صالح الطائي
بعد أن قرفت من الكتابة في السياسة وقراءة ما يكتب فيها وعنها، قررت أن أنأى بنفسي قليلا لأبحث في قديم الدفاتر عما يبعدني عنها ولو مؤقتا، وفي سويعات الفراغ هذه تذكرت صديقا سألني عن اسم والدي رحمه الله: ما معنى عبد؟ ولماذا عبد وحدها دون إضافة، فقررت الكتابة جوابا له ومعلومة لغيره...
يستغرب البعض من وجود اسم (عبد) غير مضاف إلى المحمود أو العزيز أو الرحمن أو الباسط وغيرها مثلما هو اسم والدي رحمه الله. والظاهر أن هذا الاسم قديم قدم العرب، في حالتيه مجردا أو مضافا، ومن إضافاته الجاهلية المشهورة:
عبد شر الحميري الذي أبدل رسول الله(صلى الله عليه وآله) اسمه إلى عبد خير
وعبد ربه بن المرقع بن عمرو بن النزال السعدي وكان اسمه عبد العزى
وعبد اللّه بن عثمان بن عامر (الخليفة أبو بكر)وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة
وعامر بن عبد عمرو، وعامر بن عبد غنم، وعامر بن عبد قيس، وعبد الله بن عبد مناف، وعبد الله بن عبد المدان.
ولما كان حديثنا عن المجرد من تلك الأسماء، فأنا بالرغم من عدم عثوري على أحد من ىالصحابة يحمل اسم عبد، إلا أني وجدت بينهم عددا لا بأس به ممن كان اسم أبيه (عبد) مثل:
الأحوص بن عبد بن أمية، وبشر بن عبد، ويزيد بن عبد، وعبد الله بن عبد، وعبد الله بن عبد بن هلال، وعبد بن جحش، وعبد أبو الحدود الأسلمي، وعبد بن زمعة بن قيس؛ أخو أم المؤمنين سودة، وعبد بن قوال بن قيس، وعبد بن قيس بن عامر، وعبد المزني والد يزيد بن عبد.
ولم يكتف العربي بعبد وحده بل استخدموا تصغيره أيضا (عبيد)، وهو أكثر شيوعا من عبد، ليس في الأزمنة القديمة فحسب، وبل وفي عصرنا الراهن أيضا، تجده مستخدما في الأرياف والمناطق الشعبية في العراق، وفي المناطق الحضرية في لبنان ومصر وسوريا والأردن والخليج، وهو الآخر كان مستخدما قبل عصر البعثة فكثير من الصحابة كان آباؤهم يحملون هذا الاسم مفردا أو مضافا مثل:
ثابت بن عبيد الأنصاري، وطلحة بن عبيد الله، وعباد بن عبيد
وبالتالي لا أجد غرابة في أن يكون هذا الاسم في سلسلة نسبي، وعند اقرب الناس إلي وهو والدي رحمه الله، فهو اسم عربي تاريخي، يعود إلى أزمنة العرب السحيقة في جاهليتهم، وموروث يعتز به العرب قديما وحديثا.
إذا ما الضير من اسم: عبد وعبيد وعبود وعبادة وعبدان ضمن أسماء التعبيد الشائعة في مجتمعنا العربي منذ القدم؟
وبالمناسبة أنا أعتز كثيرا باسم والدي (عبد) لأنه كان حرا لا تأخذه في الله لومة لائم، لم يهادن ولم يتنازل عن حق، وكان كريما رءوما رحيما بأهله وجماعته، حتى أنه جاهد سنين طوال ليشرك أقرباءه في بستان من إرثهم، ولم يتراجع إلى أن حقق مراده، وأشركهم معه.
المصادر
الاستيعاب لابن عبد البر
أسد الغابة لابن الأثير الجزري
الإصابة لابن حجر
2859 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع