علي المسعود
الفيلم الأمريكي( أميرة وسام ) يسئ للمراة المسلمة ويهين المرأة العراقية
قدمت هوليوود العديد من الافلام السينمائية التي مثلت صورة سلبية عن الانسان العربي والمسلم ، ومن هذه الافلام الفيلم الامريكي ( أميرة وسام ) إنتاج عام 2014 . الفيلم من تأليف وإخراج سين مولين وهو كوميديا رومانسية ، وقصة حب بين أميرة( دينا الشهابي) شابة عراقية مهاجرة معرضة لخطر الترحيل من نيويورك والامريكي سام ( مارتن ستار) . المخرج والكاتب مولين يبدأ الفيلم عند عودة الضابط الامريكي إلى نيويورك ، يجد سام وظيفة أمنية في مبنى شاهق في مانهاتن ويفقدها على الفور بعد محاصرة مجموعة من الشباب المخمورين في مصعد البناية. ثم يشق طريقه إلى جزيرة ستاتن لمقابلة صديقه العراقي بسام (ليث نقلي) ، الذي سبق وأن عمل مترجماً في وحدة سام عند إحتلال العراق . تلتقي أميرة مع سام في شقة عمها بسام الذي يتولى رعايتها .
في اللقاء الاول أميرة تظهر العداء والكره لسام . حيث قتل شقيق أميرة على يد الجنود الأمريكيين في العراق ، وبعد القبض عليها في الشارع وضبطها وهي تبيع الاقراص المهربة ، تجد نفسها فجأة في خطر شديد من الترحيل . يطلب بسام من صديقه الأمريكي حماية بنت أخيه ويوافق سام السماح لأميرة بالاختباء في شقته . الكاتب / المخرج سين مولين (الذي يظهر لأول مرة في فيلمه الطويل) لديه موضوعات أكبر بكثير في الاعتبار هنا والتي ستكون موضع تقدير لو تم التعامل معها بمهارة أكبر ، التصور العام للفيلم علاقة رجل أبيض مع امرأة ترتدي الحجاب . لكن مولين ينتظر حتى ينتهي الفيلم تقريبا وبحلول هذه المرحلة يكون قد فات الأوان حتى تتضح حكاية الفيلم و تبدو غير منطقية ومتسرعة ، بدلا من ذلك يركز مولين على مشكلة سام في احتضان الحياة مرة أخرى في الولايات المتحدة ودخوله عالم البورصة بكل فسادها الرأسمالي .
تدور أحداث الفيلم في صيف عام 2008 قبل بداية الانهيار المالي مباشرة وبعد طرده من وظيفته الأمنية ، وجد نفسه فجأة يسقط في عالم وول ستريت ، حين يعمل مع ابن عمه تشارلي (بول ويسلي) الذي يعمل في سوق البورصة ، يقدم لسام فرصة لجذب مستثمر محتمل - طبيب بيطري سبق وان خدم مجنداً في الجيش الامريكي في حرب فيتنام ويدعى جاك (ديفيد راش) - مع وعد بعمولة ضخمة إذا صفقة بملايين الدولارات تسير على ما يرام . المجند السابق سام عالق بين الرغبة في الحصول على مبلغ كبير وبين الحيلولة دون استغلال وضعه كطبيب بيطري للحصول على هذا المكسب المالي و بالطرق غير المشروعة ، أمر مثير للاهتمام من الناحية النظرية ولكنه ثقيل جدا بحيث لا يتناسب مع هذا الفيلم بالذات. على الرغم من أن هذه الحبكة الفرعية جلبت مشهدا جميلا حقا ، بين سام وأحد قدامى المحاربين في فيتنام الذي تحول إلى مستثمر حين يتبادل الرجلان الأسرار والقصص . تصوير ممتاز لمختلف القضايا ذات الصلة حاليا في عالم ما بعد 9/11. يمنح هذا الفيلم المشاهدين نظرة ثاقبة لما يمر به الجنود لإعادة الاندماج في المجتمع حيث يكتشف سام أنه يتعين عليه الاختيار بين نزاهته وكسب المال بالاضافة الى محاولة المخرج الاقتراب من معاناة اللاجئين العرب في الولايات المتحدة على وجه الخصوص .
نشاهد شخصياتنا تتصارع مع التحيزات التي يواجهها قدامى المحاربين وكذلك المسلمين والعرب خاصة في مدينة نيويورك منذ عام 2001 . أراد المخرج مولين في تجربته الاولى سرد القصة بشكل بطيء للغاية ومشتت مع أخذ 3 قصص في 3 اتجاهات مختلفة مع علاقة ضعيفة للغاية بين هذه القصص . بالاضافة الى الطريقة التي طرح بها الكاتب الثقافة العربية من خلال شخصية ( أميرة ) المرأة العراقية بصورة غير الواقعية وغير العقلانية . خلال الفيلم بأكمله كنت أحاول فهم الخطاب الرئيسي أو الغرض من وراء القصة ، لكنني لم أجد شيئا سوى محاولة تشويه الثقافة والقيم العربية الفعلية بطريقة تناسب تخيلات الكاتب والأهداف السياسية لراعي الفيلم . هذا الفيلم لا يحترم القيم العربية والإسلامية على العديد من المستويات . في مشهد حضور أميرة (دينا الشهابي) اللاجئة العراقية الى حفلة إبن عم سام مرتدية حجابا أحمر مذهلا فوق خط العنق المتدلي إلى جانب سام (مارتن ستار) في زيه العسكري الأمريكي، وعندما تسالها أحدى السيدات عن طبيعة عملها تصعقها أميرة بردها "أنا عاهرة" وهذا ليس صحيحا، . هذه واحدة من المشاهد في سيناريو مولين لأنها تلفت الانتباه إلى عدم المعقولية المتأصلة في المشهد ، وتتيح لنا معرفة أن "أميرة وسام" لايعكس الصورة الحقيقة للمرأة المسلمة عدم احترام الإسلام التي رسم صورته .
المشكلة هي أن مولين يحاول معالجة القضايا الخطيرة في سياق قصة حب رقيقة ، وينتهي به الأمر إلى تجاهل التعقيد جانبا لصالح لحظات رومانسية غير مقنعة. يختفي موقف أميرة المتناقض تجاه الأمريكيين بمجرد أن تختبر القليل من سحر سام ، وتصبح صعوبات سام في إعادة التكيف مع الحياة المدنية غير ذات صلة بمجرد أن يبدأ في الوقوع في حب أميرة . قد يكون هذا استعارة لطيفة لقوة الحب ، لكن مولين ونجومه لا يقدمون أبدا علاقة رومانسية قابلة للتصديق . يبدو أن الهدف هو تشويه صورة الحجاب الإسلامي! . أي امرأة عربية مسلمة لن تفعل ما قامت به أميرة الشخصية المزيفة في هذا الفيلم ، لن ترتدي الحجاب بهذه الطريقة الفاضحة والمهينة . أميره لا تنزع الحجاب في جميع لقطات الفلم ، ولكننها تكشف أجزاء كبيره من جسدها في مشهد تعري مبتذل في حين يبقى الحجاب مشتبثاً في رأسها ، في مشهد مشوه يدل عدم فهم للثقافه العربية التي يتم تمثيلها في الفلم ! ، هل الحجاب وستر شعر الرأس أهم من كشف أجزاء من جسد متعري؟ . كاتب الفيلم لم يبذل جهداً في الدراسة والبحث عن الإسلام وهذا واضح جدا في أزياء أميرة في هذا الفيلم . ارتداء الحجاب هو رمز للمرأة المسلمة في حين ترتدي التنورات القصيرة التي تكشف عن فخذيها وتركب الموتورسيلات وهي تحتضن سام في شوارع نيويورك ، بالاضافة الى لهجة دينا الشهابي التي أدت دور أميرة التي تبتعد عن اللهجة العراقية ، الفيلم مجرد خيبة أمل كبيرة في تصوير المراة العربية المسلمة . هذا الفيلم يهين المرأة المسلمة ويهين المرأة العراقية أيضاً ويظهرها إنسانة فارغة ولا تحمل اي ثقافة أو موقف أتجاه التناقضات الحادة في المجتمع الامريكي أو السياسة الامريكية !! ، رغم أنها في البداية تبدو معادية للجنود الامريكان ولم تجامل أو تضحك على نكات سام أو تأكل الطعام الذي أعده ، وعندما تلتقي أميرة وسام لأول مرة في شقة عمها بسام (ليث نقلي) وتنطلق في مونولوج غاضب حين تصرخ أنها لا تريد أي قاتل أمريكي ملطخة يداه بدماء الأطفال العراقيين في منزلهم . يقاطعها سام بأدب و باللغة العربية ليخبرها أنه يفهم ما تقوله .
الفيلم بطولة مارتن ستار، والأمريكية من أصول عربية دينا شهابى، الفيلم من تأليف وإخراج شون مولين وهو نفسه خريج ويست بوينت مولين وسبق له الخدمة في الجيش وهو التجربة ألاولى للمخرج شين مولين ، ورغم أنه من النوعية الكوميدية فإنه يبرز بجدية محنة ومعاناة الحصول على الإقامة فى أمريكا، خصوصًا بالنسبة إلى العرب والمسلمين . الممثلة (دينا الشهابي) التي مثلت دور أميرة ولدت في مدينة الرياض بالسعودية عام 1989، وعاشت في السعودية وبيروت ودبي . درست في مدرسة المواكب بالإمارات العربية المتحدة وفي أكاديمية دبي الأميركية، ثم انتقلت عام 2007 إلى نيويورك ودرست في الأكاديمية الأميركية للفنون الدراماتيكية، ثم التحقت بالدراسات العليا في قسم التمثيل بجامعة نيويورك، لتحترف التمثيل بعد ذلك . الخلاصة ، فيلم ( أميرة وسام ) يسلط الضوء على معاناة المغتربين والذين قدم ذووهم الكثير من الخدمات الكبرى للأمن القومي في الولايات المتحدة ليجازى الأبناء والأقرباء بالجحود ، وتجسد ذالك في شعور المترجم العراقى بسام عم أميرة بالإحباط ، نتيجة فشله فى مساعدة ابنة شقيقه على البقاء بأمريكا وهو الذى كان يظن أن مجهوده الذى أسهم فيه من أجل الجيش الأمريكى كان سيجعل إجابة طلبه أمرًا سهلًا . والفيلم رغم أنه من النوعية الكوميدية لكنه يبرز بجدية محنة ومعاناة الحصول على الإقامة فى أمريكا خصوصًا العرب والمسلمين .
علي المسعود
المملكة المتحدة
4767 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع