بقلم احمد فخري
الحياة في حقول البترول/الحلقة الثامنة عشرة، معلومات عن طرق انتاج البترول
لا يسعنا ان نتكلم عن حقول البترول دون الخوض قليلاً في آليات استخراج النفط ومعلومات عامة يجب الخوض فيها.
علماً أن جميع سكان البارجة السكنية في حقلنا هم مزيج من عدة اختصاصات وكفائات ولديهم مهارات متنوعة وخبرات متفاوتة، وبما ان عملية انتاج النفط تتطلب كل هذا الجيش العرمرم من التخصصات فإن اطلاء مهارات بعض المهارات على زملائهم من الخبراء في المجالات الاخرى يصبح امراً بديهياً لا مفر منه. وما اريد القول هنا هو انك إن كنت تحمل مهارة معينة أو أن تكون خبيراً في مجال معين فانك لا محال سوف تُعلّمُه الى من هو لا يملك نفس مهاراتك شئت ام ابيت، بحكم الاحتكاك المتواصل بباقي الاختصاصات. وبما ان قسمنا كان متخصصاً بعلم الكومبيوتر فكان لزاماً علينا أن نتعلم مهارات غيرنا حتى ولو كانت سطحية وغير معمقة. لاننا نحتك ببعضنا البعض بشكل دائم في المطعم وحفارات النفط والمنصات واوقات الفراغ واوقات الرياضة...الخ
كنت دائماً استمع الى زملائي من الاقسام الاخرى من خلال تخصصهم عن معداتهم وكيفية عملها كي اكتسب بعض المعلومات التي تستهويني وتشبع فضولي. لذلك جمعت الكثير من تلك المعلومات في السنين الطويلة التي عشتها هناك فمثلاً:
- عندما يقولون خزان يتجمع فيه النفط الخام تحت سطح الارض، فاننا وبشكل تلقائي نعتقد ان هناك فجوة بداخل الارض يتجمع فيها النفط الخام. طبعاً هذه معلومة خاطئة، فالنفط الخام هو عبارة عن قطرات نفط تكمن بداخل صخور تحت سطح الارض تسمى بالصخور المسامية porous rocks هذه الصخور اشبه بحيوان الاسفنج.
وعندما يدخل انبوب الحفر الى الحيز الذي تكمن فيه هذه الصخور فإن الضغط الذي بداخل طبقة الارض سيكون اعلى من الضغط الذي بداخل انبوب الحفر لذا فإن قطرات النفط تلك ستتدفق تلقائياً بداخل الانبوب وترتفع الى الاعلى.
هذه البرك النفطية عادة ما تكون في عمق يتراوح ما بين 2000 الى 3000 متر تحت سطح الارض. هذا لا يعني أن بعض ابار النفط ليس بامكانها ان تكون اقل عمقاً من ذلك بكثير كما هو الحال في حقول بابا كركر بشمال العراق.
علماً أن هناك سبل وطرق كثيرة للحفر، والطريقة الاعتيداية هي العامودية. الا انهم طوروا طرق اخرى غيرها، واهمها الطريقة الافقية اي انهم يقومون بالحفر عمودياً ثم الاتجاه افقياً نحو البركة. وللعلم فأن حفر الآبار لا يقتصر على اليابسة فحسب بل بالمكان الحفر في البحار وذلك من خلال ثقب قاع البحر كما هو مبين في الصورة التالية.
الحفر العمودي
ويتجمع الماء والغاز والنفط الخام بشكل طبقات كما هو مبين في الصورة الاولى اعلاه. لذلك، فإذا كان الهدف من الحقل هو استخراج الغاز الطبيعي، فانهم ينزلون انابيبهم الى الحيز الذي يتجمع فيه الغاز. اما إذا كان الهدف من الحقل هو استخراج النفط الخام فانهم ينزلون انابيبهم الى الحيز الذي يتجمع فيه النفط الخام.
الحفر الافقي
بعض الاحيان يكون الضغط الموجود بداخل الخزان الارضي غير كافي لكي يدفع النفط الى الاعلى بداخل الانبوب. لذلك فانهم يضطرون الى استعمال تكنولوجيا الحقن. والحقن عادة ما يكون بنوعين. الحقن بالغاز Gas injection والحقن بالماء water injection كلٌ يعتمد على الحالة التي يدرسها مهندسو النفط في الموقع. وعندما تقوم بحقن الماء مثلاً فإن الماء والنفط لا يختلطان طبعاً. وهنا يأتي دور الفاحص المفرق الذي تحدثنا عنه مراراً في الحلقة الرابعة عندما قلنا أن الفاحص المجزئ The test separator يقوم بفصل الماء عن الغاز عن النفط الخام.
تجدر الاشارة هنا انك لا يمكن استغلال كمية النفط الخام التي تكمن بداخل خزان النفط 100%. فاحياناً تصبح هذه الكمية المتبقة غير مجدية اقتصادياً وتقدر احياناً بـ 20% او اقل بقليل. لذا تترك وتهمل وتسمى بالانكليزية الكمية الغير قابلة للاخراج
recoverable crude oil
بعد ان يتدفق النفط الخام بداخل الانبوب فان مهندسو الحفر يقومون بوضع صمامات سفلى بقاع البحر تسمى subsea valves يقوم بتثبيتها فنيون وغواصون متخصصون لهذه المهام. ثم يرتبط هذا الصمام بانبوب يرتفع حتى يصل المنصة WHPT حيث يرتبط بشجرة عيد الميلاد التي تحدثنا عليها في نفس الحلقة.
شجرة عيد الميلاد
أما شجرة عيد الميلاد فيتفرع منها عدة انابيب لتذهب الى باقي المعدات بداخل المنصة لغرض المعالجة.
المنصات تسيطر على 3 او 6 او 9 آبار للنفط الخام ثم تقوم بارساله عبر انابيل الى المجمع المركزي ومن هناك يرسل بانبوب قطره 42 بوصة متجهاً الى جزيرة زركوه قاطعة مسافة 30 كلم حيث يخزن في الخزانات الاربعة الموجودة هناك والتي تبلغ سعة كل واحد منها مليون برميل. وعندما تأتي ناقلات النفط العملاقة، فانها تعبأ من خلال طوافات تحميل تسمى بالانكليزية Loading buoys كما في الصورتان التاليتان:
مقطع الماء مع طوافة التحميل
طوافة تحميل
خنازير التنظيف:
خنازير التنظيف
خنازير التنظيف هي عبارة عن قذائف مصنوعة من مواد معدنية وبلاستيكية صلبة للغاية مهمتها تنظيف الانابيب التي تحمل النفط الخام.
فالنفط الخام يحتوي على الكثير من الرواسب والحيوانات البحرية المجهرية مما يسبب في تراكم هذه الرواسب على جدران الانابيب من الداخل. لذلك يقوم عمال النفط بوضع هذه القذائف بداخل الانبوب ثم يقومون بدفعها من خلال توجيه ماء بضغط عالي جداً قد يصل الى 2000 psi وهذا الضغط سيجعلها تسير بداخل الانبوب دافعتاً معها كل الفضلات والرواسب الماكثة على جدار الانبوب. وعندما تصل الى مبتغاها فانها ترتطم بباب فولاذي صلب يصدر صوتاً عالياً ينذر بوصول الخنزير الى مقصده. يختار العمال الخنزير المناسب ذو القطر الصحيح لكل انبوب كي تكون فعاليته ناجعة.
حكى لنا احد عمال جزيرة زركو ان احدى الخنازير ارسلت من حقلنا، حقل زاكزم كي يقطع 30 كلم وتنظف الانبوب الذي قطره 42 بوصة ولكن يبدو ان الباب الفولاذي في جزيرة زركو لم يكن مؤصداً باحكام. لذلك عندما ارتطم الخنزير بالباب الفولاذي انفتح الباب بقوة شديدة وضرب العامل الذي كان يقف بجانبه فنقل الى مدينة ابوظبي على الفور بطائرة هليكوبتر الا انه فارق الحياة قبل الوصول الى المشفى.
...يتبع
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
https://algardenia.com/maqalat/35174-2018-04-26-15-26-01.html
1755 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع