د.منير الحبوبي
غسلة العيد
سابقا بالعيد ولغاية ستينيات القرن الماضي اعتاد العراقيون جميعا وبالذات البغداديون وهكذا حال المدن الآخرى الذهاب الى حمام السوگ وخاصة باليوم السابق للعيد سواء عيد الصغير او الچبير
الأمهات يذهبن مع اطفالهن لحمام النسوان وهكذا البنات اللواتي كبرن واصبحن جاهزات للزواج يتواعدن فيما بينهن للاغتسال والنساء عادة يختلفن عن الرجال فهن قديما يجلبن معهن الفواكه والرگي والنومي الحلو والبرتقال والسبب هو لأن النساء يظلن بالحمام لوقت طويل فغسلة المرأه ليست على حالها للرجل وخاصة ان ذهبن كنساء حي لأن كل وحده تجلف للخ وايضا صبغ الشعر بالحنه وايضا الحمام لهن هو ملتقى ثقافي حيث يتناقشن فيه كل امور الساعه وكل ما يتعلق بالنميمه والقيل والقال
وهكذا الحال للرجال والشباب والغسيل بالعيدين بعض الأحيان لا يعتبر من المستحبات بل تقريبا شبه واجب والغرض منه هو التطهر والبعض يذهب اكثر من ذلك الى وجوب الأغتسال كل جمعه والكثير من الناس الفقراء لا يذهبون للحمام قديما بشكل اعتيادي بل فقط بالعيد فلهذا غسلة العيد تعتبر مهمه جدا
عند الخروج او الأنتهاء من التحمم صاحب الحمام والمتحممين يقولون لك نعيما فترد عليهم بأنعم الله عليكم وعادة من بداية دخول الحمام تدفع سعر الدخوليه وليس بالخروج وان تم طلب خدمات المدلكچي فعادة تدفع اكثر وعموما بغسلة العيد يتم اكرام المدلكچي او صاحب الحمام بمبلغ اضافي
داخل الحمام يوجد صبه او دچه عادة تكون ساخنه جدا وفوقها يتمدد الزبون والمدلگچي عندها يقوم بالتفريك وكلما طلعت فتايل وصخ كثيره هي معيار على حسن القيام بعمله وعادة المدلگچيه يكونون ذوي اجسام قويه واصحاب عضل
داخل الحمام وخاصة لحمام الرجال يوجد حوض للمياه الساخنه جدا والبعض يسميه حوض الكُر وهو عميق عمقه حوالي 2 متر ودخوله يعني ارتياح كبير جدا للجسم حيث تتمدد الأوعيه الدمويه بشكل كبير جدا والأنسان حال الخروج منه يحس تعبان جدا وان لم اخطأ يسهل على المحممچي التلييف والتخلص من الجلد الميت بكل سهوله
فيما يخص النساء وخاصة بحمامات القرى والمحافظات فأن النساء يأتين بالعده معهن فتراهن حاملات للبقچ وهي من الطاسه والحجر الأسود لحك كعب القدم وچيس اسود للتلييف واسقاط الجلد الميت وكذلك على ليفه للتغسيل بالصابون بعد التلييف وصابون الرگي والحنه لشعر الرأس حيث البعض من النساء يعملن الحنه على رؤوسهن داخل الحمام وهذا ما يفسر بقاء النساء لوقت طويل بالحمام والبعض الآخر من النساء يعملن الحنه على شعر الرأس ليلا ببيوتهم وبالحمام يغسلن رؤوسهن للتخلص من الحنه وهكذا يكون اسرع لهن
وهناك نوع حنه اخرى هي الحنه البيضه وهذه سوف لن اتكلم عنها حيث تستعمل لأغراض ستراتيجيه ويجب ان لا ننسى النساء ايضا يجلبن معهن طين الخاوه لكي يغسلن شعر الراس بآخر مرحله لأنه بعد الحنه والصابون فهذا الطين يعطي طراوه اكثر للشعر ويجعله املس اكثر. وايضا في حمامات النساء تتواجد حفافات
للعلم في حمامات الرجال يوجد المدلكچيه بينما بالنساء لا يوجد مدلكچيات وكذلك بحمامات الرجال فالمحممين يعرضون على الزبائن الوزرات بينما بحمامات النساء فلا يوجد الوزرات والنساء المتقدمات بالسن داخل الحمام يستخدمن الطاسه للستر وكأنها الخوذ العسكريه اما بالنسبه للرجال فالحمام يجهزهم بالقباقيب وبكل مستلزمات الغسل على العكس من النساء وأحب ان اذكر هنا سر لم اكن اعرفه مسبقا وهو ان الأم ايام زمان والتي تبحث عن بنت لتزويجها واختيارها لأبنها فهن يذهبن للحمام حيث هناك تكون الأوراق كلها شبه مكشوفه ولا داعي لها ان تذهب لخطبة احداهن بزيارة اهلها والقيام بعمليات الفحص من جر الشعر للتأكد من انها ليست بشعر مستعار ولا داعي للقيام بأختبار الجوز للاسنان وأختبارات اخرى
وللخروج من الحمام بعد الأنتهاء من التغسيل فيكفي ان تطرق بالطاسه على حوض الماء وما هي الا دقائق ويأتي احد المحممين بالمناشف لخدمتك وحال خروجك فهناك يوجد مكان للأستراحه وطلب الشاي او الحامض او الدارسين وخاصة الدارسين يفيد ايام الشتاء وكذلك ترى اكثر الرجال ينتهزون الفرصه بعد تطهرهم هذا بالقيام بالصلاة قبل الخروج من الحمام.
وأكثر ما كان يحيرني هو ان المحمم المسؤول عن جلب المناشف حال طرق الطاسه ورغم وجود العشرات من الزبائن داخل الحمام وكل متحمم بمكان خاص له ولكن المحممچي يعرف من الطارق للطاسه اي حسبما عرفت عنده اذن صاغيه تعرف مكان صدور الطرق وكانه هناك كود او شفره تحدد مصدر طرق الطاسه
ختاما اضحكني اخيرا بخروجي مع اخي من الحمام في الشام قبل سنوات وعلى ما اعتقد هو حمام توما فعند الخروج تفاجئنا باصطفاف اربعه او خمسه من المحممين فينحنون الينا وهم بوزراتهم ويقولون لك بصوت واحد حمام الهنا ويا رب غسلة عوافي ان شاء الله وأعتقد انكم فهمتم المغزى من هذه العمليه ولكنها حركه جميله جدا وتفاجئنا بها كثيرا
وأختم بالقول وانت خارج من الحمام وكأنما خلقت او ولدت من جديد وحال ادائك الصلاة فكأنك تؤدي صلاة الطهر والأيمان وكأنك عاري امام الله وكما خلقت بأول ايام ولادتك وحال خروجك من هذا الجو الحار واستنشاقك للهواء الخارجي فيأتيك هذا الأحساس وكأنما انت تستنشق هواء الجنه للفرق الشاسع بدرجات الحراره بين الداخل والخارج اي وكأنما سمح لك بالخروج من جهنم الى الجنه فيا ربي رحمة ومغفرة ونحن في نهاية هذا الشهر الكريم ويا رب أغسل قلوبنا وقلوب الآخرين من البغض والنميمه والحسد والخلق السيء ولنتسامح فيما بيننا ونتحضر للعيد بقلوب طاهره نظيفه مملوءه بالحب والحنان ويا رب تتصافى كل قلوب العراقيين بغسلة عيد رحمانيه نتخلص بها من كل فتايل وصخ الطائفيه والشوفينيه
1182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع