اقتصادياً وسياسياً، فهو الأعلى من بين الدول بيعاً للأسلحة في المنطقة، وهي في هذا الوقت الصناعة الأكثر رواجاً واستهلاكاً ، لذلك هو يغذيها بقوته الإعلامية وأحياناً الدبلوماسية.
ونعود الى حيث بدأنا بالمثل : ( ( قالت الشجره لو لم يكن يد الطبر مني لما كان ممكناً استعماله لقطعي ) ‘ وطالما بقينا نفتخر بالتاريخ دون ان نتعلم منه الدرس ‘ ونفهم ان الغرب لايتخلى عن ما بدأه الا عندما يواجه ارادتنا الوطنية والتاريخية ‘و سيستمر احفاد الوزيرين البريطاني و الفرنسي في التوسع ( وليس لإنهاء معاهدة اجدادهم المخلصين ) الى ان يصلوننا الى حال لكل عائلة كيان و لكل حفيد جيوش وبقية المتطلبات يصرف من جيب ( اولياء الامور العشائر والعوائل ذات السيادة تحت خيمتهم يدفعون جماعياً...!! ) الى قادة الغرب الانسانين بعد ان يكون العراق و سوريا واليمن فيها خيم من الالوان المتناحرة والمتناثرة .
•خلاصة الكلام
ينتهي العبث الاعظم و ينتهي كل اثاره التدميرية لسايكسبيكو وبذلك ينتهي سلسال الدم و الفرقة واطعام الحيتان الخمسة في مجلس الامن من دمائنا وارزاقنا في الشرق الاوسط ذلك عندما تتوحد الارادات الخيره والوطنية لشعوب المنطقة : العرب والفرس و الترك والكرد ليكون هم اصحاب القرارالمصيري لاوطانهم و شعوبهم ندا بند بوجه إدارات الغرب الشريره والمنافقة والمصرة على تدمير تلك الارادات مخادعا البشرية بانهم حاملي رسالة الحق البشرية على الارض .. والسلام عليكم .
521 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع