بقلم: أحمد صبري
درء المجاعة عن العراق... معركة الحياة ضد الموت(قراءة في كتاب الدكتور محمد مهدي صالح وزير التجارة العراقي الأسبق).
لم يكن كتابا يسرد مؤلفه تفاصيل وأحداث يسلّط الضوء عليها وانما كان بحق وثيقة تاريخية تحكي قصة شعب تعرض لابشع حصار في التاريخ في محاولة لتجويعه وتركيعه للنيل من صموده وبسالته.
وكتاب درء المجاعة عن العراق احتوى على وثائق ومواقف وأحداث دوّنها مؤلفه الدكتور محمد مهدي صالح وزير التجارة العراقي الأسبق الذي أشهره في عمان أمام حشد من نخب عراقية وعربية في عمان قبل أيام
وسلط الراوي عبر ١٦ فصلا من كتابه الضوء على محطات مضيئة من معركة الحياة بين من سعى لتدمير العراق وتجويع شعبه عبر الحصار وبين شعب أبي وقيادة حكيمة واجهت مشروع التدمير وانتصرت على صفحاته الشريرة.
وتنبع أهمية الكتاب من كون مؤلفه قد عاش سنوات الحصار العجاف وكانت مهمته كبيرة في صد رياح التجويع عبر تأمين الغذاء للعراقيين ودرء المجاعة عنهم عبر البطاقة التموينية التي حفلت بفقرات غذائية تكفي لسد رمقهم وكانت بمثابة حائط صد في مواجهة صفحات الحصار الذي دام ١٣ عاما.
ويكشف الراوي في معرض سرده لمسلسل حصار العراق عن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة في مواجهة الحصار وخاصة في السنوات السبع الأولى قبل تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء في نهاية عام ١٩٩٦ والاستعدادات التي اتخاذها القياد العراقية منذ عام ١٩٩٧ ولغاية احتلال العراق لمنع انقطاع الغذاء أثناء فترة تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء
وخصص المؤلف فصلا عن اعتقاله لدى القوات الأمريكية لعدة سنوات واعتراف أحد الجنرالات بأنهم كانوا يتوقعون أن يتسبب الحصار في هلاك العراقيين بعد ستة أشهر، وأنهم فوجئوا بصمودهم وقدرتهم على المطاولة طيلة ١٣ عاما من فرض الحصار وكيفية نجاحه في مواجهة محدداته و قدرة العراق على تفادي قرارات الحصار.
وشبه المؤلف موقف الأردن في دعم العراق في مواجهة الحصار بانه كان رئة العراق وحامل قنّينة الأوكسجين لكي تستمر الحياة وهي وقفة تاريخية تسجل للاردن وقيادته ويكشف الراوي عن طلب رئيس الوزراء السوري الأسبق مصطفى ميري الذي زار العراق قبل الاحتلال من الرئيس الراحل صدام حسين أن يتعامل العراق مع سوريا مثل تعامله مع الأردن فكان رد الرئيس صدام: إن الأردن حالة خاصة...!
ويسلط الراوي الضوء على رفض العراق المساومة على موقفه القومي من قضية فلسطين برفضه عرضا صهيونيا بالتخلي عن دعم شعب فلسطين والانخراط بالتسوية السلمية مقابل وعد صهيوني برفع الحصار عن العراق والاعتراف بالرئيس صدام حسين زعيما عربيا لكل الامة ويوضح الراوي كان رد صدام: ضاع العراق.
ويستذكر المؤلف موقف الرئيس صدام عندما حضر دعوة عشاء أقامها له الراحل الملك حسين في عمان وعندما شاهد أنوار القدس انهمر الدمع من عينيه في لحظة عكست موقفه القومي الذي لا يتزعزع من نصرة شعب فلسطين وتحرير القدس من دنس محتليها.
ويخلص مؤلف كتاب (درء المجاعة عن العراق) الى القول إن حصار العراق وتجويع شعبه كان مقدمة وصفحة من صفحات غزوه واحتلاله وما يعزز هذا الانطباع ان ادارة بوش الابن وحليفه توني بلير كانا قلقين وغير مرتاحين الى حد المفاجأة من صمود العراق الى حد إفشال صفحة الحصار في أيامه الأخيرة ما دفعهم الى حشد الرأي العام ضد العراق وايجاد المبررات لاحتلاله عبر حملة تحريضية لتعبئة الرأي العام ضد العراق بحجة تهديده للأمن والسلم الدوليين وامتلاكه أسلحة دمار شامل، اثبتت الوقائع بعد احتلال العراق بطلان وكذب هذه المزاعم.
561 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع