مؤتمر لمعالجة الإرهاب

                                                         

                          د. محمد عياش الكبيسي

انتهت يوم أمس أعمال المؤتمر السنوي لكلية الشريعة- جامعة قطر (الإرهاب وسبل معالجته)، وقد شارك فيه عدد غير قليل من العلماء والباحثين من داخل البلاد وخارجها، كان في مقدمتهم علامة تونس الشيخ عبدالفتاح مورو.

جاءت الكلمة الافتتاحية لعميد الكلية الأستاذ الدكتور يوسف الصديقي مركزة لتصحيح المفاهيم الخاطئة لمصطلح الإرهاب، مفرّقا في الوقت ذاته بين الإرهاب المرفوض وبين حق الشعوب في مقاومة كل أشكال العدوان والاحتلال، ومؤكدا أهمية اعتماد التعليم القادر على بناء الاقتناع الذاتي بعيدا عن أساليب التلقين التقليدي الذي أثبت فشله في تكوين الشخصية القادرة على التمييز والتصحيح.
بحوث المؤتمر كانت متنوعة وشاملة لمختلف الأسباب والمجالات والآثار الخطيرة لهذه الظاهرة.
هناك ما يشبه الاتفاق بين الباحثين والمشاركين على تنزيه الإسلام عن كل شائبة من هذا القبيل، وتحميل القوى الدولية التي ساعدت على صناعة البيئة الحاضنة للإرهاب من خلال استخدام القوّة الظالمة لقهر الشعوب واستفزازها، والكيل بالمكاييل المنحازة بشكل واضح لكل القوى المعادية لهذه الأمة. ولم ينس الباحثون الخلل الداخلي المتمثل بتراجع مستوى الوعي وضعف آلية التفكير السليم والتعامل العلمي والمنهجي مع نصوص التراث.
إن بادرة بهذا المستوى من شأنها أن تفتح الباب لدراسات معمقة لتحليل الظاهرة وسبر خلفياتها وأبعادها، بعد أن أصبحت ظاهرة مقلقة ومتجاوزة لردة الفعل المتوقعة على العدوان الخارجي إلى ما يشبه الحريق العام الذي يحرق الظالم والمظلوم، الجلاد والضحيّة، ولا يسلم من شرره بعيد أو قريب مهما كان رأيه وموقفه! إن المعالجة الأمنية لوحدها تبدو قاصرة في مواجهة أمواج الإرهاب الأعمى، الذي يأخذ وقوده من شباب الأمة الذين كان من الممكن أن يكونوا في المكان الأفضل والأنفع لأهلهم ومجتمعهم ووطنهم.
إن الالتفات إلى الدور العلمي والتربوي والثقافي بات اليوم ضرورة، ليس للحد من العمليات الإرهابية فحسب بل لحماية الشباب قبل هذا من أن يكونوا وقودا رخيصا لهذا الحريق.
إن التعليم الديني هو الأقدر -لو أتيحت له الفرصة الكافية- على تحصين هؤلاء الشباب ومدّهم بأسباب الحصانة والمنعة، والإجابة على تساؤلاتهم الدينية الحرجة قبل أن يتلقفوا الإجابة عنها من سراديب الأرض.
حقيقة، إن التعليم الديني المعاصر ليس له صلة بالإرهاب، لكنه -وفق برامجه الضعيفة والتقليدية- قد ترك فراغا واسعا وثغرات مفتوحة للشيطان.
إن الخطاب الصريح والواضح والمبسّط لدعاة الإرهاب كان الأقدر من كل المناهج التعليمية المعتمدة في مدارسنا وجامعاتنا على الوصول إلى عواطف الشباب وتشكيل الدوافع الذاتية لديهم للانخراط في هذه المحرقة دون تردد.
وإذا علمنا أيضا أن هذا الخطاب قد استند بشكل مكرر ومؤكد على النصوص الدينية والتراثية، فإننا أمام مسؤولية كبيرة تقع على كاهل التعليم الديني قبل غيره. هذا حينما نتكلم عن مسؤولياتنا الداخلية تجاه شبابنا ومجتمعاتنا، أما حينما نتكلم عن تشخيص شامل ودقيق لظاهرة الإرهاب فإن الذي يتحمل وزرها الأكبر إنما هو النظام الدولي و «الحكومة العالميّة» التي ملأت الدنيا بالظلم والإحباط والطائفية والفوضى والضياع والخراب.
إن إدانة الإرهاب الأعمى والسكوت عن كل هذا الإرهاب المنظّم دوليا وطائفيا يخل بمصداقية هذه الإدانة من الأساس.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

391 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع