عبدالله عباس
( وحتى لاتصبحون على ما فعلتم نادمين )
عليــــكم بألابتعـــــاد عـــــن
التقليل من شأن الكرد كأمه
في تحليل كتبنا عن توجه القيادة الكردية نحو إلاستفتاء وبعنوان ( كلا لماذا و نعم ومتى ) وربما يتذكر بعض الاخوه الذين كنا نعمل سوياً في الاعلام المركزي في بغداد منذ اواسط الستينات من القرن الماضي وعندما كنا نناقش التوجهات الاعلامية والثقافية تجاه الكرد نقول لهم : سياتي يوم تندمون على اهمالكم مشاعر الكرد القوميه المشروعه وكلما استمر هذا الاهمال تتسع المنافذ التي يدخل من خلاله كل طامع بالعراق الموحد، ونضيف: عقدة العقد مع الاسف في التعامل مع الكرد المشارك صاحب الحق في هذه الشراكه ، انه مع مسيرة العالم باتجاه التطور نحو الايجابية، فان اصحاب السلطه هنا يتراجع نحو الخلف .
وكنا نتوقع ان تكون السلطة الحالية ‘ رغم غرابة تكوينها على اساس المحاصصة ( طبعا في كل شيء .. وظهر ان السيء في المقدمة هو وراثة التعصب القبلي والطائفي و المناطقي ) ولكن لانه اخذ مشاركة دستورية للكرد في بناء العراق ( هم يقولون انه جديد ) بنظر الاعتبار ‘ لذلك كنا نتوقع عدم تكرار اي كلمة ( رسمية على الاقل ) تجرح شعور القوميه الكرديه ‘ ولكن وبعد اجراء الاستفتاء مباشرة سمعنا ( شمال الوطن العزيز ...!!) بدل اقليم كردستان المعترف به دستورياً و سمعنا ( رجل قانون وقور يقول في لقاء تلفزيوني مانصه : ماذا يريد الكرد منا ‘ ان مقاولينهم حصلوا على تنفيذ مشاريع البناء حتى في البصرة ...!!! ) وسمعنا رجل معمم ( معروف انه معمم متنور ) يكتب اعلان الحرب ضد الكرد و يعلن تطوعه وحمل السلاح للالقاء القبض على القادة الكرد رغم انه في يوم من الايام رفض دخول خدمة علم العراق ‘ رغم انه عندما كان في السليمانية وفي مجلس حضره مجموعة كبيرة من رجال الدين والسياسين الكرد قبل ان ينهزم في الانتخابات النيابية اعلن انه يكون اول من يعترف بانفصال الكرد واعلان دولته المستقلة ...!! وسمعنا ( رئيس احد المنظمات العرقية يعلن على رؤوس الاشهاد منع اي كردي المشاركة في اي دائره من الدوائر الامنية في العراق عموما و كركوك على وجه الخصوص ...!!
قرأت في احدى التحليلات السياسية كتب عن اجتماع عقد في بيروت نهاية السبعينات من القرن الماضي حول مستقبل القومية العربية ‘ قيل كلام عن ( احلام كثيره وكبيرة ) حول مستقبل الامة و وحدتها المنشودة ‘ ولاحظ احد المشاركين ( لا أذكر اسمه ولكني واثق أنه من اسرة ارسلان العريقة في لبنان و كان في حينه وزيرا ) ان المجتمعين والحالمين بوحدة العرب تحدثوا عن كل شيء ولكنهم نسوا التطرق ولو بأشارة عابرة ان في البلدان العربية وحسب ( التقسيم الاستعماري ) يوجد اقوام واعراق اندمج ارضهم ووجودهم بالبلدان العربية ‘ لم يتطرق المجتمعين ماذا يكون مصيرهم في دولة الوحدة القومية ذات اللون الواحد ‘ ففاجائهم بسؤال غريب وهو ( وإذا أتاكم البارزني ...؟! ) فتعجب المجتمعون من السؤال الى ان وضح الكلام قائلاً : ( هل نسيتم ان هذا الوطن الواحد الذي تحلمون به موحدا بعد ان قسموه حلفاءكم لاسقاط الامبراطورية العثمانية الى اقطار ودويلات بعضها لايتجاوز نفوس سكانه ساكني مدينة بيروت ‘ الحق ببعضهم اقوام واعراق غير عربية ‘ وفرض عليهم بيئة عربية ‘ وهم يحلمون كما تحلمون بوحدتكم ان يكون لهم حقوقهم القومية والعرقية وها ترون ان في العراق يقود البارزاني حركة مسلحة من اجل ذلك وكذلك في جنوب السودان عقيد كرنك وفي الدول العربية في شمال افريقا امازيغ ‘ كيف تحلمون بوحدتكم وتنسون اصحاب الاحلام الشرعية مثلكم و يعيشون معكم ...(1 )
الاتستغربون ايها السادة ‘ أن فشل تصرف ( جهة سياسية واحده في اقليم كردستان – العراق ) في خطوه سياسية ( مشروعة في مضمونها وهدفها باعتراف العالم و كانت توجه لاجرائها خطأ في التوقيت الزمني والاحداث التي تمر بها المنطقة ) ان يدفع بعض ( السطحيين في المواقع السياسية وحتى الرسمية يسمح لنفسه ) أن يستهزء بالتاريخ والشجاعة والمشاركة التاريخية لقومية قدم أكثر من ( ألفين شهيد ) لمحاربة داعش واستقبل وحافظ على اكثر من مليون نازح ضحايا حربكم الطائفيه القذره انتم اشعلتم نارها وابعد الكرد نفسه عن التلوث بالطائفية المقيتة واحتضن ضحاياها ‘ تدفعكم تلك العملية الى منع تداول اسم وطن كوردستان الى شمال الوطن .
احد ( العباقرة ) يكتب ويقول : ( عندما تقرأ التاريخ القديم والحديث للعراق ترى لاوجود لقوم اسمه الكرد عاش على هذا الارض ) ؟؟!!
أن القومية الكردية ‘ ستصبح لها دولة في يوم من الايام ومهما طال الزمن ‘ وسيكون دولتها جار للعرب ‘ وهي اصدق ممن اعتنق رسالة الاسلام بل اصدق من رفع رايتها و حفظ ثقافتها بعيدا عن الصراع الطائفي مؤمنا بروح الرسالة وليس لتوزيع غنائم الرسالة ‘ في حياة الشعوب ‘ هناك دائما وكمنطق الحق والواقع ‘ كل شيء يسير الى الامام ‘ فلماذا هنا بعضكم تعودون دائما الى الخلف معتمدين على التعصب الاعمى ؟
منذ عشرات السنين ندعوكم اكسبوا دعم الكرد من خلال معاونته لتحقيق حلمه بطريقة مشروعة وحتى على مراحل ‘ وفي تحليل كتبناه عن حق تقرير مصير الكرد بعنوان ( انفصال الكرد بين الاختيار والاجبار) نشر هنا ايضا ‘ قلنا : أن أحد مستلزمات نصر الكفاح العربي للوحدة وتحرير فلسطين هو ان تتبنى الحركة القومية العربية حق تقرير مصير القومية الكردية وليس اعتبار هذا الحق انتقاص من القومية العربية ‘ ولاتفتحوا بتعصبكم الاعمى منفذ لاحفاد ( تيودور هرتزل ) ان يبعدكم انتم قبل الكرد عن احلامكم المشروعة وبعدكم يضحكون هؤلاء الاشرار عليهم كما يفرحون بانتكاساتكم المتتالية و بالتالي فقط انتم ترون انفسكم ( تصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .
.............................
( 1 ) في اواسط الثمانينات القرن الماضي عقد مركز الدراسات القومية في بيروت الذي كان باشراف خيرالدين حسيب عقد حلقة دراسية عن مصير الوحدة العربية ‘ عن طريق مجلتهم ( دراسات العربية ) قراءة حول اعمال الحلقة ‘ لم اجد اي فقرة منها يطرق الى مصير او كيفية التعامل مع الاعراق غير العربية الحق مصيرهم ( ألارض والتراث والانسان ) بالدول العربية ‘ فكتبت مقال في شكل رسالة موجه للمركز ‘ للتأريخ كان الشاعر الكبير الاستاذ حميد سعيد رئيس تحرير جريدة الثورة ‘ نشره في الصفحة الثالثة فكانت محتوى الرسالة تتضمن نفس الافكار الذي طرحه الوزير اللبناني امام مؤتمر القومي في بيروت .
529 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع