حسن ميسر صالح الأمين
السادة الكرام :
(وتلك الأيام نداولها بين الناس)
تحية وتقدير :
ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال ولفترة ليست بالقليلة وأنا أراقب تصرفات البعض وليسوا سواء فاكثرهم المخلصون ومنهم القلة القاسطون ، فأما المخلصون فأولئك الذين تحرّوا رشدا وهم الأوفياء والمؤمنون حقًا بوحدة العراق وأهله ويتطلعون لعودة نينوى والموصل وأهلهما إلى حضن العراق كما كانت تربطهم كل الوشائج والعلاقات الإجتماعية والإقتصادية والعسكرية وحب الوطن والدفاع عنه ووحدة المصير من زاخو إلى الفاو وبارك الله بهم ، وجميعنا يستذكر ولا يمكن له النسيان كم قاتل جنودنا من أهل نينوى والموصل دفاعًا عن البصرة والعماره وعن جبالنا في كردستان العراق وكم من دماء أهالي نينوى روت أراضي في مختلف محافظات العراق الشماء حيث لا تخلو عائلة من عوائل الموصل إلا ولها شهيدٌ أو جريحٌ أو أسير ولي في هذا المجال شهادة أدُلي بها أمام الله أولًا وأمامكم سادتي الأفاضل وهي أنني في عام 2009 قمت بزيارة إلى محافظة البصرة وهي الزيارة الأولى منذ 2003 ولم أدخلها من قبل وكان معي في الطائرة عددًا من الأجانب من ( روسيا ، ألمانيا ، أيطاليا وغيرهم) ، وما أن هبطت الطائرة وتوجهنا إلى موقع تفحص الجوازات وختم الدخول وسلمت جوازي ، فأخذ المنتسب بتفحصه لأكثر من مرة مع تبادل النظرات معي فأوجستُ خيفةً وسألته عن الأمر فقال لي (أسمك حسن ومن الموصل ولم تدخل العراق بتاتًا والآن قادم إلى البصرة - أمرك مُحير - فأجبته نعم ولكن قد تم إستبدال جوازي من (S إلى A) والآن هو أول دخولي به للعراق - أخي إن كنتم في البصرة لا تريدوننا نحن أهل الموصل أعد لي الجواز لألحق بالعودة قبل مغادرة الطائرة ، أقسم بالله العظيم خرج من موقعه وأستدار متوجهًا علّي وأخذني بالأحضان والعناق وقال لي أنتم المواصله على العين والراس ، محد حمى البصرة غيركم والله نجيكم مشايه إذا تعرضوا لسوء من أحد (كان يقصد جهة معينه) ونادى بأعلى صوته هذا مصلاوي ديروا بالكم عليه وأعطاني الجواز وواصلت إستكمال الإجراءات ولدى قيامي بنزع الحزام لغرض التفتيش قال لي المنتسب تفضل أنت مصلاوي والمصلاوي ما يتفتش ، بعد هذه الزيارة زرت البصرة أربع مرات وفي كل مرة بمجرد دخولي يقولون أجى بالمصلاوي يا مرحبا وهلا وهكذا ، وقد أثبتت الأيام وفاء هذا الشعب الحي تجاه نينوى والموصل من خلال دمائهم التي روت أرض الحدباء لتحريرها وخلاصها من ظلم الدواعش الأنجاس وما عديد قوافل الشهداء مع المواقف الإنسانية الكبيرة التي وقفتها هذه القوات مع الأهالي عند التحرير وتقديم المياه والمساعدات الغذائية للناجين والنازحين وغيرها من المواقف والمآثر ومنها على سبيل المثال لا الحصر كم من المرات شاهدنا عسكري يحمل على ظهره أمراة عجوز أو رجل كبير السن أو شخص مصاب أو مريض أو طفله تبكي خوفًا أو يقوم بدفع عربة ألمعاقين جسديًا أو يجعل من ظهرة المتعب جسرًا يعبر فوقه الأهالي صعودًا أو نزولًا من سيارات نقل النازحيين إلا شاهد إثبات على إصالة هذا الشعب الغيور وصورة تعكس واقع غيرته الوطنية الخالصة ، وجوهٌ تقطرُ إنسانيةً ونخوةً وشهامةً وغيرةً وطنية أصيلة لا تجدها إلا في العراقي الأصيل الغيور ، ومن حقنا جميعًا أن نفخر بها أمام الجميع ،
وأما القلة القاسطون وهم الجائرون العادلون عن طريق الحق من الذين أضلهم الله وأعمى أبصارهم وهم شرذمة من نفر ضال من المطبلين والمزمرين والراقصين على الجراحات والممجدين والمرآئين من الذين يبغون في الأرض فسادًا ويرومون أن يبقى شعب العراق عامةً وأهالي نينوى خاصةً لأهوائهم وما تشتهييه أنفسهم حطبًا وسعيرًا مستمر وهم يحاولون بشتى الوسائل والطرق إذكاء الطائفية المقبورة والإقتياد عليها وسرد أحاديث مشوهة وبعيدة عن الواقع ، فالكل يعرف أن العلاقة بين أهالي الموصل والقوات العسكرية قبل 2014 هي على العكس تمامًا الآن ويشهد الجميع ويفخر بتعاون أهالي نينوى والموصل منقطع النظير مع القوات العسكرية المحررة والكل تتطلع لتنهض الموصل من كبوتها بسواعد العراقيين الشرفاء وأستغرب محدودية تفكير البعض فيما ينشر على صفحات الفيس بوك أو يُعلق لدى الآخرين والبوح علنًا أن الموصل مقبلة على دمار وهلاك متناسين المنطق الذي يفرض نفسه وهو أن من قدم النفس والدماء وأغلى ما يملك ثمنًا لتحرير الموصل ليس بقاصرٍ على إعمارها وإعادتها إلى الحياة الطبيعية التي تستحقها ، نحن جميعًا نتطلع لأن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة أمان وإعمار وإزدهار لنينوى والموصل بأي طريقة أو وسيلة كانت ولكن ضمن السياقات الصحيحة التي لا تفقد للموصل وأهلها ما يستحقون ويُجذر إنتمائهم للعراق وأهله فبعد أن فشلت الطائفية التي زرعها من زرعها في نفوس البعض من العراقيين وأنتقلت إلى نينوى والموصل بغباء مدقع في سياسة من كان يحكمها ويدير شؤونها وقتئذ وفشلت كل محاولات الأقليم والتقسيم وغيرها وتسعى الآن جاهدةً وبكل ما أوتيت من قوة لتعود لتتصدر المشهد السياسي لنينوى وبنفس تلك الروح الطائفية والتصريحات التي كانت السبب فيما حل بالموصل من كوارث وويلات ، وكذلك وخلال أيام قلائل سابقة وردتني أكثر من 35 رسالة على الخاص تطلب الإنضمام والرأي إلى جهة معينة أخذت على عاتقها موضوع خاص يمس الموصل وأهلها بالصميم من الذين غلبتهم عاطفتهم الجياشة حبًا للموصل وسعيًا لتقديم الأفضل لها وفي الوقت الذي نشكر فيه الجهود التي يبذلها القائمين على هذا الأمر ، أرفض رفضًا قاطعًا هذا الأمر خشيةً أن يكون تمهيدًا لتقسيم العراق عملًا بخطة بايدن وخدمة لأسرائيل الكبرى وأمنها كما سمعناه من قبل ولا أرغب أن يكون أسمي ضمن من يحاول ويعمل على ذلك ومن ثم الإساءة للموصل وأهلها ويعرضهما إلى ما لا تحمد عقباه حيث أرى أن يد الله مع الجماعه ومن شذ شذ إلى النار وحيث أن تاريخ الموصل يزخر بأسماء شخصيات قدمت الكثير في خدمتها والعمل من أجلها ولا تزال هذه الأسماء موضع إحترام وتقدير لدى الجميع وكذلك هناك أسماء لأشخاص أساءوا للموصل وأهلها في أحداثها وأزمنتها العديدة (فلان شهد زورًا على فلان في محكمة المهداوي ، فلان خدم الأمريكان عند إحتلالهم ، فلان تعاون مع الاتراك قديمًا وصوت لإنضمام الموصل الى تركيا وفلان تصرف كذا اثناء فترة الحصار وهكذا ) وأرى على الجميع ضرورة فسح المجال للموصل لتنفض غبارها وتنهض من كبوتها وتداوي جراحاتها وتلملم أوصالها وليبدأ الجهاد الأكبر في عودة النازحين إليها وبدء إعمارها ولنرى ما ستحملة الأيام القادمة لها ومن ثم لكل حادثٍ حديث .
سادتي الكرام ، في الختام أرفق لكم الفيديوين التاليين والذي يعبر الأول أشد التعبير عن العلاقة الحميمية التي تربط أبناء الشعب الواحد خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها متطوعون من محافظات بغداد والجنوب ضمن ضمن قافلة الحريه في حملة (العيد في الموصل) وأحُكموا على هذا الشعب الحي عندما أختلطت مشاعر الحزن والفرح وتتقاطر الدموع عند دخولهم إلى الموصل بعد سنوات الفراق ورؤية مشاهد الدمار الذي حل بها وكيف غلب لقاء المحبة كل خطابات الكراهية ويعبر الثاني عن الضمير الحي والغيرة العراقية الخالصة لجنود عراقيين ينحنون لتبسيط النزول لأخواتهم الموصليات النازحات ويجعلون من ظهورهم المتعبة جسرًا للعبور ، وكلاهما يعبران ويختزلان الكثير من المعاني والحليم بالإشارة يفهم . عذرًا للإطالة ، ترجع نينوى اش ما طال بيها الحال ، وحق الله ترجع كل روابينا وتقبلوا إحترامي وتقديري .
8/7/2017
315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع