عادل شهاب الأسدي
الشاعر- قصة قصيرة
السماء حبلى بغيوم داكنة بدت كأنها جيوش مندحرة . اخذ يهرول هازجا بقصيدته الثورية بصوت اجش محاولا الوصول بأسرع ما يمكن لكي يلتحق بالجماهير التي احتشدت للقاء الرئيس .
وقف الرئيس مختالا منفوخا مثل بالون لا يوشك أن يستقر على أرض ، محاطا برجال كأسياخ ملتهبة ..ملوحا للجماهير المتدافعة ، معربا عن سروره معلنا لهم عن الانجازات العظيمة التي لولاه لما تحققت .
كان كما يبدو في عجلة من أمره.ماج الجمهور وهاج حتى اختلطت هتافاتهم مع !
لم ينتبه لقدوم الشاعر سوى نفر من المتجمهرين أدهشتهم حماسته وإيماءاته المرتجلة . كان جل ما يتمناه أن يحظى بلقاء الرئيس ليسمعه قصيدته الثورية التي تتغنى بحب القائد وتندد بالأعداء والعملاء ..
ووسط هذا التشابك والهيجان والجمع منشغل بطلة قائدهم ، عصفت رياح وزمجرت السماء ..برق مدوٍ .. ضياء خاطف أطاح بالغيوم الرمادية الداكنة . أحاطت الأسياخ الملتهبة بشخص الرئيس تحسبا لأي طارئ سماوي ..وبطرفة عين توارى الرئيس عن الأنظار !
أسدل المصور غطاء كاميرته ! كان يتخذ له مكانا مرتفعا لتوثيق هذا الحدث الهام .بيد أن الشاعر مازال يقف هازجا أمام الكاميرا رغم اختفاء الرئيس دون أن يتمكن من ان يلقي قصيدته ..إلاّ أنني ــ انا شاهد العيان ــ سمعته يهمهم بكلمات أطلقها من جوفه كتنين خائب وهو يحملق في إسفلت الشارع المكفهر قائلا: " سأنبت على الأرض سعدا وفضة " !! إلا انني ، في الحقيقة ، لم أفهم ما الذي كان يقصده الشاعر!
901 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع