ا لدكتورة/نوف علي المطيري
تعد ظاهرة التجمهر عند وقوع الحوادث المرورية أو الحرائق من الظواهر الاجتماعية الخطيرة والمنتشرة في كثير من المجتمعات ,وخاصة العربية, فهي تساهم في إعاقة وصول سيارات الاسعاف والمطافىء وتأخير عمليات الإنقاذ وكذلك تعريض المتجمهرين أيضا للخطر في حال تطور الحادث وتضاعف,
وهذا السلوك الغير حضاري نشاهده كثيرا على الطرقات وفي الشوارع رغم التحذيرات الصادرة من الجهات الامنية بعدم التجمهر عند وقوع الحوادث من اجل السيطرة على منطقة الحادث بشكل آمن وفعال , فالبعض يرى ان هذه العادة من باب النخوة والشهامة ومساعدة المحتاج ومن المعيب ان يشاهد من هم بحاجته فلا يقدم لهم أي مساعدة والبعض الآخر يرى أن الظاهرة ما هي إلا فضول وحب استطلاع دون ان يفكر بأن فضوله قد يؤذي الآخرين ويهدد حياتهم وقد يساهم في عرقلة السير وإعاقة وصول سيارات الاسعاف لإنقاذ المصابين.
ظاهرة التجمهر بدأت تأخذ منحى آخر خطيرا فبعد تطور وسائل الاتصال تحول البعض إلى مراسلين وباحثين عن السبق حتى لو كانت على حساب حياة الآخرين و اتحدث ومن واقع تجربة فقد كنت إحدى ضحايا التجمهر الفضولي ففي الأسبوع الماضي تعرضت وعائلتي لحادث مروري خرجنا منه -والحمدلله - سالمين إلا من بعض الرضوض والكدمات لكننا اصبنا بالرعب الشديد جراء الحادث وجموع الفضوليين الذين احاطوا بسيارتنا والسيارة الأخرى فما كادت سيارتنا تتوقف عن الدوران وترتطم بالحاجز الاسمنتي حتى توقف السير في الطريق وتجمهر الفضوليون الذين جاءوا من كل حدب وصوب ليس لنجدتنا بل لا شباع فضولهم - القاتل- على حسابنا دون الاكتراث بما حدث لنا,ووصل عدم المبالاة وموت الضمير بأحدهم إلى تصوير سيارتنا والوقوف بالقرب منها لوقت طويل ولم يحاول الاطمئنان على حال من هم بداخل السيارة وهل هم أحياء أم أموات !
رغبة الشخص"المتطفل" في توثيق الحادث وتصويره من أجل نشره على مواقع التواصل الاجتماعي لنيل الشهرة و السبق في نقل الحوادث تحول لدى البعض إلى ادمان وهوس شديد,فما يكاد يقع حادث إلا ونجد عشرات وربما مئات الفضوليين قد تحلقوا حول مكان الحادث كالنسور الجارحة لالتقاط بعض الصور والمقاطع لوضعها على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر دون الاكتراث بحال المصابين أو بمشاعر عائلات المتوفيين ,وقد لا تتورع تلك النوعية من المتجمهرين عن إيقاف سياراتهم على قارعة الطريق وتعريض أنفسهم والآخرين للخطر وتسلق الجدران ومزاحمة رجال الشرطة والإسعاف من أجل توثيق كل شيء والتقاط الصور لضحايا الحوادث حتى اشلاء الموتى لم تسلم من عبثهم ,فهل انعدم الشعور بالإنسانية لدى هؤلاء الأشخاص وأصبحت جثث الموتى مستباحة و رخيصة عندهم ؟!!
تلك السلوكيات الشاذة والاستهتار بالأرواح تعبر عن تربية خاطئة وقائمة على الانانية وعدم المبالاة وافتقار الشخص لحس المسؤولية وعندما تتنامى ظاهرة التجمهر داخل المجتمع فهي تجر معها خسائر هائلة سواء في الارواح أو الممتلكات وتؤثر سلبا على المجتمع وأمنه واستقراره.
انحسار هذه الظاهرة مرتبط بوعي المجتمع وطرق التعامل مع الكوارث والأزمات فقبل أن نطالب بسن القوانين ومعاقبة المتجمهرين علينا أن نعمل على تكثيف البرامج التوعوية والثقافية حول خطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع وعلى أداء الأجهزة المعنية بالأمن والسلامة حتى نحقق النتائج المرجوة فبدون الوعي بمخاطر التجمهر ستبقى هذه الظاهرة في ازدياد.
د.نوف علي المطيري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
2190 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع