الشركات التجارية في العهد الملكي العراق

                                                

                             خالد حسن الخطيب


       الشركات التجارية  في العهد الملكي العراق

        

كان العراق في العهد الملكي يسير على خطط محكمة ومتوازنة نحو عراق صناعي وزراعي وتجاري متوازن . وكما معروف سابقا كان  العراق بلدا زراعيا فقط ولم تكن هناك شركات تجارية بل كانوا هناك تجارا يقومون بإعمال التجارة البسيطة وبصورة فردية ,لذلك قررت الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي بالانفتاح الكامل الى العالم الخارجي وتقديم كافة التسهيلات التجارية لذلك . ومن اشهر الشركات التجارية في بغداد ان ذاك هي شركة جورج ابراهيم سعد  اللبنانيه الجنسية ومقرها الام في بيروت وكان لديها فرع في بغداد في منطقة الباب الشرقي (  منطقة البتاويين )  وهم وكلاء شركة كلفينيتر الامريكية لصناعة الثلاجات ومكيفات الهواء  ,  وكذلك وكلاء شركة دكسن الامريكية لصناعات الطبخات حيث كان سعر الطباخ نوع دكسن ب 160 دينار عراقيا وهو اوتوماتيكي في كافة المراحل , وكذلك شركة  (فولستر وصباغ )  وهما شخصان الاول انكليزي والثاني عراقي وكان مقرها في نهاية شارع الرشيد قرب وزارة العمل القديمة او قرب اورزدي باك  وكانوا وكلاء شركة علاء الدين لصناعة المدافئ الانكليزية الشهيرة بعدها قامت شركة ( فولستر وصباغ ) بتجميع وإنتاج مدفئة علاء الدين بنفسها ولكنها اختلفت عن الاصلية حيث ان المدفئة الاصلية كانت الة رفع الفتيلة مثل الة رفع فتلة الفانوس ,  والمدفئة عندما بيعت اول الامر عام 1952 كان سعرها بخمسة دنانير ونصف وبعدها بسنتين ارتفع سعرها الى ستة دنانير وربع . اما شركة الجقمقجي  والواقعة في نهاية شارع الرشيد من جهة السنك فكان اختصاصها في استيراد وبيع اجهزة الراديو والكرامافون وملحقات الاجهزة الصوتية .  وكذلك شركة ( كتانة FA ) اللبنانية الجنسية وتستورد انواع السيارات وخصوصا الفولكس واجن وكذلك استيراد الادوية من الشركات  الامريكية والانكليزية وكذلك لديها فرع للمقاولات والبناء والهندسة .  ومن اشهر الشركات التي استوردت الغسالات الامريكية نوع ايزي ذات الحوضين لصاحبها المصلاوي من عائلة اليزبكي  والتي بيعت بسعر 110 دينار عراقي  وموقعها في الباب الشرقي , وكذلك وكلاء شركة هوفر للمكانس الكهربائية  وشركة هوت بوينت  وكلها تقع في الباب الشرقي . ولا ننسى عملاق التلفزيونات في ذلك الوقت وهي شركة باي  PYE الانكليزية والواقعة في شارع الرشيد ودخلت ايضا الى السوق العراقيه شركة جوزيف يساوي التي استوردت جهاز تلفزيون كان في وقته قمة الصناعة الالمانية وهي ماركة (   تلفونكن ) الشهيرة .
اما  بخصوص السيارات والماركات العالمية المشهورة فكانت شركة الدامرجي الواقعة في شارع الرشيد وكيلة شركة فورد للسيارات والمعدات الكهربائية لصاحبها عبد الهادي الدامرجي وكذلك شركة بيت لاوي اليهودية الوكيل العام لشركة شفروليت الامريكية ومقرها شارع الرشيد قرب منطقة السنك .

   

اما عملاق شركات نقل المسافرين في العهد الملكي العراقي فهي شركة نيرن لنقل المسافرين عبر الصحراء وكان مكتوب على العربات شركة نيرن عبر الصحراء وكان عند رجوعها او قدومها كانت العربات مغطاة بالغبار الاحمر دليل دخولها صحراء البادية في محافظة الانبار وكان خط سيرها (بغداد - بيروت ) و (بغداد – دمشق)  ونيرن هو اسم شخص نيوزلندي الجنسية قام بتأسيس شركة للنقل وكانت هذه الشركة تمتلك اسطول من عربة مقطورة تقوم بسحبها ماكينة كبيرة وكانت كل مقطورة تحمل ثلاثين راكبا ومكيفة الهواء حيث لا تفتح شبابيك العربة مطلقا وفيها عاملون لخدمة المسافرين على طول الطريق البري الصحراوي وتتحرك في مواعيد ثابتة ودقيقة لا تتأخر ولا تتقدم دقيقة واحدة مهما كانت شخصية الراكب او مركزه الاجتماعي وقد استحصلوا على امر من وزارة الداخلية لتأشير جوازات سفر المسافرين في دائرة جوازات مطار بغداد المدني ثم كمارك المطار حيث تقوم بتفتيش امتعة ركاب السيارة وكل ذلك يتم في مقر الشركة ثم يغلق باب العربة ويختم بالشمع الاحمر ولا تتوقف العربة في الطريق و العربة مجهزة بجميع وسائل الراحة من حمام وطعام جاهز مثل بوفية الخطوط الجوية وأول توقف لها في مدينة الرمادي في بناية على شكل قوس وبجانبه فندق يدعى فندق سمير وهو من الفنادق الدرجة الاولى في وقتها حيث كان يقدم جميع انواع المشروبات وألذ انواع الطعام وبجانب الفندق توجد دائرة الكمارك والجوازات ثم يأتي مسئول الجوازات ومأمور الكمرك لفتح الباب للاستراحة الاولى  ثم تواصل سفرها بعد غلق الباب وتدقيق الجوازات ويختم الباب بالشمع الاحمر لتواصل سفرها الى مدينة الرطبة للاستراحة الثانية  ثم تواصل سفرها اما الى بيروت او تتجه الى دمشق . وهناك شركات اخرى للنقل منها شركة الاقتصاد لصاحبها محمد علوان الدليمي وشركة الجيلاوي للنقل وكذلك شركة ( الانكرلي والتميمي)  وشركة الرافدين وجميعهم  في منطقة الصالحية وبسعر ستة دنانير للشخص الواحد لكن والحق يقال كانوا  لا يقدرون على منافسة شركة نيرن بسبب الخدمات الراقية  علما ان سعر تذكرة الشخص في شركة نيرن كانت باثنا عشر دينارا (12) وهو يساوي تماما  سعر تذكرة الطائرة من بغداد الى بيروت والسبب هي الخدمة الراقية والعربات  المحكمة الغلق حيث لا غبار يتسرب ومكيفة صيفا وشتاءا وسريعة الوصول والأكل الجاهز المتنوع  و عدد المضيفين . ومن اشهر شركات السجاد والمفروشات في بغداد  كانت شركة عبد الرسول علي الذي اصبح  رئيس غرفة تجارة بغداد في منتصف الستينيات فكانت  الاولى والمتميزة في استيراد السجاد والمفروشات من ايران وأفغانستان وروسيا . اما عملاق الجلود والأحذية الجلدية فكانت شركة باتا الجيكية ومقرها كرادة خارج وما زالت ولديها فروع في بغداد وبعض  المحافظات وكذلك شركة صادق محقق حيث يستورد الاحذية الايطالية والانكليزية واللبنانية وتقع في ساحة الملك فيصل الثاني والتي تغير اسمها الى ساحة حافظ القاضي . وكان هناك عملاق ومنتج للأحذية في العهد الملكي هو الارمني بطمانيان حيث اخذ امتياز لصناعة الاحذية واللوازم الجلدية للبلاط الملكي وقد وضع لافتة  كبيرة تشير الى هذا على  باب متجره  الذي يقع بجانب جسر الاحرار في جانب الرصافة حيث كان نوع الحذاء من الجلود الايطالية والفرنسية نوع روغان حيث لا يحتاج الحذاء الى صبغ  وإنما الى تنظيف  .

       

ومن المع واشهر واكبر الاسواق المتنوعة في بغداد العهد الملكي التي تسمى حاليا (المول) هي شركة اورزدي باك حيث كانت تحتوي على كافة البضائع الاجنبية الراقية وتقع في بداية الامر على نهر دجلة وفي الجهة اليمنى من نهاية شارع السمؤال بعدها انتقلت الى شارع الرشيد في وضعها الحالي اما مقر الشركة السابق فقد اتخذت مقرا لدائرة التحقيقات الجنائية التي اصبح اسمها في ما بعد  مديرية الامن العام حيث كانت تابعة للشرطة  العامة ويترأسها  المرحوم بهجت العطية .  وكانت هذه البناية تحتوي على ثلاثة طوابق فلأول  للمعلبات الغذائية والزجاجيات والقرطاسية والهدايا والطابق الثاني للأقمشة والملبوسات النسائية والرجالية  والطابق الاخير متخصص لأثاث المكاتب التجارية حيث عند الشراء يقوم البائع بقطع وصل فيذهب المشتري الى الصندوق او المحاسب لغرض دفع المبلغ وعند  الخروج يجد المشتري  بضاعته قد وضعت في اكياس قرب باب الخروج وقبل ان يستلمها  يطابقها مع وصل الشراء وهذه الحالة كانت غير موجودة سوى في شركة اورزدي باك في العهد الملكي . اما من اشهر البنوك التجارية في ذلك الوقت هو البنك العثماني والبنك الشرقي ( استرن بنك ) وشركة توماس كوك للصيرفة حيث تقع هذه الشركه في شارع السعدون وكان صك شركة توماس كوك هو المفضل على بقية البنوك الاخرى والصك في ذلك الوقت كان اما بالعملة الانكليزية الباوند الاسترليني او بالعملة الامريكية الدولار . اما شركات النقل النهري فكانت شركة ستيفن لنج الواقعة في شارع النهر بالقرب من غرفة تجارة بغداد سابقا حيث تمتلك بواخر لنقل البضائع من البصرة الى بغداد وبالعكس .

              

اما مستوردي الساعات فقد كانت هناك اسماء رنانة في استيراد اجود وافخر الساعات العالمية مثل التاجر فخري الساعاتي وكذلك سلمان الحاج داود الحيدر وهو من اهالي الكرخ فقد كان المستورد الاول لساعات نيفادا السويسرية الشهيرة وعندما بلغ الملك فيصل الثاني في 2 / 5 / 1953 سن الرشد التي تؤهله لارتقاء العرش وتولي شؤون البلاد قام التاجر سلمان الحاج داود باستيراد ساعة نيفادا وعليها صورة الملك فيصل الثاني وتحتها عبارة ذكرى 2 مايس 1953 يوم تولي عرش العراق . هذا ومن الجدير بالذكر فان محلات سلمان الوادي ( عكد النصارى )  و محلات  على النجفي ( مجاور خان مرجان )  كانت ( اشهر من نار على علم ) اللذان يقومان باستيراد الكهربائيات . وأخيرا لا نقدر ان ننسى مستورد الشاي الاول في العراق وهو التاجر رؤوف عبد الرحيم الحديثي وشقيقه  فائق الحديثي حيث كانوا يستوردون شاي علامة الناعور  وعلامة القداحتين وهي من احسن وأجود انوع الشاي من حيث الجودة والنكهة والطعم .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4823 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع