مع الفنان ضياء العزاوي

                                           

                                                          أمير الحلو

           

عرضت أحدى القنوات الفضائية ( العراقية – اللبنانية) لقاء مع الفنان التشكيلي الكبير ضياء العزاوي شرح فيه أسباب تركه للعراق في منتصف السبعينات واتخاذه قراراً لا رجعة فيه أن لا يعود وحتى لا يزور العراق مهما كانت الاسباب ، خصوصاً وأن جميع الوثائق الرسمية التي يحملها الأن للتعريف بشخصيته تؤكد على انتمائه الى بريطانيا وله كل حقوق وواجبات المواطن هناك ...

مع أن الفنان القدير ضياء العزاوي مستمر في رسم لوحاته الرائعة في اشهر وأفضل المعارض والمتاحف وأكثرها نابعة من تراكم خبرته التي بدأها في العراق ، كما أن محتواها لا يبتعد في شكلها الغريب عن العراق وتداخلات الوانه ، ولكن ما يعرضه العزاوي عبارة عن ألوان قد تبدو متناقضة ولكنها تعطي في النتيجة صورة موّحدة قد نعرف معانيها أو لا نعرفها ، ولكنه لم يشتهر بسهولة أو ضربة حظ ، بل أن فنان حقيقي ومثابر ، وقد أشتهرت لوحاته عن ( المعلقات ) التي نظمت في العهد الجاهلي وكذلك إدخال بعض الابيات الشعرية والحِكم في لوحاته مما يعطيها طابعاً عربياً وعراقياً مهما حاول صاحبها القول أن علاقته بوطنه قد أنقطعت ولا رغبة لديه حتى بزيارته .

كان إنتاج العزاوي في العراق غزيراً وتجد لوحاته معلّقة في اكثر الاماكن الراقية والمتحضرة جنبا الى جنب مع لوحات فائق حسن واسماعيل الشيخلي وراكان دبدوب وغيرهم ، ولكن لم يكن أحد ( يتنبأ) بصعود نجمه عالميا فذهبت الكثير من لوحاته خارج (وطنها) أو أقتناها من لا يعرف قيمتها الحقيقية ، وأتذكر أن بعضاً من لوحاته كانت تزين أكثر ممرات وغرف وزارة الاعلام والثقافة في الستينيات ثم أختفت لاسباب متعددة .

من الأمور الطريفة التي لا أدري إن كان العزاوي يتذكرها أننا كنا معا عام 1965 في كلية الضباط الاحتياط من الدورة العشرين ، وقد طلبني يوماً معاون آمر الكلية وهو أمر غير طبيعي بالعرف العسكري، ولكني كنت أعرفه من خلال شقيقه زميلي في الكلية وهو من الرياضيين المعروفين في العراق ، وعندما دخلت عليه وألقيت التحية العسكرية سألني : هل تعرف رساماً جيداً لأكلفه بمهمة ، وتصورت أنه يريد الحصول على لوحات فنية جيدة ولكنه أضاف قائلاً : أن ضباط الجيش كما تعلم لا يحملون الرتب المعدنية على أكتافهم خلال التدريب أو الحركات العسكرية ، بل أن المعتاد (رسم ) الرتبة باللون الذهبي ، لذلك فأنه قد (ترفذع) الى رتبة عقيد ويحتاج الى رسام (جيد) لأنجاز هذه المهمة ، فقلت له : في الكلية يا سيدي فنان ماهر وشهير هو ضياء العزاوي ، فطلبه وعندما جاء وعرف المهمة نظر إليّنظرة عتاب وخرجنا سوية فقال لي ضاحكاً (بغضب) هل وصلت الامور بي الى رسم لوحة (عقيد) ؟ قلت طبعاً لا ولكنه أمر عسكري لابد من تنفيذه ، وأوعدك أن احصل لك على إجازة تقضيها في رسم (اللوحة) وإكمالها وتعويضا عن (الجهد ) الذي ستبذله ، وهذا ما حصل فعلاً ، وأعجب معاون أمر الكلية باللوحة بعد أن وضعها على كتفيه !

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1173 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع