د.منير الحبوبي
الكواره والسوباط والچرداغ وذكريات الريف
الكواره
هي بناء من طين على شكل شبه اسطواني عموما قطرها حوالي 80 سنتيميتر وارتفاعها حوالي متر ونصف او اكثر وتشبه نوعما في طريقة بناؤها التنور وفتحتها العليا تغطى بلوح خشبي او طيني ومن اسفل الكواره يوجد فتحه تسمح بأخذ الكميات المطلوبه من الخزين المحفوظ بداخلها والتي يحتاجها اهل البيت
عموما يخزن بداخل الكواره الحنطه او البرغل او الطحين او كل انواع الحبوب الاخرى وأما التسميه الكواير فهي كالكواره ولكن يكون حجمها اكبر ويتم وضع الكواره او الكواير داخل البيت وعلى سبيل المثال في غرفة المعيشه ولا توضع خارج البيوت
وهذه الكوارات قديما كنا نراها في بيوت المزارعين وأصحاب الحقول وخزينها من الدقيق يكفيهم لموسم او اكثر ولا يكونون بحاجه ماسه لشرائه من محلات او اسواق بعيده عن حقولهم.وللعلم هذه الطريقه بحفظ الحبوب اكثر امانا منها تخزين الحبوب او الطحين بالگواني وبعباره اخرى يمكن القول ان وظيفة الكواير هي كوظيفة السايلوات التي تخزن بها الحبوب او الدقيق والتي تغذي مدن ومحافظات العراق ولفترات زمنيه طويله والكواره البعض يلفظها بفتح حرف الكاف وآخرين بتسكين الكاف
السوباط او الدچه او العرزاله او المناميه او مكان تكويخ الرمان والتين
البعض من البغاده واهالي الفرات الغربي يسموها بالصيباط بدلا من السوباط وهي بناء يبنى في ساحة الحوش ويكون مبني من الطين ومرتفع عن الأرض بحوالي متر وابعادها كبيره فهي حوالي 4 متر في 3 متر ويستخدم للنوم لعدة اشخاص وعموما يتم النوم عليه صيفا وتكون السماء مملؤه بالنجوم وما أجمله من منظر
فالسوباط اذن يقوم مقام عدة اسره للنوم وبنفس الوقت فأن اسفل سطحه يكون مجوف اي فارغ فيستخدم بعض الأحيان لدخول الدجاج او البط لحمايتهم من المطر ولكنه يستخدم بشكل اساسي لتكويخ بعض الفواكه اي خزنها للموسم الذي لا تكون موجودة به هذه الفاكهه بالسوق فيحفظ بها الرمان او التين او البعض من الحمضيات ولكن يتم تخزينها بشكل يستوجب الكثير من العنايه والدرايه والا فأن كل ما يخزن سيتلف ان لم يتم حفظه بشكل جيد جدا
طبعا بناء السوباط بهذا الشكل على ارتفاع معين يحمي النائمين من الزواحف كالعقارب او الحيايا او البعض الآخر من الحشرات التي تخرج وتزحف ليلا وكذلك فأن نومتك رائعه وانت محمي بأكثر من بدي گارد حيث تحيط السوباط العديد من الكلاب الأمينه , ولا أنسى الدور الخبيث للبگ والكله هي احسن حل لتجنبه وكذلك استعمال الفليت وما احلاها وانت تتغدى او تتعشى على الحصيره المعموله من اوراق سعف النخيل على الأرض والكلاب تحيط بالگعده ولا تجرأ ان تقترب منك او تزعجك فتقوم انت بالعطف عليها بشمر العظام او بعض اللحوم لها وهي بخروجك او ذهابك للحقل فهي ترافقك دوما وهي كالصديق الوفي الذي يسير بظلك
ولا اخفيكم سرا نومة واحده على السوباط بالربيع وانت داخل بستان او حقل فهي ليله من ليالي العمر وخاصة ان كنت مع عدد من اخوتك وأخواتك او اقربائك وأنت بعمر الورد اي عمرك شويه اكثر او اقل من ثمانية اعوام وانا لن انسى طيلة حياتي النومة عليه وخاصة ان التنور يكون بجواره ويتم خبز الخبز الشعير بقربه فتصوروا رائحة دخان التنور آنذاك فتأكله حار ومگسب وما اطيب والذ من نكهته الرائعه بفعل نار دخان المطال الذي هو يحضر آجلكم الله من فضلات البقر ويستخدم كوقود عضوي سريع الأشتعال بالتنور بأضافته للعاگول اليابس والحطب الذي تم وضعه داخل التنور ولا انسى الأحساس الرائع بالأرض والتربه وانت تمشي حافي بالبستان فتكون على اتصال روحاني مع الأرض ولا يوجد عازل بينكما والمشي حافي بطبيعة الحال هو اطيب واحسن علاج للأقدام ولا اعرف ما اقول الا اني وبهذا العمر الآن لا اعرف لم يجذبني الشوق للذهاب الى هناك والمشي والركض حافيا هههههه
البعض من الناس يأكلون او يأخذون او يتناولون حتى عشائهم على السوباط قبل النوم وايضا الكثير من الناس يتعللون وهم مضطجعين او جالسين عليه لساعات طويله حتى ساعه متأخره من الليل وفي آخر الليل نبدأ نسمع أصوات الواويه فنخاف ولا نجد حلا سوى النوم السريع ولا اروي لكم الأستيقاض صباحا على صوت الديوچه وبعض الأحيان الكثير من الدجاج يسمح لنفسه الصعود على السوباط ايضا واما الريوگ فحدث بلا حرج الگيمر والدبس والچاي وبيض الدجاج البيو اي البلدي والروبه وگشوتهه وحليب طازج محلوب هسه گدامك من البقره
الچرداغ
عادة قديما اهالي بغداد وخاصة البعض من اهاليها المتمكنين او الذين بيوتهم تتواجد على نهر دجله فتراهم ينصبون چرداغ خاص بهم حيث هو بناء معمول على شاطىء النهر ومتكون هيكله من اعمده خشبيه تسند الباريه او عدة باريات منصوبه على سقفه لتحجب او تمنع اشعة الشمس القويه على الأشخاص الذين يحبون الأستراحة داخله بعد ان امضوا ساعات عديده بالسباحه , والبعض منهم حتى يدعون اقاربهم او اصدقائهم والقضاء تحت سقفه امسيات او عصريات جميله جدا, وللعلم الباريه هي نسيج يشبه ذلك للحصيره ولكنه مصنوع من ورق وعيدان القصب البردي الذي يتواجد بكثره في مناطق الأهوار اي ان الباريه لا تصنع من خوص سعف النخل وهذه الأخيره تستعمل بصناعة الحصران.
ومن أشهر الچرادغ بالأعظميه هو چرداغ عوسي الأعظمي والذي كتب على مدخله كل الشرايع زلگ ومن يمنا العبره. وللمعلومات الچرداغ هي كلمه فارسيه وتعني السقيفه وكانت موجوده العديد من الچراديغ بثلاثينيات واربعينيات وخمسينيات القرن الماضي سواء بالأعظميه او الباب الشرجي وحتى بالسنك
ومن مطالعتي للمعلومات عن الچراديغ القديمه ايام زمان احببت ان انقل لكم هذه المعلومه التي يرويها السيد الأستاذ خالد القشطيني في مقاله له على الأنترتيت فيذكر بأنه كل چرداغ يحترم حقوق وسلوك وهدوء الچرداغ المجاور. لا أحد يكدر صفو جيرانه. خرجت يوما من أحدها لأتمشى على الشاطئ. لنهر دجله بالاعظميه أسرع إليَّ صاحب الچرداغ وقال: أرجوك خالد لا تذهب في هذا الاتجاه غربا. قلت: وما المانع؟ قال: هناك چرداغ يهود، وبناتهم يخلعن ملابسهن ويلبسن المايوه حتى يسبحن في النهر. فلا تقترب منهن وتنغص عليهن حريتهن ومتعتهن. أطعت ومشيت شرقا
احب ان اضيف انه قديما حينما تقام الأحتفالات الدينيه بعاشوراء واربعينية ابا الشهداء الأمام الحسين عليه السلام فالناس الذين حالتهم الماديه زينه ويحبون اكرام ضيوف الأمام وحيث انهم لا يملكون الصحون الكثيره لأطعام الناس فتراهم يصبون التمن مباشرة على الباريه ومنه يأكل الناس مباشرة وهنا احب ان اذكر ان اكثر بيوت الصرايف التي بنيت قرب السده التي كانت تحيط ببغداد للفلاحين الذين هاجروا وتركوا حقولهم من جنوب العراق وخاصة بالخمسينات والستينيات فأنهم بنوا الصريفه اي جدرانها من الطين ولكن لبناء السقف فهو يبنى من نصب العديد من عيدان القوغ القويه والتي تعمل عمل الشيلمان ببناء اسقف البيوت العاديه ومن ثم فوق العيدان تفرش الباريات ومن ثم تملج وتغطى بطبقه طينيه من الخارج اي من الأعلى لتمنع اختراق السقف من قبل ماء المطر
البستان والحقل
لا أخفيكم القول ان الأشخاص الذين لم يعايشوا حياة الريف العراقي ففعلا عمرهم خساره وفعلا يحق القول عمره خساره الما يزور السلمان حيث ان هذه الذكريات تذكرني بركوب الخيل والسباحه بنهر تم ضخ مياهه من نهر الفرات وكذلك السباحه قرب مضخات الماء التي تضخ المياه الى النهر او الساقيه التي تسقي البساتين بالكوفه او اطرافها وخاصة منطقة البوحداري ولن انسى هذا الصوت الرخامي الرائع لمضخة الماء وكذلك مشاهدة البعض من الحيوانات التي تدير الناعور كالبغل او الحصان الذي يرفع الماء من نهر الفرات / شط الكوفه الى الساقيه التي تسقي البساتين والحقول التي تمتد عليه وطيا رابط لشط الكوفه
https://www.youtube.com/watch?v=P0ulvnV7gQk
https://www.youtube.com/watch?v=4r7eijvjG1Y
واما قطف الخيار سواء خيار المي او خيار الطعروزي او التعروزي والطماطه الخضره والبصل الاخضر والبطيخ والصابوري وحتى الشيصم الله الذي نسيجه يشبه نسيج البريسم وحلاوته او طعمه سكري ولكن بشكل خفيف ويجب ان تختاره طازج وناعم وغير مشيخ وهكذا الحال يمكنك ايضا قطف الگوگله التي تنبت ايضا بشكل عشوائي مثل الشيصم الله وعموما الگوگله يكون طعمها شبه حامضي مالح واما السباحة في النهر فلا احدثكم عنها فهي احلى من اي سباحه على شواطئ الكوت دازور او شواطئ الازوردي وأن حصل عرس بين عوائل الفلاحين في البساتين فلا احلى من ذلك حيث الهوسات واطلاقات النار وشعل الحطب وشواء السمك والغناء الفطري الريفي الجميل وأختم بالصعود على النخله بواسطة التباليه وانزال عثوگ التمر ومن انواع مختلفه من اشهى انواع التمور ولا انسى تمر الچمري بحلاوته الخفيفه الرقيقه والذي يتساقط قبل نضوج التمر ويكون لونه اخضر ولكنه لاحگ وكذلك تذوق الخريط ان كان موسم تحصيله وحتى بعض الأحيان اكل الخبز السياح المعمول من طحين تمن عنبر المشخاب
واما الطفوله بعمر الزهور وبالريف فالأطفال يعيشون حياة حره لا قيود ولا ممنوعات كثيره كحال المدينه وبالريف اذن مسموح استعمال المصياده لصيد العصافير وحتى اطلاق النار من بندقيه بوجود الوالد او العمام او الأقرباء الكبار فأنت بالريف وليس المدينه فلا محرم ذلك ايام زمان ولا انسى ايضا اطيب الليالي واجملها واروعها تواجدك مع الوالد في احسن المضايف حيث تكون ضيفا عليهم والشيوخ والفلاحين يرحبون بك وكان والدي رحمه الله يساعد الكثير من الفلاحين وحتى ان كانت هناك مشكله في زواج احدهم من بنت فيكون الوالد هو مبعث خير او واسطة خير كما يقولون ويسهل الزواج ويشارك حتى بالمهر لبعضهم او يجهز زواجهم بتزويدهم بالقماش اللازم سواء للعريس او العروسه ولا انسى فضله في تزويج الفلاح الشاب عبد الأمير أبن ظاهر الدلگ من البنت كميله ابنة فلاح قريب من بساتينهم وكانت هناك خلافات عميقه ورفض لزواجهما من قبل العائلتين وأنا هنا احببت ان اذكر اسمهما لأبين ان ذاكرتي القديمه لا تنمحي حيث كان عمري لا يتجاوز الخمسة سنوات واتذكر قصة حبهما وكأنها قصة حب قيس وليلى
ولا انسى ايضا حياة المضيف فلا أاروع من دلال القهوه بالوسط والأحاديث سواء الدينيه او الأجتماعيه داخل المضيف فكلها جمال ورقه وحسن انصات وكلام معسول ولوكسات الاضاءه مشعوله لساعات متأخره من الليل وفي داخل المضيف يتم حل كل المشاكل بين الفلاحين وخاصة من ناحية توزيع المياه على اراضيهم او دخول احد ماشيتهم بأرض الأخر وأتلافها لمحصولهم وكل ما يتعلق بهذه المشاكل فكان والدي رحمه الله مرجعا لهم ويحل الخلاف بطرق سلميه فيا ربي كل امنياتي وعراقنا يمر بوقت عصيب هذه الأيام وعراقنا وشعبه يعاني الكثير والأمرين فأتمنى من عقلاء القوم ان يتفقوا على حل سلمي يحفظ دم شباب العراق وتحفظ حقوق المواطنين ويتم توزيع الثروات بشكل عادل ويحاسب كل من سرق قوت الشعب ويسمح للشباب ان يأخذوا دورهم القيادي في قيادة الأمه والبلد وان يحتكم للعقل ولا للغضب والدم
1121 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع