حسن ميسر صالح الأمين
(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - 15)
متجذرٌ في قلبهِ حُبها وأضحى ممتلئةً جَوارِحَهُ ألمًا وحزنًا على حاضرها ، أرتوى من دجلتها عذب المياه وأستنشق نسيم هوائها العليل فشغف في حبها حد الثمالة وتفنن في الوفاء والإخلاص لها حد النحيب عليها بدموع سيالة على جميل ماضيها وما صنعت بها الأيام ، سليل عائلة أدبية وبيت ثقافة ، والده رحمه الله كان أحد رواد الشعر الشعبي الموصلي وكُتاب الروايات التاريخية ، كان من نتاجاته الخالدة (المنلوج الموصلي) المعروف (أشقد طيبي الباقلي) الذي يردده الموصليون وأهالي الأقضية المحيطة في أعراسهم وكذلك رواية (القديسة بربارة) والتي كانت أول مسرحية تُمثل في كرمليس عام (1950) وحضر عرضها الأول مدير معارف الموصل حينذاك الأستاذ (إبراهيم حسيب المفتي) رحمه الله ، وأبن عمته هو فيلسوف كنيسة المشرق (الأب الراحل الدكتور يوسف حبّي) فكان نِعمَ الوريث لذلك الإرث الخالد والضارب في القِدم والتاريخ ، فغدا قامة علمية وأدبية وإعلامية شامخة ، مرتكزةً على أساس عريض ، متين ، قوي ، صلب ، متأصل الجذور ، عميق المِداد ، رصين المواقف ، ثابتٌ القول والمبدأ ، أنه المهندس القدير والإعلامي المتميز الأستاذ (سالم يقين إيليا أبلحد الأسود) .
ولد في الموصل في منطقة (الساعة) في المدينة العتيقة عتق الحضارات الإنسانية في الموصل عام (1955) ونشأ وترعرع في طفولته فيها ثم أرتحل عنها مبكرا لينهي مراحله الدراسية في بغداد ، تخرج من الجامعة التكنولوجية في بغداد وحصل على الدبلوم الفني المعادل ( 3 سنوات) في هندسة السيطرة والنُظم عام (1977) ليبدأ مشواره الوظيفي طيرًا محلقًا في سماء العراق من خلال عمله في وزارة الثقافة والإعلام العراقية عام (1979) متنقلًا في دوائرها المختلفة في محافظات العراق أجمع من شماله إلى جنوبه . شارك في الإشراف على تنفيذ العديد من المشاريع الإعلامية الإستراتيجية من خلال عمله في دوائر المهندس المقيم في الوزارة لتنفيذ عددٍ من محطات الإذاعة والتلفزيون ومحطات الإرسال والإستقبال وتقوية الإشارات وكذلك الإشراف على آلية التنفيذ ومراقبة العمل ومتابعة المشاريع التي يتم تنفيذها من قبل الشركات الأجنبية لصالح وزارة الثقافة والإعلام فأكتسب خبرة فنية وعلمية جعلت منه مهندسًا متميزًا في حملات إعادة الإعمار لمعظم مباني الإذاعات ومحطات التلفزيون والمؤسسات الإعلامية العراقية والتي تم تدميرها في حرب (1991) وليساهم بشكل فعال ومتميز وبمعية زملائه من المهندسين والفنيين في إعادة الحياة إليها وإعمارها وإدخالها العمل وبكفاءة عالية وبجهود عراقية خالصة رغم ظروف الحصار الجائر آنذاك ، حيث كان أحد أبرز المهندسين والفنيين ويؤشر اليه بالبنان وتقديرًا لجهوده المتميزة فقد تم وضع صورته الشخصية في المعرض الذي أقيم في بناية القشلة لإعادة الإعمار لكل الوزارات التي شاركت في الإعمار وفي الجناح الخاص لوزارة الثقافة والإعلام تحديداً .
غادر العراق عام (1994) ليواصل طريقه في التميز ويعبر الحدود ليجوب بلدان العالم فأستقر به الحال في بلد المهجر (كندا) منذ عام (1996) حيث تم معادلة شهادته ومنحه شهادة ( مهندس موقع)
وعمل كمدير مصنع (معمل) لإحدى الشركات التي تصنع الأجهزة الساندة للحقول النفطية لمدة تزيد على الثلاث سنوات ، الأمر الذي شجعه على إكمال سلسلسة من الدراسات التخصصية لمدة أربعة سنوات أخرى في مجال تخصص الكهرباء والألكترونيك ، فأهلته هذه الدراسة بعد التخرج من العمل مع العديد من الشركات الكندية الكبيرة والمتخصصة في بناء المصافي وليواكب أحدث ما توصلت إليه التكنلوجيا الحديثة في هذا الحقل ، فأصبح مسؤولاً عن قسم تحديث المخططات والخرائط الموقعية ومفتشًا لأعمال التقييس والسيطرة النوعية في العديد من المصافي النفطية الكندية المُنفذة أو تلك التي كانت قيد الإنشاء ، وحصل على العديد من الشهادات التخصصية في مجال بناء المصافي النفطية من كندا والعديد من المكافئات والشهادات التقديرية وهو عضو في الجمعية الأثنية (المهجرية) للصحفيين المهاجرين في كندا .
أستمر بالعمل هناك حتى نهاية عام (2014) حيث أحيل على التقاعد بعدها بناءً على طلبه ليتفرغ لأعمال البحث والأدب وللكتابة والذي دخل عالمه الوسيع ككاتب وصحفي في مجال النشر الأدبي منذ عام (2007) ، فهو كاتب للمقالة بمختلف أنواعها وكاتب للقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً ، وقد نُشِرَت له مئات المقالات والأعمال الأدبية في العشرات من المواقع الألكترونية والمجلات والصحف العراقية وصحف بلاد المهجر ، كما أذيعت له بعض الأعمال الأدبية والمقالات عبر بعض الفضائيات العراقية وكذلك الإذاعات العراقية في المهجر ، يعشق قراءة الشعر ويهوى نظّمَهُ وبخاصة الشعر الشعبي والأبوذيات .
أجرى عدّة لقاءات وتحقيقات صحفية لنشاطات الجالية العراقية والشخصيّات الأدبية والدينية والسياسية في بلاد المهجر (كندا وأمريكا).
تم تكريمه من قبل بعض المواقع الألكترونية بالعديد من كتب (الشكر وتقدير) تثميناً لأعماله الأدبية ، وله العديد من الأعمال الأدبية والبحوث والنتاجات الثقافية لا تزال غافيةً بين صفحات الدفاتر ولم تر النور بعد ومنها القصص بأنواعها (الطويلة والقصيرة والقصيرة جداً) والتي يسعى إلى أن تجد طريقها الى النشر بعد الإنتهاء منها قريبًا .
كنا على تواصل دائم عبر مراسلاتنا الشخصية أو من خلال مداخلاتنا على المقالات التي كانت تتشر في موقع بيت الموصل حيث نتبادل الآراء وتتلاقح الأفكار في طرح الطموحات المشروعه وتشخيص مواضع الخلل وما أصاب القوم هناك في مقتلهم وأنقطعت بنا السبل لسنوات ثلاث نتيجة ظروف ألمّت بكلينا في بلاد الغربة ليسعفني الحظ السعيد بالتواصل ثانيةً ومراسلته عبر الإيميل ليجيب بفرحٍ غامر وسرور كبير ليخبر بعضنا بعضا بما حل بنا .
رغم البعد عن العراق والموصل لأكثر من (20) عامًا خلت ، فما زالت تلك الروح العراقية الخالصة وذلك الحس الوطني الغيور والمشاعر الجياشة التي يمتلكها هي كل حياته ، وغربته عنها تقض مضجعه وتزيد من ألمه ونحيبه حزنًا وحنينًا لها وشوقًا لرؤيتها وهذا ما يتلمسه كل قاريء لمقالاته المنشورة في مواقع ألكترونية عدة ، والتي يستشف منها أنها تمتلئ حزنًا على كل ما أصاب العراق والموصل من أحداث وقتل وتشريد ونزوح وتهجير قسري وويلات ومصاعب طالت جميع مكوناتها ولم يبد انحيازا لجماعة دون أخرى وأبدى تأثره الكبير لما أصاب المسلمين والمسيحين وغيرهم على حد سواء فقد كان منظوره اليهم جميعًا انهم مواطنون عراقيون ، كما أن كتاباته عكست رفضا قاطعا لاية فكرة مطروحة لتقسيم العراق أو إنشاء أقليم نينوى أو تقسيم أراضيها أو عودة من كان سببًا في مأساتها او من كان مؤتمنًا عليها وخانها لتولي أمرها وإدارة شؤونها ، وهذا ديدن كل عراقي مخلص شريف يئن المًا على جراحٍ أصاب أهله وبلده ولم ولن يتنكر لهما رغم كل الظروف العصيبة والتي منها يظهر الغث من السمين ويُعرف جوهر المعدن الأصيل عن غيره .
مشارك وبقوة وحضورٍ مُميز وفعّال في كل ما يُنشر عن الموصل وأهلها وأوضاعهم هناك سواء من قبلي على صفحتي الفيسبوكية أو من قبل الأفاضل الآخرين في مواقع النشر الأخرى ، وكان يرسل لي على الإيميل رايه السديد في الموضوع المطروح ويدلي بتعليقه الكريم على موقع الكاردينا الغر والذي هو أحد كتابه البارعين فيه لنتشارك عبر نافذة الموقع هموم الموصل ومحنتها سويةً .
يسرني إقتباس بعضًا من الفقرات البليغة التي نشرها في واحدة من مقالاته العديدة المنشورة في موقع الكاردينيا ما نصه (فمتى ما إستعاد العراقيون لهويتهم الوطنية النقية والخالية من الأفكار والإنتماءات الدخيلة والغريبة أياً كان مصدرها ، عندها فقط سيبدأ العد التصاعدي للبناء والإعمار ويلتئم المجتمع ويتآخى ويتجانس من جديد ، ومتى ما ارتفعت أصوات الأحرار الرافضة للعصبيةِ الدينيةِ والقبليةِ والمُجَاهَرَة بِالحَقِيقةِ لدفعِ النفوس لمراجعةِ مفاهيمها الدخيلة والخاطئة وتحديد مواطن الخلل فيها ومعالجتها ، لتعافى الوطن من سرطانه الذي غزا جسده ، ومتى ما صرخ الأصلاء من أهل البلد مرددين (من العراقِ (السومري) الى العراقِ (المُبتلي) أفيقوا يا (هَلْي) ، عندها فقط سيكون لنا شأن بين دول العالم ، ومتى ما أثبت أهل الموصل النجباء مقولتهم من الموصل (الحدباء) الى الموصل (العنقاء) مآثر يشهد لها (الأعداء) قبل (الأصدقاء) ، فستعود الموصل أبهى وأجمل بعزّها وعزيزها) .
لقد أخترت مقولته كما في الصورة أدناه وهي عبارة عن فقرة مجتزأة من منشوره أعلاه ، أضعها أمامكم سادتي الكرام متمنيًا أن تنال رضاكم وأن تأخذ صداها كمقولة وحكمة صادرة من رجل نبيل وإعلامي متميز يُكِنُ كل الحب لمدينته وأهلها ، ويحدوني الأمل السعيد بمشاركتكم وتفاعلكم مع المقولة ومضمونها كعنوان عريض للنقاش وتبادل الآراء ، وتقبلوا وافر الإحترام والتقدير .
حسن ميسرصالح الأمين
14/9/2017
والمقولة هي :
متى ما إستعاد العراقيون لهويتهم الوطنية النقية والخالية من الأفكار والإنتماءات الدخيلة والغريبة أياً كان مصدرها ، عندها فقط سيبدأ العد التصاعدي للبناء والإعمار ويلتئم المجتمع ويتآخى ويتجانس من جديد .
* ولقراءة المقال ومتابعة التعليقات يرجى الإطلاع على الرابط ادناه :
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10213556995620452&id=1269245661
4778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع