د.منير الحبوبي
بربوگ ما يغرگ - وهو من الأمثال العراقيه القديمه
بادئ ذي بدء استميح القراء من الكلمات النابيه بالموضوع ولهذا أنبه من البدايه من لا يتقبل هذه الكلمات فأستميحه عذرا بأن لا يقرأ التالي
المثل عراقي صرف واخترته رغم غرابته وسوء الخلق فيه الا انه مثل عراقي اصيل من تراثنا البغدادي القديم هذا من ناحيه ومن ناحيه اخرى ما شدني للموضوع هو نسبيا الناحيه العلميه به وهي لماذا لا يغرق البربوگ!!!؟
بالبدايه اذكر بأن البربوق هو ليس التنگه العاديه التي نعرفها ولا هو الحب المكسور ولا الحبانه التي هي الحب الصغير ولكن هو بالأصل ابريق فخاري له عنق طويل نسبيا ينتهي بفتحه علويه دائريه من عبرها يتم ملئ الأبريق بالماء وايضا يحتوي على بلبوله او اشبه بفتحه صغيره يتم سكب الماء منها للشرب او ملء كاس ماء وعموما الماء حينما يخرج من البلبوله يسبب ظهور او سماع صوت يسمى بالبربقه اي الماء يبربق بسبب وجود هواء وماء يمر عبر البلبوله الضيقه فنسمع هذا الصوت ومن هنا التسميه بربوق. للعلم حتى حينما نشرب الماء من البطل البلاستيكي العادي للماء فسنسمع هذا الصوت من البربقه بفعل دخول ووجود الهواء بين تكمعات الماء الداخله للفم عند الشرب وبصوره عامه فأن الإبريق المكسور بلبولته يتم رميه في النهر فنراه لا يغرق بل يبربق(بَرْبُوگْ ما يغرگ)
هذا المثل قيل للمرأة الفاسدة أو الرجل المخروم وعادة هؤلاء الناس يكونون متحايلين جدا وعندهم قدره عجيبه غريبه في التخلص او الأنفلات من اي ورطه قد يقعون بها اي عندهم قابلية خداع لا يملكها الآخرين فتراه يطلع من اي مشكله مثل الشعره من العجين وعموما يتهم بالقضيه السيئه التي عملوها اشخاص ابرياء لا علاقة لهم بالموضوع والمثل يقال ايضا للرجل الداهية بمعنى واسع الحيله لاتغرقه المهمات الصعبة (للإهانة) وتطلق التسمية بربوگ على البنت الغير سوية لكسر في شرفها (بَربوگ أم الدروب - صايعه) ويذكر الاستاذ صباح مال الله في كلمات ارامية بأن الكلمة من الألفاظ التي تسب بها النساء ، وجمعها برابيـگ .وعموما من النادر ان يخاطب بهذا المثل الرجل ..وبصوره عامه البربوگ هي كناية عن [ السعة ] كأنها مجرى الماء للرجال
ويقول الحكيم البابلي: الكلمه بربوگ جمعها ( برابيک ) ، وهي كلمة غير دخيلة ، ومستعملة بكثرة بين النساء في العراق ، وممكن قولها وإستعمالها بينهن كشتيمة أو كملاطفة وتحبب ، ويقول البعض بأن هذه اللفظة ( كراشية ) وهي إحدى اللهجات الفارسية وتعني : الكوز الصغير ، وربما كانوا قد إستعاروها من العرب وليس العكس ، لأنها تُلفظ في العربية الفصحى : ( بربوق ) .
والبربوگ في اللهجة العراقية يعني التُنكة ذات البلبوله والذي طال إستعمالها حتى تثلمت حافات فتحتها او بلبولتها ولم تعد صالحهً للإستعمال في شرب الماء ، وحين يقذفوها للنهر للتخلص منهُا تميل بفوهتهِا على سطح الماء بوضعٍ لا يتسبب بغرقها ، وتنساب مع مجرى ماء النهر بلا غرق ، لِذا شُبِهَت بها المرأة التي أجبرها ظلم المجتمع والحاجة إلى ممارسة البغاء طلباً للرزق ، وحين شابت ولم تعد صالحة لخدمة شهوات الرجال رموها على قارعة الحياة والمجتمع كما يُرمى البربوق في النهر ، لكنها مثل البربوق ، لم تغرق !، وبقيت تتكسب عيشها حتى ولو بإستجداء الناس . هي حكمة ومغزى وعبرة ، حين يتم تشبيه المرأة المظلومة بالبربوق !. ويقول المثل العراقي : "بربوک ما يغرک" أي : لا يغرق .
قال الشاعر عبد القادر العبادي :
لقد سقط البربوق في دجلة +++ في ليلة ظلماء لا تشرق
لا تعجبوا كيف نجا سالماً +++ من عادة البربوق لا يغرق
لا يزال هذا المثل يستعمل في المجتمعات العراقية لأغراض الشتم والمعايرة ، او للتحبب والملاطفة أيضاً .
كذلك لم افهم لماذا الناس تقذف او ترمي البربوگ بالنهر حيث يمكنهم رميه على الأرض او مكان الزبل ولكن بعد التفكير والتأني والتأمل وجدت هذا التفسير الذي قد يكون صحيحا حيث ان النساء هن فقط من يذهبن الى النهر لملئ البرقوق او المشربه حيث قديما لم يكن هناك انابيب ماء بالبيوت اي لا يوجد بالحقيقه اسالة ماء وحيث المرأه او البنت وهي تقوم بملئه على ضفة النهر فقد ينكسر البرگوك او تنلثم بلبولته او حافته فلا تعود به الى البيت بل ترميه بالنهر ويوجد احتمال آخر وهو انهم لا يريدون ان يأتي شخص آخر ويستحوذ او يستعمل بربوگهم او تنگتهم او ابريقهم المثلوم او المكسور فيرموه بالنهر وسيذهب بعيدا مع الماء الجاري بالنهر والله اعلم وهنا احب ان اذكر انه قديما كانت توجد معتقدات دينيه او غير ذلك مثلا لا تشجع رمي الأضافر او الشعر ان تم قصه لأنه جزء من اجسامنا وقد يحرمه اناس آخرين ويفضلون دفن هذه الأشياء وعدم رميها وهكذا لا يرغبون بأن ياتي احدهم ويستحوذ على بربوگهم الذي عاشرهم لفتره طويله من العمر وشربوا بفمهم منه اي هو جزء من حياتهم ولا يريدون ان يشاركهم به شخص آخر
اما التفسير او الشرح لماذا البربوگ لا يغرق ويكون مائلا وهو يجري بماء النهر فالسبب لميلانه هو كون البربوگ بفعل البلبوله الموجوده به تخلخل توازن او تناظرية جسم البربوگ اي بالماء يكون من جهه معينه اثقل من الأخرى وهكذا ايضا فقاعدة البربوگ اثقل من جهتها منه للجهه الأخرى اي جهة الفتحه وسبب عدم غرقه هي ان الماء سيدخل الى داخل جوف البربوق ويصل بمستواه داخليا الى مستوى فتحة البلبوله وهنا تنطبق على هذه الظاهره مبادئ او قوانين الأواني المستطرقه اي ان الماء لا يصعد للأعلى لغاية فتحة البربوق العليا اي ان العنق الطويل للتنگه او البربوق بالأصح يكون به فقط هواء ولا يمتلئ بالماء مما يسبب بقاء البربوگ طافيا اي بالحقيقه لو ان الماء صعد الى اعلى فوهة البربوق لغرق البربوق
وللمعلومات فإنّ العالم اليوناني أرخميدس (287- 212 ق. م) أوّل من فكر في دراسة طفو الأجسام الصلبة أو انغمارها في السوائل، ويعود له الفضل في بناء أضخم وسائل النقل البحريّة القائمة على أساس قاعدة أرخميدس. إنّ قوة الطفو تمثّل وزن الجسم في السائل مطروحاً من وزن الجسم في الهواء، والذي يساوي وزن السائل المزاح، وبناءً على ذلك تنصّ قاعدة أرخميدس أنّ :" الجسم المغمور في مائع يفقد من وزنه بمقدار وزن المائع المزاح".
بالختام وللامانه العلميه احب ان اذكر هنا بأن جزء من هذا الشرح مأخوذ من الأنترنيت
1109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع