القس لوسيان جميل
كلمة اميز اللاتينية
في سلسلة خطوات نحو الفرح – الجزء الثاني ادون الآن كلمة Distingo اللاتينية وتعني أميز. هذه الكلمة كان يقولها مطران من العوائل الخاصة بالعائلة المالمكة وكان يعمل هو ايضا في البرلمان وقد كان قد تعلم كلمة اميز من اللاهوت القسطنطيني الذي كان قد صنع العقائد في القرن الرابع الميلادي. علما بأني رأيت ان هذه الكلمة مصدر افراح عديدة في الجزء الثاني من مقالي خطوات نحو الفرح. فكيف ذلك ؟ فقد كان رد ذلك المطران على تهمات البرلمانيين بتكرار كلمته بتهكم قائلين سوية لنميز. حينذ كان المطران قد اجابهم: نعم يا اخوتي اذا لم نمميز نخلط. ونحن ايضا اخوتي القراء الأعزاء ان لم نميز في قراءاتنا نلخلط. نخلط بين الصح والخطأ. ونخلط بين الثانوي والجوهري. ونخلط بين المقدس والحلال. فكلمة مقدس تأتي من كلمة زراعية اي تأتي من كلمة مكدس. ( الكاف والقاف قريبية من بعضها ). فالمقدس او المكدس هو ما لا يجب لمسه او الأخذ منه لأي سبب كان، فهو مقدس – اي انه مكدس. اما ما يقع من سنابل على الأرض فهو الحلال ( المحلل ). وهو عكس المقدس – المكدس. فما هو المقدس اذن؟ هو من يسيّر حياتيا حياة الانسان بدون قمع، اي عكس ما كان يحدث مع الله في الحضارات الغابرة. فالله في الحضارات الغابرة كان الها كاذبا الها لا يتمتع بالعلمية. في حين ان المقدس الانساني طبيعي جدا، لأنه علمي ولا يحتاج الى برهان. يبقى لي ان اعتذر من اخوتي المسلمين لأن المتزمتين منهم يحسبون ان الله قادر بذاته ان ينجدهم ويخلصهم بما انهم شعبه. في احد الأيام اوقفت سيارتي بجانب صاحب مرطبات. بعد قليل قال لي رجل واقف هناك: ابعد سارتك من هنا لأني سوف اتعشى مع النبي!!! يا للمسكين!!! كيف يقال مثل هذا الكلام ويضحي الانسان بنفسه بناء على وهم، سيما واننا اليوم في حضارة موت الانسان في حين سابقا كنا في حضارة موت الله. فهل توجد في حضارة موت الانسان غير الالة التي تعمل كل شيء ولا يستطيع الانسان غير ان ينفح هذه الالة الجامدة بنفحة الروح. فهل يوجد وراء هذه الالة غير الكون المتناهي الذي بدأنا نعرف نحن ايضا شيئا منه؟ اما ما يسميه الايمان من قبل البعض فليس ايمانا وليس غير تبرير ما لا يمكن تصديقه، واحيانا تكفير العلميين بما يسميه بعض المسلمين ايمانا.
وهنا اقول : بما ان القس لوسيان ليس له اختصاص بالاسلام فسوف لا يتكلم في موضوعنا هذا سوى من وجهة نظر مسيحية لنقول: كلا نحن لم نعد نقبل الشريعة المسيحية ولا وصايا الكنيسة ( وصايا الله تبقى من شأن الحكومات). نعم، وعلى الرغم ما كان قد كتبه ساكو في تقويمه السنوي من ان الوصايا مفروضة على المسيحيين الا ان تقويم ساكو ما لبث ان تلقى ضربة قاصمة من البابا فرنسيس عندما قال: لا تصوموا ولكن اعملوا بثماننية وهي:
1صم عن حكم وادانة الآخرين واكتشف المسيح الموجود فيهم. ( هل يمكن ان نضيف: واكتشف الله الموجود في كل واحد من البشر؟ نعم يمكن ان نقول ذلك. وخاصة من اجل غير المسيحيين الصالحين.
2صم عن قول كلمات جارحة ومحقرة واملأ فمك بجمل وكلمات تفيد وتشفي الآخرين.
3صم عن التذمر زملآ حياتك من عرفان الجميل والشكر.
4 صم عن الغضب واملأ نفسك بالصبر
5 صم عن التشاؤم وامتلى بالرجاء المسيحي ( وايضا بالرجاء الانساني – كي تشمل النصيحة جميع البشر )القس لوسيان اضافة)
6 صم عن القلق المفرط وامتليء من الثقة بالله ( ليس الاله الغيبي – لوسيان )
7 صم عن التشكي واعط قدرا وقيمة لعظائم الحياة
8 صم عن الاستياء من الآخرين واملأ قلبك بالتسامح.
يعني لم تعد هناك شريعة في الكنيسة تفرض على الناس بتهديد جهنم. وان جهنم تبقى للذين يؤمنون بجهنم ( اصحاب العقائد ).
فهل ترى اخي القارئ كم ان التمييز بين الأشياء ضروري لكي يحصل الانسان على الفرح؟ حقيقة ان وصايا البابا فرنسيس تؤكد على ضرورة هذا التمييز لكي يحصل الانسان على الفرح. مثل التمييز بين الحاضر والزمن الماضي وليس الدمج بينهما. التمييز بين الحضارة التي نحن فيها والحضارة السابقة، وكذلك الحضارة التي نتوق ان تأتي. مثل شوقنا الى مجيء حضارة لا يكون فيها ظلم على الانسان، حضارة مثالية يرعى فيها الخروف ممع الذئب. حضارة لا تكون فيها حروب ولا قلاقل وعلى اعمال عدوانية على مثل الحمل والذب. قال الذئب للحمل: لقد عكرت على الماء: فقال له الحمل. ولكن انت فوق وانا اسفل. فقال له الئب: ان لم تكن انت فقد كان ابوك. حضارة لا يعتدي فيها القوي على الضعيف كما يحدث في البحار وفي الغابات، كما نرى ذلك بأعييننا كل يوم في المجتمع العالمي. وايضا كما نرى رؤساء دين وطوائف يعتدون على الآخرين الأضعف منهم ويفرضون الوصاية عليهم بدون ان يطلب منهم احد هذه الوصاية. انها هنا ايضا شريعة الغاب. ربما يعرف القاري من هم رجال الدين هؤلاء الذين اتكلم عنهم، كبيرهم وصغيرهم او مجموعة من رجال الدين الذين يتكتلون في ما بينهم ويحاولون فرض ارادتهم على غيرهم.كما حدث في ايامنا التعيسة التي تدل على ضعف كنيستنا التي صارت الرجل المريض الذي اقترب موته الكامل.
والتمييز واجب فيما يسمى عدم ملاحظة الزمن Anachronism عندما نتكلم عن الحروب الصليبية مثلا وكأنها وقعت اليوم. والأمثلة كثيرة جدا. مثلا انا قلت كلمة جارحة لأحدهم قبل سنة،فهل يجوز ان نتكلم عنها وكأنما حدثت في ايامنا هذه.
هنا اقول للقارئ الكريم: ترى الا يكفي هذا التمييز ليجعل الانسان فرحا سعيدا بما عرفه. جوابي هو نعم. فما هو رأي القارئء الكريم؟
4789 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع