د.طلعت الخضيري
جلسات تحضير ألأرواح ألحلقه -١٤
شجره ألدر
ألمقدمه : إخترت اليوم ألسيره ألذاتيه لإمرأه ،إستطاعت أن تحكم مصر لمده محدوده ، وسجلت صفحات من التأريخ ، كما حدث ذلك من قبل مع كليوباترا ، فمن هي ؟ وكيف أتاح لها ألقدر أن تحكم مصر؟
س- ألسلام عليك ورحمه الله ، نرحب بك اليوم وقد لعبت دورا في تأريخ أرض الكنانه ، تفضلي واسردي لنا أسطورتك.
ج- أنا إسمي شجره ألدر ، ولقبت بعصمه ألدين أم خليل ، خوارزميه ألأصل ، ومن ألمحتمل إنني كنت أرمنيه أو تركيه ، تأريخ ولادتي أجهله ، تأريخ وفاتي سنه 1257م أي قبل سنه من سقوط بغداد بيد ألمغول ، كنت جاريه ، إشتراني ألسلطان ألصالح نجم ألدين أيوب ، حاكم مصر، وكانت مصر جزئا من ألدوله ألعباسيه وعاصمتها بغداد ، وحضيت عنده بمكانه عاليه حتى أنه أعتقني ثم تزوجني ، وذلك قبل أن يتقلد حكم مصر.
س- هل كنت تعيشين دوما مع زوجك في مصر؟
ج- كلا ، فقد تم سجن زوجي قبل زواجنا ، و قبل أن يكون سلطانا ، في مدينه ألكرك (ألأردن أليوم) وذلك سنه 1239م ورافقته في سجنه ، وأنجبت له ولد سميناه (خليل) ، ولقب بالملك ألمنصور ، وبعد أن أطلق سراح ألسلطان وعاد إلى مصر ، رافقته أيضا ثم تزوجني ، وعندما صار سلطانا على مصر سنه(1240م) كنت أنوب عنه في ألحكم، عندما يكون خارج مصر.
س- هذا يعني إنك كنت على درايه في ألحكم ، وفي موضع ثقه زوجك .
ج- نعم لقد أصبت في كلامك ، وكنت موضع احترام مستشاريه وقواده أيضا ، وحدث أن كان ألسلطان ألصالح أيوب في ألشام ، في شهر نيسان( 1249 ) ، وهو يحارب ألملوك ألأيوبيون ألذين كانوا ينافسوه في ألحكم ، عندما وصلته ألأخبار أن ملك فرنسا (لويس ألتاسع ) يتواجد في قبرص ، وفي طريقه لاحتلال مصر على رأس حمله ضات صبغه دينيه وكانت ألسابعه ، وسيتجه إلى ألنزول بالقرب من مدينه دمياط ، شرق ألفرع ألرئيسي للنيل ، وذهب زوجي ألسلطان إلى تلك ألمنطقه يعزز دفاعاتها ، ويرسم خطط ألقتال.
س- وهل كانت هناك فعلا حمله عسكريه ؟
ج- نعم فقد نزل فرسان وجيش تلك ألحمله ألسابعه ، على شاطىء دمياط ، وانسحبت ألعربات ألعسكريه ألتي كان قد وضعها زوجي للدفاع عن المدينه ، بدون إذن منه ، فتم احتلال ألجيش ألغازي لمدينه دمياط بسهوله ، وخصوصا أنها كانت خاليه من سكانها, وعاقب ألسلطان من هرب من رجال ألعربات وتركوا المدينه ، بإعدام بعضهم ، بسبب جبنهم وخروجهم عن أوامره ، وانتقل ألملك ألصالح إلى ألمنصوره ليكون مع جيشه ، فوافاه ألأجل في 23 نوفمبر سنه 1249 ، وبعد أن حكم مصر لمده عشر سنوات ،وفي لحظه حرجه من تأريخها.
واتفقت مع ألقاده على إخفاء خبر موته ، حتى لا تضعف معنويات ألجيش , ونقلت سرا جثمان ألملك ألراحل على مركب إلى ألقاهره ، ووضعته في جزيره ألروضه ، وأمرت بإخفاء ألخبر ، وادعيت مرضه ، وكنت أدخل وجبات ألطعام إلى ألغرفه ألتي حفظ بها ألجثمان لأخفي حقيقه موته ، وادعيت أنه لايستطيع مقابله أحد ، وكان ذلك العمل بموافقه قاده ألجيش.
ولم يوص ألملك ألصالح في حياته من سيتولى ألحكم بعد وفاته ، فأرسلت في إستدعاء إ بنه(توران شاه) ، وكان ألملك ألمتوفي أعطاني ، قبل موته ، أوراقا على بياض ، لأتصرف وأستعملها في تصريف ألحكم في حال وفاته.
فبقيت أنا وبمساعده (ألأميرفخر ألدين) ومن معه ، ندير أمور ألدوله ، في إنتظار تنصيب ألأمير (توران شاه.).
س- لقد تصرفت بحكمه بحكم ظروف ألحرب ، وتواجد ألجيش ألغازي على أرض مصر ، إنني متشوق لسماع ماحصل للحمله ألأجنبيه.
ج- وصل خبر وفاه ألملك ألصالح إلى ألعدو، بطريقه لازلت أجهلها ، رغم إجرائات ألتكتم ألتي سبق وأن ذكرتها. ووصلت إلى دمياط إمدادات أخرى من ألجيش ألفرنسي ، يقودها أخ ألملك (ألفونس ده بواتييه) فتشجع ألعدو وقرر ألسير نحو ألقاهره ، فاتجهوا نحو ألمنصوره ، يقودهم أخ للملك هو(روبر دارتوا) ، فهجموا بهجوم مباغت على ألجيش ألمصري ، في معسكرهم في (جديله) ، ألتي هي على بعد 3 كيلومترات من ألمنصوره ، وفجعت بمقتل (ألأمير فخرألدين يوسف) في جديله.
وهربت ألعساكر ألتي باغتها ألهجوم ألغير متوقع ، والتجأت إلى ألمنصوره.
س- لقد كانت خساره كبيره لكم ، فماذا حدث بعد ذلك ؟ هل آمنتم بالقضاء والقدر، وحاولتم أن تعقدوا صلحا مع جيش ألعدوألمنتصر؟
ج- لا تستعجل ألأمور ، و لا تبخس حقنا ، فقد عرض علي( ألأمير ركن ألدين ببيروس) خطه ، وكنت أنا ألحاكمه ألفعليه للبلاد ، وافقت عليها ، فنظمنا من جديد صفوف ألجيش ألذي كان قد إنسحب إلى داخل ألمنصوره ، وطلبنا من ألسكان إلتزام بيوتهم ، والسكون ألتام بها ، لندع ألجيش ألمهاجم يظن أن ألمدينه خاليه من سكانها ، مثل ماحصل في دمياط ، ونجحت ألخطه.
س- وضحي لي ما حصل أرجوك .
ج- دعني ألخص لك ماحصل .إندفع ألفرنسيون داخل مدينه ألمنصوره ، واتجهوا نحو ألقصر ألسلطاني بغيه إحتلاله ، وقد ظنوا أن ألمدينه كانت قد خلت من سكانها ، فخرجت لهم ألمماليك ألبحريه وألمماليك ألجمداريه فجأه ، وهاجموهم من كل ناحيه بالسيوف والسهام ، وخرج سكان ألمنصوره والمتطوعون، يقاتلوا ألجيش ألمحتل بكل شجاعه وحماس ، فحاصروا ألقوه ألمهاجمه ، واغلقوا ألشوارع والحارات لمنع إنسحابهم ، وانتهت ألمعركه بالنصر ، وقتل أخ ألملك( روبر دارتوا) ،وتم فيما بعدذلك أسر ملك فرنسا (لويس ألتاسع) وسجنه في أحد بيت ألمنصوره.
أدى ذلك ألنصر إلى قوه ونفوذ ألمماليك ألبحريه ، لما أظهروه من شجاعه وشيمه في القتال ، وهم يدافعون عن بلدهم مصر ، كما زاد قدر ألقاده ( ببيروس ، وعز ألدين أيبك ،وقلاوون).
.
س- ماذا تم بعد أن أعلن وفاه ألسلطان ألصالح بعد إنتهاء ألمعركه؟
ج- تم تنصيب إبنه(توران شاه) سلطانا خلفا لوالده ، ولكنه بدل أن يحفظ لي ألجميل بدأ يهددني ، ويطالبني بمال أبيه ، وكنت أجيبه إنني أنفقته في شؤون ألحرب وتدبير أمور ألدوله،وقد رأيت من ألمستحسن أن أبتعد عن بطشه وغدره فذهبت إلى ألقدس .
ولم يكتف( توران شاه) بعدائي بل شمل حنقه وغيظه أمراء ألمماليك
بعد أن أبلوا بلاء حسنا في في ألدفاع عن بلدهم، وقد تبدل وضعهم ألإجتماعي ، ولم يعودوا أداه لمن يستخدمهم لتحقيق مصلحته ، أو نيل هدف ، فصاروا أصحاب ألكلمه ألأولى في ألبلاد و مقاليد ألأمور ، وبدأ توران يفكر بالتخلص منهم غير أنهم كانوا أسبق منه في ألمعركه وأسرع منه في ألإعداد ، فتخلصوا منه بقتله على يد أقطاي.
س- وكيف سارت ألأمور بعد مقتل ( توران شاه).
ج- لقد تم حكم القدر على هلاكي . فبعد مقتل توران شاه ، وجد ألمماليك أنفسهم في وضع جديد فهم أصبحوا أصحاب ألكلمه ألأولى في ألبلاد ، وجميع مقاليد ألحكم بأيديهم ، ولم يعودوا أداه في يد من يستخدمهم. لتحقيق مصلحته ، أو نيل هدف ، وكان ألخليفه ألعباسي في بغداد قد فقد ألسلطه ألفعليه على مصر ، فكان ألمماليك هم ألذين يختارون سلطانا جديدا لمصر ، وبدلا من أن يختاروا واحدا منهم لحكم ألبلاد ، تم اختياري وتنصيبي سلطانه مصر، وسكوا ألعمله وكتبوا عليها(ألمستعصميه ألصالحيه ، ملكه ألمسلمين، والده خليل أمير ألمؤمنين).
س- وهل إستطعت تمشيه أمورألدوله وأنت إمرأه؟
ج- بكل تأكيد ، لقد أحكمت إداره شؤون ألدوله ، وأول أعمالي هي تصفيه ألوجود ألأجنبي على أرض مصر ، فاتفقت مع ألملك لويس ألتاسع ، ألذي كان أسيرا في ألمنصوره ، على تسليم دمياط وإخلاء سبيله ومن معه من كبار ألأسرى ، مقابل فديه كبيره كانت ثمنمائه ألف دينار ، وتعهد بعدم ألعوده إلى سواحل ألبلاد.مره أخرى.
س- وهل دام الحكم لك؟
ج- بالرغم إني أبديت مهاره وحزم في إداره شؤون ألدوله ، وكنت دائما أحاول ألتقرب إلى ألعامه ، وأغدق ألأموال والإقطاعيت على كبار ألأمراء ، لكن كانت هناك معارضه شديده داخل ألبلاد وخارجها ، وخرج ألمصريون في مضاهرات غاضبه تستنكر حكم إمرأه لمصر ، وعارض علماء ألدين ولايه وحكم ألمرأه ، وعدوه مخالف للشرع ألإسلامي ,وقد ثارت ثائره ألأيوبيون في ألشام لمقتل توران شاه ، كما رفضت ألخلافه ألعباسيه في بغداد ذلك ، فكتب ألخليفه ألعباسي ألمستعصم ، وكانت أواخر أيام حكمه ، ونهايه ألدوله ألعباسيه (إن كانت ألرجال قد عدمت عندكم فاعلمونا حتى نسير لكم رجلا).
س- إذا هل تمكنت من ألصمود أمام تلك ألمعارضه؟
ج- وجدت حلا آخر، فلقد تنازلت عن الحكم إلى ألأمير ( عز ألدين أيبك )، وتزوجته ، فكنت ألزوجه ألمشاركه له في ألحكم ، وجعلته يخضع لسيطرتي ، وأرغمته على هجر زوجته ألأولى ، أم ولده علي، وحرمت عليه زيارتهما ، وساعدته على ألتخلص من( فارس ألدين أقطاي ) بقتله ، وكان ذلك ألقائد يعد من أشرس وأقوى قاده مصر.
س- وهل خضع لك زوجك دوما؟
ج- إن زوجي أيبك إنقلب علي بعد أن سيطر على ألحكم ، وتخلص من منافسيه في ألداخل ، وأعدائه من ألأيوبيين في ألخارج ، فبدأ بخطوات ألزواج من أبنه(بدر ألدين لؤلؤ)صاحب ألموصل ، فقررت ألتخلص منه ، وأرسلت أسترضيه وأتلطف معه وأطلب عفوه ، فاستطعت أن أخدعه ، واستجاب لدعوتي ، فزارني في ألقلعه فلقى حتفه ، وذلك في سنه 1257.
س- وماذا فعل ألمماليك عندما فقدوا أهم قائد لهم ,وحاكم بلدهم؟
ج- لم يصدقوا ما أشعته ،أنه قد توفى وفاه طبيعيه ، فقبضوا علي ، وحملوني إلى بيت إمرأه زوجي(أم علي) ، ألتي أمرت جواريها ، بعد أيام قليله ، بقتلي فقاموا بضربي بالقباقيب على رأسي ، وألقوا بي بعد موتي من فوق سور ألقلعه ، ولم أدفن إلا بعد أيام.
س- أليس من ألمؤسف ، وأنت صاحبه ألفضل على مصرفي حربها مع ألغازي ألأجنبي ، إنك لم تحافظي على مجدك؟
ج- هذه سنه الحياه وأطماع ألبشر ، وكما يقول ألمثل لديكم
(لو دامت إلى غيرك لما وصلت إليك).
س- صدقت والله ، فكم من أخطاء إقترفها قاده كبار أودت بحياتهم
وأنتجت خراب دولهم ، ندعو لك ألرحمه والمغفره يوم ألحساب.
644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع