الدكتورة/ نوف علي المطيري
لا أعلم أي روح شريرة تسكن عقول وأجساد بعض المسؤولين الذين ابتلينا بهم في القطاعات الحكومية التي تدار معظمها بنظام العلاقات والمحسوبيات,
فما يكاد احدهم يصل إلى منصب مهم حتى يتحول إلى شخصية سادية تعشق التجبر والطغيان فيبدأ عهده الاستبدادي بجملة من القرارات التعسفية ومنع مرؤوسية من بعض حقوقهم وكذلك تصيد الأخطاء والهفوات لموظفيه المغلوبين على أمرهم مستمدا من منصبه وصلاحياته القوة لقهر وظلم من حوله والتحكم في مستقبل من هم أقل منه مرتبة فيصدر القرارات التعسفية والظالمة من مجازاة وخصم ولفت النظر ونقل تأديبي إلى أماكن نائية دون الاكتراث بحال وظروف موظفيه ومدى تأثير مثل تلك القرارات على أنتاجيتهم .
ويتفنن امثال هؤلاء المسؤولين الذين وصلوا لمناصبهم –غالبا دون تدرج وظيفي ومن خلال الواسطة والعلاقات الاجتماعية- بالقرارات ذات الطابع المزاجي متظاهرين بأنها جاءت لصالح العمل والموظفين, ليدفع الموظف المسكين في النهاية ثمن قراراتهم التي لا تستند على أي اساس واقعي بل بناء على رغبتهم في فرض عضلاتهم ,وتقديم الموظفين كقرابين للأدارة العليا من خلال سلسلة من القرارات والتعاميم التي تنتهك حقوق الموظفين وتدمر علاقاتهم الاجتماعية والأسرية.
وقد نجد مثل تلك النماذج غير المبالية بحقوق الموظف في بيئات العمل الرجالية والنسائية وكذلك المختلطة, فتلك النوعية من الشخصيات تمتاز بالانانية و تبحث عن مصالحها الخاصة واستمراريتها في مناصبها لأطول فترة ممكنة حتى لو كان الثمن تدمير حياة الموظفين الأسرية, فينعزل الموظف بسبب ساعات العمل الطويلة ونظام الشفتات_الورديات- عن أسرته وأطفاله لتكون حياته عبارة عن رحلات مستمرة بين سريره ومكتبة .
حينما كانت صديقتي تشتكي لي من القرارات والتعاميم المجحفة الصادرة من قبل الوزارة التي تعمل بها والتي أصابتها بإلاحباط واليأس حتى وصل بها الحال للتفكير بالاستقالة للحفاظ على اعصابها وأسرتها تذكرت المثل المصري "الحكم فرحة ولو على فرخة"فما زال البعض يعتقد بأنه ان امتلك منصبا كبيرا وأصبح من صلاحيته إدارة اشخاص أقل منه مرتبة فمعناه انه امتلكهم وأصبحوا بمثابة العبيد له وأصبح من حقه قهرهم وتحطيم مستقبلهم حسب مزاجه ودون أن يشعر بالخوف من العقاب أو الخجل من أفعاله التي قد تدفع ببعض مرؤوسيه للاستقالة مفضلين البطالة على تحمل الظلم والقرارات التي تتعامل معهم كالآلات وليس كبشر .
دائما ما نسمع عن تقييم الموظفين من قبل المدراء والادارة العليا ولكننا لم نسمع يوما عن تقييم الموظفين لقرارات وتعميمات المدراء و الادارة العليا ومعرفة رأيهم بمدى فعالية تلك القرارات, وهل ساهمت فعلا في جودة العمل وزيادة الانتاجية والحفاظ على مصلحة العمل -كما يدعي المسؤولون دائما -فمصلحة العمل اصبحت شماعتهم المفضلة التي لا يكلون ولا يملون من ترديدها في كل خطاباتهم وتعاميمهم التي لا تنتهي.
دائما ما نسمع عن التطوير الاداري ودائما ما يفكرون بالانتاجية ويتحدثون عن رفع الكفاءة, ولكن نادرا ما يتحدثون عن حقوق الموظف نفسه ومدى مناسبة بيئة العمل لتحقيق الانتاجية المطلوبة, فأين حق الموظف بتقييم تلك القرارات؟وأين حق الموظف بتقييم التعماميم التي تملا درج مكتبه؟ ليقول رأيه بتلك القرارات ومدى تأثيرها على عمله وحياته الخاصة .
حديث صديقتي المليء بالمرارة الممزوجة بالألم دفعني للتفكير بتأليف كتاب بعنوان "كيف تصبح حمارا"ففي عالم مليء بالمفارقات العجيبة والفساد الاداري والمحسوبيات نحن بحاجة لأن نتعلم من هذا الحيوان الصبر والتجلد في بيئات العمل حتى لا نفقد عقولنا .
د.نوف علي المطيري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
776 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع