لهب عطا عبد الوهاب
رجع الصّدى البعيد* ... كي لا نسى/زكي عبد الوهاب أنموذجاً
تناجيني دموع الثكلى من بعيد وأنا استرجع ما ارتكبه البعث من جرائم أثناء تسلطه البربري على انفاس العراقيين لحقبة دامت مايربوعلى 35 سنة . وخلال العقود الثلاثة والنصف التي هيمن فيها البعث على " مقاليد " الأمور سيق الى "مرجوحة الأبطال " كوكبة من الشهداء الأبرار لمجرد" الشك " بعدم ايمانهم بمبادىء الحزب " الحنيف " او لوشاية ظالمة دفع ثمن أفكها خيرة رجال العراق . هل ابدأ بالعم " زكي عبد الوهاب " الوطني النبيل المشهود له بالكفاءة والنزاهة وعفة اليد واللسان مثالا لعبثية الزمرة الباغية وهو الذي أدار مصرف الرافدين (1959-1966)باقتدار وكفاية كبيرين يشهد له في ذلك القاصي والداني ليزج به خلسةً خلف ابواب ذلك الجدار الرهيب الذي عرف ب " قصر النهاية " ولتنتزع منه " اعترفات " واهية لن تصمد أمام أي محكمة نزيهة ومحاكم البعث بخلاف المحاكم في الديمقراطيات العريقه هي محاكم ثورية وقراراتها قطعية لاتقبل النقض اوالتمييز ليطل علينا ومن على الشاشة الفضية مساء احد أيام من أيام شهر حزيران القائظ عام 1969ذلك " القديس المبجل" بعد ان قدم له ممثل الزبانية , مدير الاذاعة والتلفزيون في حينه محمد سعيد الصحاف (صاحب العلوج !) وبسؤال واحد محدد لاغير , أستاذ زكي !كيف تم تجنيدك للعمل في وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA!!
تفضل استاذ وتقدم بأفادتك . ظهر "الزكي " شاحب الوجه هزيل الجسم وأثار التعذيب الهمجي ظاهرة على محياه- انظر الى الصورة المرفقة –ليدلي باعترفات يدين فيها نفسه "بالتخاير" مع دولة اجنبية لقاءحفنه من الدولارات هو الذي لم يقبل المال السحت طيلة حياته.
كان زكي عبد الوهاب في شبابه في اربعينيات القرن الماضي عضواً في اللجنة المركزية للحزب الوطني الديمقرطي (بزعامة كامل الجادرجي)ومدير تحرير جريدتها "صوت الأهالي " . وقد اختلفا هو وزميله وصديق عمره د. طلعت الشيباني (وزير تخطيط الزعيم عبد الكريم قاسم لاحقاً)مع زعيم الحزب حول "فلسفة" الحزب MANIFESTOاذ في حين كان يريد الجادرجي ان يأخذ الحزب بمبادئ الاشتراكية الفابية لحزب العمال البريطاني وهو أمر عدُ في نظرهما سابقاً لأونه ولا ينطبق على الظروف العراقية التي تعاني التخلف الشديد .وأن الأولوية يجب ان تكون لتحرير البلاد من ربقة الأستعمار البريطاني. وقدماعلى آثرها استقالاتهما من الحزب – وقد تطرق لهذه الواقعه بأسهاب المفكر حنا بطاطو في كتابه الموسوم " الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية "
وقد صعق اصدقاءه ومحبيه بقصة " الافك" الظالمة التي أدلى بها بعد ان اعيياه التعذيب الوحشي في أقبية قصر النهاية "قصر الرحاب الملكي سابقاً" فانبرى لنجدته كل من الاستاذيين محمد حديد وحسين جميل رحمهما الله. وقد قابلا رئيس الجمهوريه في حينه " الأب القائد" (احمد حسن البكر) لهذا الغرض مشددين على ان الرجل يشهد له الجميع بالنزاهة والوطنية وهما يزكيناه من أي تهمة وردت في افادته المتلفزة .استمع البكر لكلاهما وهو يهز برأسه " نحن تفاجئنا كذلك ...إذ كنا سنعرض عليه منصب وزير المالية بيد انه اعترف !"
جاء وقع كلام البكر صادماً للرجلين (يخصص محمد حديد في مذكراتها الموسومة " مذكراتي "الصادرة عن دار الساقي في لندن فصلاً كاملاً لوقائع هذه المقابلة )
وقد ادركا بعد هذه المقابلة المشؤومة ان هناك ما يدبر بليل والنية اذن مبيته لتصفيته وهو من رموز التيار الليبرالي الديمقراطي التقدمي . فكان العم الراحل زكي عبد الوهاب "صيدأ " ثميناً لوليمة الموت التي اقاموها والتي طالت عشرات بل قل مئات والآلاف التي لا تحصى من العراقيين الاحرار عزز خلالها البعث دعائم حكمهم الشمولي بقبضة حديدية تذكر كوابيسها برواية "المحاكمة" لمؤلفها "كافكا" لما تنطوي عليه من فنون في بث الرعب في أفئدة الاناس المسالمين .
وأستمر " وحوش الليل "في نعيقهم وتماديهم , حتى ازقت الساعة يوم 9/نيسان/ 2003 لتخرس الاصوات الناشزة الى الابد .ولتدخل البلاد(مع الاسف) في لجج دوامة أخرى من الاضطراب والاقتتال المذهبي الطائفي الاثني .
"لسنا بصدد الخوض فيها هنا "
ولكي لاتذهب الدماء الزكية التي اريقت سدا نناشد الدولة العراقية ان تاخذ بيد هؤلاء الضحايا ولتحذو حذو الأمم الراقية التي سبقتها في استذكار وتكريم ضحاياها من خلال انجاز جدارية رخامية لهذا الغرض تنقش عليها بحروف من ذهب اسماء الضحايا وهم كثر,على ان تنصب في احد الساحات العامة في العاصمة العراقية بغداد , كما هو معمول به على سبيل المثال في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة حيث تنصب هناك جدارية تضم اسماء " 2900" من الضحايا الذين لقواحتفهم جراء احداث الحادي عشر من ايلول /سبتمبرالدامية عام 2001 .
(كانت مؤسسة الذاكرة العراقية قد أنبرت لتوثيق جرائم البعث خلال فترة حكمه 1968-2003)
فهل من مستجيب لهذه الدعوة أم ان " دونها خرط القتاد! ."
" وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"
صدق الله العظيم
لهب عطا عبد الوهاب
كاتب عراقي
*العنوان مقتبس من رواية لفؤاد التكرلي " الرجع البعيد"
اعلاه صورة الشهيد زكي عبد الوهاب وهوا يدلي باعترفاته التلفزيونية ليلة "الافك الكبير" يوم ادلهمت الخطوب,
3270 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع