د.منير الحبوبي
ما هي مطاعم التذوق
Restaurants gastronomique
هي مطاعم راقيه جدا عددها لا يكاد يذكر نسبة للمطاعم الكلاسيكيه الباقيه ويتميز اصحابها او رؤساء الطباخين فيها بكونهم حاملين نجمه واحده او اثنتين او ثلاثه وهذا ليس بالضروري مائه بالمائه اي ليس شرط ان يكون صاحب المطعم من حملة النجوم
في هذه المطاعم يجب ان تعرف بأنك بخروجك منه كشرقي فأنك حتما ستخرج جائع ولكن الفم قد تذوق اكلات وأطعمه رائعه فعلا والتي تقدم بشكل فني وكأنها لوحات فنيه مرسومه من قبل الشيف للمطبخ وعموما الوجبه او العشاء تستغرق حوالي 3 ساعات ويقدم في بدايتها ما يسمى بالمشهيات ومن ثم بالدخوليه ومن ثم بالوجبه الرئيسيه ومن ثم الأجبان واخيرا الحلوى
بمناسبة خروجي على التقاعد فان جامعتي كرمتني انا وزوجتي بعد خدمه جامعيه لثلاثين عاما تقريبا بسكن لليلة واحده في فندق من خمس نجوم ومطعم ثنائي النجمه هو للطباخ المعروف عالميا برنارد لوازو الذي انتحر عام 2003 بأطلاق النار من بندقيته بفمه لأن المسؤولين عن تقييم المطاعم والطباخين في فرنسا لغت منه النجمه الثالثه التي كان يحملها فأصبح طباخ ذو نجمتين فلم يتحمل ذلك
تطبعا مت دعوتنا للمطعم على العشاء وهي كانت لأول مره في حياتنا ان ندخل بهكذا مطعم وحسب الظاهر هكذا مطاعم لها خصائص معينه ويجب معرفتها منها مثلا عند تقديم كل اكله فيجلب معها سكينه وشوكه وملعقه وبأنتهاء الأكله وتقديم اخرى جديده يتم تبديل هذه الأدوات بأخرى جديده. الشوكه يتم وضعها جهة يسار الصحن والسكين والملعقه يمين الصحن بحيث جهة القطع للسكينه تكون متجهة بأتجاه الصحن وعموما هذه الادوات توضع على مسافه معينه ومحدوده وهي حوالي 2 سم من الصحن ومن حافة الطاوله
للمعلومات قبل دخولك بصالة المطعم الرئيسيه تدخل في صالة استقبال قبلها يتم نكريمك بالمشروب وهذه هي عاداتهم هنا بالدول الأوروپيه فطلبنا العصير والگعده كانت كلش محترمه والحضور اكثرهم نسبيا من كبار السن وكلهم لابسين القوط وباين عليهم اما رجال اعمال ومن الأغنياء وحتى جلستهم بشكل غير عادي فأنت تجلس بشكل لا اريد الأسهاب به ولكنه ينم عن مثاليه ووقار واحترام والحديث بين الزبائن كله على صوت منخفض فلا تسمع حديث الطاوله المجاوره وعموما لا تقل المسافه بين الطاولات عن 3 متر لكي ياخذ الزبائن راحتهم بالحركه والكلام دون ان يسمعهم الضيوف الآخرين اي ان المطعم غير مكتض
في هذ الصاله قدمت لنا ثلاث مشهيات الواحده بعد الأخرى طبعا لا يحق لك او من غير المتعارف عليه ان تطلب حال انتهائك من الصحن الأول ان يأتوا لك بالثاني بل النادل هو الذي يراقب وهو الذي يحدد وقت رفع او وضع المشهيه التاليه. في هذه الصاله تأتي مضيفه خاصه تستعلم عن تفاصيل وجبة عشائك فهل اللحم لوجبتك تريده مطبوخ بشكل جيد او نصف طبخ او يأتي بدمه اي مطبوخ اسما اي قليلا وتسألك ان كان عندك طلبات خاصه مثلا حساسيه من الگلوتين او من اكلات معينه لكي يتجنبها الشيف بالمطبخ وهنا اخبرناه بأننا لا نشرب الكحول ولا نتناول لحم الخنزير وطبعا هذه السيده كانت من اجمل النساء فتصورتها حينها من النجوم بعالم السينما وكلما تحدثك فهي تتكلم بصوت خافت جدا وابتسامه عريضه والكثير من التقنيات التي تخص الطعام لا افهمها وحمدا لله ام علي كانت على قدر المسؤوليه فلم يبدوا علينا غريبا ارتيادنا هكذا مطاعم, بعد ان امضيت الوقت اللازم بصالة المشهيات تأتي المضيفه وتدعوك للذهاب الى صالة المطعم الرئيسيه
عند الدخول الى صالة المطعم الرئيسيه التي واجهتها زجاجيه وامامها حديقه جميله وما اروع حيث امامها صيفا يجلس عازف يعزف على البيانو -عفوا اقصد ابو المزيقه.. هههههه وطبعا دخولك او حجزك قد تم التخطيط له مسبقا من ادارة المطعم على الطاوله الفلانيه بالصاله والسيده المختصه عن الأستقبال بالصاله بالبدايه تبين للضيوف مكان الطاوله وتسحب الكرسي للخلف وخاصة للزوجه ثم الزوج او السيده ثم السيد فتدخل للجلوس وسيتم دفع الكرسي للأمام قليلا من قبلها لكي تجلس عليه على المسافه المفضله وطبعا بعد ذلك يمكنك انت تحريكه كما تريد ولكن يفضل عدم سحب الكرسي والجلوس عليه بنفسك بدون تدخلها في بداية الأمر . طبعا السيده ايضا ساعدت زوجتي بوضع معطفها في المكان المخصص لذلك وحيث ان ام علي تحمل حقيبتها اليدويه معها فهم قد جلبوا طبله صغيره قرب الطاوله لكي يتم وضع الحقيبة عليها اي هي لا توضع لا على طاولة الطعام ولا على الأرض
بعد ذلك بدأوا بتقديم الدخوليه اي الأنتريه صحن بعد الآخر اي كلما تنتهي من صحن فيتم جلب اكلة دخوليه اخرى ولكن حسب مواقيت معينه ومحدده وكانت لا اتذكر بالضبط حوالي ثلاث دخوليات وما ازعجني هنا هو انه يوجد نادل يراقب الطاولات فكلما شربت كمعه من العصير او الماء بكاسك فهو متخصص ويأتي ليكمل الكأس بالماء او العصير او النبيذ اي لا يتركك انت لوحدك تملئ كأسك من البطل
بعد الأنتهاء من الأكلات للدخوليه تبدأ الوجبه الرئيسيه وهي كانت على شكل اثنين من الأكلات الرئيسيه وقدمت ايضا الواحده بعد الأخرى وطبعا كلما يأتي النادل الحامل للصحون على صينيه خاصه فقط لطلبك اي لا يوجد بها صحون لطاوله اخرى فيأتي معه شخص آخر متخصص يشرح لك مكونات هذا الصحن وبعض الأحيان بنهاية كل صحن او وجبه يسألك ان احببتها او لا وطبعا هو بالشرح لا يقصر فيخبرك مثلا ان اللحم لهذه الوجبه كان من المدينه الفلانيه في فرنسا وهي اما من ظهر او صدر او فخذ البقره والخضار من كذا محافظه والصوص مثلا نوع تسماني من استراليا وووو ويداعيكم نعم نعم نعم... وللوجبات الرئيسيه فالشخص الحامل للصينيه للوجبه يجلب قبلها منضده متحركه يتم وضع الصينيه عليها ومن ثم من الصينيه يتم وضع الصحون على الطاوله او رفعها بطريقه معينه لم اتذكر ان كانت من يمين الزبون او يساره فهذه لا أتذكرها,
هنا نسيت ان اذكر دائما حينما تبدأ الأكل بصحن ما فتبدأ بالأكل من الجهه الخارجيه له بأتجاه وسط الصحن وليس مثلا تبدأ بالأكل من وسط الصحن بأتجاه المحيط الخارجي للصحن ...واكرر دائما يجب ان تتلذذ بالأكل اي لا تأكل سريعا وعليك بمضع الطعام بكل تأني لكي تتذوق مكوناته وتستشعر بطيبتها وتستطعم كل مكونات الطعام وليس شلالي مثلنه نأكل بسرعه ونگوم اي متبعين المقوله الشهيره أكل بساع وگوم بساع اي نحن هنا بالمطعم للأرتياح والتذوق وليس فقط لترس المعده لأنه بالحقيقه هناك اشبه ما يوجد وقت تقريبي لتناول كل وجبه بأعتبار ان تواجدك بالمطعم هو على الأقل لثلاث ساعات وأحب ان اذكر ايضا بهكذا نوع من المطاعم الوجبه المقدمه بالصحن كميتها قليله جدا وموزعه او مقدمه بشكل وكأنها لوحه فنيه مرسومه بأنامل رسام او فنان
يأتي بعد ذلك دور وجبة الملوحيات او وجبة الأجبان وهي وجبه تقدم بعد الوجبه الرئيسيه حيث تأتي نادله جميله جدا بعربه عليها صينيه كبيره بها حوالي 20 نوع جبن والكل تعرف فرنسا متميزه بأجبانها التي تتجاوز ال 360 نوع جبن ومع النادله كانت هناك سيده تستشيرك ماذا تفضل من اجبان ويفضل تذوق او اختيار ثلاثة انواع منها او اكثر او اقل ويمكنك ان تطلب منها ان تشرح لك على البعض منها فتختار انت الأجبان التي تفضلها والمشتقاة سواءا من الماعز او الغنم او البقر وعندها تبدأ هذه السيده بقطع الشرائح التي تريدها وهي تشرح لك اصل كل جبنه ومن اي محافظه حيث للشمس ونوعية طعام المواشي له تأثير على طعم الأجبان ووووو وتقدم على صحن امامك ....وهنا تفاجأت بقولها لي ان ابدأ بأكل الشرائح للجبن من جهة اليسار بأتجاه اليمين والسبب هو ان تبدأ بأكل الجبن الأقل حده بأتجاه الأكثر حده وليس العكس
بعد ذلك يأتي دور الحلويات حيث قدمت لنا ثلاث صحون من الحلويات الواحده بعد الأخرى وكذلك يقدم الشاي او القهوه وطبعا ان كان الشاي فيشرحون لك انواعه ومن اي دوله قادم والنكهة التي ترغبها او تحبها وهكذا الحال للقهوه فهل تفضل البرازيليه ام قهوة الپيرو او الكولومبيه وهلم جرا
للخلاصه المطعم قدم لنا ثلاث صحون من المشهيات طبعا واحد بعد الآخر وثلاث دخوليات وقدم لنا 2 صحن رئيسي بالوجبه الرئيسيه وايضا واحد بعد الآخر ومن ثم الأجبان للتمليح وبعد الجبن تم تقديم ثلاث صحون من الحلويات الواحده بعد الأخرى ونسيت ان اذكر لكم انه بالصاله يوجد مسؤول يراقب الطاولات للضيوف او الزبائن ويشرف على كل الموزعين للأكلات ويفتر ويدور ويراقب الخدمات من قبل النادلين والنادلات وكذلك يتابع ان احب الزبائن الأكل وبعض الأحيان ان رآك مبتسما وتقبل الكلام معه يسألك ان ينقصك شيء ما وفعلا في مره من المرات لاحظ ان ام علي لم تأكل من صحن ما او تذوقته فقط ولم تكمل اكله فسألها ان كانت تفضل غير ذلك والصحن كان به اكله من اوراق السبانخ المطبوخه والمحشيه برقائق شونذر . طبعا لن ادخل بتفاصيل الأكلات ولكن الصور المرفقه تبين البعض منها وان لم اخطا كانت حوالي اكثر من عشرة وجبات مختلفه والشيء المهم الذي احببت ان اقوله لكم قبل ان انساه هو انه من الأفضل ان لا تشكر العمال على خدماتهم اي هذا لا ينصح به وانا كلساع متشكر من يجيبون صحن جديد.
وحيث ان الجامعه حجزت لنا ارقى الحجوزات بالفندق والمطعم فقد تم تكريمنا بزيارة مطبخ المطعم وهذا لا يسمح به لكل الزبائن وتم تقديمنا للشيف الذي يشرف على بريگاد او مجموعة طباخين ثانويين تحت تصرفه وهم اربعة عشر طباخ كلهم عندهم دبلوم طبخ وطبعا ايضا بالمطبخ يوجد شيف آخر لعمل الحلويات وتحت امرته حوالي عشر اشخاص يعملون الحلويات وحينما دخلنا بالمطبخ على هذا الشيف وجدناه لكل صحن يعمله وكأنه حامل لريشه ويرسم بالصحن بألوان جذابه جميله وشكرناه وأحب هو ان يتعرف علينا وهنا ام علي قد بينت له طعم اكلاتنا الجميله بالعراق وفعلا الحچي بيناتنه اكلنه هوايه اطيب واجمل وأحسن ومن ايدين ام علي بعد اطيب وازكى
طبعا اذكر بأنه ان حصل وسقطت بعض الأشياء البسيطه مثل فتات معين على الطاوله فتأتي نادله وبفرشه خاصه بذلك تمسح على الطاوله المغطاة بشرشف جميل لكي تبقى الطاوله نظيفه وجذابه ودائما من حين لآخر تأتي فتاة حامله لسله بها انواع من الصمون مثلا صمون صنوبر او صمون شعير او صمون تقليدي محلي يخص مدينتهم وتشرح لك كل هذه النوعيات من الخبز
طبعا اكثر من صديق وقتها سألني وهل حين خرجت من المطعم كنت شبعان ؟ فقلت لهم نعم فأستغربوا من ذلك لأنه بالعرف العام لا يخرج الزبون شبعان ولكن الحقيقه هو اني وقعت بخطأ لأنهم بالمطعم كلما كانوا يقدمون وجبة الطعام لي ولأم علي فهي اما لا تحبه او تتخوف من الحساسيه لأنها لا تعرف مكونات الأكله وهكذا كان دوري أكل وجبتي وأكل وجبة ام علي اي اكلت وجبتين من كل وجبه تقدم وبالتالي لم اشعر بالجوع عند نهاية العشاء اي عموما الحضور او تناول الأكل بهذه المطاعم هو ليس لملئ المعده بل هو للتذوق فلهذا يخرج الزبون عادة شويه جائع ومن هذا المنطلق التسميه لهذا النوع من المطاعم بمطاعم الذوق او التذوق
طبعا حال مغادرتك المطعم يصطحبك المسؤول عن التشريفات بالمطعم لغاية باب المطعم.
أحب ان أذكر بأن ما وصفته لا يعني بالضبط هكذا تتم الخدمات وبنفس الطريقه بالمطاعم الأخرى حتى ان كانت من المطاعم الراقيه ولكن هذا ما لاحظناه ولا أخفيكم سرا حيث اننا من المكرمين شخصيا بهذا المطعم من قبل جامعتي فتم عمل زياره لنا الى الكهف الموجود اسفل المطعم وذلك لخزن جميع بطالة المشروبات المعتقه الواين حيث يتجاوز سعر البعض منها الألف دولار وبعض البطاله يكون عمر تعتيقها يقارب من مائة عام ولا اريد ان اسهب بهذا الموضوع لعدم معرفتي بهذا العالم حيث حال دخولنا للكهف سألنا النادل المتخصص بهذه المشروبات المعتقه ان كنا عارفين بأنواع النبيذ فكان جوابنا اننا نعم من المحترفين والذواقين والعارفين بكل هذه المشروبات المعتقه ههههه وطبعا هو افتهم ما الذي نقصد به وضحكنا خلال الجوله في سراديب هذا الكهف حيث ضبط درجة الحراره وتدوير البطاله كل يوم والتحكم بكمية الضوء وشدته الذي تتعرض له البطاله للنبيذ هو شرط اساسي للتحكم بالنوعيه والذوق والشخص الذي يشرف على الكهف يتحكم بدرجة الحراره للكهف بحيث لا تزيد او تقل عن درجه مئويه واحده عن الدرجه المقرره للحفظ
في نفس الفندق والمطعم يوجد مكان مخصص لمراعاة وحفظ كلب الزبون وكذلك حديقة ونافورات ومسبح الفندق مطعم ومرفق به مسابح للسونا والمساج وحمامات آخر عنايه وآخر اتكيتات وقبل ان انسى حال وصولك للفندق المطعم تترك سيارتك امام الفندق وتعطي المفاتيح للمسؤول عن استقبال الزبائن وهكذا عند الخروج وفي وقتها كنت افكر بأكرام البعض من الموظفين ولكن هذا ممنوع جدا ولا يسمح به على الأطلاق هذا ما قاله لي البعض من الأشخاص الذين يعرفون هذه الأتيكيتات
اكرر هنا بكوني لم اصف المكان المحيط بالصاله للمطعم والأضاءات السحريه الخافته وموسيقى هادئه حالمه جدا لأحدى السمفونيات العالميه طبعا انا فضلت عليها مزيقتنا وللعلم بعض الأحيان وفي مناسبات خاصه وتواريخ معينه يوجد حضور لعدد قليل من العازفين على البيانو والأورگ ولكن بصوت خافت جدا وكذلك يراعى عند الكلام حول طاولتك ان لا يسمعك الجالسين على الطاولات الأخرى المجاوره وأحلى شيء بهذه الضيافه هو كونها على العشاء ليلا حيث لها وقع افضل منه عن الغداء
ختاما ارجوا ان تفيد هذه المعلومات البسيطه التي لم اكن اعرفها على الأطلاق في حياتي عن هذا النوع من المطاعم وللعلم هذا النوع من المطاعم غير سهل الدخول لعامة الناس اي يجب ان لا نتصور ان المطاعم او الحياة في اوروبا هي هكذا ولكن فقط للناس ذوي القدره الماليه العاليه او في مناسبات خاصه كأن يدعوا احدهم زوجته او عائلته او ضيوف كرام عليه مرة كل عدة سنوات مثلا او في مناسبات خاصه لا تتكرر مرارا بحياتهم كحالتنا حيث كان تكريم رائع وجميل لنا به ذكريات لن ننساها
1152 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع