د.سعد العبيدي
كان بالامكان من الناحية المهنية تهيأة الاثباتات التي تدين بعض حمايات السيد وزير المالية قبل الشروع بعملية الدهم التقليدية التي حصلت أواخر شهر كانون الاول الماضي وأغضبت الوزير والجمهور الذي ينتمي اليه طائفيا وعشائريا، وكونت أزمة.
هذا واذا ما أردنا السير الى النهاية في الجوانب المهنية بمثل هكذا مسائل حساسة يمكن القول ان الحل الاقل اثارة للتحسس السياسي الطائفي لها ولمثلاتها هو المراقبة الدقيقة للمشبوهين والقاء القبض على من يقوم منهم بالفعل الارهابي متلبسا، وتنسيق بعض الاجراءات المتخذة مع صاحب الشأن "الوزير" أسلوب وبالاضافة الى رصانته القانونية سيجنب العمل به قادة الحكومة، أخطاء المنفذين التي تنعكس على ادارتهم للدولة والمجتمع، ويحول دون حساب أخطائهم الفردية "الشخصية" على كبارها "الحكومة"، والاهم تجنيب البلاد اشعال نار فتنة بقيت مغطاة برماد خفيف منذ العام 2007.
وكان بامكان السيد وزير المالية تجنب توجيه الاتهام المتلفز بالانحياز الطائفي الى السيد رئيس مجلس الوزراء بالطريقة الجارحة، وبدلا من التسرع في توجيهه، السعي لكتابة الموضوع بأجواء هادئة، وبعبارات نقد مختارة، لا يكسب بها السنة والانباريين فقط، فريق مقابل آخر، بل والعديد من الشيعة الراغبين في السير مع الفريق، ويحول دون تطاير طبقة الرماد التي تغطي نيران الفتنة.
وكان بامكان عضو البرلمان السيد العلواني الذي وصل حلبة الاحتجاج الانباري أولا، عدم اللجوء الى اطلاق عبارات قاسية بطريقة منفعلة، فهمت ببساطة تعميما على أهل الشيعة، خَسرتّهُ موقفا داخل قبة البرلمان، وفرصا في كسب المؤيدين لموقفه من خارج الحلبة، وازاحت ما تبقى من طبقة الرماد على جمر الفتنة.
وكان بامكان الجمهور الانباري أن يحتج بطريقة لا يغلق فيها طريقا، ولا يخرب فيها عمودا. ينفتح على كل العراقيين، يفاوض المسئولين، يجلس مع السيد صالح المطلق المعروف بمواقفه المعارضة، يتكأ عليه وعلى غيره من المسئولين والوجهاء في ايصال مطاليبه الى الحكومة، ومن ثم لا يسمح لادوات الفتنة ان تطلق رصاصا يوقد نار الفتنة التي يصعب أيقاف سعير اطلاقها.
الفتنة سلاح سهل يلجأ اليه الضعفاء، يصعب السيطرة عليه والتحكم بمتغيراته، نتائج استخداماته كارثية على جميع الفرقاء بضمنهم مستخدميه.
وبالمقابل فالعقلنة سلاح صعب الاستخدام، يلجأ اليه الاقوياء والحكماء الواثقون بأنفسهم، السياسيون الجادون بعمليات بناء أوطانهم.
وخاتمة القول أن الفتنة في عراقنا الآن، قريبة جدا من الحدوث بسبب كثر المستخدمين، وتعدد الجهات الاجنبية الساعية الى ايقادها من جديد، ومع هذا فما زال الوقت ميسورا لتجنبها، باللجوء الى العقلنة في كل مجالات السياسة والامن والاجتماع.... أمر لابد من السير على نحوه قبل فوات الاوان.
847 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع