غريب دوحي الناصر
كرة القدم والعنف عبر التاريخ
يقال ان لكل شيء جانبان مشرق ومظلم , ايجابي وسلبي وكرة القدم عبر تاريخها الطويل لا تخلو من هذه الصفة فهي ليست مجرد لعبة رياضية بل هي سياسة وثقافة وعادات تربط بين الشعوب.
لقد اختلف مؤرخو الرياضة في منشأ هذه اللعبة فمن قائل ان أصلها من انكلترا ومن قال ان أصلها من روما وهناك من يقول ان منشـــأ كرة القدم من الصين مستندين الى مقولة قديمة تقول (لقد اخترعت الصين البارود وكرة القدم) وقد أنكر الانكليز ذلك وقالوا ان الصين اخترعت البارود فقط اما كرة القدم فقد اخترعها الانكليز , لكن مؤرخي الصين اصروا على القول بأن أولى مباريات في لعبة كرة القدم جرت بين الصين واليابان عام 100 قبل الميلاد.
يقول لنا التاريخ ان الكرة كانت عبارة عن قطعة من الجلد تملأ بشعر من رؤوس النساء ثم تطورت الى قطعة من الجلد تملأ بالهواء وان الحضارات القديمة مثل بابل وآشور ومصر الفرعونية والرومان كانوا يعرفون هذه اللعبة لأغراض التسلية والضحك . وكانت لعبة كرة
القدم في روما والصين واليابان وحتى في بريطانيا نفسها تمارس بلا قيود وبلا قوانين. وكان في ممارستها الكثير من العنف والفوضى الى حد ان اهالي اسكتلندا لعبوا برؤوس القتلى الانكليز بعد انتهاء إحدى المعارك بين الطرفين , كما لعب الانكليز برؤوس قتلى الفايكنغ بسبب غزوهم لانكلترا الأمر الذي جعل عددا كبير من ملوك بريطانيا يصدرون أوامر ملكية بتحريم اللعبة والمخالف تكون عقوبته الإعدام حتى صارت المباراة عبارة عن معارك وحشية وظل الوضع في انكلترا على هذا المنوال حتى اصدرت جامعه كامبردج عام 1846 اول قوانين مكتوبة لتنظيم هذه اللعبة . وفي عام 1863م صدر قانون تأسيس أول اتحاد كروي نفذ فيه العنف داخل الملاعب وفي عام 1871 أقيمت أول بطولة لكرة القدم في انكلترا .
اغرب مشاهد العنف
في انكلترا وصل تحيز الناس الشديد لفريقهم ان وقعت معركة شديدة بين أنصار الفريقين استخدمت فيها الأسلحة التي تستخدم عادة في الحروب مما أدى الى وقوع ضحايا من الجانبين مما اضطر ملك بريطانيا الى إصدار قرار بمحاكمة المتسببين في الحوادث . وكان الحكم الصادر تحريم لعب كرة القدم على هذين الفريقين ثم الحبس للاعبين لمدة ثلاث سنوات
مع الأشغال الشاقة وكما حصل في انكلترا . حصل بين فرنسا وايطاليا ففي عام 1709 كانت هناك مباراة بين المنتخب الفرنسي والمنتخب الايطالي في ايطاليا وكانت الدولتان في حالة مشاحنات دولية وحروب مستمرة حيث سبق المباراة شحن نفسي رهيب للشعبين بسبب نتائج الحرب الأخيرة بينهما, وفاز الفريق الفرنسي على الايطالي بهدفين ضد لا شيء وسط آلاف الايطاليين المتهورين وبعد انتهاء المباراة القي القبض على كابتن الفريق
الفرنسي وتم استجوابه في غرفة الملابس وصدر الحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص ونفذ الحكم في الملعب وكان لهذا القرار اثر كبير حيث اشتعلت الحرب من جديد بين الدولتين .
حرب المائة ساعة
كانت في الأصل نزاعًا عسكريًا قصيرًا بين السلفادور وهندوراس في عام 1969. حدث النزاع خلال تصفيات كأس العالم 1970 وهو نفس التاريخ الذي كانت فيه التوترات قائمة بالفعل بين البلدين. بدأت الحرب في 14 يوليو 1969 عندما شن الجيش السلفادوري هجوماً على هندوراس. تفاوضت منظمة الدول الأمريكية (OAS) على وقف إطلاق النار ليلة 18 يوليو، والذي دخل حيز التنفيذ الكامل في 20 يوليو. في أوائل أغسطس من نفس العام انسحبت القوات السلفادورية.
على الرغم من أن تسمية «حرب كرة القدم» قد توحي بأنه صراع متعلق بكرة القدم، إلا أن الأسباب التي أدت إلى الحرب أعمق من ذلك بكثير. فجذور الحرب تعود لقضايا الإصلاح الزراعي في هندوراس والهجرة والمشاكل الديموغرافية في السلفادور. فهندوراس رغم كون مساحتها أكبر بخمسة أضعاف من حجم السلفادور المجاورة، إلا أن عدد سكان السلفادور سنة 1969 كان يضاعف عدد سكان هندوراس. وبسبب سيطرة ملاك الأراضي على معظم الأراضي الصالحة للزراعة في السلفادور انتج هجرة أكثر من 300,000 من السلفادوريين إلى هندوراس المجاورة، فبدأ المهاجرون من السلفادور يشكلون نحو 20 % من فلاحي هندوراس. تعمقت مشكلة البطالة في هذا البلد الأخير، فأصدرت حكومة هندوراس سنة 1962 قانونا جديدا للإصلاح الزراعي. أعطى هذا القانون الحكومة المركزية والبلديات الحق في تملك الكثير من الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني من قبل المهاجرين السلفادوريين وإعادة توزيعها على مواطني هندوراس ( الأصليين) وتم حظر امتلاك الأراضي على مواطني السلفادور، وطرد السلفادوريون الذين عاشوا فيها لأجيال وانقطعت من بعدها العلاقات الدبلوماسية حتى تدخل الرئيس الأمريكي ليندون جونسون في مهمة حكومية لإعادتها.هذا التصعيد كان يستخدم من قبل حكومتي البلدين لتوجيه انتباه الناس إلى الخارج، بدلا من الصراعات السياسية الداخلية في كل بلد. وسائل الإعلام في كلا البلدين لعبت دورا هاما، وشجعت على الكراهية بين هندوراس والسلفادور.
ففي تصفيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 1970 أوقعت البلدين قي مواجهة حاسمة لتحديد الفريق الذي سوف يتأهل إلى المرحلة النهائية المقامة على ملاعب المكسيك ففي المباراة الأولى فازت هندوراس على ملعبها واعتدت الجماهير الهندوراسية على الجماهير الفقيرة من أنصار السلفادور. وتطورت الأمور إلى مهاجمة الأحياء التي يقيم فيها سلفادوريون مما دفع السلفادوريين إلى الفرار إلى بلادهم تاركين ممتلكاتهم وبيوتهم وقدمت السلفادور شكوى للأمم المتحدة وهيئة حقوق الإنسان. وبعد أسبوع واحد فازت السلفادور في ملعبها ونال أنصار هندوراس نصيبهم من الاعتداءات. ففي 14 يوليو 1969 كان موعدا فاصلا للمباراة فاصلة بينهما، فازت فيها السلفادور وتأهلت. ومع نهاية اللقاء كانت الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما، وفي 3 يوليو انتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور وأطلقت على كتيبة من السلفادور النيران داخل الأراضي السلفادورية مما أدى لقيام السلفادور بهجوم واسع النطاق ودخلت القوات السلفادورية إلى مسافة 40 كم ولم تتورع هندوراس بل أرسلت طائراتها لضرب مدينة سان سلفادور وأكابوتلا بالقنابل. وبعد أسبوعين وتدخل الوساطات من الدول توقفت الحرب بعد أن أدت إلى دمار كبير وخسائر في الأرواح بالآلاف.
1007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع