عبدالله عباس
خلف كل الاضواء الإعلامية المنطلقة في أكثرية دول هذه المنطقة التي تسمى بـ(الشرق الاوسط) أو (أدنى!) أحياناً ..
وإذا بحثت عن جزء يسير مما يعلنه أضواء الإعلام بين ( أكثرية) الناس ‘ لابد ان تصاب بالصدمه إلى حد الشعور أن هذه الأكثرية ليست لها معلومات واضحة عن واجبات المواطنة لكي يحصل مقابل ذلك على حقوق ‘ بل يصل إلى وعي يدفعه وبطريقة حضارية لكي يصمم للحصول على كل حقوقه وفي مقدمتها التصرف حسب المعنى العصري والحضاري لحق ( المواطنة...) وسترى عمق الأزمة عندما تلاحظ المتابع للمؤسسات الرسمية ذات العلاقة بحقوق الناس ‘على مستوى المواطنة السياسية ؛ من الناحية العملية لاترى الحرص المطلوب على التماسك الاجتماعي بل يركزون في بعض الدول على الحرية السياسية المؤطرة التي تحافظ على نهج السلطة وتنتهي هذه الحرية للكل من خارج هذا الإطار.
ثم ورغم ان كثير من بيدهم السلطة يتحدث عن الدولة العصرية العلمانية ولكن من الناحية العملية لاترى من ذلك شىء ملموس حتى على مستوى إستيعابها من قبل مواطني تلك البلدان . وعند حدوث أي إنعطافات خطيره تواجه أي بلد من تلك البلدان ‘ تتحرك اجهزة الإعلام للعزف على وتر نظرية المؤامرة و الدعوة لرص الصفوف وحماية الوطن والمواطنة وإلى أخر من هذه المعزوفات ..
ومايكون مدعات للصدمة للباحث الموضوعي حول أسباب هذه الصورة السلبية لواقع بلدان المنطقة ‘ عندما تكشف انه ليس فقط السلطات المتسلطة سبب لفقدان بناء الوعي لمعنى المواطنة ‘ بل أن الحركات السياسية بكافة إتجاهاتها اليسارية واليمينية والقومية وحتى بعض الإتجاهات الدينية عاملة في الساحة السياسية لايقل دورهم في تكوين هذه الصورة ‘ ذلك لانكَ عندما تقرأ تأريخ تلك الحركات ترى أن المهم لديهم هو الوصول إلى السلطة عن طريق الإنقلابات وليس النضال العصري ‘ هوكان هدفهم الرئيسي ‘ لذلك ترى ان جهد أكثر هذه الحركات كان يسير بإتجاه الوصول إلى كسب القوة عن طريق الوصول إلى العسكريين ( القوة ..!!) بدل الجهد العصري لبناء مجتمع واعي يفهم مهمة بناء الدولة والبلد بحيث أن تلك القوى أستطاعت ومن خلال هذه اللعبة أن تدمر المواطن المدني وعدم السماح بنجاح أي برنامج إجتماعي وطني يضمن معنى الحضاري والعصري لـ(المواطنة) ‘ وأخطر من كل ذلك تكشف أن اكثرية هذه الحركات كانت بشكل من الاشكال مرتبطين بإتجاهات خارج الإرادة الوطنية ‘ وكنموذج أن مايحصل في العراق ( بعد نشر الديمقراطية العرجاء اسسه المحتل ) ‘ صحيح ليس هنالك جيش منظم يكون بينهم من يفكر بالإنقلاب ‘ ولكن هناك أخطر من ذلك وهو سياسة تشكيل جناح مسلح لكل مشارك في العملية السياسية وبوضوح تحت عناوين العرقية والطائفية وحتى العشائرية ..!
...وعندما تقف امام هذه الصورة وتدرسها ‘ تكتشف أنها ناتجه عن سطحية الوعي التي تروج لها من بيده تشغيل مستلزمات التوعية ‘ وبالمقابل ناتج عن التمسك بالجاهلية كرد فعل على مايفرزه سطحية الوعي بالآلوان العصرية الخادعة .
لابد أن كثيراً منا يعرف أن الغرب أستطاع أن يصون أمنه القومي من خلال تمسك من بيدهم السلطة في بلدانهم بضرورة عدم التدخل في ثوابت الحرية وإختيار مواطني بلدانهم وبدون النظر إلى الأقلية و الأكثرية ‘ وهذه المسالة مهمة لم تأتي من فراغ ‘ بل لأن من بيدهم السلطة يعرفون أن المواطن عندهم في مستوى من الوعي يعرف معنى المواطنة وحدودها وبالتالي يعرف مالها وما عليها ‘ فلاتستطيع السلطة وبسهولة أن تتجاوز على حرية الإختيار وحقوق المواطن كما يحصل عندنا مع الأسف ‘ وبذلك ضامنين أيضاً عدم تدخل مواطنيهم بالثوابت السياسة للدولة واختيارات من بيدهم السلطة إلا عندما يكون هناك تقاطع بين ثوابت الطرفين وعندما يكون تقاطع خطراً على أمنهم القومي ‘ وحتى في حالاتٍ كهذا سيكون الربح والخسارة بشكل متوازن دون المساس بحدود حرية المواطن ودون خطر المواطن على ثوابت الدولة .
ولكن الغرب وفي المقدمة الإدارات الأمريكية ‘ ونتيجة لفكرة التسلط ثابتة في نهجهم اتجاه الشرق ‘ ونتيجةً لمعرفتهم ببواطن الأمور أولياء الآمر في هذه المنطقة من الشرق بالذات ‘ يصدرون لنا كل ما يفقد الوعي الإيجابي ‘ويتسع الوعي السطحى ويكون في بعض الأوساط الإجتماعية بالإضافة إلى سطحيته مشوش بظاهرة التخدير يدفع باتجاه المجهول إلى حد خطير ‘ وفي بعض الأحيان نرى الغربيين لايخجلون من أنفسهم يعتبرون مثلاَ ‘ منع الدعارَة في هذه المنطقةَ نوع من انواع الإضطهاد وتعدي على حرية اختيار الإنسان ...!
لستُ من دعاة الانغلاق، أيّ انغلاق، إن كان من الجانب الفكري أو لاتخاذ الموقف المطلوب في زمانه ومكانه ‘ إذاً المطلوب هو عمق الفهم لمعنى الإنفتاح ‘ أي أن لايكون الإنفتاح نابع من سطحية الوعي بحيث يكون كما قال أحدهم طاغية على جاهلية القديم ، وسطحيّة اللاوعي طاغية على جاهلية الحديث. وأنّ اللونين مصابان بعلّة التبعيّة العمياء. وأنّ الجاهلية الأولى تخبط في فراغ الماضي، والثانية تخبط في فراغ الحاضر. وأنّ الأولى تنسج من خيوط بالية لكثرة الاستعمال، والثانية تنسج من خيوط بالية قبل الاستعمال ‘ وقراءه واعية لتأريخ الاحزاب العلمانية واليسارية في المنطقة والنتائج ( نضالهم !!) بعد مرور عشرات من السنين وتدرس الوضع الاجتماعي الان يؤكد هذه الحقيقة .
و(الكلمة ) ككثير من الأشياء في حياة البشرية - سلاح ذو حدين، بل أن (الكلمة) أخطر الأشياء في الحياة اذا أمكن إستعمالها أو صياغتها بإتجاه يوحي أنها منطلقة من خدمة العدالة والحق ، ولكن يقصد من أطلقها تجسيد الظلم كهدف ونتيجة عندما يصر نشر المطلوب للوعي سطحياً ، ويمكن من هنا جاء القول لتحذير الانسان: (وإنما الاعمال بالنياتِ) كذلك الكلمة ، لنكون واعين ننظر أو نقيم الكلام في ضوء النتائج وليس من خلال سماع جمل مصاغة بصياغة مؤثرة على العاطفة وحتى على العقل أحياناً رغم أهمية هذا الجانب عند سماعنا أو قراءتنا لآي كلمة .
أن موقف وتصرف الغرب تجاهنا ‘ ومنذ فترة طويلة ونتيجة لفقدان إلارادات الحرة كماهو مطلوب للبناء ‘ أكمل مشروع نشر التخويف والتخوين والقلق المستمر في المنطقة بين الناس من فوق إلى تحت ‘ وهكذا أغرق الفوق في لذة السلطة والتحت بين الوعي السطحي والجهل المفرط في بعض الآماكن !
من خلال دعم منظم للحكام المختارين في المنطقة يتكلمون كثيراَ ويعملون قليلاَ ، مع إستمرار حملات الدعاية لانهيار المعنويات وانعدام الثقة بين أهل المنطقة والعمل المنظم لمنع اية شخصية قوية ووطنية يدعو الناس للتوحد وإستقلال الارادة ليبقى الاكثرية غارقاً في ظلمات الجهل والاهم ظلمات عدم الشعور بالمسؤولية...
3097 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع