خالد حسن الخطيب
الهجوم الأكيد للجيش السويدي وأحتلاله الوشيك لأرض العراق
لا تخفي مناهج الدراسة لطلبة المدارس للتاريخ السويدي كيف كانت حالة هذا البلد قبل 100 سنة من الان وكيف أجبرت ظروفه الاقتصادية والاجتماعية الملايين من ترك مدنهم وقراهم والهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية .
فقد شهد القرن الثامن عشر والتاسع عشر في السويد زيادة سكانية كبيرة عزاها المؤرخ ايسا ياس تخير (1833 ) الى السلام ولقاح الجدري و البطاطس حيث تظاعف عدد السكان بين عام 1750 الى عام 1850 مما اضطر الكثير من السويديّن الى الهجرة الجماعية من بلادهم صوب الولايات المتحدة الطريقة الوحيدة خوفا وتجنبا من المجاعة القاسية والتمرد , فقد هاجر نحو 5 % من السكان سنويا خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر , ومع ذلك ظلّت السويد في فقر مدقع لاعتمادها على الاقتصاد الزراعي بالكامل تقريبا .
هاجر السويديون الى امريكا بحثا عن حياة افضل ويعتقد أنه بين سنة 1850 الى 1910 هاجر اكثر من ثلاثة ملايين سويدي الى الولايات المتحدة حيث وصل عدد السويديين في اوائل القرن العشرين في مدينة شيكاغو الى اكثر من عددهم في مدينة ستوكهولم عاصمة مملكة السويد وأستقر معظم المهاجرين السويديّن في ولايات الغرب الامريكي بينما أنتقل بعضهم الى كندا , وعلى رغم بطء وتيرة التصنيع في القرن التاسع عشر فأن العديد من التغيرات المهمة أثّرت ايجابا في الاقتصاد الزراعي بسبب الابتكارات والنمو السكاني الكبير حيث شملت هذه الابتكارات برامج ترعاها الحكومة لمنع الاقطاع والاعتداء على الاراضي كما تم ادخال محصول جديد هو البطاطس التي أعتبرت في ذلك الوقت نقلة نوعية في حياة السويديّن .
وفي الشهر الاول لسنة 2017 كنت أتحدّث بالهاتف مع صديقي من بلدي الحبيب العراق حيث ترك وطنه وأستقر في السويد وأخذ يعمل في شركة لسيارات الاجرة ( التكسي ) وقد حدّثني طويلا عن معاناته بسبب تراكم الثلوج في الشتاء لستة أشهر على الطرقات مما يجعل قيادة السيارة في وضع خطر ومقلق للغاية ويقول .. أنا أتشاهد على نفسي ( اشهد الله ان اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله ) منذ اللحظة الاولى لقيادتي السيارة حتى خروجي منها لأنك ببساطة تتوقع أنزلاقها في أي لحظة وأرتطامها بشكل كبير , وأخذ يحدثني ايضا عن نوع الخدمة التي يقدمها حيث أوكلت له مهمة ايصال كبار السن الذين تجاوزت اعمارهم الخامسة والسبعون .. لكن الشئ الذي لفت انتباهه هو تقديس وتعظيم هؤلاء كبار السن لمادة البطاطس عندما يتحدثون في امور الحياة المختلفة وعن ذكرياتهم القديمة الأمر الذي جعله يسئل هؤلاء كبار السن عن السر وراء هذا التقديس فكان جوابهم قد أحدث مفاجئة صادمة كبيرة لصديقي فقد كانت البطاطس في ثلاثينات واربعينات القرن المنصرم والسنوات التي ما قبلها المادة الغذائية الوحيدة التي من الممكن زرعتها وتخزينها في السويد بسبب المناخ القاسي هناك وأنها القوت الزراعي الوحيد لذلك البلد فقد اعتبرت مادة الحياة والمادة التي أمدتهم بالبقاء على قيد الحياة .
ويقول .. في أحد الايام طُلب مني ايصال أحد كبار السن الى منزله وقد كان رجلا كبيرا قد تجاوز الخامسة والثمانون وأخذ يحدثني عن ذكرياته مع عائلته وأخوانه وكيف كانوا يخزّنون البطاطس لأيام الشتاء القارص وكيف كانوا يصطادون الحيوانات البرية من أجل تناول لحومها وأخذ يقدّس ويمجّد البطاطس كونها المادة الزراعية الوحيدة في ذلك الوقت .. فقال صديقي الى الرجل السويدي العجوز .... أني من بلد أسمة العراق وادي الرافدين وارض السواد وأن أرض بلادي وعلى مر التاريخ تجود بأنتاجها الزراعي الوفير وتعدد ثمرات هذا الانتاج وتنوعه ( القمح – الشعير – الذرة – الرز – التمر – البقوليات بمختلف أنواعها – الخضراوات بمختلف أنواعها – الفواكة بمختلف انواعها ) تبعا لفصول السنه وتبعا للرقعة الجغرافية في الشمال و الوسط والجنوب والى جانب ذلك تنوع الثروة الحيوانية في جبال وسهول و اهوار بلدي العراق .
ظلّ الرجل السويدي العجوز صامتا لفترة طويلة وهو ينظر لي بعين الدهشة والاستغراب وكيف أثّرت به كلماتي وأنا اشرح له خيرات بلدي العراق التي لا تنضب وانهارهُ التي لا تنقطع ..
فرد قائلا بعد أن أستجمع قواه ونظر لي بنظرة القسوة .. والله لو جائتني هذه المعلومات عن خيرات وثروات بلدكم العراق في ذلك الزمان والفقر المدقع الذي كان يحل بنا .. فلا أتردد لحظة واحدة في ان اكون جنديا في جيش مملكة السويد لعل الاوامر العسكرية تأتي لنا بالزحف والتوجه صوب بلدكم وطلب المساعدة والاغاثة بما تجود به أرض ورجال وخيرات بلدكم العراق ..... فضحكنا معا و أوصلته الى منزله , ولم أجد في قلبي في تلك اللحضات الا أمنية واحدة .. ان أرجع يوما الى بلدي العراق بلد الخير والعطاء والكرم والجمال .
2331 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع