عمّــار وهبي
أيلول 2021
عباءة الملك فيصل الأول
لم يكن الملك فيصل الأول يرغب بحضور مؤتمر فرساي ممثلّاً عن العرب الّا أنّه أستجاب بعد ذلك لطلب أبيه .. الشريف الحسين بن علي .. في حضور المؤتمر ممثلا عن العرب فتوجه فيصل إلى بيروت ووصلها في 17 نوفمبر 1918 في طريقه إلى فرساي حيث جرى استقبال حافل له ورفعت سيارته من الأرض على يد المستقبلين حفاوة به وكان قائد الفيلق الانكليزي المتواجد هناك في استقباله الذي أعدّ له (قصر سرسق) ليمكث فيه لحين أن تقلّه الباخرة الانكليزية (گلوسستر) إلى ميناء مرسيليا .. التي وصلها يوم 26 نوفمبر 1918 .. ولكن لمّا علم أنّ ليس له أي دور في المؤتمر أو أيّ مهمة رسمية غادر مرسيليا بعد زيارة قصيرة لها إلى لندن .. لكي يطلّع على بنود المعاهدة التي ابرمت بين أبيه والأنكليز فيما يتعلّق بأستقلال البلاد العربيّة من هيمنة الدولة العثمانية والتي مالبذ الأنكليز بنقض كل تعهداتهم .. لم يمض الملك فيصل فترة طويلة في لندن فسرعان ماعاد إلى باريس لحضور المؤتمر .. بطلب وإلحاح من الأنكليز فوصلها يوم 7 كانون الثاني 1919 .. لعرض قضية العرب واستقلالهم .. وفي طريق عودة الملك فيصل الأول من فرنسا بعد إنقضاء مؤتمر فرساي ومروره الى لبنان اهدى عباءته التي كان قد إرتداها في المؤتمر الى الخوري نعمة الله .. وبعد أن تبوّأ جلالته عرش العراق طلب الخوري من جلالته .. أن يمنحه وثيقة براءة ملكية تثبت أن العباءة هي عباءة الملك الخاصة .. فلبّى الملك فيصل الأول رحمه الله طلبه وبعث له بهذه البراءة .. ولمّا توفي الخوري انتقلت العباءة الى وريثه إبنه ولكنّه مالبث أن باعها الى التاجرين … سجيع الأسمر والياس سهلب .. بمبلغ كبير يومها … وبعد وفاة الملك فيصل الأول أرسل التاجران العباءة الى بغداد اثراءاً الى مقتنيات الملك التي عرضت في متحف خاص بها ..
وهكذا كان في طلب الخوري المتوفى ببراءة التمليك حساب بعيد المدى وذكي لأنّه علم أن هذه العباية التاريخية ستصبح في يوم من الأيام ذات قيمة مادية كبيرة يستفيد منها الاولاد و الأحفاد ..
ربّما لايعرف الكثير هذه القصة ولَم تسجّل .. عثرت عليها في احدى الآرشيفات الصادرة آنذاك … جعلتني أتأمّل كثيراً .. فقد كان هناك .. يومها ملك وربّما لم يتوّج بعد .. ولكن عرفت الناس وطنيته بتاريخه وأفعاله .. فما بالنا اليوم مع هذا الكمّ الذي لاينتهي ممن يدعون الوطنية والقيادة .. فلو إستحصلت على عقال او عباءة .. لا الأجدر عمامة سوداء بيضاء لايهمّ .. فهل ستكون لأبنائي أو أحفادي يوما ما في المستقبل لها قيمة ماديّة أو وحتى معنويّة؟!! .. أم سيأتي اليوم الذي تنكشف فيها الأوراق والأفعال فيلعنها الناس … وعند بيعها ربّما ننضرب على الراس بـ٦٠٠ …..ـعال!!!!
431 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع