عندما تسقط الاصنام المقدسة

                                                

             الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي

عندما تسقط الاصنام المقدسة

يقول الشيخ فضل الله رحمه الله (العقل يعيش غربة في مجتمعاتنا لاننا انفتحنا على الخرافة وتركنا الحقيقة. وانفتحنا على التخلف وتركنا التقدم...وانفتحنا على الجهل وتركنا العلم)...عندما تصبح الطقوس الدينية،عادة من كونها عبادة حينها تتحول من التزام مقدس الى سلوك مضحك ومحاوله غبية لخداع النفس والاخرين والخالق .. ومواظبة جميع الساسة الفاسدين في العراق من سراق وقتله على تأدية الصلوات بأوقاتها المحددة يسقط نظرية انها تنهي عن الفحشاء والمنكر كما يقول المواطن حسين الجدة ... ان استخدام العقل يفرق الإنسان بين العاقل المثقف والمتخلف وبين الطيب والشرير، وبين الحق والباطل، وبتعطيل هذه الصفات يكتب على عقله خارج الخدمة معطل .قبل يومين قرأت تعليق لاحد الاخوة قال(اذا اردنا ان ننتخب فعلينا ان نأتي بشعب من الخارج ليس لديه تاج راس او صنم يعبد لان الكثير من شعبنا ليس له القدرة على التفكير وسينتخب نفس النفايات لانه فاقد للتمييز...)

قبل عشرة سنوات من الان دعوت صديق وزميل دراستي من مدينة الناصرية العنقاء على العشاء في احد مطاعم مدينة عمان الجميلة وتبادلنا الذكريات قليلا وتناقشنا في هموم العراقيين كثيرا وعندما سألته عن أحوال اهلنا في الناصرية اجاب بحسرة بالغة انهم يعانون الامرين وعلقت على حسرته وألمه (اذا كانت ليهم كل هذه المعاناة لماذا يسكتون وهم لم يسكتوا طول تاريخهم على ظلم كائن من يكون عليهم؟؟!! اجابني بحسرة كبيرة (ان بعض دعاة الدين يمنعونهم بحجة ان ثورتهم على الباطل واهله محرم عليهم) واتذكر جيدا اني علقت على كلامه بأن اليوم الذي سيثور اهل الناصرية وكل العراقيين على الظالمين ربما يحتاج الى وقت ولكنه قادم لا محالة مثلما اسقط الالمان جدار برلين فأن الانسان العراقي سيسقط كل الحواجز أيا كانت قدسيتها الزايفه فأنسانية العراقي اقدس من اي شئ ... وعندما ثارت جموع العراقيين واخرها في تشرين الاول 2019 اتصل بي صديقي وقال تحققت توقعاتك فالشعب العراقي عندما يثور لن تقف أمامه اية ارادة الى ارادة ايمانه بالله وحده وحريته وحقوقه.
يبدو ان العراق لن يشهد فترات هدوء وراحة. فهو يمر بمرحلة صعبة ويصيب الاحباط و الالم جميع اهله فمنذ احتلاله في نيسن 2003 يلازمه الارهاب وفشل النظام بالقضاء عليه وما يتبعه من طيش لم يعصف بِنَا حسب بل بمنطقتنا. أما الفساد التي كنّا نسمع به سابقاً في بلدان اخرى اصبح يفتك ببلدنا وبقوة مع غياب اي خطوات جذرية و رادعة للطبقات الحاكمة الفاسدة التي اصبحت تأخذ شرعيتها من ارتباطها بالاحتلالين الامريكي والايراني حتى اصبح الفساد مرض العراق الذي يبدو انه لم يسلم منه في وقتا الحالي.
رجوعاً الى التاريخ، وعلى مر العصور، نجد بأن الثورات هي التي قادت الى العدالة الاجتماعية والتي هي عدالة ارضية نسبية، ويقوم بها من يشعر بالظلم ويجرؤ على رفع صوته عالياً مطالباً بالعدالة. أما في عصرنا الحالي فالثورات التقليدية أخذت صورة مختلفة فقد باتت هادئة نوعاً ما ويتم التعبير عما يجول في خاطر غالبية المجتمع من خلال الصحف، وكتاب وأصحاب اقلام راقية صادقة وصريحة بالاضافة الى ما يُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعبرون عما يجول في فكر الشارع ويطالبون بما هو حق وشرعي وهو الحد من الفساد وتطبيق القانون على الجميع بصرامة وتساوٍ.

كأفراد وجماعات عراقية وطنية مسؤوليتنا كبيرة تجاه أنفسنا واتجاه بلدنا في تهديم أي جدار يتوهم الفاسدين انه يمكن ان يحميهم من غضب الشعب الثائر الذي ازداد نضجا واستعدادا لمواجهة سلطة الباطل واهله ناهيك وفي كشف الكذب المتفشي الذب بات ظاهرة ملازمة لاقوال وافعال المنظومة الحاكمة التي اثبتت فشلها وعجزها ليس في احتضان شبابنا واستثمار طاقاتهم لمنفعتهم وللمنفعة العامة بل انها ذهبت باستغلال بعض من غرربهم منهم في ممارسات ابعد ما تكون عن انسانيتهم ،بمعنى آخر أن الطبقة الحاكمة أمعنت في دفع بعض شبابنا ان لا يتصرف بمسؤولية حيال أمن مجتمعنا واستقراره.
أما الظاهرة التي يجب علينا أن نواجهها بوعي فهي ما تحاول جيوش الطبقة الحاكمة وذبابها الالكتروني، من خلال استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه الرسائل المفبركة التي تشوه حقيقة وجوهر ثورة شعبنا المظلوم المكدوم في فترات حرجة. هذه الرسائل التي لا تصب في منفعة العراق واهله بل تؤدي في حالة عدم مواجهتها بوعي الى التوتر والمزيد من الغضب وتضعف الانتماء الى الثورة والوطن وتنتج الحقد.
علينا الوقوف متحدين ضد هذا التيار المناهض للشعب وارادته بعدم التعاطي مع هذه الرسائل السلبية ومواجهة جحوشهم الالكترونية واجبارهم على التوقف عن نشرها، بمعنى آخر أن نتصرف بمسؤولية حيال أمن مجتمعنا ونجمع طاقاتنا وجهودنا ونستمر بثورتنا البيضاء ضد طغمة الفساد. كما إن علينا ان نحصر الفاسدين الحقيقيين. وعلى كل محب للعراق دور مهم بأن يعمل كمراقب رافضين كل مظاهر الفساد وواضعين حداً لها، ضامين طاقاتنا وصوّتنا مع ثورتنا، وعاملين معاً لحماية ثورتنا من المندسين مظهرين للعالم أجمع وعينا كعراقيين، عالمين بأن قافلتنا ستبقى مستمرة بالسير بعون من الله لن يثني عزمها وارادة عوي الضباع ولؤمهم ..

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1003 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع