د.منير الحبوبي
الصباح رباح وذكریات جامعيه طريفه
تسائلت كثیرا ما هي المعطیات وراء هذه المقوله الشهیره الصباح رباح ؟ وبعد معاینه وتأمل وتفكیر لكلمات ینطق بها اشخاص یطالبون متحدثهم المتعصب والزهگانه روحه وبطنه راح أتطگ من القهر بأن یطول خلگه ووقتها ایضا قد تسمع بعضهم ینصح بالقول یا معود طول بالك وكذلك البعض ینصح بالقول أستهدي بالرحمن وأصبر فأن االله مع الصابرین وكذلك تسمع العباره لا تغث نفسك وهدي روعك وكذلك البعض منهم ینصجك بأن تجرلك چم نَفَس جگاره وتشربلك استكان چاي او تطلع بره بالحدیقه وتتأمل السماء او نجومها لیلا فكل هذه الأمور عرفت مغزاها وهي النصح بأن تهدأ اعصابك وتقوم بالتفكیر السلیم ولا تخطأ خطأ لا یحمد عقباه وقد لا تستطیع لاحقا تصلیحه
هذه الأمور ذكرتني ایضا بما كان یفعل رسول االله محمد المصطفى الأمین الف الصلاة والسلام علیه وعلى آل بیته الكرام فهو كان دائما لأصلاح امته وابعاد الرجس عنها والتامل بالخلق الذي أدى به لأن یفكر بأن لكل مخلوق خالق وهكذا أتته الرساله من االله جل وعلا عن طریق جبریل علیه السلام اي ان التواصل مع الخالق تم بعد ان ركن المصطفى الى الخلوه وفي مكان خالي من الضوضاء والتلوث الضوئي والصوتي وهو غار حراء فأذن لیتحقق له هذا الأتصال لا بد من ظروف خاصه بذلك وهي العزله نوعما والتركیز بالتفكیر
وكذلك الخلود الى مكان نسبیا مظلم او ضیاؤه خافته لكي یحصل تواصل فكري وروحي مع الغیب او مع ملائكة االله
كذلك رجعت بي الذكریات الى ما قبل 45 عاما او اكثر حیث كنت في كلیة الهندسه جامعة الموصل وكان لي صدیق كم اتمنى رؤیته فهو كان الوحید بالقسم الداخلي یبدأ یحضر ویراجع محاضراته ابتداءا من الساعه الثانیه عشر لیلا اي حال ما یذهب زملائه الموجودین معه بالغرفه وعددهم الكلي اربعه الى النوم فهو ینهض من نومه لیبدأ یدرس ویحضر سواء للأمتحانات او للدراسه طیلة اللیل اي حینما یجلس رفاقه بالغرفه صباحا للذهاب للمحاضرات فهو یذهب معهم وبعباره اخرى یمكنني القول انه گالب النهار لیل والعكس صحیح طبعا هو الآن حامل لشهادة الدكتورا في مجال تخصصه بهندسة المیكانیك وربي یعطیه الصحه والعافیه وطبعا هو كان من المتفوقین في مجموعته وكنا حینما نسأله لماذا مگلوبه عنده الدنیه او بالاحرى الأوقات فیجیب بأنه یركز كثیرا بقرائته لیلا حیث الصمت ولا یوجد اي تأثیر خارجي یخطف باله او یلهیه عن عدم التركیز على واجباته
ما سردته وذكرته سابقا فهذا لا یعني علمیا وصحیا بأنه صحیح وبشكل مطلق وخاصة للدراسه ولكنها وجهة نظر للعمل وبشكل جید وتكون صالحه ومناسبه للبعض منا , اي ان ما اقوله لا یعني ان من یعمل ویجتهد نهارا هو غیر جید او غیر مستحسن ولكني اروي حاله ,معینه تعرفت علیها خلال حیاتي
ّ قبل ایام جرى لي حدیث مع صدیق حباب ومخلص وعزیز علي جدا لم اراه منذ حوالي 38 عام وهو كالأخ وهو أحد زملائي من مدرسي معاهد التكنلوجیا قدیما في العراق وهو حامل لشهادة الدكتورا بالهندسه وهو استاذ محاضر في جامعه اجنبیه , خلال حدیثنا عن الذكریات وعن الاطلال حیث عرفت ان اكثر مدرسي معاهدنا قد غادروا العراق وهذا شيء مؤلم ومبكي ولا ارید الدخول بأسبابه فعرفت منه ان فلان تزوج من فلانه وان فلان تطلق من فلانه وان فلان توفى بالسكتة القلبیه وهو بعمر الشباب وذكریات اكثرها مؤلمه وخاصة في مواقع التعلیم حیث اصبح آنذاك الجهاز الأداري نقمة على الكادر العلمي واصبح من هو اقل كفائه وقدره یتحكم بآخرین اكثر منه كفائة ووطنیه
الحدیث الجمیل معه اوصلنا الى انه ذكر لي بانه منذ كان تلمیذا بالمتوسطه او الأعدادیه فأنه حینما تصعب علیه مسألة ما بكل الدروس وخاصة العلمیه او الریاضیات بالذات فهو یذهب الى سریره ویضع البطانیه على راسه ویبدأ یفكر بالموضوع وبعد فتره زمنیه قد تقصر او تطول یجد حلا لذلك فضحكت وتعجبت من طریقة اسلوبه بالدراسه والعمل وطریقته هذه استمر علیها حتى بالدراسه الجامعیه فأضحكتني كثیرا
خلال سردنا لهذه الذكریات وهو في زیارة لي بعد هذا الفراق الطویل یومها كنت قد تناقشت معه عن ظاهرتین علمیتین لا أجد تفسیر او حل لهما ولكن لا ارید ان اطیل بالسرد ویا محض الصدفه فبعد انتهاء حدیثنا لیلا وبعد ان خلدت الى النوم وفي حوالي الساعه الرابعه صباحا نهضت من النوم وبسرعه لأني وجدت الحل او التفسیر العلمي المقنع لأحدى الظاهرتین العلمیتین التي لم اجد لهما تفسیر مقنع سابقا وكما قال لي صدیقي حینما كان تلمیذا فحینما یجد الحل وهو نایم جوه اللحاف ومغطي راسه فعلیه النهوض رأسا والذهاب بسرعه الى المكتب وتسجیل الحل او الجواب للمشكله وهذا ما فعلت وحینما اجتمعنا صباحا على مائدة الفطور ذكرت له ما حدث فضحكنا كثیرا
ومن ذكرياتي بهذا الموضوع فلن انسى ذكریاتي بسبعینیات القرن الماضي وبالذات بالقسم الداخلي وحیث كنت بالصف الثالث كلیة الهندسه فكان لي صديق وهو بالسنه الدراسيه الجامعيه الأخيره وساكن في نفس الغرفه معي وهذا كان لي قدوة ولم انساه طیلة حیاتي حیث كان انسانا ذكیا جدا جدا ولا عجب في ذلك فهو حينما تخرج كان الأول على خریجي دفعته بقسم المیكانیك وكان الثاني بالترتیب لكل اقسام كلیة الهندسه بجامعة الموصل سواءا بالكهرباء والمدني والري والهندسه الزراعیه, هذا الشخص تطوع بالجیش العراقي وتقلد درجات عسكریه علیا جدا وخاصة بمجال تصلیح الطائرات الحربیه ولا ,ادري ان كان حیا او متوفیا ولكني ادعو ا الله له بالرحمه اینما كان
ما یهمني قوله هنا هو ان هذا الشخص كان یحضر ویقرأ فقط لساعات قلیله من النهار وكذلك لساعه او ساعتین بعد صلاة الفجر وكان ینام مبكرا حیث من المستحیل ان تراه گاعد بعد الساعه الثامنه مساءا اي تراه مغطي راسه بالبطانیه لأننا نحن الباقین معه بالغرفه لا ننام قبل الساعه الثانیه عشر مساءا, وانا طبعا بعد معرفتي النهائیه بنجاحاته وتوفقه علمیا وصلت الى نتیجه انه ولربما لم یكن بالحقیقه نائما في سریره بل كان یراجع ویفكر في واجباته واالله اعلم ههههه
هذا الأنسان من الغریب جدا كان كلما اتى المشرف او المسؤول عن القسم الداخلي الجامعي لیرى ویتبین ان اكثر الطلبه موجودین بالقسم فكلما یطرق باب غرفتنا ویدخل علینا یرى ثلاثة طلاب ولیس اربعه جالسین نعمل ونحضر ونقرأ ماعدا الرابع وهو نائم والبطانیه مغطیه كل جسمه من قدمیه الى رأسه وكان یضحك هذا المسؤول ویتمنى لو یراه یوما واحدا ویتعرف على شكله حتى انه بعض الاحیان وكما بدى لي انه كان یشك ان كان هناك فعلا شخص نائم ام لا تحت البطانیه اي نحن ان كنا نتستر على عدم اخباره بانه غائب عن القسم الداخلي
هذا الزمیل للتذكیر كان من عائله فقیره جدا وكان عنده دفتر واحد یسجل به فقط ما هو مهم ومهم جدا بالمحاضرات وكان یملك قمیصا واحدا وبنطلونا واحدا وبعض الاحیان ان غسل قطعة من ملابسه یبقى ینتظر جفافها لیلبسها وحتى ملابسه الداخلیه كانت قطعه واحده وحینما سألته كیف یعمل وكیف یحضر فاجابني بأن له دماغا یسجل به كل ما یقول الأساتذه اي ان دماغه یعمل كالمسجل ابو البكره آنذاك وقال لي بأنه حینما یضطجع او یستلقي على سریره فهو یراجع كل ما سجلت ذاكرته خلال محاضرات الأساتذه الجامعیین وكلها كانت باللغه الأنگلیزیه طبعا , هذا الانسان الذي لم ارى في حیاتي انسانا مثله لم تكن تفوته ركعه او صلاة وهكذا صلاة الفجر ونعم باالله وكان یحفظ الكثیر من القرآن ولا ادري او اتذكر ان كان هو الوحید بیننا الذي یقرأ القرآن ایام الدراسه والله اعلم فذاكرتي تخذلني هذه الأیام
وفي یوم من الأیام اراني صدیقي هذا صوره لراعي بالصحراء یرعى الغنم طبعا الصوره تظهر شابا بدشداشته البسیطه وعصاه ,وتحیطه الأغنام والماعز فقال لي هل تعرف هذا الشخص بالصوره ؟ فتمعنت بها كثیرا وقلت له لا واذا من هو بالصوره هو نفسه فكان كل لیلة جمعه یذهب الى قریه أهله والتي تبعد عن الموصل حوالي 50 كم ان لم اخطأ لیساعد اهله برعي الأغنام یوم الجمعه
وكذلك نحن كطلبه جامعیین كنا نستلم من قبل الجامعه ما یعادل خمسه او ستة دنانیر شهریا وهي لا تكفینا فنطلب من اهالینا المساعده المالیه شهریا فیبعثون لنا بمبالغ اضافیه في حین هذا الأنسان كان یدخر شهريا نصف او دینار واحد مما یستلمه من الجامعه لیساعد به اهله وكان یقتصد بعدد وجبات طعامه فلا یأكل مثلنا بالیوم الواحد ثلاث وجبات وكانت صحته والحمد الله عال العال وكان ذو ابتسامه عریضه وبریئه وكان وجهه مباركا والحمد لله, هذا الشخص طبعا لم اراه یتعصب یوما او لحظة وكان انسانا مؤمنا وطیب الخلق لم ارى في حیاتي مثله والخص هنا طريقة تحضيره المخالفه للكل اي انه لم یكن یحضر واجباته كبقیة الطلبه لساعات طویله من الیوم ولم یكن یسهر اللیالي كآخرین تعرفت علیهم في حیاتي ولم یكن یستلقي على الفراش ویغطي رأسه بالبطانیه لكي یفكر بمسأله معقده وصعبه لم یستطع فهمها وحلها بل كان یركز على ساعات الفجر بعد صلاة الفجر فیحضر ویراجع لحوالي ساعتین وهو نائم بالسریر ومغطي راسه جوه البطانیه او شویه مطلع راسه وكم اتمنى من الباري عز وجل ان تسمح الفرصه يوما لرؤياه
أختم المقاله بطريقه اخرى للدراسه والتحضير للأمتحانات الجامعيه وهي طريقه خاصه لم يبتدعها اي انسان آخر وحيث كنا بالمدرج الجامعي الضخم جدا والذي يستوعب المئات من الطلبه وكان عندنا امتحان منذ الصباح بمادة الرياضيات فقال لنا البروفيسور قبل توزيع الأسئله للأمتحان انه البارحه وفي ساعه متأخره من الليل اي حوالي الحاديه عشر ليلا وهو خارج من مكتبه بالمجمع الثقافي لجامعة الموصل رأى احدا من الطلبه من دفعتنا كان يقرأ ويحضر للأمتحان وهو يقرأ بكتاب الرياضيات وهو يمشي اي ذهابا وأيابا وقال لنا بأنه ان كان هذا فعلا من طلاب كلية الهندسه وان كان يحضر الرياضيات بهذه الطريقه روحه رجعه فأن هذا يعتبر سابقه لا تتكرر بعالم الرياضيات وأنه شبه كفر والحاد بطرق التحضير للأمتحانات بهذه الماده طبعا هنا اذكر بأن كتاب الرياضيات الذي كنا نعمل عليه وخاصة للعارفين بالموضوع اسمه Advanced mathematique وعدد صفحاته بأكثر من الف صفحه ان لم تخني الذاكره ويزن عدة كيلوات والأخ گاعد يقره بي وكأنه جزء عمه من القرآن الكريم والمصيبه بهذه الذكرى ان الكل من دفعتنا كان يعرف من هو هذا الشخص فكلنا درنا وجوهنا عليه والضحكه كانت على شفاه الجميع وكان هذا الشخص من اعز اصدقائي اسأل الله له الصحه والعافيه ان كان طيبا واختم بالدعاء لكم بالصحه والعافيه ويجعل الله صباحاتنا دائما خاليه من كل ما هو معكر للأجواء ويبعد عنا الله تداعيات فايروس الكورونا بحق النبي وآل بيته
4161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع