علياء الكندي
في العام الماضي ، وبعد تفكير وصعوبة في اختيار الأفضل، قررت أن اسجل ابني الوحيد يوسف ذو الاربع أعوام في إحدى المدارس العربيه في مدينتنا. ليذهب لها مره في كل عطلة نهاية اسبوع.
رغم أن الموضوع لم يكن سهلاً .. فأنا طبيبه اعمل ساعات طويله طوال الأسبوع وبدل أن ارتاح واقضي الوقت مع ابني آخذه إلى المدرسه العربيه التي تبعد مسافة 40 دقيقه عن مكان سكننا.
لكن حبي ، لا بل عشقي، للغه العربيه ، وحلمي القديم بأن اكتب روايه وان استمر في كتابة المقالات. والكتب العربيه الكثيره التي تملؤ بيتنا. دفعتني أن اتخذ القرار. فأنا أريد أن يقرأ ابني ما اكتب وينتقده أو يفتخر به. أريده أن يعشق السياب والجواهري وان يهدي حبيبته قصائد نزار قباني. أريده أن يطرب على صوت حسين نعمه وقحطان العطار وام كلثوم كما أفعل انا.
المهم، اتخذت القرار وذهبت إلى المدرسه. النقطه الوحيده التي تخوفت منها هي درس الدين !!
خفت كثيراً ان يتعلم ابني الدين بطريقه خاطئه، خفت أن يخبره أحدهم انه ومن مثله سيدخل الجنه وان الباقين في النار. خفت أن يتعلم كره الآخرين باسم الدين و تكفير الآخرين. خفت كثيرا حتى أني تحدثتُ مع مدير المدرسه بهذا الشأن ووعدني أن كل ما سيتعلمه يوسف هو معنى دين الإسلام ولن يغوص في اي تفاصيل.
فكرت ان يوسف في مدرسته الإنكليزية التي يذهب لها كل يوم يتعلم أشياء عن ديانات أخرى كالمسيحيه والبوذيه واليهودية وغيرها. فلا ضير أن تعلم شيئاً عن الإسلام. فكل ما أريده منه هو أن يعرف بعض الشيء عن كل شيء ومن ثم يختار ديانته التي يراها مناسبه. كل ما أريده هو أن يعرف أن كل الديانات هدفها المحبه وتقبل الغير وأنه لو اختار إحداها فهذا لا يعني أن البقيه على خطأ.
وفعلا بدأ المشوار. واستمتع يوسف جدا بتعلم العربيه واتقنها خلال أشهر قليله. وأصبح يعد الأيام ليوم السبت كي يذهب إلى مدرسته العربيه.
في الشهر الماضي، استلمت رساله من المدرسه تقول ان هناك امتحان نصف السنه، تزامن هذا مع تحضيرات عيد الميلاد المجيد في المدرسه الإنكليزية. حين يقوم الأطفال يترتب شجرة عيد الميلاد ويشاهد افلام الكارتون عن السيد المسيح ليتعرفوا عليه وعلى قصته ويمثلون المسرحيات.
جلست انا ويوسف اراجع له مادة المدرسه العربيه .. كان يعرف جميع الحروف وتمكن من قراءة جميع الكلمات فلم يكن علي أن اصرف مجهودا كبيراًً.
فانتقلت إلى مادة الدين. نظرت في دفتره فوجدتهم قد علموه سورة الفاتحه وعقيدة المسلم (الله ربي . محمد نبيي)
فسالني يوسف : ( who is mohammed ) من هو محمد ؟
بدأت اشرح له عن محمد. أخبرته أن الله قد اختاره لأنه شخص جيد وأمين ليصل رسالة الله .فسالني ما هي رسالة الله . قلت له أن محب بعضنا وان نساعد بعضنا وان نصدق ولا نكذب ولا نسرق ولا نؤذي أحد.
وان محمد قد اوصل هذه الرساله وساعد الناس.
قال يوسف: did everyone belive him ? هل صدقه الجميع ؟؟
فقلت لا . هناك من صدق به وساعده وهناك من لم يصدق. لكنه لم يؤذي أولئك الذين لم يصدقوه بل ترك لهم حرية الاختيار لطالما لم
يؤذوا أو يظلموا احداً .
ابتسم يوسف ابتسامه ذكيه وتامل قليلاً ثم قال :
mummy, do you know what?? I think Mohammed and Jesus were best friend !!
ماما، اتعلمين ؟؟ اعتقد ان محمد وعيسى كانا صديقين مقربين.
ربط يوسف بين ما تعلمه عن المسيح(ع) وبين ما أخبرته عن محمد(ص) واستنتج أن هدف الاثنين كان واحدا.
اسعدتني جداً تلك الخلاصه التي استنتجها يوسف. يوسف الصغير ذو الاربع أعوام بقلبه الطاهر وعقله النظيف توصل إلى ما لم يتوصل له الكبار من ولاة الأمر.. !!
ليتنا يا يوسف بقينا جميعاً أطفالا مثلك ... ربما لكًنا الآن نعيش بسلام في وطن يسعنا جميعاً كاصدقاء مقربون... مثل محمد وعيسى...
359 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع