د.رعد العنبكي
مااشبه اليوم بالامس من شحة الماء الذي يعانون منه ابناء الرافدين حيث لازال اهل بغداد يعانون من قلة الماء قبل ان يتم ضخ الماء بواسطة المكائن على الرغم من ان نهر دجلة يخترق بغداد والسقائين الذين كانوا ينقلون الماء على ظهورهم وعلى ظهور الحمير في ( القرب ) جمع قربة وهي معمولة من جلد الغنم بعد دبغها
والسقاء الذي يبيع الماء ينادي ( هذه هي ) اي القربة المملوءة ماء وكان السقا ينقل الماء من شرائع جمع شريعة خاصة في نهر دجلة ولم يكن الماء طاهرا ولا يعتني باءمر نظافته وظلت بغداد تشرب تلك المياه الموبوئة الى ان من الله عليها وبعث لها من ينقذها وفي سنة (1889م) ايام الوالي سري باشا فقد انشاء في ساحة (خان لاوند ) حوضا كبيرا للماء فاءخذ سكان محلة الفضل وما جاورها من النساء يوفدن على ذلك الحوض وياءخذن منه الماء شاكرات الوالي سري باشا على عمله هذا
فترى البيوت وفيها الاواني المعدة لحفظ الماء ( حباب ) جمع حب طافحة بالماء المعين بعد الظماء الشديد الذي كانت تعانيه تلك العوائل والمحلات النائية ولقد اصبحت شرفات الدور في الصيف وعلى حافاتها ( تنك )
ولم يكن عمل الوالي المشار اليه مقتصرا على مشروع الماء فقد تعداه الى ما هو اهم من ذلك اذ اصدر اوامره باءعطاء الارامل والايتام ما تستحقه من المخصصات الشاهانية مما دفع المرحوم العلامة الشيخ عبد الوهاب النائب ان يثني على اعمال الوالي بقصيدة وهي :
ياوالي الزوراء دمت وزيرها اذ قد شرحت من الانام صدورها
وبقيت ماءوى للعفاة ياءسرها اذ قد جيرت من الضعاف كسيرها
ومنحتهم منك العطاء تفضلا فاستكملت في ذا الزمان شهورها
حتى اتيت وللعدالة حاملا فهناك قد ساوى الغني فقيرها
اني لااشكر عن لسان ارامل وجدتك يا عين الزمان نصيرها
لا زلت يا بدر السعادة ساطعا لتشاهد الزوراء منك مشيرها
وفي سنة ( 1907م ) ايام الوالي حازم بك انشئت ماكنة اسالة الماء في بغداد بواسطة مضخة نصبت في شريعة الميدان واجري الماء بواسطة انابيب وكانت اجور الماء الشهرية لكل دار شئ زهيد وهي عشرة قروش صحيحة تساوي اليوم مئة فلس
وبهذا ارتاحت بغداد من عناء الارواء ونجت الجوامع والحمامات من مياه الابار المالحة ولقد كان جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وجامع الشيخ عمر السهروردي قبل مشروع اسالة الماء يجهز لهما الماء من ساقية يجري فيها بواسطة ( كرد ) الاول نصب في شريعة الشيخ والثاني في شريعة الميدان فالكرد يصب الماء بواسطة ( دلو ) في حوض اعد له فيذهب الماء بالساقية المحفورة تحت الارض والمزفتة تزفيتا متقنا
وقد سميت محلة راس الساقية نسبة الى تلك الساقية الممتدة من نهر دجلة الى جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني اما ارواء البساتين والحدائق المحيطة ببغداد فكانت تسقى بواسطة ( النواعير ) جمع ناعور وتسحبها الخيول والبغال
وفي هذه الايام العصيبة يعاني شعب العراق من شحة المياه ليس في بغداد فحسب وانما في جميع انحاء عراقنا الحبيب واني اتذكر جيدا وليس بالماضي البعيد كيف كان ايصال نوعين من الماء الى البيوت احدهما الماء ( الصافي ) والاخر الماء ( الخابط ) لسقي حديقة البيت
اساءل العلي القدير ان يزيل هذه الغمة عن هذه الامة
( وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات الفافا ) صدق الله العظيم
ولكم مني اطيب المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي
2168 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع