الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
النظام الهجين واكذوبة الديمقراطية
أصبحت عبارة شائعة بين العراقيين يقولون بعضهم للبعض ، اصبح يحكمنا الآن المئات من الطارئين على السياسة في نظام مهمش ومكسور من مجموعة سياسية هدفها الاول والاساسي ألبقاء في السلطة والسماح للفساد بالانتشار دون رادع ، حيث تستمرذات الوجوه التي رفضها الشعب وكانت السبب الذي عززت وجود داعش.
صحيح تختلف خصائص الديمقراطية من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى ، مع عدم وجود تعريف متفق عليه عالميًا حتى الآن،كما لا تشكل المشاركة في الانتخابات جوهر الحريات وتطبيق الديمقراطية
ومع ذلك ، كان أحد الاكاذيب الرئيسية للتحالف الذي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا لاحتلال العراق ، الذي أطلق عليه "عملية التحرير" ، هو جلب الديمقراطية إلى المنطقة، سلط البريطاني توني بلير الضوء على هذا في خطابه الشهير خلال المناقشة البرلمانية قبل يومين من الغزو "دع الحكومة العراقية المستقبلية تُمنح الفرصة لبدء عملية توحيد المجموعات المتباينة في البلاد ، على أساس ديمقراطي
مرت قرابة عقدين من الفشل ولم ينعم اي بلد بالديمقراطية في الشرق الأوسط،بل اصبحت شعوب
المنطقة تعاني من نفس الوجوه، التي فرضها تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة على شعوب المنطقة.
منذ احتلاله عام 2003 ، اصبح العراق مثقلًا بذات الوجوه المتربصة على الساحة السياسية ،الذين يعملون المستحيل وبأي ثمن حتى لو ابادوا غالبية العراقيين المهم حصولهم على المناصب في كل الحكومات المتعاقبة في المقابل ،فأن الدول التي احتلت العراق ودمرته وبشر رئيس وزرائها المجرم الدولي توني بلير بجلب الديمقراطية فقد شهدت خلال الفترة نفسها تعاقب عدة رؤساء وزراء يأتون ويغادرون ، مع ترك العديد من قادة المعارضة العمل السياسي.
في غضون ذلك ، على الرغم من عدم تمكن المالكي وحلفائه من مجاميع نظام طهران من الحصول على الأغلبية المطلوبة في انتخابات 2021 ، إلا أنه يرفض التنازل عن الترشيح لرئاسة الوزراء ، ما زال يصر على ممارسة دوره كرئيس للوزراء، وكذا الحال لجماعة هادي العامري وقيس الخزعلي والواضح انهم يخشون من بطش مقتدى الصدر بهم وتقديمهم للمحاكمة اذا ما انفرد بالسلطة هو وحلفائه.
ومع تمكن الصدر من استقطاب الرأي العام نكاية بالمالكي ومجموعة الاطار التنسيقي الا ان ذلك لم يعد مفيد في بلد تعصف به الانقسامات المتعددة العميقة الجذور ، ولم تقف محاولات المالكي لاستعادة السلطة داخل العراق ،لاسيما وهو يمتلك قدرات مالية هائله تمكنه من شراء كثير من النفوس الضعيفة وتمويل الانشطة الدعائية المختلفة حيث اسس لنفسة منظومة كاملة من الجحوش الالكترونية ومجموعة من المرتزقة من المحسوبين على الصحفيين، بما في ذلك قيام الاذرع المسلحة للقيام بأعمال تهدد الامن والسلم المجتمعي.
ديمقراطية مزيفة
المئات من صغار القوم أخذوا مقاعدهم بشتى الاساليب الملتوية والتزوير في ديمقراطية زائفة داخل العراق المحتل، مما ولد نظاما هجينا مشوها متقاطعًا بين جوهر الديمقراطية والنظام الاستبدادي الذي اسسه الاحتلال في العراق ، الذي أطلق عليه أحدث مؤشر للديمقراطية في وحدة المعلومات الاقتصادية "نظام هجين".
على الرغم من من كل المحاولات لتزويق إجراء الانتخابات ، الا ان احدا لايمكنه إنكار تأثير المحسوبية والمنسوبية والطائفية والمال السحت الحرام لاجرائها في العراق. خذ على سبيل المثال الاساليب الملتوية الغريبة في كيفية تنصيب الرئاسات الثلاث،مما أعاد تأكيد فكرة أن الديمقراطية في العراق مجرد وهم.
الطائفة بدل الوطن
يمتلك رجال الدين قدرًا كبيرًا من السلطة في العراق لاسيما بعد الاحتلال ، على الرغم من أن أياً منهم لا يشغل مناصب رسمية عالية ، إلا أن نفوذهم أكبر من المناصب التي يشغلها الأشخاص الذين يشغلون مناصب وزارية، مع بروز ظاهرة التزام الغالبية العظمى من نواب البرلمان العراقي بالولاء لأيٍّ من الشخصيات ، الذين يُنظر إليهم على أنهم قادة روحيون، وسيبقى هذا مفهوم مقلق ، كونهم رجال دين ، وهذا يجعلهم خارج نطاق المحايبة والمساءلة أو الاستجواب.
يسود بين العراقيين قناعة راسخة أن قول الشيء الخطأ للشخص الخطأ يمكن أن يضعك في موقف صعب مع الميليشيات المختلفة المسلحة التي تقوم بدوريات في شوارع بغداد وبقية المدن العراقية بزيها العسكري ، مما يحد بشدة من إمكانية مساءلة الحكومة ، سواء من خلال نشر الخوف في المجتمع لعدم التشكيك في أدوارهم و من خلال تولي دور الدولة ،فالنظام السياسي تحت سيطرتهم بشكل واضح أينما تذهب، غالبًا ما يتم وسم السيارات بشعارات الحزب السياسي او المليشيا التي ينتمون إليها ، وبالتالي يتوقعون تمتعهم بامتيازات الطرق المختلفة في شوارع المدن المزدحمة، وهذا ينطبق في كثير من الأحيان في المستشفيات ، إذا كان المريض ينحدر من عائلة سياسية نخبوية ، فسيضطر الأطباء إلى معالجته أولاً على الرغم من وجود المرضى الذين يحتاجون للعناية السريعة .
الملفت ان من يدعي انه حمى الاعراض والعباد والبلاد تنصل عن اهدافه عندما شعر انه فقد المكاسب والمواقع في السلطة حيث صرح البعض انهم لن يقاتلوا داعش في حين ان وجودهم ارتبط بما يسمى خطر داعش.
ازدراء السلطة
أدى انتشار الفساد إلى انعدام كبير للثقة في الحكومة العراقية مع تدهور معدلات التأييد باستمرار، والنتيجة هي أن النظام المعتمد للدولة ، لاعلاقة له بالنظم المعتمدة بالعالم المتقدم، وهو نظام هجين يمارس القدرة على تطبيق ما يراه مناسب وبما يحقق اهدافه ولا يقيم وزنا لسلطة الحكومة.
في مسرحيات الانتخابات الاربع التي نفذت قبل 2021 ، كانت هناك محاولات لاستمالة الفئات الفقيرة من العراقيين في جميع أنحاء العراق عن طريق شراء اصواتهم بالمال او الملابس او بالشعارات الطائفية حيث اسهم مال الفساد لشراء الأصوات في بيئة غابت فيها حرية الصحافة وغابت عنها شروط تطبيق الديمقراطية المزعومة في العراق.
مع انتهاء مسرحية الانتخابات الاخيرة في العراق وعدم تقديم بدائل واضحة، يبدو أن الوجوه نفسها ستهيمن على المشهد السياسي، في وقت يحتاج العراق إلى إصلاح شامل لنظامه السياسي،كما يجب محاسبة الأفراد الذين عاثوا في العراق واهله فسادا وهم مصرين على البقاء في مواقع القوة والنفوذ رغم دورهم في تدمير وتقسيم العراق.
ان النظام الذي يكون فيه الرئيس كرديًا ، ورئيس الوزراء شيعيًا ورئيس مجلس النواب سنيًا ، سيعمق الانقسامات الطائفية وسيضيف إلى قائمة الإخفاقات وجود اكثرية من عديمي الخبرة ليحكموا العراق .
ان الحقيقة التي يجب ان ندركها جميعا رغم ما يقوله البعض ، وبغض النظر عما يريدون منك أن تصدقه ، فالولايات المتحدة ليست ديمقراطية ؛ إنها في الواقع ، دولة متنمرة لديها الرغبة في تحطيم كل أمة لا تلتزم بخطها ، ومتنمرة لديها شهية مزعجة للوصول إلى الموارد الطبيعية بأية طريقة حتى ولو ابادت ودمرت تلك الدول وماضيها القريب والبعيد يثبت انها دولة مارقة لاتقيم وزنا لا للانسانية ولا لغيرهافالمهم خدمة اهداف المؤسسات الرأسمالية التي تحكم امريكا.
من العراق إلى زيمبابوي الصغيرة ، تحاول الولايات المتحدة أن تقول لمن يهتم أن هناك خرقًا للديمقراطية ومن ثم الحاجة إلى التدخل عسكريًا في حالة العراق ومن خلال العقوبات غير القانونية في حالة زيمبابوي ،في العراق كان النفط وامن الكيان الصهيوني وليس وجود الرئيس صدام حسين ، وفي زيمبابوي الصغيرة كانت الأرض ، وحقول الذهب والماس الشاسعة لا تحترم حقوق الإنسان والملكية.
إن ما تقدمه الولايات المتحدة للعالم كقوى ديمقراطية هو في الواقع أحزاب سياسية معارضة شكلتها وتدعمها لإحداث تغيير في النظام في البلدان التي تعتقد أنها إهانة لوصولها إلى الموارد الطبيعية. ما تبقى من السرد هو حكاية لا لزوم لها ،إن ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للعالم كمنظمات إنسانية غير حكومية هو في الواقع ، وكلاء تغيير النظام يهدفون سراً إلى دعم أحزاب المعارضة المختارة المنخرطة في أجندة تغيير النظام.
الديمقراطية هي كلمة أساءت الولايات المتحدة استخدامها مرارًا وتكرارًا ، مرارًا وتكرارًا ، كستار دخان يخفي وراءه قتل الآلاف من الناس في العالم ، وخاصة الدول الأصغر التي تتطلع إلى الموارد الطبيعية
الديمقراطية هي ما أساءت استخدامه لتبرير الحروب، الأمر كله يتعلق بالوصول إلى الموارد الطبيعية
فالأوساخ الأمريكية تراها في جميع أنحاء العالم من أوكرانيا إلى أفغانستان ، من أجل زعزعة استقرار البلدان الأخرى.
1035 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع