علي المسعود
نكبة العقل العربي في ٣ حالات !!
حالة رقم : ( 1) الشاعر نزار قباني :
في عام 1998، وتحديدا الى 30 نيسان، يوم جنازة الشاعر الكبير ( نزار قباني ) في لندن ، المكان: المركز الثقافي الاسلامي في لندن، ويعرف ايضا بمسجد لندن المركزي، او مسجد ريجنت بارك. وهو عبارة عن مجموعة من المباني ذات الطابع الإسلامي، حيث يوجد ايضا مسجد كبير. عندما وصل جثمان الشاعر الكبير الى المسجد، رفضت مجموعة من الرجال المتزمتين الملتحين إدخاله الى المسجد. واخذوا يشتمون، وكان كلامهم عنيفا، الامر الذي اثار استياء شخصيات كبيرة جاءت الى الجنازة، واصدقاء الفقيد واهله. وتدخل عديدون، في طليعتهم السفير السعودي في بريطانيا يومذاك الدكتور غازي القصيبي، وكان صديقا للراحل. وتمّ التوصل الى حلّ وسط، منعا لتفاقم الامر، ويقضي بالصلاة على الجثمان عند باب المسجد داخل حرمه، بينما وقف الناس حوله .
حالة رقم 2 – الشاعر محمود درويش :
رحل عن عالمنا في 9 أغسطس لعام 2008، بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي، ودخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته . وهو الذي أنشد الكثير من القصائد عن التغريبة الفلسطينية ، نالته سهام ( المثقفين ) بإتهامه بالتخلي عن القضية الفلسطينية ، في حين كان رده قبل رحيله ، " أنا متهم بالتخلي عن القضية الفلسطينية ومتهم إلى حد ما بخيانة جلدي عند بعض الناس، أما القراء فهم أبرياء.. فلسطين ليست وظيفة وهي ليست شيئا".. هكذا تحدث الشاعر الراحل محمود درويش عن الوجدان الفلسطيني لديه ، وتابع درويش: أنا فلسطيني وشاعر فلسطيني، ولكن لا أستطيع أن أقبل بأن أعرف بأنني شاعر القضية الفلسطينية فقط، وبأن يدرج شعري في سياق الكلام عن القضية فقط، وكأنني مؤرخ بالشعر لهذه القضية، متمنيا أن يكون هناك شاعر آخر للانتصار الفلسطيني بقوله "أتمنى أن نصل إلى انتصار، أتمنى أن أكون شاعرا طرواديا " .
حالة رقم ( 3 ) – الشاعر مظفر النواب :
قبل فترة قصيرة رحل الشاعر العراقي مظفر النواب في مستشفى بدولة الامارات؛ بعد معاناة طويلة مع مرض أقعده ، وشل حركتة وأثقل لسانه ، وهو والذي أتفق العراقيين والعرب على محبته ،ولكني صعقت من بعض الاصوات النشاز التي أتهمت الشاعر بالطائفية ووصفه احدهم المكبوت الطائفي في "وتريات ليلية"، هل يعقل أن نتهم الشاعر بالطائفية لمجرد اتكائه على الحسين كرمز للتضحية ؟ ، وكاتب آخر ينفث سمومه ويكتب " أعذرني يا مظفر فبقدر ما أحببتك بقدر ما أضحكني خبر موتك، ودعني أهمس لك حتى لا يسمعنا أحد فأنت تموت على فراش من نعتّهم يوماً بأولاد ال…"، أما الكاتب الآخر فقد وصف الشاعر الراحل بأنه كان (كان رماديا مع الاحتلال ) ، و لم يتحمس لانتفاضات العراقيين ضد الفساد والاستبداد !! . ورداً على الذين اتهموا النواب بترحيبه للاحتلال، هناك قصيدة "اخذ بيدك رسن روحك" للشاعر الراحل مظفر النواب، وهي قصيدة ضد الاحتلال الأمريكي للعراق ألقاها في أمسية بـمدينة"الطبقه" في ريف الرقة السورية سنة 2004"، يقول في أحد مقاطعها:
"يا امريكا حربنا وياچ كسر خشوم
يا امريكا الظلم ميدوم
اخذ بيدك رسن روحك
إنها فيضانات".
و للعلم ، أن الشاعر الراحل لم يعد ألا كائناً يمتد على فراش المرض ولايستطيع الحركة والتحدث ، منذ حوالي عشر سنوات بعد أن أبلغه الطبيب في إمارة الشارقة بانه يعاني من مرض الزهايمر ! .
إنها حقاً نكبة للعقل العربي والتي تتجلى في صور لا حصر لها، في التخوين ورفض ألاختلاف ، أو التحريض الطائفي القائم على قدم وساق في العالم العربي، و الكارثة هي لوثة الطائفية التي تنتشر بين جموع المثقفين أكثر من العامة ، وبالنتيجة تصيبهم بالجنون، وتجعلهم ينظرون إلى أي حالة في العالم عبر موشور الانتماء الطائفي .
صدقت ياشاعر البنفسج حين قلت :
(لعنت زماناً خصى العقل فيه تقود فحول العقول)
997 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع