د.منير الحبوبي
"السفر بر" وخيبة ام عراقيه ومظلوميتها بالحياة
السفر بر هو فرمان عثماني ويعني السفر عبر بلاد كثيره مشيا على الأقدام او على الدواب وبالذات للذهاب الى بلاد القوقاز للمشاركه بالدفاع عن الأمبراطويه العثمانيه متعاونة مع المانيا ضد دول تريد أحتلال مستعمراتها وخاصة البلدان الأسلاميه.. وحيث ان العراق ولايه من ولايات هذه الأمبراطوريه المسماة آنذاك بالرجل المريض فقد اصدر الوالي العثماني الحاكم للعراق هذا الفرمان للدفاع عن ارض المسلمين . هذا الفرمان بالحقيقه هو قرار صدر من الأستانه ويخص كل الرجال القادرين على حمل السلاح من عمر 15 الى 45 سنه لكل الولايات التابعه للامبراطوريه العثمانيه وذلك خلال الحرب العالميه الأولى التي بدأت عام 1913.
هذا الفرمان قد فوجئ به العراقيون كغيرهم في البلاد العربية والاسلاميه الواقعة تحت السيطرة العثمانية حيث تم لصق نص او بنود هذا القرار في الثالث عشر من شهر آب عام 1913 حيث ألصقت على مداخل الاسواق وأبواب المحلات ودوائر القشلة (السراي) وفي المقاهي البغداديه . الفرمان ينص على النفير العام اي التجنيد الأجباري وحمل السلاح والذهاب والسفر الى قفقاسيا.
للعلم تتكون بلاد القوقاز من مجموعة دول اسيوية و اخرى اوروبيه و تلك الدول هي:
اذربيجان
ارمينيا
ابخازيا
الشيشان
جورجيا
بلغاريا
انغوشيتيا
ودول اخرى لا اعرفها بالضبط
النقر على الرابط التالي يعطي فكره جيده عن هذا الموضوع رغم وجود بعض الاخطاء في مقدمته
http://shia.forumactif.com/t9703-topic
طبعا كل او معظم من تم تجنيدهم للحرب اما قتلوا بالحرب او تمرضوا وماتوا والقله منهم تزوجوا واستقروا بالبلاد التي حاربوا فيها ولنا ان نتصور عذاب الأم والأهل بفقدهم لأبنائهم ولا خبر عنهم اي حتى جثثهم لم ترجع وهذا الوضع أثار حفيظتي لكتابة هذه المعلومه البسيطه لأمرأه عراقيه حظها خايب طيلة حياتها. القصه رواها لي احد معارفي وهو يتكلم عن بيبيته ام امه أي جدته فيقول بأنها كانت تعيسه ومظلومه طيلة حياتها وهي القائله او المردده على الدوام للأبيات التاليه
أنا الماي ..أنا الماي
أنا الجريتن بالسواجي
وخضر العود مني
وگام يشعلني
طبعا الكلمه جريتن تعني سرى او جرى اي يمشي او يسيل بالسواقي وطبعا هذا الماء قد سقى كل النباتات والخضروات والأشجار التي كانت موجوده على ضفتي السواقي والأنهار التي مر بها ولكن مع الزمن يبست هذه العيدان وتم استخدامها لشعل النار كحطب مثلا لكي تغلي الماء الموجود بالجريه او الكتلي لعمل الشاي. وطبعا بهذه الكلمات التي ترددها هذه الأم هي مثلت او جعلت الماء يعبر عن حالها ومأساتها
حيث هذه الأم كلما أنجبت ولدا لها فيموت ولكن البنات يبقين أحياء وهذه الحاله تكررت لها مع الكثير من الأولاد والأنگس او بالأحرى الاسوأ من هذا كله انها ايضا تفقد ازواجها اي بعد كل زواج لعدة سنوات فيموت زوجها ويروي لي معارفي وهي قصه حقيقيه تتعلق بجدته او حبوبته او بيبيته بأن آخر زوج تزوجته المگرود أخذوا العثمانيين بالسفربر وحيث انها تحبه كلش فتبرعت حتى بما تملك شارية له حمارا لكي يستعمله خلال سفره وترحاله للوصول الى مناطق الحرب ومن وقتها لم يرجع هذا الزوج لها.
وللأسف حياة الشباب العراقي كلها ومنذ الحرب العالميه الأولى هي سفر بر فلا راحه ولا اطمئنان لا لأولادنا ولا للأمه ولا للآباء ولا للأخوه والأخوات وهذا السفر بر يذكرني بالأيام العصيبه خلال حروب العراق الحديثه فكان البعض من المكلفين يضرب الطلق الناري على رجليه والبعض الآخر يكسر عظم من عظامه لكي يتخلف عن الذهاب الى الجبهه للقتال الغير شريف والغير مبرر كحال الفرمان العثماني بشن حروب لا علاقة لنا بها ولا ناقة لنا بها ولا جمل
صبرا صبرا يا أهلنا بالعراق فالحياة الآن اصبحت حتى بدون حروب سفر بر ويا رب تزول هذه المحنه ويتوقف هذا السفر بر عنا فلقد عجزت انفس العراقيين من هذا واليوم يوجد اكثر من خمسة ملايين عراقي خارج الوطن هي جزء من هذا السفر بر القديم فأين ومتى يتوقف الله اعلم.
الگاردينيا: أهلا وسهلا بالأخ ألأستاذ منير الحبوبي في حدائقنا ، ننتظر جديدكم وياريت ترسل لنا صورتكم الشخصية لنشرها مع كتاباتكم.
1770 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع