خالد حسن الخطيب
تعتبر مملكة السويد من أكثر الدول الأوروبية المرغوبة عند طالبي اللجوء العراقيين والسوريين بسبب سرعة إجراءاتها في منح الإقامة، وسهولة قوانينها بما يخص سرعة لم الشمل، بالإضافة لراتب اللجوء الذي يعتبر من أعلى الرواتب التي تمنح للاجئين في أوروبا.
ولكن بالرغم من هذه الإيجابيات إلا أن مناخها القاسي يدفع بالكثيرين لإعادة التفكير بشأنها؛ حيث أن السويد معروفة ببرودة الطقس الشديدة وكذلك بطول مدة الليل في معظم أشهر السنة، ففي العاصمة استوكهولم يبلغ طول النهار أكثر من 18 ساعة في أواخر حزيران، وينخفض إلى حوالي 6 ساعات فقط في أواخر كانون الأول .ً
اما عن رعاية المسنين فان التكلفة الكلية لرعاية المسنين في السويد بلغت 14 مليار دولار امريكي و 3% من الكلفة يدفعها المريض نفسه . وقد تظاعف عدد الشركات الخاصة التي تعمل في قطاع الرعاية الاجتماعية الى اكثر من خمسة مرات بين عامين 1995 – 2005 . كما يحصل المسنون و ذوو الاحتياجات الخاصة ايضا على خدمات النقل والمواصلات في سيارات الاجرة والعربات المكيفة خصيصا حيث في عام 2010 تم القيام بحوالي 11 مليون رحلة داخلية عبر البلاد وبمعدل 34 رحلة لكل شخص معوق . لذلك فان الحكومة السويدية تستنزف الكثير والكثير من اموال الدولة وتقوم بتشغيل جيوش مجيّشة مؤلفة من الاف الايدي العاملة وتستعين بمؤسسات الدولة العاملة في قطاع الخدمات العامة . لذلك فمن الواضح جدا ان المجتمع السويدي الذي يتالف من عشرة ملايين نسمة يشرف على ازمة اجتماعية واخلاقية كبيرة فهناك اكثر من مليون وستمائة مواطن سويدي تجاوزوا سن ال 65 يحتاجون الى مساعدات اجتماعية ومادية وخدمية لذلك تعتقد الحكومة السويدية وعلماء الاجتماع والمختصون ان هناك اسلوبين لحل هذه الازمة القاتله هناك اما بتغير نظرة المجتمع للمسنين واثارة العطف عند العائلات والافراد من اجل التواصل مع هؤلاء كبار السن او استقدام ايدي عاملة اجنبية رخيصة تهتم بالمسنين و مع الاسف فقد فشل كلا الحليين .
اما في مجتمعنا العراقي فتعتبر ظاهرة دور العجزة والمسنين غريبة ودخيلة على المجتمع العراقي خصوصا اذا ما اخذنا في الاعتبار تعاليم ديننا الحنيف الذي يحث على بر الوالدين والاحسان لهما حتى بعد مماتهما . فقلوبنا تتفطر عندما نرى رجل مسن او امراة كبيرة او انسان معوّق يحتاج الى مساعدة فيهب الصغار قبل الكبار لمساعدة هؤلاء الاشخاص .
وفي اواخر عام 2016 حدّثني صديقي عن قصه حقيقة حدثت في بغداد وما زالت احداثها وفصولها مستمرة الى يومنا هذا , حيث لا يمكن للعقل البشري ولا لعقل حكومة وشعب مملكة السويد من استيعابها على الاطلاق , فقد تقدم طالب جامعي من فتاة في نفس الكلية وقرروا قراءة سورة الفاتحة على ان يكون الزواج والارتباط بعد التخرج وايجاد العمل المناسب , واثناء احداث عام 2007 المؤلمة التي حدثت في بغداد وبينما كانت الفتاة تنتظر خطيبها خارج اسوار الكلية حدث انفجار بسيارة مفخخة قتلت وجرحت الكثير وقد اصيبت الفتاة بشظية قاتلة ادت الى اصابتها بالشلل التام في ساقيها بنسبة 100% وبعد عدة محاولات فاشلة ومكلفة ماديا في مستشفيات تركيا المتطورة ايقن الشاب والفتاة ان لا امل بالشفاء و ان هذا العوق سيبقى مدى الحياة مع الفتاة .
قرر الشاب بعد تخرجه من الكلية بالزواج من هذه الفتاة المقعدة وكان هذا القرار الذي اتخذه هذا الشاب من اصعب واعقد قرارات الدنيا لان المسئلة ليست بالسهلة وليست بالميسّرة وليست بالتي ستنحل بمرور الزمن بل ستتعقد و ستتأزم وتزداد صعوبة مع مرور الايام لكن اصرار الشاب واخلاقة الرفيعة وحبّه لله جعلته يتمسك بالفتاة وهي في هذه الصورة وفعلا تقدم الشاب الذي يمتلئ صدره بالايمان وحبّه للتظحية ومخافة الله للزواج وقد نذر نفسه لهذه الانسانه التي لا حول لها ولا قوة وان يكون لها السند والزوج والحبيب . وقد جلب لها ما تحتاجه في حياتها اليومية واشترى لها كرسي حديث ومتطور خاص للمقعدين ذووي العوق الكبير وجلب المستخدمين من الاناث من جنوب شرق اسيا ودفع رواتب هؤلاء المستخدمين بالعملة الصعبة وبشكل مغري حفاظا على نظافتها وسلامتها ومستلزماتها الاخرى . وبعد مرور سنوات من هذا الزواج المبارك انجبت زوجته المقعدة صبي جميل مما جعل الشاب يتمسك بها اكثر واكثر . فلا عجب اني اجد شباب المجتمع العراقي صغارا و كبارا في الشارع او الاماكن الاخرى يتسابقون ويتهافتون لخدمة كبار السن وذوّي الاحتياجات الخاصة واني على يقين لو يعلم الشعب السويدي برمته كيف يتعامل مجتمعنا مع من ابتلاه الله بالعوق ويسمع قصة هذا الشاب العراقي الشهم ذو الاخلاق الرفيعة فسيتهافت ويطلب الشعب السويدي بأكمله حق اللجوء الانساني في العراق لما يتمتع به شعب العراق من قيم و الاخلاق وغيرة وشهامة .
3236 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع