د.صالح الطائي
إصدار جديد/كتاب الإمام الحسن العسكري آخر الممهدين للغيبة
بفضل الله ومنه وكرمه ورضاه، صدر كتابي الموسوم "الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) آخر الممهدين للغيبة"، الفائز بالجائزة الأولى في المسابقة الدولية التي نظمتها العتبة الحسينية المطهرة، بعد طول انتظار وترقب. وهو الكتاب الثاني من كتبي يفوز بجائزة دولية بعد كتاب "الحسن بن علي الإمامة المنسية"(*).
تناول الكتاب في فصوله الأولى دراسة الجهود التي بُذلت للتأسيس لعقيدة الإمامة المعصومة، في ظرف مصيري عمت فيه الفوضى المجتمع الإسلامي؛ الذي كان منقسما فكريا، مع أنه بدا متماسكا في الظاهر، والمعروف أن المذهب الشيعي يعتبر الإمامة المعصومة من أصول الدين. وأصول الدين اصطلاح كلامي يقابل فروع الدين، ويطلق على بعض الاعتقادات اليقينية الدينية؛ التي يتوجب على المسلم الاعتقاد بها كليا وإلزاما، مثلما يعتقد بالله تعالى وبالإسلام، ومن لا يعتقد بها لا يعتبر مسلما، بمعنى أن عدم الإيمان بها موجب للكفر، وهي ثلاثة اعتقادات: التوحيد، النبوة، والمعاد. وهناك من أضاف لها اعتقادان آخران هما: العدل والإمامة، وهما يعدان من أصول المذهب أيضاً، ومن الجدير ذكره أن أصول الدين من الأمور التي لا يجوز التقليد فيها، بخلاف فروع الدين.
أما في الفصول المتوسطة فتناول الكتاب الحديث عن ثلاثة من أواخر الأئمة المعصومين، هم: محمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري (عليهم السلام)، لا من حيث السيرة الذاتية وإنما تمت دراسة منهجهم في ترسيخ عقيدة الإمامة والغيبة والمهدوية بعد الانشقاقات الكثيرة التي وقت في التشيع.
وتناول في أجزائه الأخيرة الحديث عن الإمام الحسن العسكري حصرا ابتداء من ولادته وإلى حين استشهاده ودوره الكبير في ترسيخ العقيدة المهدوية في عقول المسلمين.
يعد الكتاب دراسة غير تقليدية لمسألة شائكة اختلف فيها المسلمون كثيرا، وهي العقيدة المهدوية التي هي جزء من الإمامة المعصومة، من خلال التماهي مع الرؤى الإسلامية عامة وآراء المذاهب واعتقاداتهم، وهذا ما أشرت إليه في الفصل الأول من الكتاب بقولي: أجد أن الكتابة عن أئمة أهل البيت يجب أن تكون متحضرة علمية عقلائية إنسانية، لا تستفز الآخر ولا تصادر حقه، ولكن لا تجامل أحدا على حساب الحقيقة. بمعنى أنها يجب أن تُؤَسَس على أسس الحزم في الثبات على الموقف الصحيح، والمقبولية المشتركة، والحيادية والإنصاف والعدل والعقل والحرص على وحدة الأمة واحترام مشاعر الآخرين.
الآخر نفسه عليه أن يعي أن الدين في مراحله المختلفة كان بمعزل عن الصراع القديم الذي نعيش تداعياته اليوم، وأن السياسة هي التي تولت عملية التبديل والتغيير لتجعل منهجها الدنيوي يبدو ديننا، مراهنة على الشارع والجمهور، وقد آن للجميع أن ينظروا إلى المشاكل التاريخية العالقة بمنظار آخر يختلف عن نمطية التقليد الموروثة؛ من خلال الإفادة من معطيات التحضر والانفتاح العقلي والمعرفي والعلمي، بدل البقاء على الجمود الموروث، الذي يعني بالمحصلة أن الخلاف سيبقى يتسارع في نموه إلى أن يتسبب في خراب الدين ودمار الأمة.
إن سعي العالم إلى إيجاد أرضية مشتركة بين الأديان الأخيرة الثلاث ومحاولته خلق ما يعرف باسم (الدين الإبراهيمي) ممكن أن يكون محفزا للمسلمين ليبحثوا عن أرضية مشتركة ينطلقون من خلالها لبناء كيان الإسلام المتصدع بدل ان يسهموا في خرابه وخرابهم!.
(*) يمكن تحميل هذا الكتاب وبعض كتبي الأخرى من مدونتي الشخصية في الرابط
http://salihaltaie.blogspot.com/2016/05/blog-post_15.html
3244 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع