بقلم: صفوة فاهم كامل
(تبصّرات جواد العلي وكتاباته)
للكاتب والإعلامي العراقي جواد عبد الجبار العلي، صدر حديثًا عن مكتبة الطليعة العلمية في عمّان كتاب بعنوان (تأمّلات وكتابات).
خلال خدمته الطويلة مديرًا لإذاعة بغداد ثم مديرًا لإذاعة وتلفزيون الشباب وخبرته المتراكمة في مجال الإعلام المرئي فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ولأن العمل الإداري والفني في أروقة الإذاعة يكاد لا ينقطع خلال ساعات اليوم وأحيانًا إلى ساعات متأخرة، ولا يتوقف بثّهُ طوال الأسبوع، فتجده منكبًا على الدوام في حدود ما يمليه عليه الواجب الوظيفي، ناهيك عن الحالات الطارئة والمتأزّمة التي يمر بها البلد والتي تتطلب تكثيف جهود الإعلام بما يوازي الحالات الآنية المستجدّة وبذل جهود مضاعفة. لذلك لم يكن السيد جواد العلي متفرغًا للكتابة الأدبية أو النشر الأحادي كما هو مطلوب إلا في حالات استثنائية أو عندما تستهويه فكرة معيّنة أو تقتضيها الظروف المحيطة آنذاك.
ولكن بعد تقاعده عن العمل الرسمي واستراحته من هذا المجال كمحارب قديم وتفرغه لحياته الخاصةً وهمومها، فأن الوقت بات سهلًا ومتاحًا كي يتهيأ جسديًا وعقليًا وينتفض من هموم الوظيفة والضغط النفسي التي تفرضها طبيعة العمل في دوائر الدولة، وراح يتأمل ويتبصّر في مجريات السياسة الشائكة التي لا تنتهي ولا تنفك، في ظل نظام سياسي متخبّط في العراق وخارطة مريبة للشرق الأوسط.
وعلى حين غرّة بدأ يمسك القلم والورقة ويكتب المقالات الجريئة في أوقات الهادئة وظروفه المناسبة بلا كلل أو تردّد أو خوف، ويملي هذا التأمل الوجداني بما يستحقّه ويعوّض عمّا فاته ويستغل وقت المتاح أحسن استغلال، ليقوم زملائه فيما بعد في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية العراقية والعربية بنشرها بعناوينها الفضفاضة ومتونها الواضحة، وإتاحتها للقارئ بيسر.
وجُلَّ مقالاته المكتوبة والمنشورة على مدى السنوات السابقة فأن مواضيعها وثناياها تبحث في شتى مناحي الحياة اليومية، لكن الغالب منها سياسية بحتة وذات طابع فكري ونقدي مرتبط بالأحداث العراقية الساخنة أحيانًا، ودروس مستنبطة من واقع الدول العربية الأخرى التي تسعى إلى المدنية والتطور التنموي الذي يلبي طموحات شعوبها أحينًا أُخر.
وبعد كل هذه السنوات السريعة من التأمل والكتابة الحرّة وقبل أسابيع قليلة من الآن، جالت في خاطر السيد جواد العلي ومعه مَن أيّده من عائلته وشجّعه من أصدقاءه، فكرة أن يجمع ما يُمكن جَمعُه من هذه المقالات وما يصح نشره وقراءته في أي وقت، ليضعها في كتاب ويقدمها للقارئ العراقي ويضمّها إلى رفوف المكتبات العربية ودور النشر، فاختار خمس وثمانين مقالًا من بين المئات من مقالاته المنشورة ليصدرها في كتاب أنيق من القطع الكبير بـ 176 صفحة، هي أولى تجاربه الأدبية والفكرية في النشر، ولن تكون الأخيرة.
كتاب جدير بالقراءة، يُتيح للقارئ العراقي والعربي الاطلاع على فكر الكاتب المتواضع، في خضم هذه الظروف الصعبة التي يجتازها العراق والمنطقة من خلال الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه بحلْوها ومُرّها ومعه يعيشها كل مواطن، وما يبرزه من تطلّعات وأمنيات في صفحات كتابه (تأمّلات وكتابات) في جزئه الأول، مع بقاء حقه الطموح في صدور جزئه الثاني في المستقبل المنظور... ومن الله التوفيق
835 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع