علي المسعود
التشكيلية (سعاد هندي ) فنانة مجرّبة وطموحة ودائمةالتجديد
قلائل هم الفنانون الذين استطاعوا خلق بصمة فنية (تشكيلية) خاصة بهم ومصاحبة برؤية إبداعية مستقبلية، رؤية لا تقف عند عتبة التجربة الواحدة بل تتعداها إلى فتح الأفق على عدة احتمالات، ومن هؤلاء الفنانين الفنانة العراقية (سعاد حميد هندي) ، من خلال متابعتي لتجربتها الابداعية في الكثير من الاعمال التي نشرتها في الفترة الاخيرة على صفحتها على الفيس بوك ، كان اللون عند الفنانة"سعاد هندي" تعتمد على اللون في تعبيرها عن الحالات الشعورية التي تتناولها، وتتميّز أيضاً بخطوط تخاطب الروح بقوة ، وكذلك في توزيع الضوء ضمن مساحاته التي تحيل إلى أجواء ضبابية لكنها مشبعة بالدهشة ، وفي كل عمل فني أو في لوحة جديدة وكأنها في عملية تشكيل الطبيعة ضمن رؤيا معاصرة وحديثة تحرص ( سعاد )أن تبعث السعادة والأمل، و تثير فينا الطاقة والحيوية وتدخل الطمأنينة في النفس من خلال ألوانها وخطوطها وطريقة توزيعها، ولأن ألوان الفنان التشكيلية( سعاد هندي) تحكي حكاياتنا وتعبرعن إنفعالاتنا ومشاعرنا لتبث فينا روح جديدة برؤية مختلفة ، فلابد أن تثير عند الملتقي الكثير من التأويلات و التساؤلات ، في احدى اللوحات التي جسدت فيها الطبيعة والتي تركت في نفسي اُثراً ، علقت في وقتها على هذا العمل المؤثر (حين تمعن النظر في تلك اللوحات يتسلل اللون الى الروح ويداعبها و حتى معاني الالوان المالوفة تتغير لان المبدعة الفنانة سعاد تحكمت بكثافته وبشكل مبدع، وأعطته روحية تجعله يومض في الروح ويتآلف معها ، جميع الالوان بمختلف تدرجاتها تشكل حكاية تنسج في ذهن المتلقي) . تنكشف عمق ورؤية الفنانة سعاد التجريدية في تناولها للطبيعة ومفرداتها من خلال كثافة ألوانها الداكنة والمضيئة والتي يشع منها الضوء .
في جميع أعمال الفنانة سعاد التي سمحت لي الظروف بمشاهدتها ، أكتشفت انني امام رسامة وفنانة مُبدعةٍ تُجيدُ بأدواتِها وتقنياتِها في أن تمنح الجمال للمتلقي وتستند في ذالك على خلفية فكرية ، وفي كل مرحلة تنجز لنا عملا ابداعياً جديرة بالدراسة والتامل ، رسامة لها عالم ممتلئ بالبهجة والجمال ، فتحاول أن تنقل تلك البهجة لنا ، الضوء هو العنصر الأساسي في لوحاتها التي تشكل الطبيعة العمود الفقري في تلك الاعمال التي تنجح الفنانة من جعل اللون هو وسيلة الخطاب وأيصال رسالتها من خلال أبراز مهاراتها اللونية ، وعلى المتلقي أن يفهم حوار اللون والاضاءة وكما يقول الفنان البلجيكي (رينيه فرانسوا مارغريت ) " كل شيء نراه يخفي شيئا آخر ..و دائما ما نرغب في رؤية ما يختفي وراء ما نراه "، سيرة فينة زاخرة بالعطاء وتستحق الوقوف عندها . إن ”فهم الفنانة "سعاد هندي" العميق وتفاعلها مع الطبيعة شفيفان وشاعريان حيث أنها تتحاور معها بتناغم وانسجام ونسيج لوني مدهش فتتحول معجونة المادة الزيتية لديها إلى طاقة حياتية تسعد المتلقي لنتاجها ، وهي تعي جدلية اللون ، الذي هو إيحاء نفسي قوي للناظر فإما إحساسبالهدوء أو الانفعال، باللون تعبر الفنانة عن عالم خيالي خاص بها تسعى فيه للوصول إلى نقطة اللاشعور ، وفي أعمالها عكست الألوان الزيتية التي طرزتها على لوحاتها وحبها للضوء والبهجة ، فجاءت رسوماتها احتفالية بألوان الطبيعة على مساحات اللوحات ، ولتعطي للمتلقي لمنجزها الفني فكرتها وتقدم فلسفتها الخاصة في تطويع اللون وكثافتة في خدمة الفكرة او العنوان . والفنانة ( سعاد حميد هندي) هي خريجة اكاديمية الفنون الجميلة - بغداد 1977، عملت كمدرسة لمادة الرسم في معهد الفنون الجميلة في عدن لمدة ثلاث سنوات 1979- وعملت في دمشق في مجال التصميم الصحفي في الاعلام الفلسطيني 1982-1985 ، درست تاريخ الفن العراقي القديم في بلغاريا وتخصصت في الرليڤ الاشوري 1985-1989، وفي الغربة ، عملت في السويد في مجال التعليم منذ 2003-2019 ، مارست تدريس مادة الرسم في المدارس السويدية .أما مشاركاتها في المعارض والفعاليات الفنية ، فقد شاركت الفنانة ، في البداية بغداد حين ساهمت بمعارض اكاديمية الفنون الجميلة ، وكذالك في معرض فني اقيم في مركز الفنون في عدن ، أقامت عدة معارض فنية شخصية منها ومشتركة مثل ، معرض شخصي في قاعة مكتبة مدينة لوند 1998، وكذالك معرض مشترك لمجموعة فنانين عراقيين في كاليري مدينة مالمو 2010 ، وأيضأً معرض شخصي في گاليري مدينة(إيسلوف) في عام 2015 ، ورغم رحلة الاغتراب الطويلة عن وطنها الام فقد جسدت في الكثير من الاعمال الهم العراقي مساندة العراقيين في إنتفاضة تشرين المباركة .
تتحدث الفنانة سعاد هندي عن رؤيتها الفنية وطرائق اشتغالاتها بالقول:
(الفن هو تعبير الفنان عن ذاته وتأثيرات محيطه كالبيئة والتراث واهمها الطبيعة بالوانها واشكالها، الى جانب مهاراته التقنية. ولكن رؤية الفنان واحساسه البصري هو ما يمنحه الهوية الخاصة به ، تضاد الالوان وهارمونيتها المتدرجة تمنح البصر الاحساس بالنور والظلال والعمق . والفضاءات المفتوحة، نقل الواقع بتفاصيله للعمل الفني لا يثير اهتمامي. اعمل على الاستفادة من الخامات المختلفة مع الاكريليك، ومؤخراً الالوان المائية ( الأكڤاريل) حيث ركزت اهتمامي به) .
في الختام : أعمال الفنانة المبدعة (سعاد هندي ) لا يشعر المتلقي لها باي ملل أو تشويش يتسلّل إلى عينه ، ويحرمه من متعة التأمّل في لوحاتها، أوالغوص في أجواء قد تذكّر الكثير منّا في مرحلة من مراحل حياتنا حين كان اللون يداعب حواسنا ويدغدغ مشاعرنا . وتسعى الفنانة سعاد هندي من خلال اعمالها التشكيلية ولوحاتها وألوانها وخطوطها الى خلق رابطة وصلة بين اللوحة والمتلقي من خلال خلق حوار روحي مع توازن بصري ، عندها تتشابك خطوط الفنانة ( سعاد هندي) بتدرجاتها ، وتنطلق الألوان معلنة الحوار بينها وبين المتلقي فتخلق سمفونية يجتمع فيها الإحساس على السطح الأبيض، عندها تكون اللوحة مرآتنا من الأعماق .
اللوحة رقم (1 ) " مائيات ، للطبيعة اسرار واجمل ما فيها هو الافق "
اللوحة رقم (2 ) " مائيات الوداع اكڤاريل على الورق "
اللوحة رقم ( 3) " ميكس ميديا واكريليك"
832 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع