بقلم : لهب عطا عبد الوهاب*
الاهميه الاستراتيجيه للممرات البحريه في تجاره البترول الدوليه..
خلاصه تنفيذيه
يعد الامن البحري واحدا من اكثر العوامل اهميه في امن الطاقه في عالمنا المعاصر اليوم لا سيما وان اكثر من نصف الانتاج العالمي من النفط يتم نقله عبرالناقلات والتي تصل الي المستهلك النهائي عبر ما يسمي نقاط الاختناق وهي ممرات بحريه ضيقه يمكن ان تكون عرضه للانقطاعات لاسباب عديده بما فيها القرصنه.
ومن ابرز نقاط الاختناق مضيق هرمز وباب المندب وقناه السويس . وهي المضائق المتاخمه للعديد من الدول النفطيه الخليجه ناهيك عن مضائق اخري لاتقل اهميه منها مضيق ملقه في جنوب شرق اسيا. وقناه بنما الثغرالحيوي في امريكا الجنوبيه
مضيق هرمز..ملامح عامه
يعد مضيق هرمز الذي يقع بين سلطنه عمان وايران والذي يربط الخليج العربي ببحر العرب. احد اهم الممرات المائيه الاستراتيجيه في العالم. ويبلغ عرض المضيق60كيلومتر تعبره يوميا الناقلات النفطيه العملاقه والتي تصل في ساعات الذروه الي ناقله واحده كل6 دقائق بمعدل يومي قدره 30 ناقله. وتشير اخر البيانات الي تدفق اكثر من 17 مليون برميل يوميا في نهايه عام2021.ويمثل حجم النفط الذي عبرالمضيق ما يعادل 35% من تجارة البترول البحريه . وهو يعادل كذلك 20% من اجمالي التجاره البتروليه في العالم . وتعد قاره اسيا الوجهه الجغرافيه الرئسيه للنفط العابر من خلال المضيق اذ استاثرت باكثر من 85% من الصادرات البتروليه. كانت حصه الاسد فيها للأسواق النفطيه في اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبيه.
غلق المضيق والبدائل المتاحه: ثمه مخاوف من قيام ايران باغلاق مضيق هرمز امام ناقلات النفط ، ما جعل دول الخليج المصدره للنفط تفكرجديا في استخدام خطوط الانابيب كبديلآ لذلك.
اولا:المملكه العربيه السعوديه: ان احد الخطوط البديله في حال غلق المضيق هو خط بترولاين والمعروف ايضا بشبكه انابيب الشرق الغرب وبطول 757 ميل الذي يربط ابقيق في الشرق بميناء ينبع علي البحر الاحمر وبطاقه استيعابية قدرها 5 مليون برميل يوميا .
ثانيا .. الامارات العربيه المتحده: انتهت الامارات مؤخرآ من تشغيل خط انابيب لنقل النفط من حقول حبشان في اماره ابوظبي الواقعة الي غرب الخليج الي مرفا الفجيره علي خليج عمان شرقا دون المرور بمضيق هرمز وبطاقه تصل الي1.4 مليون برميل يوميا يمكن زيادتها الي 1.8 ميلون برميل يوميا كحد اقصي الامر الذي سيتيح تصدير 70%من انتاج الامارات عبر الفجيره دون المرور بمضيق هرمز كخطوه احترازيه لمواجهه اي توقف مفاجيء في المضيق.
ثالثا : العراق: سيتحمل العراق بشكل كبير وزر إغلاق مضيق هرمز أمام الملاحه الدوليه لاسيما وأن أكثر من 90% من صادراته النفطيه تتم عبر الخليج العربي . في المقابل فأن صادراته من المنافذ الشماليه(كركوك) عبر ميناء جيهان التركي علي البحر الابيض المتوسط لا تمثل سوي 10% من اجمالي صدراته النفطيه. وهناك محاولات جاده لإعاده إحياء عدد من الخطوط المعطله منها خط بانياس علي ساحل البحر المتوسط. بيد أن ما تشهده سورية اليوم من قلاقل تحول دون تحقيق ذلك في الوقت الراهن. كما أن إعاده إحياء الخط الممتد الي ميناء ينبع علي البحر الاحمر والتي تصل طاقته الاستيعابيه الي1.650 مليون برميل يوميآ والمغلق منذ غزو الكويت عام1990. هوالأخر بعيد المنال حاليآ لما يعتري العلاقات العراقيه السعوديه من فتور شديد رغم التحسن النسبي لاسيما بعد اعتلاء مصطفي الكاظمي سده الحكم عام 2020 والذي توج بأرسال السعوديه مبعوث دائم لها كأول سفير لها في العراق منذ حرب الخليج عام1990.إيذانآ ببدء صفحه جديده من العلاقات التي سيكون لها اثر بالغ في تنسيق السياسات النفطيه للبلدين داخل اروقه منظمه الأقطار المصدره للبترول((اوبك)). ويستخدم العراق بشكل محدود أسطولة من الصهاريج لنقل النفط الي الاردن والتي يمكن زياده عديدها كأحد البدائل المتاحه في بين البلدين MOU إغلاق المضيق أمام الملاحه الدوليه. وهناك مذكره تفاهم
لأنشاء خط انابيب يصل مدينه حديثه العراقيه ميناء العقبه علي بحر الأحمر وبطاقه تصديريه تصل الي مليون برميل يوميآ ومن المؤمل ان يدخل الخدمه أوخر عام 2022
الطموحات الإيرانيه في االخليج العربي:
أن تهديد الإيراني بغلق المضيق والتي تلوح به ايران بين آونه وآخري ينظر إليه البعض من المراقبين باعتباره ((جعجعه)) يراد منها كسب تأييد الجماهير الإيرانيه. ومن الناحيه العمليه.فأن لدي إيران القدره العسكريه علي خلق قدر كبير من الاضطراب في مضيق هرمز وذلك علي المدي القصير من خلال توظيف وأستخدام الفرقاطات والزوارق الحربيه الصغيره ذات السرعه الفائقة والمزوده بالصواريخ بالإضافه الي قدرتها علي تلغيم الممرات مما يعوق الانسياب السلس للسفن العابره. مايعيد للأذهان((حرب الناقلات)) التي إندلعت في منتصف الثمانينات من القرن الماضي إبان ذروه الحرب العراقيه – الإيرانيه. بيد أن قدره ايران علي غلق المضيق لفترات زمنيه طويله لن يكتب لها النجاح لأسباب عده. بالرغم من امتلاكها لثلاث غواصات روسيه الصنع. منها التواجد الكثيف للأرمادا الأمريكيه في الخليج إذ يتخذ الأسطول الخامس الأمريكي كما هو معروف من البحرين مقرآ لها.هذا ناهيك عن القواعد العسكريه المسانده في المنطقه كقاعده عيديد الجويه في قطر الي ذلك فأن غلق .CENTCOMمقر القياده المركزيه الوسطي للولايات المتحده.
المضيق سيثير حفيظه حلفاء إيران الأسيويين لاسيما الصين العضو الدائم في مجلس الأمن والتي تعتمد بشكل كبير علي وارداتها النفطيه الإيرانية . ومع ذلك تشديد دول الاتحاد الأوروبي من عقوباته الاقتصاديه علي إيران لتطال واردتها من النفط الخام والمنتجات البتروكيماويه علي أمل ان ترعوي إيران في مواجهتها مع الدول الكبري بما في ذلك الاستجابه لرغبات المفتشين في وكاله الطاقه الذريه
مع إصرار إيران علي أن برنامجها النووي مسخر بالكامل للأغراض السلميه ما سيدفع بإيران للبحث عن بدائل جغرافيه أخري علمآ بأن صادرات إيران إلي أوروبا لاتزيد عن 450 ألف برميل يوميآ أو ما يعادل أقل بقليل من 20% من إجمالي صادراتها .
تجاره النفط البحريه في شرق الأوسط : رغم ما تشهده منطقه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من اضطرابات بدءا من الربيع العربي العام2011 مرورآ بالعمليات الإرهابيه ل ((داعش)) الذي روع أمن المواطنين ، بيد أن الممرات البحريه لاسيما قناه السويس ومضيق هرمز ومضيق باب المندب ظلت مفتوحه أمام الملاحه الدوليه غير آبهه بما يجري من حولها من صراعات وقلاقل بما في ذلك قيام إيران باحتجاز الناقله الدنماركيه يوم 28 نيسان ( إبريل ) الماضي في ضل ظروف غامضه . وقامت السفن الحربيه الإيرانيه مؤخرآ باستعراض قوتها فيما عده الخبراء مغامره إيرانيه لغلق مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط من خلال قناه السويس والتي تمر من خلاله أكثر من 10% من تجاره البترول الدوليه في بادره ((حسن نيه)) تجاه حلفائها الحوثيين وكرد فعل مبطن ل((عاصفه العزم)) التي تشنها السعوديه وحلفائها في التحالف الدولي ، غيرأن هذه المحاوله لم يكتب لها النجاح بعد أن تصدي لها الأسطول البحري المصري ، إن التعامل مع حاله (( عدم اليقين)) أضحي ديدن العاملين في التجاره البحريه مع تبلور رأي مفاده أن المعارك البريه في اليمن لن تنتقل إلي الممرات المائيه الحيويه بأي شكل من الأشكال ، وقد انعكس ذلك علي رسوم التأمين التي لم ترتفع رغم القلاقل التي تعصف بالمنطقه . ويري البعض أن إيران لا تمثل التهديد الأكبر لتجاره الملاحه البحريه في المنطقه ، بل إن الخطر الداهم قد يأتي من(الجماعات دون الدول) ومنها جماعه أنصار بيت المقدس في شبه جزيره سيناء موقعNon-state actors
السكان البدو الذين يشكون من التهميش والتي تتركز الي شرق قناه السويس . وقد شوهد (( الجهاديون)) في أكثر من مناسبتين قبل عام2013 في فيلم فيديو يصورهم علي السفن وهي تعبر القناه . RPGفي وضح النهار وهم يطلقون صواريخ
إن نجاح أي محاوله إرهابيه لإغراق سفينه – لاسيما سفن الحاويات – سيفضي إلي
غلق القناه لأسابيع عده ، مايجبر السفن الي الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح ، الأمر الذي سيضيف أكثر من 4000 كيلومتر للرحله من المملكه العربيه السعوديه إلي الولايات المتحده وما يترتب عليه من ارتفاع في التكاليف تضاف إلي فاتوره الشحن .
خلاصه القول ، إن انغماس العديد من دول المنطقه في لجج حرب أهليه لم يفت في عضد المسؤولين الحكوميين من إبقاء الممرات البحريه مفتوحه بما يؤمن المرور الآمن للناقلات البتروليه بدون توقف ، لاسيما الناقلات المتوجهه إلي آسيا الشريك الرئيسي لدول الخليج النفطيه ، بالإضافه إلي تأمين وصول الإمدادات إلي نصف الكره الشمالي بشكل منتظم بما يعزز أمن الإمدادات التي لم تتوقف في أحلك الظروف قتامه ، وربما كان الاستثناء الوحيد لذلك هو الحظر النفطي العام1973 إبان حرب أكتوبر حين أشهر العرب بشكل ناجز سلاح النفط في ظروف تاريخيه لن تتكرر .
*اقتصادي متخصص في شوؤن الطاقه
4736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع