قصة قصيرة - اكبر سرقة بنك في التاريخ / الجزء الثاني

                                                         

                               بقلم أحمد فخري

قصة قصيرة - اكبر سرقة بنك في التاريخ /الجزء الثاني 

من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://algardenia.com/maqalat/52948-2022-03-01-13-19-59.html

ركض مدير البنك بابلو الى احدى الموظفات وسأل،

بابلو : ما الامر يا كميليا ماذا هناك؟
كميليا : لقد سطوا على البنك سيدي.
صرخ بصوت عالِ وقال، "اغلقوا كل الابواب".
انتشر الحراس بجميع ارجاء المبنى بينما طلب انخيل من الموظفين الالتزام بالهدوء حتى تنحل تلك الازمة. بعد مرور 10 دقائق سمعوا طرقاً على ابواب البنك الخارجية وسمع الحرّاس يتحدثون مع الطارق ثم دخلوا الى الباحة الرئيسية بوسط البنك قالوا ان الشرطة قد وصلت، فامر المدير بفتح الباب والسماح لهم بالدخول. انفتحت الابواب من جديد فدخل ثلاثة رجال يرتدون الخوذ الفولاذية فوق رؤوسهم ودروع الكافلار على صدورهم حاملين بنادق آلية. تقدم قائدهم وقال،
القائد : انا المحقق ارنستو كافولينو ومعي المساعدان جون وبرنارد. اين المدير؟
بابلو : انا اسمي بابلو سانجيز مدير البنك.
انخيل : وانا اسمي انخيل هيرنانديز معاون المدير.
جون : متى وقعت السرقة؟ وهل هناك ضحايا او محتجزين؟
بابلو : لا نعلم بعد يا حضرة المحقق. نحن ننتضر التفاصيل من جميع الاقسام.
جائت كميليا مسرعة، نظرت الى المدير ومعاونه وضباط الشرطة، قالت وهي تلهث،
كميليا : السرقة لم تتم من قبل لصوص معتادين اقتحموا البنك سيدي، بل انه امر تقني.
انخيل : ماذا تقصدين يا كميليا؟ كيف وقعت السرقة إذاً؟
كميليا : هذا الصباح تم تحويل مبلغ 45 مليون يورو من فرعنا الى بنك (بانكو كوميرسيال ديل كايمان). مع اذن بالتحويل بالطُرُق المعتادة.
انخيل : من الذي اذن بذلك التحويل؟
كميليا : انظر سيدي الى البيانات بهذه الاوراق.
اعطت حزمة من الاوراق الى انخيل فامسك بها وصار يقلبها، ثم توقف واصيب بالذهول فسأله مديره،
بابلو : من هو الذي حول هذا المبلغ يا انخيل؟ قل لي فوراً.
انخيل : انه انا يا بابلو. يوجد اسمي على الاوراق كباعث وموافق على التحويل. لا اصدق ذلك.
ارنستو : بما ان الوضع هو امر داخلي فدعونا ننسحب بقواتنا من الارجاء ونرجع الى مركز الشرطة.
بابلو : توقف حضرة الضابط. اريدك ان تعتقل السيد انخيل هيرنانديز بتهمة الابتزاز والسرقة.
انخيل : هل جننت يا بابلو؟ هل يمكن ان تصدق اني اسرق البنك الذي اعمل فيه منذ 20 سنة؟ ايعقل انك تشك بي بهذه السرعة قبل ان تتأكد؟
بابلو : إذاً كيف تفسر عملية التحويل من ميزانية البنك الى جزيرة الكايمان؟
انخيل : لا اعلم بعد. سنجري تحقيقاً بذلك. من المؤكد ان هناك خطأ ما وقع يا بابلو، انا لا يمكن ان اقترف امراً بهذه البشاعة. ارجوك صدقني فانت اقرب الناس إلي ولا يمكن ان تصدق تلك الترهات. كيف لي ان اسرق البنك بعد كل تلك السنين؟
بابلو : كنت تعلم ان لجنة الاختبار سوف لن تتركك تستمر بعملك بسبب جهلك بالحاسوب لذلك قمت بهذه العملية لتودعنا فيها، اليس كذلك؟
انخيل : لا تكن معتوهاً يا بابلو، انا احب هذا البنك واحب عملي فيه والناس الذين اعمل معهم جميعاً. كيف تريدني ان الوث سمعتي واخرج منه كلص، ايعقل ذلك؟ انت دون كل الناس واكَبتَ مسيرتي المهنية منذ البداية وتعرفني جيداً، كوني انساناً نزيهاً لا يرضى ان تجري الامور بشكل غير قانوني.
نظر بابلو الى الضابط جون وقال،
بابلو : ارجوك اعتقل السيد انخيل هيرنانديز بتهمة الاحتيال وسرقة مبلغ 45 مليون يورو.
امسك المحقق ارنستو بيدي انخيل من الخلف ووضع الاصفاد عليها بينما راح يقرأ له حقوقه التي حفظها له الدستور الاسباني منذ قرابة 200 عام. اخذه معه وسار بالممر يتبعه مساعديه وغادروا البنك. بينما بقي مدير البنك بابلو واقفاً بالباحة الرئيسية بوسط البنك مشدوها ويضرب اخماساً باسداس.
رجع موظفين البنك الى مواقعهم وراحوا يحاولون لملمة انفسهم بعد تلك الصدمة العنيفة. أُدخل انخيل مركز الشرطة مكبل اليدين يسير بذهول كبير منتشياً من صدمة الامر الذي حل به. اودع باحدى زنازين مركز الشرطة ثم رجع المحقق ارنستو الى مكتبه ليرى نائب المدعي العام السيد خوان برنارد واقفاً بوسط مكتبه، حياه وقال له،
خوان: ما الذي حصل؟ سمعت ان بنك سانتاندير قد تمت سرقته ولكن ليس لدي اي تفاصيل اخرى. هل تعلم ماذا يجري يا ارنستو؟
ارنستو : يبدو ان السرقة تمت من الداخل، لدينا مشتبه به هو السيد انخيل نائب مدير الفرع. فقد وجه له مديره التهمه.
خوان : وكيف حصل كل ذلك؟
ارنستو : اكتشفت احدى الموظفات عن تحويل مبلغ كبير من فرعهم الى بنك في جزر الكايمان دون ان يحصلوا على اسم المرسل، فقط موافقة نائب المدير السيد انخيل مما يدل على انه تحويل من بنك الى بنك كما يحصل كل يوم بالحالات الاعتيادية.
خوان : وكم المبلغ الذي قاموا بتحويله؟
ارنستو : 45 مليون يورو حضرة النائب.
خوان : يا ملك الجن! 45 مليون؟ انه اكبر من جائزة اللوتو الوطنية.
ارنستو : وهذا ما سيجعل المهمة صعبة في التحقيق مع المجرم.
خوان : اعتقد قصدك المتهم. فالجرم لم يثبت عليه بعد اليس كذلك؟
ارنستو : اجل، اجل طبعاً هذا صحيح ولكنه هو الذي اذن بالتحويل.
خوان : ومع ذلك كاعضاء في منظومة العدالة، يجب علينا ان لا نصدر الاحكام المسبقة. اريدك ان تعامله كبريء حتى يثبت انه ابن عاهرة.
ارنستو : بالتأكيد خوان. سنبدأ التحقيق الاولي بعد قليل. وإذا وجدنا اسباب تعطينا ارضية ثابتة فسوف نوجه له التهمة ونحيله اليكم.
خوان : يجب ان تتعامل معه بكل حرفية يا ارنستو، فالصحافة سوف لن ترحمنا إذا عثروا على اي اخطاء نرتكبها في القضية. لذلك اريدك ان لا تترك امراً ولو بقيد ذرة الا وبحثت فيه كي تسهل المهمة عليّ عندما اترافع ضده بالمحكمة.
ارنستو : سافعل ذلك خوان لا تقلق. والآن اسمح لي كي اباشر بالتحقيق.
خرج النائب خوان من مكتب المحقق ارنستو وعاد الى بناية الادعاء العام بينما امر المحقق ارنستو بجلب المتهم انخيل الى غرفة التحقيق.
دخل انخيل مقيداً بالسلاسل ومعه حارسه ليجلس خلف طاولة حديدية، تبعه ارنستو وجلس امامه. بدأ بالحديث حيث قال،
ارنستو : اذكر اسمك الكامل وتاريخ ميلادك وعملك من اجل التسجيل الرسمي؟
انخيل : اسمي انخيل هيرنانديز. 5-12-1969. اعمل كنائب مدير بنك سانتاندير فرع مدينة برشلونا.
ارنستو : اجب اجابة صريحة وواضحة وبشكل رسمي: هل قمت بسرقة البنك؟
انخيل : كلا.
ارنستو : هل تعلم بتفاصيل عملية السطو التي جرت؟
انخيل : اجل لقد تحول مبلغ 45 مليون يورو من الخزينة الرئيسية للفرع الى حساب شخص مجهول في جزيرة الكايمان.
ارنستو : هل تعلم اسم الشخص المتلقي؟
انخيل : كلا.
ارنستو : لدي هنا اسمه بالملفات، انه فيليب روبيو.
انخيل : لم يحصل لي الشرف.
ارنستو : وماذا عن اسمك الذي وضع على الحوالة؟ اهو مصادفة؟
انخيل : ماذا تقصد بمصادفة؟ هل تريد ان تلبسني تهمة بادلة ضرفية؟
ارنستو : يبدو انك ضليع بمصطلحاتنا. هل سبق وان وجهت لك تهمة؟
انخيل : ابداً. بامكانك ان تبحث بالسجلات.
ارنستو : لقد بحثت بها مسبقاً واتضح انك نظيف من اي تهمة سابقة. يبدو انك حافظت على سمعتك كل هذه السنين.
انخيل : حضرة المحقق، رجاءاً ادخل بالموضوع ولا تراوغ اكثر ارجوك فانا لم اقترف ذنباً ويجب علي الرجوع لعملي.
ارنستو : وهل تعتقد ان البنك سيسمح لك بمزاولة عملك بعد عملتك هذه؟
انخيل : انت تتحدث معي وكأنك اثبت علي التهم بالجرم المشهود.
ارنستو : سيد انخيل، المبلغ تحول من مصرفكم سانتاندير الى بانكو كوميرسيال ديل كايمان والشخص الذي صادق على التحويل هو انخيل هيرنانديز. اليس ذلك هو اسمك؟
انخيل : انه اسمي طبعاً ولكن الذي يريد سرقة مبلغ بهذا الحجم عليه ان يعرف اسم رجل متنفذ بالبنك كي يزوّر اسمه فاما يستعمل اسم مدير البنك بابلو سانجيز او اسمي. هذا امر بديهي يا حضرة المحقق ام تريدني ان اعلمك شغلك؟
ارنستو : كفاك فلسفة. الآن واجبني على هذه الاسئلة. اولاً، هل لديك حاسوب نقال ببيتك؟ ثانياً اين هو ذلك الحاسوب؟
انخيل : اجل لدي حاسوب اشتريته قبل فترة وجيزة كي اتعلم عليه العمل الرقمي لانني امي بالحاسوب. والحاسوب حالياً بشقتي.
مد المحقق يده فاخرج من احدى الظروف الكبيرة جهاز حاسوب نقال وسأله،
ارنستو : هل هذا هو حاسوبك؟
انخيل : اما هو او جهاز يشبهه بالضبط. فالاجهزة تخرج من المصنح بشكل موحد.
ارنستو : هذا هو الجهاز الذي حصلنا عليه من شقتك حينما القينا القبض على صديقتك مارتينا دي ليون.
انخيل : لماذا فعلتم ذلك؟ مارتينا ليس لها اي دخل بالموضوع.
ارنستو : انت قلت انك امي بالحاسوب. وكذلك اخبرنا مديرك السيد بابلو سانجيز انها قامت باعطائك دروس بالحاسوب وعلمتك كيف تدخل على نظام الكومبيوتر في البنك. اليس الاجدر بنا ان نستجوبها؟ فإذا كنت انت بريئاً من عملية السرقة فلربما هي التي قامت بها. الا يعتبر ذلك احتمالاً وارداً؟
انخيل : ان مارتينا ليس لها اي دخل باعمال البنك المشروعة او غير المشروعة. لقد قامت باعطائي دروساً وحسب. مارتينا لديها وظيفة جيدة في احدى الشركات مرتبها فوق الاعتيادي ولا تحتاج الى ان تسرق.
ارنستو : من الذي يحتاج للسرقة إذاً؟
انخيل : لا اعلم. بدلاً من ان تضيع وقتك في التحقيق مع اناس ابرياء مثلي وحبيبتي مارتينا، اذهب وحقق جيداً كي تعثر على الفاعل الحقيقي.
ارنستو : هناك شيء آخر يحيرني جداً. انت يا سيد انخيل 51 سنة وحبيبتك عمرها 29 سنة اليس ذلك غريباً؟
انخيل : ولماذا هو غريب؟ عن ماذا تنوه الآن؟
ارنستو : انا اقصد انها جميلة جداً وبامكانها ان تحصل على اي شاب بسنها لديه عضلات كبيرة بامكانه ان يشبع رغباتها. فلماذا تختار شخصاً يكاد يكون بسن والدها. الا يترائى لك ان بقائها معك كان له مبرر؟
انخيل : انت تتخيل امور ليس لها ادنى مجال من الصحة ولا تستند على ادلة. مارتينا تحبني لشخصي دون اي مبررات.
ارنستو : لدينا تقرير من قسم البرمجية والسيطرة بالفرع المركزي بمدريد يقول ان عنوان الحاسوب IP الذي ارسلت منه الحوالة ينطبق مع عنوان حاسوبك وهذا يعني ان اوامر تحويل المبلغ صدرت من حاسوبك. كذلك اثبتت المعلومات لديهم ان عملية الارسال وقعت من شقتك حسب برنامج الترصد الرقمي.
انخيل : هذا كله هراء. لا يمكن ان اصدق ما تقوله. فانت تستغل جهلي بالحاسوب وتسطر علي معلومات لا اعرفها عن عناوين الـ NP او الـ IP. وعن عنوان شقتي ببرنامج الترصد الرقمي وما شابه فكل ذلك يبدو لي وكأنه حديث باللغة الصينية.
ارنستو : لقد لعبتها لعبة ذكية يا انخيل. قمت بسرقة كل تلك الملايين وانت تعلم انك ستتستر وراء جهلك بالحاسوب.
انخيل : حضرة المحقق، ان عملية سطو من هذا القبيل وبهذا الحجم يجب ان يكون ورائها اناس مقتدرون تقنياً فانت تنبح على الشجرة المغلوطة. اذهب وحقق بطرق اذكى من ان تضع شخصاً مثلي وتحقق معه باساليب تقليدية.
ارنستو : حسناً سارجعك الآن الى زنزانتك وساقوم بالتحقيق مع حبيبتك مارتينا.
اومأ المحقق برأسه الى احد افراد الشرطة كي يأخذ انخيل ويرجعه الى زنزانته. وبينما هو خارج من غرفة التحقيق قابل حبيبته مارتينا وجهاً لوجه مكبلة بالسلاسل يتأبطها حارس آخر فنظر بعينها وقال،
انخيل : انا آسف حبيبتي مار. لقد جرجروك بمصيبة انت في غنى عنها. هم يريدون ان يلصقوا التهمة باي شخص كي يجعلوا الناس تصدق انهم مازالوا يعملون بجد.
مارتينا : انا اغبى انسانة بالدنيا. صدقتك وحبيتك وتوقعت انك تحتاج الى دروس في الكومبيوتر لكنك استغليت حبي وقمت بعملتك الدنيئة.
انخيل : حتى انتَ يا بروتس؟ هل صرتِ تصدقين ما يقولون؟ أيعقل ان اقوم بتوريطك بشيء اجرامي مثل هذا؟ هناك امر جلل لا اعلمه واتمنى ان يجدوه بالقريب العاجل. سوف تعلمين وقتها انني بريئ من كل تلك التهم.
نظرت بعينه مباشرى ثم بصقت على الارض وادارت رأسها نحو الشرطي الذي يتأبطها لتقول له، "هيا بنا".
رجع انخيل الى زنزانته بينما ادخلت مارتينا الى غرفة المحقق ارنستو فصار يجرب عليها تكتيكاته البوليسية دون جدوى. اصرت مارتينا على انها لا تعرف شيئاً وانها قامت فقط بتعليم ذلك الشخص الذي كانت تحبه كي يحافض على وظيفته ولكي يجتاز الاختبار الذي سيخوضه. وعندما نفذت جميع الحيل والاساليب التي يستعملها ارنستو بترهيب ضحيته استعمل اقوى سلاح لديه، يستعمله دائماً عندما تنفذ كل المكائد فسألها،
ارنستو : هل تعلمين كم سيحكم عليك القاضي لو ثبتت عليك التهمة؟
مارتينا : كلا لا اعلم.
ارنستو : الحد الادنى 20 سنة والاقصة 25. فهل تريدين ان تقضي حياتك بقدر ما عشتيه لحد الآن. ستخرجين وعمرك 50 الى 60 سنة. فقط إن لم تقوم احدى السجينات بقتلك او على اقل تقدير اغتصابك فانت جميلة جداً وسوف تتحرق السجينات كي يضاجعنك. هل تريدين ذلك؟
مارتينا : بالطبع لا اريد ذلك والآن دعني اسألك نفس السؤال حضرة المحقق، هل سيرتاح ضميرك عندما تزج بانسانة بريئة في السجن بينما يلهو ويمرح الفاعل الحقيقي؟
ارنستو : يبدو ان التحدث معك لا يأتي بنتيجة.
نادى على الحارس كي يدخل ويأخذ مارتينا الى زنزانتها. اغلق الحارس الباب خلفه فجلس المحقق ارنستو يحاول حل كل تلك الاحجية. صار يطلق الاسئلة على نفسه كي يحاول التوصل الى حلول إذ قال، هل قام انخيل بعملية السرقة ام انها حبيبته مارتينا ام ربما هو شخص آخر لا اعرفه بعد؟ هل يمكن ان يكون احد لصوص الانترنيت (هاكر) حيث قام بالتنصت لحاسوب انخيل ومعرفة الرقم السري فقام بعدها باصدار الاوامر كي يتم التحويل بشكل آلي؟ الحلول ليست سهلة. فالمسألة تتطلب الكثير من البحث والتدقيق حتى اجد الفاعل الحقيقي. والآن دعنا نأخذ الاحتمال الاول. لنفرض ان انخيل هو الفاعل. متى فعل ذلك وكيف؟ دعني ادقق بالبيانات التي جائتني من قسم البرمجية والسيطرة عن عملية التحويل". قلب الاوراق التي امامه وقرأ، (تم اختبار السيد انخيل هيرنانديز في صالة الاختبار بالبنك ما بين الساعة 10.30 - 11.00 صباحاً. والآن متى تم تحويل المبلغ؟" صار يقلب بالاوراق صفحة صفحة حتى رأى التوقيت وهو الساعة 10:41 اي ان التحويل تم اثناء وجود انخيل بداخل قاعة الاختبار وبحضور مندوب لجنة الاختبار، وهذا يعني ان انخيل بريء تماماً. ولكن دعني استفسر من مندوب لجنة الاختبار إذا كان انخيل قد غادر القاعة اثناء فترة الاختبار كالذهاب للمرحاض او لشرب الماء او ماشابه، ساعمل اتصالاتي واتأكد". رفع المحقق ارنستو هاتفه واتصل بقسم البرمجية والسيطرة في الفرع الرئيسي للبنك بمدريد وسأل عن خروج انخيل اثناء الاختبار لكنهم اكدوا له ان جميع الذين تم اختبارهم بالفرع لم يخرجوا من القاعة اثناء فترة الاختبار بمن فيهم انخيل. تأكد وقتها ان انخيل بريء تماماً من التهمة. رفع هاتفه على قسم التقني بالشرطة ليسألهم عن امكانية تأخير في الارسال لكن الخبير اخبره ان بصمة التوقيت تتم وقت الضغط على زر الارسال، وحتى لو تأخر الارسال لبضع ثوان الا ان البصمة ستبقى تحمل وقت الارسال الاصلي. وبما ان الارسال تم من شقة انخيل وليس من البنك لذلك فالتأكيد واضح على برائة انخيل لانه كان موجوداً بالبنك يخضع للاختبار. والا فكيف له ان يكون بمكانين بآن واحد. نادى على الحارس وطلب منه احضار انخيل من جديد ليخبره انه سيخلي سبيله. بعد قليل طرق الحارس باب مكتب المحقق وادخل انخيل معه فقال له،
ارنستو : اليوم تأكدت انك بريء تماماً من التهمة الموجهة اليك.
انخيل : انا اعرف ذلك واخبرتك اكثر من مرة لكنك اخترت ان لا تستمع اليّ. ولكن ما الفائدة فالبنك سوف يستغني عن خدماتي وساخسر عملي بسببك. ولكن اخبرني، من الفاعل إذاً؟
ارنستو : بما ان المرسل كان قابعاً بشقتك، وان حبيبتك مارتينا خبيرة باستخدام الحاسوب. كذلك وقت ارسال الحوالة كان 10:41. فهاذا يؤكد لي ان المشتبه به الاساسي هي صاحبتك مارتينا. لذلك قررت ان اطلق سراحك.
انخيل : شكراً لك حضرة الضابط.
وجه كلامه للحارس وقال،
ارنستو : دعهم ينفذون اجراءات اخلاء سبيل انخيل واجلب لي مارتينا دي ليون للتحقيق.
الحارس : حاضر سيدي.
ازال الحارس اصفاد انخيل من معصمه وخرج بصحبة انخيل دون ان يمسك بيده هذه المرة فخرج من مكتب الضابط ليغلق الباب ورائه. بعد ربع ساعة عاد الحارس ممسكاً بمارتينا وادخلها مكتب الضابط ليجلسها امامه ثم خرج من المكتب واغلق الباب ورائه. قال الضابط،
ارنستو : اليوم حصلت على الدليل القاطع على ان حبيبك انخيل كان بريئاً لان موعد الارسال كان 10:41 وذلك هو نفس الوقت الذي كان انخيل جالساً مع مندوب هيئة الاختبار من مدريد. وبما ان الارسال وقع من قلب شقتكما في وقت وجودك بالشقة وانت تعلمين كلمة السر لذلك فإن الادلة كلها تشير الى تورطك انت بعملية التحويل. ماذا تقولين بموجب هذه المعطيات؟
مارتينا : اقول بانك لا تعي ما يدور حولك. هل تعلم حضرة الضابط ان في عام 2017 فقط قام اللصوص على الانترنيت (الهاكرز) بسرقة ما يقرب من 26 مليار دولار؟ ام انك تحاول تجاهل تلك الحقيقة؟
ارنستو : حسناً ساسايرك على تلك الفكرة. لو فرضنا انه هاكر. كيف إذاً يستطيع ان يجعل عنوان الارسال من شقتكما؟
مارتينا : يا سيدي، الهاكر يتسلط على الحاسوب تماماً وعندما يصدر الاوامر يصدرها من الحاسوب نفسه من شقة انخيل دون الحاجة لوجوده فعلياً هناك. هل فهمت ذلك ام تريدني ان اكرر الشرح؟
ارنستو : على العموم سانتظر التقرير من القسم التقني لدى الشرطة كي احدد إذا ما كان هناك هاكر بالموضوع.
نادى ارنستو الحارس وطلب منه ارجاع مارتينا الى زنزانتها. وسأله عن انخيل فقال انه غادر المركز بعد ان وقع على اوراق اخلاء سبيله.
امسك ارنستو بسماعة الهاتف واتصل بالقسم التقني في مركز الشرطة ليتباحث معهم عن امكانية وجود (هاكر) فاخبروه بنفس المعلومات التي قالتها له مارتينا. اغلق الخط معهم وذهب الى مكتب مديره. طرق الباب فاذن له فدخل،
مدير المركز : كيف تجري الامور بالتحقيقات يا ارنستو؟
ارنستو : انا لازلت احقق بالامر ولكن لدي فكرة قد تكون الفاصل بالقضية. اريد ان اسافر الى جزيرة كايمان واحقق في البنك المستلم للحوالة (بانكو كوميرسيال ديل كايمان).
مدير المركز : حسناً ساتصل بالشرطة الدولية الانتربول وساحصل لك على إذن منهم.
ارنستو : شكراً لك سيدي.
ما ان رجع ارنستو الى مكتبه الا ورن هاتفه فرفع السماعة ليسمع مديره يقول،
مدير المركز : لقد وافقت الانتربول على سفرك الى كايمان على شرط ان يرافقك احد افراد الانتربول كي يضفي على زيارتك الشرعية.
ارنستو : هذا عظيم. ساحاول ان اسافر باسرع وقت.
مدير المركز : حظاً موفقاً يا ارنستو.
بعد يومين دخل احد الاغراب الى مركز الشرطة وطلب مقابلة المحقق ارنستو فادخلوه الى مكتبه ليقدم نفسه،
الغريب : احييك حضرة المحقق ارنستو، انا العقيد فرانكو سيڨيا من الشرطة الدولية.
ارنستو : تشرفت بمعرفتك سيد فرانكو.
فرانكو : متى تريد السفر الى الكايمان؟
ارنستو : باسرع وقت ممكن. سادخل الانترنيت الآن وساحجز عن طريق موقع (موموندو).
فرانكو : حسناً، دعنا نرى.
صار ارنستو يبحث عن رحلات في حاسوبه، وبعد مرور بضع دقائق سأله العقيد،
فرانكو : هل تمكنت من العثور على رحلات مباشرة؟
ارنستو : كلا، افضل طريق هو وقفة واحدة في مطار ميامي ومجموع فترة الرحلة ستدوم 15 ساعة اما العودة فستكون 19 ساعة. باقي الرحلات جميعها توفر وقفتين بمطارين وهذا متعب جداً.
فرانكو : حسناً سنقوم بمناقشة حيثيات القضية ونتبادل المعلومات فيما بيننا اثناء الرحلة.
ارنستو : اجل هذا جيد.
فرانكو : متى ستكون الرحلة التي حصلت عليها؟
ارنستو : بعد يومين من الآن.
فرانكو : جيد جداً. ساكون جاهزاً وقتها.
بعد يومين ركب ارنستو سيارة اجرة اقلته الى مطار برشلونا. وعند الوصول الى مكتب وزن الحقائب التقى عقيد الانتربول الذي سبقه اليها فحياه ووقفا سوياً حتى تخلصا من حقائبهما ودخلا الى قاعة المغادرة. بعد ساعتين اقلعت بهما الطائرة من برشلونة قاصدة مطار ميامي بالولايات المتحدة. بالطريق كان الرجلان يتبادلان المعلومات وقد ابدى كل منهما رأيه عن بعض الاحتمالات. لكن الرأي السائد كان يتمحور حول ما سيحصلون عليه من معلومات على اثر زيارة البنك في الكايمان. بعد حوالي 16 ساعة هبطت طائرتهم في مطار جورج تاون بجزر الكايمان. سأل ارنستو رفيقه عن الفندق الذي سينزل به قال،
ارنستو : لقد حجزت بفندق من ثلاث نجوم اسمه هوليداي إن، وانت؟
فرانكو : سانزل بفندق هامبتون باي هيلتون.
ارنستو : ان مركز الشرطة لا يمكن ان يسمح لي بالنزول بفندق باهض الثمن مثل فندقك.
فرانكو : الفندق لا يهم بالوقت الحالي فمهمتنا سوف لن تدوم اكثر من اربعة ايام.
ارنستو : اجل، يجب ان نستثمر كل دقيقة منها حتى نحصل على المعلومات الكافية لقضيتنا.
فرانكو : انا اوافقك الرأي. دعنا نرتاح اليوم من عناء السفر وسنبدأ غداُ باكراً كي نحقق بالقضية. يجب علينا ان ننسق مجهودنا كي لا نضيع وقتنا.
ارنستو : حسناً سنذهب اولاً للبنك ثم نتوزع من هناك الى عدة موارد كي نجمع المعلومات.
فرانكو : هذه خطة صائبة.
باليوم التالي رن هاتف ارنستو تمام الساعة الثامنة صباحاً فرفع السماعة ليجد فرانكو يدعوه كي ينزلا سوياً الى المطعم ويتناولا وجبة الافطار. بعد الافطار خرجا من الفندق وركبا سيارة اجرة كي تقلهما الى بانكو كوميرسيال ديل كايمان. هناك طلبا مقابلة مدير البنك فاستقبلهم رجل قصير القامة يتكلم الانكليزية بلهجة مكسرة لم يتمكنا من التعرف عليها قال،
المدير : انا اسمي بولكا فريدون مدير هذا البنك، كيف استطيع مساعدتكما؟
فرانكو : انا العقيد فرانكو سيڨيا من الشرطة الدولية (الانتربول) وهذا رفيقي المحقق ارنستو كافولينو من شرطة برشلونا. جئناك من اسبانيا كي نحقق بحوالة بنكية وصلتك بطريقة غير مشروع على حساب احد عملائك باسم فيليب روبيو المجهول الهوية. الحوالة كانت 45 مليون يورو.
بولكا : يبدو انكما لا تعلمان آلية عمل المصارف هنا بجزر الكايمان. فاسماء عملائنا وحساباتهم المصرفية لديها خصوصية تامة ومن المستحيل كشف هوياتهم. اعتقد ان مشواركم الى هنا كان دون جدوى.
ارنستو : يا سيد بولكا، لو كان العميل هو تاجر مخدرات او قاتل مأجور فانا استطيع ان افهم موقفك هذا. الا ان السرقة تمت من البنك. والمتضرر الوحيد هو البنك وليس شخص اعتيادي.
هنا شعر العقيد انه يجب ان يتدخل بقوة اكبر قال،
فرانكو : يبدو انك لا تعرف ما هو الانتربول.
بولكا : اعرف جيداً ما هو الانتربول وكيف تعمل آلياته. لكن سلطاتكم وصلاحياتكم هنا لا تعمل بجزرنا.
فرانكو : ماذا تعمل لو ان بنككم هذا تمت سرقته؟ من الذي سيساعدكم في استرداد اموالكم؟
بولكا : نحن لدينا انظمة لا يمكن اختراقها من اعتى اللصوص. لذلك لا تقلق من ناحيتنا. نهاركم سعيد ايها السادة الافاضل.
ارنستو : على الاقل امنحنا فرصة معرفة عنوان الشخص المستلم يا سيد بولكا.
بولكا : هذا مستحيل. نهاركم سعيد.
وقف الشرطيان يشعران بخذلان كبير وخرجا من مكتب مدير البنك فسأل ارنستو،
ارنستو : هل صحيح ما قاله المدير؟
فرانكو : اجل انه على حق، فحتى الانتربول ليس لديه السلطة على الجزر الحرة مثل الكايمان. كلما كنت ارجوه ان يقوم بمساعدتنا بشكل طوعي الا انه ابى ان يخسر وظيفته التي لا يحلم بها اي موظف باي بلد بالعالم.
ارنستو : إذاً ليس امامنا سوى امر واحد.
فرانكو : لا، لايمكن ذلك. ارجوك يا ارنستو، لا تفعلها رجاءاً.
ارنستو : ماذا نفعل إذا كان نظام الجزيرة مغلق بوجهنا! هل ساعود لاسبانيا خالي الوفاض؟
فرانكو : وكيف ستفعل ذلك؟
ارنستو : دعني اتصرف ما عليك سوى المراقبة.
رجع الرجلان الى الفندق الذي يقيم فيه ارنستو فجلس العقيد فرانكو بالمقهى بينما صعد فرانكو الى غرفته كي يجري اتصالاً هاتفياً. وبعد قليل نزل الى بهو الفندق فالتقاه فرانكو.
ارنستو : كل شيء على ما يرام. لقد حولوا لي حوالة الكترونية قدرها 5000 دولار على حسابي بنفس البنك. دعنا نعود الى البنك غداً.
باليوم التالي دخل الرجلان البنك فتوجه ارنستو الى احدى الموظفات الجميلات ليسألها عن الشخص المسؤول عن فتح الحسابات بالبنك لتخبره بانها هي المسؤولة الوحيدة بالبنك قال،
ارنستو : اريد ان تفتحي لي حساباً باسم ارنستو كافولينو.
الموظفة : سافعل ذلك سيدي بكل سرور.
ارنستو : هل انتِ من اهل الجزيرة؟
الموظفة : كلا سيدي انا اصلي من لندن لكني جئت الى هنا لغرض العمل.
ارنستو : هل انتقلت الى هنا مع زوجك؟
الموظفة : كلا سيدي انا لست متزوجة.
ارنستو : مع حبيبك إذاً؟
الموظفة : ليس لدي حبيب.
ارنستو : هل هم مجانين؟
الموظفة : من هم سيدي؟
ارنستو : الرجال هنا بهذه الجزيرة. كيف يتركون فتاة جميلة مثلك دون ان يحاولوا التقرب منها؟
خجلت الموظفة وخفضت رأسها ثم قالت،
الموظفة : انت انسان لطيف جداً.
ارنستو : ما اسمكِ يا حلوة؟
الموظفة : انا اسمي انيموني.
ارنستو : اسم غريب جداً يا انسة. لكنه جميل.
انيموني : بصراحة انيموني هو نوع من انواع الزهور.
ارنستو : وانت كذلك يا انسة جميلة وفواحة كالزهرة.
انيموني : لكن الرجال لا يحبوني لانني ارتدي النظارة الطبية فهي تشوه مظهري.
ارنستو : بالعكس انها تزيد من شكلك بهاءاً واثارة. انت حقاً ساحرة بهذه النظارة الطبية.
انيموني : هل تعلم ان المبلغ الادنى لفتح الحساب هو 1000 يورو؟
ارنستو : اجل، انا سافتحه بـ 5000 يورو.
انيموني : هل ستدفعه نقداً؟
ارنستو : كلا، سوف يحول اليّ باسمي عن طريق السويفت من برشلونا في اسبانيا. ربما قد وصل فعلاً.
انيموني : دعني اتأكد من ذلك سيدي.
تركت كرسيها وذهبت بعيداً لبضع دقائق ثم عادت وقالت،
انيموني : المبلغ وصل باسمك سيدي.
ارنستو : إذاً، ما بقى سوى انت انيموني.
انيموني : ماذا تقصد سيدي؟
ارنستو : اقصد ان كل شيء سيكون على ما يرام إن قبلتِ دعوتي على العشاء اليوم.
انيموني : ولكن سيدي انا لا اعرفك جيداً وانت...
قاطعها المحقق وقال،
ارنستو : سوف لن اقبل اي حجج. انا جئت لهذه الجزيرة كي ابدأ بداية جديدة والحظ دحرجني اليك كي التقيك واتعرف عليك.
انيموني : اجل ولكن بالحقيقة انا...
ارنستو : لا اقبل اي اعذار. متى تنتهين من عملك؟
انيموني : الرابعة مساءاً.
ارنستو : سالتقيك امام البنك تمام الساعة 16:00.
انيموني : كلا، ساقوم ببعض الترتيبات بعد اغلاق الابوب لذلك سوف لن اتمكن من الخروج سوى الساعة 16:30.
ارنستو : حسناً ساكون بالخارج في انتظارك.
انيموني : الى اين ستأخذني؟
ارنستو : انا جديد على الجزيرة وانت التي تعرفين كل الاماكن. اريد ان اذهب الى مكان جميل وهادئ كي اتمكن من الحديث معك واتعرف عليك اكثر.
انيموني : انا اعرف مكاناً سيعجبك كثيراً. انه خارج المدينة لكنه جميل جداً. والآن دعني اكمل اجراءات فتح الحساب.
بعد قليل اكملت جميع الاجراءات وسلمته كمية كبيرة من الاوراق كي يضع امضائه عليها ثم اغلقت الامر بان قالت،
انيموني : والآن الحساب مفتوح باسمك ولديك ائتمان بـ 5000 يورو.
ارنستو : عظيم جداً. ساتركك الآن والتقيك تمام الرابعة والنصف مساءاً.
انيموني : سوف اكون جاهزة يا سيد كافولينو.
ارنستو : اسمي ارنستو وستناديني بذلك.
انيموني : حسناً ارنستو، القاك فيما بعد إذاً.
رجع المحقق ارنستو الى فندق صاحبه العقيد فرانكو واطلعه على كل المستجدات فسأله،
فرانكو : كيف ستستطيع ان تحصل على معلومات من تلك الفتاة؟
ارنستو : ساحاول التودد اليها ثم ساطلب منها معلومات لم اتمكن من الحصول عليها من مديرها.
فرانكو : ومتى تواعدت معها؟
ارنستو : ساكون معها بعد ان تنتهي من عملها اليوم على الساعة 16:30. وساخذها الى سهرة بسيطة ثم احاول ان اعرف منها ان كانت تعرف ذلك الشخص الذي تسلم حوالة الـ 45 مليون يورو.
فرانكو : حسناً. اتمنى لك حظاً وافراً.
في تمام الساعة الرابعة خرج ارنستو من فندقه بعد ان حلق ذقنه وارتدى بدلة انيقة ليتوجه الى مبنى البنك بسيارة اجرة. بقي واقفاً امام مبنى البنك لاكثر من ربع ساعة حتى خرجت انيموني فاشار لها بيده لتركب الى جنبه بالسيارة. طلبت انيموني من السائق ان يقلهم الى منطقة بوابة الملكة. فسألها،
ارنستو : هل تعرفين مطعماً جيداً هناك؟
انيموني : اجل، هناك مطعماً يدعى عش اللقلق. يرتاده العشاق دائماً.
ارنستو : اسم ملائم حقاً.
تحدث ارنستو مع نفسه وقال، "هذا جيد يبدو انها وقعت بشباكي. وهذا سوف يسهل عليّ مهمتي".
وصلت سيارة الاجرة الى المطعم فنزل الاثنان واختارا طاولة تطل على البحر. طلبت انيموني بعض النبيذ بينما طلب ارنستو الماء. فبدأت بالكلام وقالت،
انيموني : اتعرف يا ارنستو، انا لا اعرف عنك اي شيء.
ارنستو : ماذا تريدين معرفته؟
انيموني : معلومات عامة، كعمرك، عملك، حالتك الاجتماعية وإن كان لديك اطفال. او ما شابه.
ارنستو : بالحقيقة انا اعمل محقق بشرطة برشلونا، عمري 35 سنة، غير متزوج وليس لدي اطفال.
انيموني : هذا جيد.
ارنستو : ماذا تقترحين ان نأكل هنا؟
انيموني : انا من عشاق السمك. لديهم طباخ انكليزي ماهر جداً يجيد طبخ الاسماك.
ارنستو : يبدو هذا رائعاً. سأكل تماماً ما تأكلين.
انيموني : سامحني ارنستو ولكن، لماذا لم تتزوج لحد الآن فانت شاب وسيم مقتدر ولديك مستقبل باهر؟
ارنستو : انا لم اتزوج لانني لا يمكنني ان اتزوج.
انيموني : اجل اعرف مشاكل الشرطة، فانتم تعملون ساعات طوال واحيانا تغيبون فترات صعبة غير معتادة عن الدار مما يجعل زوجاتكم حانقات عليكم. لكن الزوجة الصالحة التي تحب زوجها بامكانها ان تصبر على غياب زوجها وتعتبرها من المشاكل البسيطة التي يسهل تقبلها لتساند زوجها. ولكن لماذا حولت مبلغاً كبيراً وفتحت حساباً هنا بهذه الجزيرة؟ هل تود البقاء هنا بشكل دائم؟
ارنستو : بالحقيقة انا هنا من اجل مهمة متعلقة بعملي. انا ابحث عن لص محترف سرق مبلغاً كبيراً جداً من احدى البنوك ببرشلونا. ولدينا معلومات تؤكد الى انه حولها الى حساب شخص باسم مستعار في البنك الذي تعملين به.
انيموني : هل اعرف ذلك الشخص؟
ارنستو : اسمه فيليب روبيو. حول مبلغ 45 مليون يورو الى حسابه مؤخراً. هل تعرفينه؟
انيموني : السيد روبيو، يا الهي اعرفه طبعاً. لقد قابلته اكثر من مرة قبل بضعة اشهر. هو انسان طيب جداً ويتحدث بشكل تلقائي، يحييني بكل احترام ويقبل يدي كل مرة.
ارنستو : هل لك ان تصفيه لي؟
انيموني : ولو انها معلومات خاصة بالزبائن لكنك لست غريباً عني. ساحاول ان اساعدك قدر المستطاع إذا وعدتني بعدم افشاء مصدر المعلومات.
ارنستو : بالتأكيد اطمئني من ذلك.
انيموني : حسناً دعني ارى: انه رجل بالخمسينات من عمره طويل القامة ممتليء الجسد شعره فضي ولديه لحية بيضاء ناصعة وشارب متين شعره طويل، ليس طويلاً جداً ولكنه اطول من شعرك بقليل، يرتدي ملابس ثمينة ولديه ابتسامة تبعث بالراحة في النفس.
ارنستو : حبيبتي انيموني...
قاطعته وقالت،
انيموني : هل قلت حبيبتي؟
ارنستو : انا آسف جداً، لقد خرجت من لساني بشكل عفوي. اقصد يا انيموني هل هناك امكانية انك تأتي معي غداً كي توصفيه لرسام شرطة محترف؟
انيموني : يجب ان اخذ اذناً كي اخرج اثناء النهار.
ارنستو : إذاً سانتظر منك مكالمة هاتفية تخبريني فيها عن الوقت الذي بامكانك الخروج به من البنك.
انيموني : اتفقنا حبيبي.
حضر الطعام ووضعوه على الطاولة امامهما فقالت بلهجة انكليزية بلهجة لندن الكوكني،
انيموني : (باونا پاتايت).
ارنستو : (بونا پيتيت) عزيزتي.
بعد ان اكملا وجبتهما اقترحت عليه ان يتمشيا قليلاً على الساحل فوافقها. سارا لاكثر من ساعة يستنشقان هواء البحر المنعش. بداخلها كانت تتوقع منه ان يقف ويقبلها قبلة رومانسية ودعوة الى سريره يختم بها تلك الامسية الرائعة. الا انه لم يفعل اي من ذلك وبقي يحتفض بمسافة بينه وبينها. وبعد ان رجعا الى موقع المطعم وجدا سيارة اجرة واقفة امام المطعم، اشار لها ارنستو فدنت منهما. جلست انيموني مع ارنستو بالخلف وكانت تأمل ان يمسك بيدها على اقل احتمال لكنه لم يفعل ذلك فقالت لنفسها، "انه لا يريد ان يكسر قلبي لكنني ساصبر لانه الرجل المناسب لي". بعد ان اوصلها الى بيتها عاد الى فندقه ودخل الباحة الرئيسية فوجد صاحبه فرانكو جالساً ينتظره. حياه وجلس معه ليسأله،
فرانكو : بشرني ماذا فعلت معها؟
ارنستو : لقد وافقت على ان تدلي بأوصافه لدى رسام الشرطة.
فرانكو : وهل مارست عليها لعبة الشرطة الذي لا يستطيع ان يتزوج؟
ارنستو : اجل هذا صحيح، كيف عرفت ذلك؟
فرانكو : نحن نستعمل نفس الاساليب لدى الانتربول.
ارنستو : دعنا نرى ماذا سيخرج من افادتها غداً. ربما سنحصل على صورة للمجرم.
باليوم التالي اتصل ارنستو بانيموني تمام الساعة التاسعة فردت عليه وقالت،
انيموني : لقد وافق المدير على غيابي من البنك لمدة ساعتين ابتداءاً من العاشرة يا حبيبي.
ارنستو : حسناً ساكون جالساً بسيارة اجرة انتظرك امام البنك على الساعة العاشرة تماماً.
انيموني : ساتطلع للقائك يا عمري.
وقفت سيارة الاجرة وجلس ارنستو بالمقعد الخلفي ينتظر انيموني. وعندما اشارت ساعته الى العاشرة بالضبط خرجت من الباب الرئيسي للبنك. دخلت السيارة وجلست الى جانبه وقبلته من وجنته. وعندما وصلا الى مركز الشرطة الرئيسي بجورج تاون. استقبلهما فرانكو امام المركز وادخلهما الى الداخل فوجداً الرسام التخطيطي جالساً وممسكاً بادواته حفاظاً على الوقت، جلست معه مباشرةً وصارت تدلي باوصاف فيليب روبيو. بعد مرور اكثر من 45 دقيقة خرجت انيموني فوجدت حبيبها ارنستو واقفاً مع زميله فرانكو،
قالت لارنستو لقد اتممت مهمتي. دخل ارنستو على الرسام وطلب منه ان يريه الصورة فعرضها عليه.

                                                             

امسك ارنستو بالصورة وصار الرجلان يتطلعان اليها فوجدا تشابهاً كبيراً بينه وبين انخيل هيرنانديز نائب مدير البنك في برشلونا. لكنهما سألا الرسام كي يلقي نظرة على صورة انخيل الاصلية والصورة التي رسمها للتو ويقارن بينهما كونه فناناً. نظر الى الصورتان جيداً وقال،
الرسام : انه هو بدون ادنى شك.
ارنستو : إذاً مهمتنا انتهت يا فرانكو. يجب علينا العودة الى برشلونا غداً.
فرانكو : اما انت فعليك ان تصبح انساناً يعاني من امراض جنسية.
ارنستو : اوتعرف حتى الاعذار كذلك؟
فرانكو : اجل لقد تخرجنا من نفس المدرسة. والآن اذهب معها ودعها تقطع الامل منك يا ارنستو.
خرج ارنستو من الغرفة فوجد انيموني تنتظره بالخارج قالت له،
انيموني : هل استفدتم من الصورة يا حبيبي؟
ارنستو : اجل، شكراً لك يا انيموني انا جداً ممتن لك لما فعلت. ستمكننا تلك الصورة من القاء القبض على اللص.
انيموني : هل ستأخذني الى البنك؟
ارنستو : اجل سنذهب سوياً بسيارة اجرة.
جلس ارنستو وانيموني بالسيارة فبدأت الحديث معه وقالت،
انيموني : هل سنخرج الليلة سوياً يا حبيبي؟
ارنستو : اسمعي مني يا انيموني. لقد اخبرتك مسبقاً انني لا يمكنني ان اتزوج لانني اعاني من مشاكل خَلْقية تجعلني لا استطيع معاشرة النساء بالسرير.
انيموني : لكنك لم تخبرني بذلك انت فقط قلت انك لا يمكن ان تتزوج. وقلت انها بسبب عملك كونك شرطي.
ارنستو : انت التي حللت ذلك. انا لم اقل لكِ السبب.
انيموني : إذاً انتَ استغليتني فقط كي تحصل على تلك الصورة اللعينة. وسوف تفضحني امام مديري.
ارنستو : ابداً، ابداً يا انيموني. انت انسانة رائعة وتستحقين شخصاً، بل رجلاً (حقيقياً) بامكانه ان يبعث السعادة في قلبك. اما ما فعلتيه اليوم فسوف تساعدينني في تحقيق العدالة وزج اللص بالسجن. سوف احاول ان لا افصح عن مصدر هذه الصورة وابقيك في الخفاء.
انيموني : اوقف السيارة، اريد ان انزل الآن.
ارنستو : دعيني اوصلك الى البنك يا انيموني.
انيموني : لا اريد. ساصل لعملي بنفسي. شكراً لك على خداعي.
توقفت سيارة الاجرة فنزلت منها انيموني ثم طلب ارنستو من السائق مواصلة السير الى الفندق. وعندما وصل الفندق وجد العقيد فرانكو ينتظره في الباحة قال،
فرانكو : هل تخلصت من الفتاة؟
ارنستو : اجل، لكنها جعلتني اشعر باني انسان رخيص حقير واطئ جداً كالقمامة.
فرانكو : على العموم، لقد حصلنا على ما جئنا من اجله وقد تعززت شكوكنا وصرنا نعرف خصمنا بشكل مباشر. ما بقي لنا سوى اثبات الجرم عليه كي نزجه بالسجن.
باليوم التالي عاد الشرطيان ارنستو وفرانكو الى برشلونا. وفي صباح اليوم التالي التقوا برئيس مركز الشرطة فدار الحديث بينهما،
المدير : هل تمكنتما من معرفة هوية السارقين؟
ارنستو : انه سارق واحد سيدي. وهو انخيل هيرنانديز نائب مدير البنك.
فرانكو : ذهب متنكراً بلحية بيضاء وشنب طويل وصبغ شعر رأسه بالابيض ثم فتح حساب بجواز مزور باسم فيليب روبيو.
المدير : وكيف توصلتما لكل هذه المعلومات؟
ارنستو : قمنا بالتحدث مع مدير البنك فرفض الادلاء باي معلومات عن الزبون. وقتها قمنا بالمزيد من التحقيقات وعلمنا ان احدى الموظفات التي قامت بفتح الحساب له بالبنك فطلبنا منها ان تأتي لمركز شرطة جورج تاون وتصفه لرسام الشرطة وبذلك طلعنا بهذه الصورة لروبيو. وعندما قارنا بين صورته الحقيقية والصورة التي رسمها الفنان وجدناها متشابهة. والآن بقي عملنا هنا في برشلونا. لاننا لا نستطيع جلب الموظفة من الجزيرة الى هنا كي تتعرف عليه لانها قابلته عندما كان متنكراً وستكون شهادتها مشكوك بها.
فرانكو : اما انا فسابقى اعمل مع المحقق ارنستو حتى نمسك المجرم بالادلة الدامغة.
المدير : هذا نبل منك حضرة العقيد فرانكو. والآن ما هي مخططاتكما؟
ارنستو : ابتداءاً من الغد سنقوم بالتحقيق بالتعاون مع القسم التقني لدى الشرطة كي نحاول الوصول الى تفسير منطقي بكيفية حدوث السرقة.
المدير : انا اطمئنكما انني ساقدم اي دعم تحتاجون اليه.
ارنستو : شكراً لك سيدي.
خرج المحققان وافترقا.
باليوم التالي اتصل ارنستو بالقسم التقني لدى الشرطة وطلب ان يقابل رئيس القسم التقني. فدعاه كي يجريا اجتماعاً عاجلاً. وبعد نصف ساعة جلس المحقق ارنستو مع الرئيس وبدأ الحديث،
ارنستو : لدينا شكوك وادلة ضعيفة بان السيد انخيل هو المسؤول عن عملية السرقة. لكننا لا نعلم كيف تمكن من تحويل المبلغ بنفس الوقت الذي كان بداخل قاعة الاختبار ومع احد مندوبي الفرع الرئيسي للبنك. فهل لديك تفسير علمي لذلك؟
الرئيس : بالحقيقة هناك عدة نظريات تقنية. اولها إذا كان لديه شريك يقوم بارسال المبلغ باستعمال رقمه السري الذي منحه اياه البنك.
ارنستو : لقد سبق وان بحثنا بهذا الامر وقمنا بحجز حبيبته مارتينا دي ليون وهي حالياً بسجن الكورتانا خارج برشلونا. لكن لدي حدس يقول انها بريئة ولم تشاركه بالسرقة.
الرئيس : إذاً هناك تحليل آخر. وهو ان يقوم شخص ما ببرمجة الحاسوب الذي ببيته واقصد بيت انخيل بحيث يقوم البرنامج بفتح الحاسوب بشكل تلقائي تماماً دون تدخل اي انسان ثم يقوم بارسال الحوالة بشكل آلي ثم يمسح نفسه ويقفل الجهاز.
ارنستو : لقد سمعت ان الحواسيب تستطيع الاحتفاظ بالبرامج الممسوحة منها حتى وان الغيت.
الرئيس : لو كان بالمستوى الذي نشك به فانه يستطيع ان يجعل البرنامج يمحي اثاره دون ان يترك اي بصمات على القرص الصلب. وبما ان انخيل ليس لديه اي خبرة بالتعامل مع الحواسيب فمن المؤكد ان شخص ما قام ببرمجة الحاسوب له. وهذا الداهية الذي سيساعده يجب ان يطالب بجزء كبير من الارباح. الا إذا... الا إذا...
ارنستو : الا إذا كان انخيل هو الذي قام ببرمجة الحاسوب بنفسه وكان يتظاهر كل الوقت بعدم معرفته باستعمال الحاسوب لذلك قام بالبحث عن معاهد لتعليمه سبل استعمال الحاسوب.
الرئيس : وكيف ستعرف ذلك؟
ارنستو : هذا ما ساقوم به بالعمل البوليسي. شكراً لك سيد الرئيس.
الرئيس : انا سعيد لانني قمت بتقديم يد العون لك. اتمنى ان تمسك به باسرع وقت.
خرج ارنستو من مكتب الرئيس واتصل بصاحبه العقيد فرانكو كي يخبره بآخر مستجدات الامور. فاقترح عليه فرانكو ان يذهبا الى مسقط رأسه (دينيا) ويحاولا الاستفسار عن ماضيه هناك. ركب المحققان سيارة وتوجها بها الى مدينة دينيا. نظر ارنستو الى المدينة وقال،
ارنستو : يا الهي، انها مدينة صغيرة جداً تكاد تكون قرية. اين سنحصل على المعلومات هنا؟
فرانكو : دعنا نبدأ بالمدرسة. ملفه يقول انه ذهب الى مدرسة القديسة فاطمة بساحة فرانكو دي فيليا. دعني ادخل عنوان المدرسة بنظام تحديد المواقع.
بعد قليل وصلا الى العنوان الذي حدده الجهاز لكنه لم يكن مدرسة بل متجراً للمستلزمات الصحية. دخلا المتجر فرأوا سيدة بدينة تعمل هناك قال لها فرانكو،
فرانكو : سامحيني سيدتي ولكننا نبحث عن مدرسة القديسة فاطمة. اوصلنا جهاز تحديد المواقع الى هنا. هل لديك اي معلومة عنها؟
السيدة : اجل، اجل بالتأكيد. كانت هناك تلك المدرسة لكنها تهدمت قبل اكثر من 40 سنة. وبنى المرحوم زوجي هذا المتجر بهذا الموقع مكانها. ومن المفارقات الجميلة انني انا كنت طالبة بهذه المدرسة عندما كنت فتاة صغيرة.
فرانكو : هل تعرفين طالباً معك اسمه انخيل هيرنانديز؟
السيدة : وكيف لا اعرفه؟ كان انخيل اذكى فتى في كل المدرسة لكنه كان يتيم الابوين لذلك قامت المدرسة بارساله الى مدرسة رفيعة كي يكمل دراسته على حساب الكنيسة. والمدرسة المتوسطة اسمها الطليعة النموذجية. انها لا تزال موجودة بمدينة دينيا. المدرسة تبعد ما يقرب من كيلومترين عن هنا. ساكتب لكما عنوانها.
كتبت لهم العنوان فشكروها ورجعوا الى سيارتهم يتقفون اثر المدرسة. وعندما عثروا على المدرسة التقوا بمديرها الشاب. رحب بهما وقدم لهما القهوة. سأله ارنستو،
ارنستو : حضرة المدير، علمنا ان شخصاً تخرج من هذه المدرسة قبل ما يقرب من 40 سنة. فهل لديكم اي ارشيف للطلاب منذ تلك الفترة؟
المدير : يا الهي 40 سنة. كلا. لقد تعرضت غرفة الارشيف لحريق كبير قبل بضع سنين ولم يبقى اي معلومات عن الطلاب في الماضي. لكن والدي كان مديراً للمدرسة وقتها. ووالدي لازال حياً يرزق لكنه متقاعد الآن. بامكاني ان اخذكم اليه كي تسألوه كل ما يحلو لكم.
ارنستو : هذا لطف منك سيدي.
ركب الثلاثة سيارة المدير من نوع سيات وتوجهوا الى حيث كان رجل كبير في السن يسقي الزهور بالحديقة. ذهب اليه ابنه المدير الحالي وقال له،
المدير : يا ابي هؤلاء السادة محققين من الشرطة ويودون ان يسألوك عن طالب كان بمدرسة الطليعة النموذجية وقتما كنت انت مديرها.
العجوز : بكل سرور تفضلا بالسؤال.
ارنستو : سيدي هل تعرف رجلاً باسم انخيل هيرنانديز كان يدرس عندك بالمدرسة؟
فرانكو : كان قد جاء اليكم من مدرسة القديسة فاطمة وقد بعثته الكنيسة اليكم لانه كان من الطلاب المتفوقين.
العجوز : انخيل، انخيل، انخيل اجل اتذكره جيداً. كان هذا الطالب مميز لانه كان يتفوق على اساتذته بالرياضيات والفيزياء وقد انهى الدراسة بحيث اصبح الاول على المدرسة. اعتقد انه دخل كلية الهندسة فيما بعد ودرس علم الالكترونيات او شيء من هذا القبيل.
ارنستو : يا سلام، الآن بدأنا نصل الى خيط رئيسي من خيوط القضية. هل تلاحظ يا عزيزي، لقد قدّم للبنك شهادة الاعدادية واخفى شهادة الجامعة كي لا يشك به احد وقام باخفاء قابلياته ليحقق غرضه.
فرانكو : لكننا لا زلنا نجهل اين قضى فترة حياته ما بين تخرجه من الجامعة وما بين تعيينه بالبنك.
العجوز : انا استطيع ان اخبركم. لقد تابعت مسيرته المهنية وقد علمت انه درس بالمعهد العالي لبرمجة الحواسيب بڨالانسيا.
ارنستو : هل لديك اسم هذا المعهد سيدي؟
العجوز : اعتقد انه كان يدعى المعهد التقني بڨالنسيا.
قام ارنستو بكتابة اسم المعهد instituto tecnico de valencia في هاتفه النقال فحصل على عنوانه قال،
ارنستو : دعنا نذهب لڨالنسيا فوراً. شكراً لك سيدي على هذه المعلومات القيمة.
ركبا سيار المدير فارجعهما الى المدرسة حيث تركا سيارتهما فشكراه وانطلاقا مسرعين متوجهين الى مدينة ڨالنسيا وبالطريق قال ارنستو،
ارنستو : هل رأيت ذلك الثعلب المكار؟ لقد غش الجميع واقنعهم بانه امي بالكومبيوتر لكنه كان خبيراً ولم نكن نعلم ذلك.
فرانكو : الذي يدبر طريقة لسرقة 45 مليون يورو دون ان يشترك بالسرقة بنفسه لا بد ان يكون عبقرياً. لكننا وصلنا اخيراً الى ظالتنا.
ارنستو : الطريق ليس طويلاً كي نصل ڨالنسيا ربما نصف ساعة.
فرانكو : انا اتحرق كي اعرف المعلومات من المعهد.
وصل المحققان الى المعهد ودخلا مباشرة الى المدير الذي استقبلهما بحرارة وجلسا في مكتبه ليسألاه عن انخيل قال،
المدير : ارشيفنا يقول ان السيد انخيل هيرنانديز كان الاول على قسمه في برمجة لغة الـ C ولغة C++.
ارنستو : لكن حسب معلوماتي المتواضعة سيدي ان هذه اللغات حديثة جداً.
المدير : كلا، لقد بدأ العمل بها في التسعينات من القرن الماضي وقد تبنتها شركة مايكروسوفت وانتيل وآي بي ام واوريكال. والآن تستعمل بشكل واسع بكل المجالات بداخل الانترنيت وخارجه.
فرانكو : الآن اتضحت لنا الصورة كوضوح الشمس سيدي. نحن نشكرك ونود لو انك تزودنا بصور لهذه الشهادات.
المدير : بما انكما جئتما بصيغة قانونية فسوف اتمكن من اعطائكما صوراً منها.
ارنستو : شكراً لك سيدي.
خرج المحققان وهما في قمة السعادة، ركبا سيارتهما وتوجها مباشرة الى برشلونا ليصلا الى مركز الشرطة فدخلا غرفة المدير ليسألهما،
المدير : هل حصلتما على اي نتائج؟
ارنستو : اجل سيدي، لقد حلينا كل الالغاز والمسائل العالقة بالغموض وعلمنا كيف نفذ السيد انخيل خطته وحده دون علم اي شخص آخر.
فرانكو : لقد كان في غاية الذكاء ايام الدراسة ودخل كلية الهندسة الالكترونية ثم دخل معهداً بعدها لتعلم اللغات التي تستعمل في برمجة الخوارزميات والتي تجعل الحاسوب يتصرف بشكل تلقائي فقام البرنامج بتشغيل نفسه وتحويل المبلغ مستخدماً الرقم السري الذي غذاه له انخيل مسبقاً. وراح هذا البرنامج يعمل وقتما كان انخيل بداخل قاعة الامتحان يُختَبر من قبل احد مندوبي البنك القادمين من مدريد.
المدير : إذاً حبيبته مارتينا دي ليون كانت لا تعلم بما يخطط له انخيل.
ارنستو : ليس ذلك وحسب، فقد قام باختلاق شخصية خيالية اسمها فيليب روبيو كي يفتح حساباً بالكايمان ويستلم به المسروقات.
المدير : إذاً لديكم مهمة اخيرة يا ابطال. وهي القاء القبض عليه قبل ان يختفي بآخر زوايا الارض وتذهب الاموال معه.
ارنستو : سنلقي القبض عليه الآن فوراً.
خرج المحققان مسرعين متوجهين الى شقة انخيل. وفور وقوف سيارتهم امام البناية التي يسكن فيها انخيل شاهدوه يخرج من الباب يسحب خلفه حقيبة سفره. وقف وناداه من بعيد،
ارنستو : يا سيد هيرنانديز، اين انت ذاهب؟
انخيل : انا ذاهب الى مالاگا كي اقضي فيها بضعة ايام.
ارنستو : هل بامكاني ان ارى بطاقة سفرك؟
انخيل : اجل بالتأكيد. تفضل.
امسك المحقق البطاقة ونظر اليها ليجدها اصولية وتحمل الوجهة برشلونا- مالاگا والعودة مالاگا- برشلونا.
ارنستو : موعد الاقلاع مازال بعيداً بامكانك ان تأتي معنا الى المركز.
انخيل : كلا، انا افضل ان اذهب للمطار مبكراً.
ارنستو : مع الاسف سوف تأتي معنا سيد انخيل. انه امر مهم وعاجل.
انخيل : هل انتم تلقون القبض عليّ؟
فرانكو : بامكانك ان تراهن بجميع الـ 45 مليون يورو عليها. اي كلمة تنطقها سوف تحسب ضدك بالمحكمة.
انخيل : لكنني كنت الضحية هنا.
لم يجيباه على ما قال بل وضعوه بسيارتهم ووضعوا حقيبته في صندوق السيارة ليأخذوه الى المركز. ابتسم رئيس المركز وقال "لقد وقع القرش بشباكنا، دعنا نبدأ". أجلِسَ انخيل على كرسي بغرفة التحقيق ودخل عليه ارنستو ورئيس المركز فبدأ بالسؤال عن الاسم الكامل وتاريخ الميلاد والمهنة. وعندما اكملا هذه الشكليات قال ارنستو،
ارنستو : يا سيد انخيل هيرنانديز اتهمناك بتهمة سرقة المصرف لان لدينا الدليل المادي والقاطع بانك قمت بتدبير سرقة البنك بصورة ذكية جداً من خلال تحويل المبلغ عن طريق حاسوبك الشخصي بالبيت.
انخيل : هذا غير صحيح، انا لا اعرف اي شيء عن تلك الآلات اللعينة وقد حاولت الاتصال بعدة معاهد كي اتعلم فيها كيفية استعمال الحواسيب...
قاطعه ارنستو وقال،
ارنستو : اجل، اجل نعرف كل تفاصيل التمثيلية التي قمت بتأليفها واخراجها لاقناعنا بانك امي في الكومبيوتر. لكننا نملك الدليل القاطع الآن انك انت من دبرت كل شيء.
انخيل : اسمع مني يا حضرة المحقق اقسم لك انني...
قاطعه ثانية وقال،
ارنستو : نحن لم نأتي هنا لنستمع الى قسمك سيد هيرنانديز. نحن نريدك ان تحدثنا عن كيفية قيامك ببرمجة الحاسوب في عملية التحويل.
انخيل : كيف ابرمج الحاسوب وانا لا اعرف ان اتعامل معه؟
ارنستو : هل تعني لك شيء مدرسة القديسة فاطمة ومدرسة الطليعة النموذجية وكلية الهندسة فرع الالكترونيات والمعهد العالي لبرمجة الحواسيب بڨالانسيا ولغة الـ C ولغة C++ ؟ يا سيد فيليب روبيو عفواً يا سيد انخيل هيرنانديز، لدينا اناس يعملون ببنك بانكو كوميرسيال ديل كايمان والموظفون هناك جميعهم يعرفوك ويستطيعون ان يتعرفوا عليك حتى بعد ان قمت بالتنكر.
اخرج الصورة من محفظته ووضعها امامه على الطاولة الحديدة.

                                                         


صمت انخيل وصمت جميع من في الغرفة معه ثم ابتسم وقال،
انخيل : اهنئك يا محقق. كنت اعتقد انني اذكى انسان بالعالم لكنني لم احسب حساب محقق ذكي مثلك. وماذا عن مارتينا؟
ارنستو : لقد امر السيد رئيس المركز بان يطلق سراحها بعد ان يُعلِمَ النيابة العامة بذلك.
انخيل : وما المطلوب مني الآن؟
ارنستو : نريدك ان ترجع المبلغ للبنك وسنقوم بتوصية تعاونك معنا مما سيخفف عنك الحكم. هذا طبعاً سيكون بالاتفاق مع النيابة العامة.
<<<<<<<<<<
بعد مرور عدة اسابيع والمزيد من التحقيق وعقد الاتفاقيات التي عرضها الادعاء العام لانخيل. وافق انخيل بالنهاية على ارجاع المبلغ كاملاً والمكوث بسجن (لاگوارديا) لمدة 5 سنوات، فترة غير قابلة للمراجعة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

779 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع